• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

تخوفات من أن يصبح الأردن دولة مصدرة للمهاجرين إلى أوروبا جراء تزايد أعداد اللاجئين السوريين

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2015-05-11
1124
تخوفات من أن يصبح الأردن دولة مصدرة للمهاجرين إلى أوروبا جراء تزايد أعداد اللاجئين السوريين

 ما تزال مشاعر الحزن والندم تتملك اللاجئة السورية "حنان" بعد وفاة ابنها الذي لم يكمل الثانية عشرة عاما، عندما لقي حتفه غرقا في زورق كان يقله في رحلة هجرة "غير شرعية" إلى إيطاليا.

هو ندم مضاعف تعيشه "حنان"، التي تقطن في أحد أحياء عمان الشرقية منذ نحو عامين، خصوصا أنها من اتخذ قرار إرسال ابنها الى "رحلة الموت" إلى إيطاليا مع عمه وزوجته، اللذين نجيا من موت محتم ويقطنان حاليا في أحد مخيمات اللاجئين غير الشرعيين الإيطالية.

قضية هذا الطفل، روتها سيدة مقربة من العائلة، حيث بدأتها بوصف حالة الأم حاليا، والتي لديها طفلان آخران، إذ تعيش أوضاعا نفسية صعبة جدا، وتفكر كثيرا بالانتحار كونها من شجعت الوالد، الذي رفض فكرة الهجرة غير الشرعية، على إرسال طفله مع شقيقه، على أمل أن يستطيع الابن لاحقا تأمين هجرة والديه وشقيقيه إلى إيطاليا.

وكانت الأم تعتقد أن طريق الهجرة غير الشرعية ليس أمرا معقدا وصعبا وخطرا بل يحتاج إلى بعض الصبر فقط، حيث تعززت هذه الفكرة لديها من استماعها لقصص من أقرباء ومعارف استطاعوا الوصول الى شواطئ إيطاليا بنجاح.

وتقول السيدة المقربة من عائلة الطفل إن الأم باعت مصاغها الذهبي، واستدانت، فضلا عن دفع المبلغ المالي المدخر لدى العائلة، لتوفير المال الكافي لتأمين رحلة الطفل الى ليبيا ومن ثم الى إيطاليا.

غير أن السيدة علمت عن فقدان طفلها في البحر، بعد تواصلها أكثر من ثمانية أشهر مع عمه وزوجته، المحتجزين حاليا في أحد المخيمات الإيطالية، والتي تكفل الاتحاد الأوروبي بإنشائها لاستقبال اللاجئين غير الشرعيين، إلى حين أخذ قرار بشأنهم في حال سيتم منحهم لجوءا سياسيا، أو إرجاعهم من حيث أتوا.

وقصة غرق الطفل، كما أخبرتها الأم لصديقتها، علمتها الأم من عم الطفل الذي قال لها إنهم قضوا حوالي خمسة أشهر في ليبيا، إلى حين بدء رحلة الإبحار من صحرائها نحو الشاطئ، ومن هناك استقلوا قوارب إلى الشمال باتجاه الشواطئ الإيطالية، وبعد حوالي ساعة من الإبحار في زورق مكتظ بالمهاجرين غير الشرعيين، تعرض لرياح شديدة أدت إلى وقوع بعض المسافرين من القارب.

وتقول السيدة: "أبلغتني الأم أن عم الطفل أخبرها أن المركب الذي لا يتسع لأكثر من 400 شخص، كان يحمل في الرحلة أكثر من 1600 شخص، ما تسبب بسقوط بعضهم".

ضحايا البحر 
وتقول دراسة لم تنشر نتائجها بعد، أصدرتها منظمة أرض العون القانوني، إنه لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد ضحايا قوارب الموت من السوريين، لكنها تؤكد أن معظم الضحايا الذين يلقون حتفهم هم القادمون من أفريقيا، أما الذين يهاجرون من تركيا إلى اليونان أو إلى إيطاليا بحرا فإن احتمال تعرضهم للغرق يكون ضئيلا مع بقائه واردا".

