• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

بأمر المحكمة الدولية .. لا حصانة للأسد

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2009-03-02
1656
بأمر المحكمة الدولية .. لا حصانة للأسد

ما أن أعلن في مطلع مارس عن افتتاح أعمال المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري ، إلا وتجددت المخاوف من عودة أجواء الاحتقان السياسي التي شهدها لبنان قبل توقيع اتفاق الدوحة ، خاصة وأنه لم يحدث أي تراجع في موقف الأغلبية والمعارضة من القضية ، فالقوى المؤيدة لتدويلها تصر على أن المحكمة قد تضع حدا للاغتيالات الغامضة في البلاد، بينما يرى المعارضون أنها قد تخضع لبنان لتأثير السياسات الدولية.

 ولعل التصريحات التي أطلقها نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قبل ساعات من انطلاق المحكمة ، ترجح أن لبنان مقبل على مرحلة جديدة من التجاذبات السياسية ، حيث ركز على إثارة مسألة الضباط الأربعة الموقوفين على ذمة القضية والذين كانوا يقودون الأجهزة الأمنية إبان اغتيال الحريري في 14 فبراير 2005 .
 والضباط المحتجزون هم: المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد، والمدير العام السابق لجهاز الاستخبارات في الجيش اللبناني ريمون عازار، والمدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج، وقائد لواء الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان.
 
قاسم طالب بإطلاق سراح هؤلاء الضباط على الفور ، قائلا :" إذا أراد القضاء اللبناني أن يبرز أن لديه نقاء وعدالة، من المفروض أن يفرج عن الضباط الأربعة قبل أن يوسم بأنه لا يحمل هذه العدالة، عندما يتبين أن الملف فارغ ولا شيء فيه ، لا نريد منة من أحد، نحن نريد براءة قضائية أو إدانة قضائية، وغير ذلك لن يكون إلا الخزي والعار ، حيث أن نقل الضباط إلى لاهاي من دون اتهام يعتبر خطفاً ".
 
ويبدو أن السجالات في هذا الصدد ستتصاعد خلال الأيام المقبلة ، خاصة بعد تصريحات مقرر المحكمة الدولية روبرت فنسنت التي أكد خلالها أن أمام المحكمة فترة 60 يوماً لطلب نقل الضباط الأربعة أو أي شخص يطلبه المدعي العام من لبنان ، ولدى سؤاله عن إمكانية استدعاء رؤساء دول إلى المحكمة شهوداً كانوا أم متهمين، قال فنسنت إنه ليس هناك ما يمنع إمكانية حصول ذلك، وأعاد التذكير بسابقة الرئيس الليبيري، تشارلز تايلور في محكمة جرائم حرب سيراليون ، مشيرا إلى أن مهلة المحاكمة قد تمتد إلى ثلاث سنوات قابلة للتجديد.
 
اقتراب موعد الانتخابات النيابية سيزيد هو الآخر من حدة التوتر بشأن المحكمة بين قوى "14 آذار" التي تضم بشكل رئيسي أحزاب المستقبل والتقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية والكتائب ، وقوى "8 آذار" التي تضم بشكل أساسي حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر .
 
ويبقى الأمر الأخطر ألا وهو احتمال تدهور العلاقات السورية اللبنانية بعد أن شهدت تحسنا ملموسا في أعقاب توقيع اتفاق الدوحة ، ولعل التصريحات التي أطلقها دانيال بلمار المدعي العام ورئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري على هامش افتتاح أعمال المحكمة ، تبعث على القلق الشديد في هذا الشأن ، فهو أعلن أنه لديه حس معين بالنسبة للتحقيق والجهة المسئولة عن الاغتيال، وبالنسبة لإمكانية استدعاء شخصيات كبرى ، أكد أنه لا حصانة لرؤساء الدول ، قائلا: "بالنسبة لحصانة رؤساء الدول، فلا وجود لذلك في النظام الداخلي، وعندما نصل إلى هذا الأمر - إذا وصلنا - فستنظر المحكمة بذلك".
 
التصريحات السابقة تبدو وكأنها موجهة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي اتهمته بعض القوى اللبنانية بالمسئولية عن جريمة الاغتيال ، وإذا قررت المحكمة بالفعل استدعاء الرئيس السوري ، فإن العلاقات بين دمشق وبيروت ستكون عرضة للانهيار التام.
 
قصة المحكمة 
 
وكان التحقيق الدولي باغتيال الحريري قد بدأ بعد أشهر من اغتياله، وبطلب من الحكومة اللبنانية، حيث شكلت الأمم المتحدة أولا لجنة تقصي حقائق برئاسة بيتر فيتزغيرلد، تبعها تم تكليف القاضي الألماني ديتليف ميليس بالتحقيق في الجريمة إلا أن تقاريره أثارت الكثير من الجدل واعتبرت أنها مسيسة وتهدف لإحراج دمشق ، وبعد ذلك تسلم التحقيق القاضي البلجيكي سيرج براميرتز، وأخيرا تسلمه الكندي بلمار والذي حرص على غرار سلفه براميرتز على إعداد تقارير عامة حول تقدم التحقيق دون الإشارة إلى هوية المتهمين.
 
