• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

سميح القاسم المبدع المتواضع الذي كان “اعلى قامة” من الاحتلال

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2014-08-20
1385
سميح القاسم المبدع المتواضع الذي كان “اعلى قامة” من الاحتلال

 احب الشعب الفلسطيني ومعظم العرب من خلفه، الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش ورددوا اشعاره، ولكنهم أحبوا رفيق دربه سميح القاسم بالقدر نفسه، او اقل قليلا، لانهم اي العرب والفلسطينيين من بينهم، احبوا المقاومة ورجالها وشعراءها وكتابها وشهداءها ورموزها كافة.

سميح القاسم قال اكثر من مرة انه لا يريد، بل لا يتمنى، ان يموت قبل صديق عمره محمود درويش مثلما روى لنا الاخير، ولكن الخالق جل وعلا لم يشأ تحقيق هذه الامنية المعبرة في معانيها وصدقيتها، ولكنه اراد ان يموت القاسم في الشهر نفسه الذي مات فيه صديقه اي آب (اغسطس)، شهر الصيف، شهر العطاء والضياء (درويش مات في 9 آب (اغسطس) عام 2008) الشهر الذي تعطي فيه الارض الطيبة اشهى ثمارها وغلالها وحنطتها.
كان متواضعا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، كان ملح الارض، كان انسانا عصاميا مثل معظم ابناء شعبه، معتزا بهويته العربية، مترفعا عن كل الامراض الطائفية، رافضا حشره في خانة اقليمية او عرقية او مذهبية، ومتمردا على كل التصنيفات، ولعل الخانة الوحيدة التي كان يعتز بالوقوف فيها هي خانة مقاومة لاحتلال التي ظل واقفا في خندقها حتى دخوله الغيبوبة النهائية.
سميح القاسم كان يصر دائما ان يكون مع عامة الشعب، وابتعد دائما عن كل انواع الترف الرفاهية، وهو الذي عمل عاملا في مصنع، ومزارعا في الحقول، ومعلما في المدارس، وصحافيا وكاتبا سعيا وراء لقمة العيش، واطعام اسرته المكونة من اربعة اطفال رضعوا من تجربته النضالية، وساروا على دربه عندما تمردوا مثله على اداء الخدمة العسكرية في صفوف قوات الاحتلال، وذهبوا الى قفص الاعتقال مرفوعين الهامة، ومنتصبين كالرماح، ولم يهادنوا مطلقا او يتخلوا عن ارث والدهم العظيم في الرجولة والشهامة والصلابة في وجه الاحتلال.
سميح القاسم احب الرئيس الراحل ياسر عرفات وبادله الثاني الحب والتقدير نفسه، وكرمه بأرفع الاوسمة، (وسام القدس مرتين)، وبلغ حب سميح القاسم للشهيد الرمز عرفات لدرجة اطلاق اسمه كاملا على احد ابنائه (ياسر) تيمنا وتقديرا وعندما رفضت سلطات الاحتلال تسجيل اسم الطفل لسنوات لانها كانت، وما زالت، تعتبر المرحوم ياسر عرفات ارهابيا، رفض رفضا مطلقا ان يتنازل عن الاسم او يستبدله حتى رضخ الاحتلال.
في ذروة مرضه، واستفحال خلايا السرطان اللعين في جسده الذي نحل وبدأ مرحلة الاستسلام مقهورا، ظل سميح القاسم يتابع اخبار العدوان الاسرائيلي الوحشي على قطاع غزة وهو على سرير المرض، يتصل باصدقائه هناك، وما اكثرهم، ليطمئن على صمود ابناء القطاع وفصائل المقاومة، ويقول لمن حوله، من افراد اسرته، مثلما نقل بعض المرقبين منهم، انه سيذهب الى الرفيق الاعلى وهو سعيد لان هناك شعبا جبارا لا يستسلم، وما زال قادرا على البذل والعطاء، من دمائه وارواحه.

قلناها في السابق ونعيد تكرارها الآن، وبهذه المناسبة، ان بلادنا فلسطين لا تملك نفطا، ولا غازا، ولا معادن نفيسة او غير نفسية، وانما تملك رجالا ومقاومة وارثا فكريا وادبيا عظيما، ومخزونا ثقافيا عالي المستوى، ولا شك ان سميح القاسم الذي خسرناه جسدا وروحا الثلاثاء هو احد ابرز رموز هذا الارث، وهذا المخزون الذي يبعث على الفخر والاعتزاز.

نقول شكرا سميح القاسم ولا نقول وداعا.

أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.