وبينت الدراسة التي حملت عنوان "لا تذهبوا، احم، بلغ، تصرف"، إن العام 2012 شهد غرق (58) مهاجرا غير شرعي، كانوا في الأردن، وأغلبهم من الجنسية السورية، في بحر إيجه بين تركيا واليونان، فيما غرق 21 شخصا وتم اعتبار 66 آخرين في عداد المفقودين، وذلك بعد غرق قارب يحمل لاجئين من الجنسيتين السورية والفلسطينية عند سواحل إيطاليا بتاريخ 10 تشرين الأول "اكتوبر" 2013.

كما غرق 27 شخصا واعتبر 217 في عداد المفقودين جراء الهجرة غير الشرعية خلال شهر آب (أغسطس) 2014.

أما احصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فتشير الى أن العام 2014، شهد وصول أكثر من 200 ألف لاجئ ومهاجر عن طريق البحر الأبيض المتوسط مقارنةً بـ60,000 في العام 2013.

واستقبلت إيطاليا أكثر من 160 ألف وافدٍ في العام 2014، وذلك بوتيرة سريعة ومذهلة، منهم 14,700 شهرياً، حيث قامت بإنقاذ معظمهم.

وفي العام 2014، وصل 40,000 شخص تقريباً عن طريق البحر إلى اليونان، ما يعني ارتفاعاً بنسبة 300 % تقريباً مقارنة بالعام 2013، فيما تقدّر المفوضية أنّ حوالي 3,400 شخص لقوا حتفهم أو فُقدوا في البحر بين العامين 2012 2014.

وتبين آخر إحصاءات المفوضية أن نصف الأفراد الوافدين إلى إيطاليا خلال العام 2014 هُم من سورية وإرتريا.

وحتى الوقت الراهن من العام الحالي، ارتفع عدد الإرتريين والسوريين الذين وصلوا عن طريق البحر إلى إيطاليا وحدها بنسبة تتراوح بين 240 %، و280 % مقارنة بالفترة نفسها من العام 2013.

كما تشير احصائيات المفوضية الى ازدياد عدد النساء والأطفال وكبار السن الذين يقومون بهذه الرحلات، حيث شهد العام 2014 وصول أكثر من 23.800 طفل إلى مالطا وإيطاليا عن طريق البحر، بما في ذلك 12 ألف طفل غير مصحوب بذويه على الأقلّ.

يعيشون وهْمَ الخلاص 
ثمة حالتان أخريان إحداهما زوجة سورية، لديها ستة اطفال، وتعيش معهم في القويسمة بعمان، وهي لا تعلم شيئا عن زوجها منذ سبعة أشهر، مبينة ان كل ما تعلمه أنه سافر الى الجزائر بهدف الهجرة، وبعد ذلك الى ايطاليا، ومنها الى النمسا للاجتماع بأسرته التي تعيش هناك منذ أعوام، في حين تتمثل الحالة الأخرى بسيدة خمسينية كل ما تعرفه عن ابنها الثلاثيني الذي ذهب هو الآخر في رحلة هجرة غير شرعية، أنه محتجز حاليا في إيطاليا، حيث اتصل بها قبل أربعة أشهر وأخبرها انه لا يستطيع مغادرة هذا المخيم إلى حين البت في أمره.

أما بالنسبة للزوجة فقالت إن زوجها، وبعد لجوئهما من سورية الى الأردن، حاول إيجاد عمل، الا انه ورغم حصوله على درجة البكالوريوس في الادارة، لم يجد عملا في مجال مهنته، فاضطر للعمل في مجال بيع الألبسة، لكنه لم يستمر طويلا، حيث استغني عنه لعدم حمله تصريح عمل.