وفي 30 مايو 2006 ، وافق مجلس الأمن الدولى وبضغط أمريكي على إنشاء محكمة ذات طابع دولي بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لمحاكمة المتورطين باغتيال الحريري في 14 فبراير2005 وسط بيروت بعبوة ناسفة تقدر زنتها بأكثر من 1800 كليوجرام، يعتقد أنها كانت داخل سيارة مفخخة.
 
وصدر قرار مجلس الأمن رقم 1757 حول إنشاء المحكمة بأغلبية 10 أصوات وامتناع 5 دول عن التصويت هى كل من الصين وروسيا واندونيسيا وجنوب افريقيا وقطر، حيث اعتبرت هذه الدول أنه يجب ألا يفرض مجلس الأمن المحكمة على لبنان في ظل الانقسامات السائدة هناك.
 
وإلى جانب قضية اغتيال الحريري ، تنظر المحكمة أيضا القضايا التي تثبت صلتها بها، وخاصة الاغتيالات التي تبعت مقتله، وتركزت ضد عدد من الوزراء والنواب والإعلاميين المعارضين لدمشق.
 
وأعلن حزب الله أن قرار إنشاء المحكمة يشكل تجاوزا للدولة اللبنانية واعتداء على شئونها الداخلية ، كما أنه مخالف للأصول القانونية ومواثيق ومبادئ الأمم المتحدة والأهداف التي قامت من اجلها .
 
ووفقا لبيان أصدره الحزب فإن السعي الحثيث لمعرفة قتلة الحريري وتقديمهم إلى المحاكمة لمعاقبتهم على ما اقترفوه من جريمة بشعة تشكل إجماعا وطنيا كان يستدعي إنشاء محكمة قضائية جزائية نابعة من توافق داخلي يحفظ دور المؤسسات ويحترم الأصول والمبادئ الدستورية اللبنانية , إلا أن ما جرى من خطوات بمجلس الأمن جعل لبنان في مهب المصالح الدولية ، وشرع الأبواب واسعة أمام تدخلاتها ، بحيث بدا لبنان تحت الوصاية الدولية ملغاة قراراته في سابقة غير مألوفة في تاريخ الدول ذات السيادة .
 
وأضاف أن فريق السلطة بلبنان قدم خدمة جليلة للإدارة الأمريكية ، حيث وضع بين يديها ورقة سياسية يمكن أن تستعملها للضغط السياسي ، فيما أصبح هذا الفريق بعد اتمام مهماته بلا أهمية وفعالية في هذا المجال ، ذلك أن الأمور أخضعت للمساومات السياسية الدولية ولمصالح الكبار ، حيث لم يعد لبنان ساحة فقط وإنما ورقة بيد هؤلاء .
 
وانتهى البيان إلى القول :" إن الأزمة الداخلية اللبنانية التي حاول فريق السلطة أن يخبئها خلف موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي ، ورفض تمريرها عبر الأصول الدستورية والتوافق الداخلي الذي يحفظ السيادة اللبنانية وإصراره على تجاوز كل ذلك من أجل تحقيق أهدافه باللجوء إلى مجلس الأمن والفصل السابع تستدعي من هذا الفريق أن يدرك تماما في هذه اللحظة أن الأزمة الحقيقية في لبنان كانت وما زالت أزمة المشاركة السياسية بين جميع اللبنانيين في القرار والحكم وعدم الاستئثار والاستيلاء على السلطة والتصرف بالوطن كأنه ملكية خاصة ".
 
وفي المقابل ، أعلن فريق الأغلبية أن اقرار المحكمة من شأنه أن يؤدى إلى إنهاء تاريخ طويل حزين من الاغتيالات السياسية التي أفلت مرتكبوها من العقاب وقال سعد الحريري زعيم تيار المستقبل في هذا الصدد إن الوقت قد حان لاقرار العدالة.
 
وكانت الحكومة اللبنانية السابقة برئاسة فؤاد السنيورة قد حاولت الحصول على موافقة البرلمان على تشكيل المحكمة، غير أن رئيس مجلس النواب نبيه برى الذى يعتبر أحد أقطاب المعارضة رفض عقد جلسة للبرلمان لاقرارها كما سحبت المعارضة وزراءها من الحكومة في محاولة لإسقاطها من خلال مظاهرات الشوارع .
 
وتباينت التحليلات حول أهمية المحكمة الدولية ، فهناك من يرى أنها قد تنهي ظاهرة الاغتيالات الغامضة في لبنان وتردع الأنظمة الحاكمة في المنطقة عن ارتكاب الجرائم السياسية ، فيما يرى آخرون أن الهدف من المحكمة ليس الاقتصاص من قتلة الحريري، بقدر ماهو تقويض النظام في سوريا، فقد اتضح من خلال مسار الأحداث أن فرنسا والولايات المتحدة لا تريدان من هذه المحكمة، أن تكون أكثر من ورقة ضغط على دمشق، وهما على استعداد لإجراء مقايضات وتسويات مثلما حصل في قضية لوكيربي وفي اليوم الذي ترفع فيه سوريا الراية البيضاء ، لن تتردد أمريكا وفرنسا لحظة في إغفال موضوع المحكمة الدولية من دون أدنى شعور بتأنيب الضمير.
 
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.