وتضيف إن الامر وصل بهم الى حد عدم القدرة على تأمين القوت اليومي، وسط تراكم إيجار المنزل، ليحاول الزوجان ايجاد عمل في تنظيف البيوت والسيارات، ثم جاء الزوج يوما ليخبرها أنه تعرف على أحد الاشخاص الذي أكد له أنه يستطيع تأمين هجرته الى إيطاليا، وبما أن عائلة الزوج تقيم في النمسا، قرر المضي قدما في السير بهذا الطريق رغم إدراكه لصعوبته.

وتقول إن ذلك كان في العام 2012، ونظرا لعدم توفر المال الذي يحتاجه الزوج لشراء تذكرة سفر ومن ثم الدفع للسماسرة وأصحاب الزوارق المسؤولين عن الرحلة البحرية لإيصال المهاجرين الى شواطئ اليونان او ايطاليا، اضطر للانتظار لحين تجميع المبلغ، حيث قال له الشخص الوسيط إن الرحلة ستكلفه نحو 6000 دولار.

وزادت الزوجة: "قبل سبعة أشهر، وبعد عملنا أنا وزوجي لحوالي سنتين، قرر زوجي البدء بإجراءات الرحلة، وهو غائب ولا معلومات عنه حتى اليوم، ومصيره المجهول يدمرني، ولا أستطيع التركيز على شيء، فقد ترك لي أطفالا صغارا لا أستطيع وحدي تولي شؤونهم".

أما الأم الخمسينية فتقول إن ابنها يتواصل معها عبر الهاتف، وأخبرها أنه حاليا في مخيم في إيطاليا، وعندما سألته عن الأوضاع أبلغها أن آلاف المهاجرين يعيشون حاليا في هذه المخيمات ويخضعون لفحوصات طبية وإجراءات تحقيقية للتأكد ممن يستحق منهم اللجوء.

وتضيف أنها، وبعد غياب ابنها الثلاثيني غير المتزوج، لأكثر من عام، وسماعها لقصص غرق وفقدان المهاجرين غير الشرعيين، فإنها تطلب من ابنها دوما الرجوع، خاصة بعد أن أخبرها أن بانتظاره رحلة طويلة من الإجراءات قبل البت بأمر إعطائه اللجوء من عدمه، لكن الابن يرفض ذلك ويقول لها "ذقت الأمرين حتى وصلت الى هنا، وسأبقى رغم كل شيء".

كما أخبر الابن والدته أنه "تعرض للضرب والإهانات طوال رحلته الممتدة من الأردن الى الجزائر ومن ثم الى ليبيا ثم الى الشواطئ الإيطالية، كما تعرض لمحاولة سرقة ماله، إلا أنه نجا بعد صراع خاضه مع مجموعة سافرت معه، من قطاع الطرق في الصحراء الجزائرية".

وثمة معلومة أخرى نقلها الابن لأمه تؤكد أن طاقم المسؤولين عن المخيم في إيطاليا، يضم موظفين عربا يعرفون اللهجات العربية، وهؤلاء لهم دور كبير في معرفة جنسية المهاجرين غير الشرعيين، وسبب هذا الإجراء هو لجوء بعض المهاجرين غير الشرعيين ممن يحملون جنسيات عربية غير سورية، إلى إتلاف وثائقهم الثبوتية، والادعاء أنهم سوريون حتى يتم منحهم اللجوء السياسي نظرا لانعدام الأمن في سورية.

ويؤكد الشاب لأمه أيضا أن هناك أردنيين ومصريين وعراقيين في مخيمات المهاجرين، فيما يشير إلى أن بعضهم تم إرجاعهم الى بلادهم، وآخرين نقلوا إلى السجون الإيطالية.

أيضا هناك لاجئ سوري محام، أكد أنه رصد العديد من الحالات للاجئين سوريين في الاردن قرروا خوض غمار تجربة الهجرة غير الشرعية، لافتا إلى أن الاردن ليس موضعا للهجرة غير الشرعية بالنسبة للاجئين، وإنما يسافر منه اللاجئ المهاجر إلى أماكن ومواطن تنظيم هذه الهجرة مثل الجزائر وتركيا، ليرتب المهاجر أموره مع المهربين هناك.

ولفت الى ان أغلب المهاجرين ينشدون مسار الجزائر – ليبيا- إيطاليا، حيث يسافرون من الأردن إلى الجزائر، وهم يحملون جوازات سفر، ومن لا يحمل منهم الجواز يضطر للحصول عليه من داخل سورية، وأغلب هذه الجوازات تكون مزورة من المصدر، "لأنها أصبحت تجارة رائجة وبأسعار باهظة، تتراوح بين 1500 و2000 دولار أو أكثر"، فيما يعمل لاجئون آخرون للحصول على الجوازات من الشمال السوري لأن أغلبها يكون سليما.

وبين المحامي، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن الجزائر تعتبر الأكثر إقبالا من اللاجئين، لأنها الدولة العربية الوحيدة التي لا تطلب تأشيرة بالنسبة للاجئين السوريين، ومن يدخل الجزائر يدخل بموجب فيزا سياحية، وبالتالي يتطلب الأمر أن تكون معه عملة نقدية ما بين 4000 إلى 5000 دولار أميركي.

مسارات الموت
تتحدث دراسة مؤسسة أرض العون القانوني عن المسارات التي يتبعها من يلجأ للهجرة غير الشرعية من الأردن، حيث لفتت إلى وجود عدد منها، أولها السفر للجزائر العاصمة، ومنها إلى مدينة الوادي أو أليزي في أقصى الجنوب، ثم ينتقلون مسافة تزيد على 1500 كلم عبر الصحراء للوصول إلى الشواطئ الليبية، ومنها عبر البحر متسللين نحو إيطاليا في رحلة طويلة محفوفة بالمخاطر.

وتؤكد الدراسة أنه نقل عن أحد الذين تم ضبطهم أنهم يدفعون أكثر من 3000 يورو إلى عصابات ليبية تؤمن نقلهم من الحدود مع الجزائر إلى مناطق في الساحل الليبي على البحر المتوسط، ومنها يتم نقلهم عبر القوارب إلى الشواطئ الإيطالية.

وتضيف: "يقوم المهربون الليبيون بنقل المهاجرين الى مدينة زوارة وهي مدينة ساحلية ومنها الى ايطاليا بحرا".

وتكمن الخطورة في هذا المسار، في صعوبة ومشقة الرحلة، فضلا عن كثرة قاطعي الطريق، ممن يعلمون أن المهاجرين بحوزتهم المال الذي سيدفعونه للمهربين، بحسب المحامي الذي يؤكد ان البعض يقتل أثناء مواجهته لقاطعي الطرق.

وقالت الدراسة "اغلب الذين يهاجرون هم من الشباب وأرباب الأسر دون أفراد أسرهم من النساء، وقد يسافر مع رب الأسرة أبناؤه من الشباب، وأغلبهم ممن يحملون الإجازات الجامعية، وبعد ان يصلوا إلى الدولة الأوروبية المنشودة وتتم تسوية وضعهم، يعملون بعدها بإجراءات لم الشمل لبقية أعضاء الأسرة".

وتتم هذه الهجرة من خلال مجموعات يتراوح عددها بين 10 إلى 15 شخصا او أكثر، معظمهم ممن يبحثون عن مستقبل جديد لهم ولأسرهم في وطن بديل مؤقت. 

وفيما يخص اجراءات السلطات الجزائرية لمحاولة الحد من الهجرة غير الشرعية، بين المحامي أن السلطات هناك قررت مؤخرا منع السوريين من الذهاب والتنقل في الجنوب الجزائري، وشددت إجراءات تحديد الإقامة لهم في المدن الساحلية الكبرى ومراكز الإيواء.

واتخذت السلطات هذه الإجراءات بعد أن تم ضبط واعتقال لاجئين سوريين يحاولون التسلل عبر الحدود البرية بين الجزائر وليبيا للوصول إلى إيطاليا.

يذكر أن الجيش الجزائري وقوات الدرك وحرس الحدود أوقفوا منذ كانون الثاني (يناير) 2014 وحتى نهاية آب (أغسطس) من العام نفسه ما يقارب 466 مهاجرا سريا من مختلف الجنسيات، منهم 328 مهاجرا سوريا، وفق معلومات رسمية صادرة عن الحكومة الجزائرية تم نشرها في الإعلام المحلي.

وفي السابع والعشرين من أيلول (سبتمبر) 2014، ضبطت السلطات الجزائرية عشرة مهاجرين غير شرعيين من الجنسية السورية كانوا متوجهين إلى الحدود مع ليبيا (وفق بيان لوزارة الدفاع الجزائرية)، حيث تمتد الحدود بين الجزائر وليبيا على مسافة 1000 كلم، وكلها منطقة صحراوية تم إغلاقها من قبل السلطات الجزائرية في شهر يونيو (حزيران) الماضي بعد تدهور الأوضاع في ليبيا.

أزمة مستعصية في اوروبا 
نشرت أخبار صحفية، في نيسان (إبريل) الماضي، تحدثت عن توجه زعماء الدول الأوروبية للموافقة على مشروع قرار بشأن الهجرة غير الشرعية، وينص على ترحيل غالبية المهاجرين، الذين يبلغ عددهم 150 ألف شخص، فيما سيوافق القرار على الإبقاء على 5 آلاف شخص فقط من المهاجرين ليتم منحهم اللجوء في اوروبا.

وأوضحت تلك الأخبار أن مشروع القرار الذي أطلق عليه "عملية ترحيل المهاجرين الذين وصلوا الى إيطاليا عن طريق سواحلها"، سيتم من خلال برنامج يتم تنسيقه مع الاتحاد الأوروبى، حيث إن أكثر من 36 ألف سفينة وصلت سالمة الى حدود ايطاليا ومالطا واليونان هذا العام.

أما في الاردن، ورغم ان الحالات التي تنشد الهجرة غير الشرعية، قليلة، إلا أنه تم التنبه على الصعيدين الرسمي والمدني لهذه المشكلة، فعلى الصعيد الرسمي أكد وزير الداخلية حسين المجالي، الأسبوع الماضي، أثناء اجتماعه مع المفوض الأوروبي للشؤون الداخلية والهجرة والمواطنة ديمتريس افراموبولس، بحضور سفيرة الاتحاد الاوروبي في عمان يوانا فرونيتسكا، نية الأردن "استحداث ادارة خاصة بالهجرة الشرعية وغير الشرعية، تتولى ادارة ملف الأمن والتسلل والاتجار بالبشر، الى جانب زيادة مستوى التنسيق والتعاون بين الأردن والاتحاد الأوروبي".

وعلى صعيد منظمات المجتمع المدني، تنبهت مؤسسة ارض العون القانوني "أرض" للمشكلة، حيث أطلقت حملة في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وستعيد اطلاقها قرييا، بعنوان "لا تذهبوا".

وتقول مديرة وحدة الإعلام في المؤسسة لانا زنانيري، إن اهتمام المؤسسة بهذا الملف سببه أنه أثناء تقديمهم خدمات للاجئين السوريين، تبينت لهم معاناة الأسر التي يذهب احد افرادها في رحلة هجرة غير شرعية.

وتؤكد زنانيري أن هناك دراسة أعدتها مؤسستها، بينت "تعرض المهاجرين غير الشرعيين لعدة مخاطر وممارسات عنفية من قبل المهربين خلال رحلتهم إلى الدولة المنشودة بحثا عن أمل جديد".

وترى في ذلك "تجارة بالبشر من قبل مافيا عالمية تمتهن عملية التهريب إلى دول أخرى بطرق غير قانونية، غير آبهة بحياة المهاجرين، من حيث نجاح الرحلة وبقاء المهاجر على قيد الحياة أم لا، ولا يهمها من حيث النتيجة إلا كسب المال، إضافة إلى أساليب العنف والضرب والتهديد والخطف والسرقة التي تمارسها تلك المافيات".

ولخصت الممارسات التي يتعرض لها المهاجرون، من سرقة وسلب المهاجر من قبل المهرب أو من قبل جماعات مسلحة بالاتفاق مع المهرب، والتهديد والحرمان من الماء والمواد الغذائية، والاعتداء الجسدي، كالضرب، ومصادرة أجهزة الاتصال، لضمان عدم الوشاية بالمهرب، وبالتالي يبقى المهاجرون تحت رحمة المهرب.

ويتعرض المهاجرون أيضا للاحتيال من قبل المهرب، كأن يعدهم بقارب سريع في حين يتفاجأون بقارب مطاطي عند السفر، إضافة إلى قيام المهرب بإجبار المهاجرين على الانصياع والتكيف مع اختياراته لا مع ما يريدونه وفقا للاتفاق المسبق.

أما الأخطر، وفق زنانيري، تعريض حياة المهاجرين للموت غرقا، حيث تبين دراسة أرض العون القانوني، أنه "لم تسجل حتى تاريخه أي محاولات إنقاذ للمهاجرين من الغرق من قبل المهربين أو حتى قيامهم بإخبار خفر السواحل القريبة للإنقاذ".
وتؤكد ضرورة زيادة اهتمام المنظمات الدولية، وتسليط الضوء على ازدياد وتوسع هذه الظاهرة الخطيرة وانعكاساتها السلبية على الدول المهاجر منها أو إليها، "لا سيما أن أغلب المهاجرين هم من ذوي الكفاءات وحملة الشهادات العلمية من مختلف الاختصاصات".

وأضافت زنانيري: "يجب أن تعمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا وبريطانيا على فتح أبوابها للمهاجرين بشكل شرعي، للقضاء على هذه الهجرة غير الشرعية التي أصبحت تجارة رائجة ورابحة، وسلعتها الإنسان".

من هذا المنطلق نفسه، يؤكد مدير مركز الفينيق للدراسات أحمد عوض، أهمية أن تفكر الدول المستقبلة للمهاجرين في إعادة النظر بسياسات الهجرة التي تتبعها، بما يسمح للمهاجرين، ممن ترزح بلدانهم تحت وطأة اضطرابات سياسية وأمنية، بالدخول لأراضيها بسهولة دون الاضطرار للمخاطرة بحياتهم.

ولفت عوض الى ان الدول المستقبلة للمهاجرين، هي من ساهمت في الأصل، عبر سياساتها الدكتاتورية، بإفقار دول الجنوب، ولذا عليها تحمل مسؤوليتها في استقبال اللاجئين، والانسجام مع مبادئ حقوق الإنسان التي لطالما نادت بها.

على صعيد دولي، وبعد أن غرق الشهر الماضي اكثر من 700 مهاجر غير شرعي، أطلقت المفوضية السامية للاجئين مؤخرا "المبادرة العالمية للحماية في البحر"، وهي عبارة عن خطة عمل أولية تمتد على سنتين، هدفها الأساسي دعم عمل الدول من أجل تقليص حالات فقدان الحياة في البحر، وحالات التعرض للاستغلال والإيذاء والعنف بين المسافرين عن طريق البحر بطريقة غير نظامية.

وستعمل المبادرة، بحسب تقرير صادر عن المفوضية، على وضع طرق استجابة للهجرة المختلطة غير النظامية، عن طريق البحر، من خلال معالجة أسباب التحركات غير النظامية بطريقة تحفظ إمكانية الحصول على اللجوء والحماية الدولية.

أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.