الماكينات الألمانية تُلقن راقصي التانجو درساً لا يُنسى

 بالقوة والإصرار والجماعية والإلتزام والإتزان يتفوقون على الفردية والمهارات والحماس، ألمانيا بالفعل لقنت الأرجنتين درساً لا يُنسى في كرة القدم، بانتصار تاريخي برباعية نظيفة في المباراة الثالثة للدور ربع النهائي من كأس العالم 2010.، احرز الأهداف توماس موللر، كلوزه هدفان والمدافع أرني فريدريتش.

 

نتيجة تاريخية فاقت كل التوقعات، لم يحلم بها أكبر المتفائلين الألمان، اكدت التفوق الألماني في البطولة بل وعلى الأرجنتين بالذات التي توعدت بأخذ الثأر من هزيمة نهائي كأس العالم 1990 ومن هزيمة الدور ربع النهائي من كأس العالم 2006 في ألمانيا، لكن لا جديد، ألمانيا فازت مرة أخرى، الدفاع الألماني ألغى الخطورة الأرجنتينية بقيادة ميسي، والهجوم أثبت علو كعبه على الدفاع، والوسط كان مكوكياً بتحركاته الداؤبة والسريعة والمنتشرة دائماً والمترابطة بفضل الجماعية، لتحقق ألمانيا فوز مستحق بأتم ما تحمله الكلمة من معنى على 4/صفر لتظهر معالم البطل الأول لكأس العالم 2010.

 

تقدم موللر صاحب هدفين في مرمى إنجلترا بالدور ثمن النهائي في الدقيقة الثالثة، واضاف كلوزه الهدف الثاني في الدقيقة 68، وبعد دقائق قليلة اضاف المدافع المتقدم لأداء الدور الهجومي "فريدريتش" الهدف الثالث من صناعة رائعة للاعب شفاينيشتايجر في الدقيقة 74، وانهى كلوزه الرباعية التاريخية بهدف جميل في الدقيقة 88 بعد عمل جماعي رائع بين أوزيل وبودولسكي.

 

قدم المنتخب الألماني مباراة رائعة في شوطها الأول من حيث بناء الهجمة والتحضير من الخلف للأمام بسرعة عكس الأرجنتين التي عابها البطء في التحضير بسبب الفردية المفرطة في أداء بعض لاعبيها أمثال كارلوس تيفيز، ميسي وهيجوين، فضلاً عن ضعف عرضيات ظهيري الجنب "هاينزاه وأوتماندي" اللذين كانا يتقدمان من دون فائدة هجومية تذكر مع تسببهما في فتح الدفاع لضعف قدرتهما على الإرتداد، ما تسبب في شن ألمانيا للعديد من الهجمات المرتدة.

 

على غير المتوقع جاء الهدف الافتتاحي مُبكراً في الدقيقة الثالثة كأسرع ثاني هدف في مونديال 2010 بعد هدف ستيفن جيرارد الذي احرزه في الدقيقة الرابعة في مرمى المنتخب الأميركي، وحمل هذا الهدف توقيع مهاجم نادي بايرن ميونيخ الألماني المتألق "توماس موللر" إثر ركلة حرة مباشرة نفذها لاعب الوسط "سبستيان شفاينشتايجر" بيمناه من على جهة اليسار رائعة داخل المنطقة ليرتقي لها موللر -قاهر الإنجليز- ويضعها برأسه على يمين الحارس "روميرو" الذي يتحمل مسؤولية هذا الهدف مع قلبي الدفاع "بورديسو ودي ميكيليس".

 

وعاد موللر للظهور في الصورة بعدما هدأ اللعب قليلاً في الدقيقة 24 حين حصل على كرة بينية داخل منطقة جزاء الأرجنتين جاءته من مسوت أوزيل جهة اليسار ليعبر من هاينزه ثم يُمرر عرضية أرضية رائعة ذهبت لكلوزه الذي سدد من لمسة واحدة فوق العارضـة وهو خالي تماماً من الرقابــة في لقطة تؤكد أن الدفاع الأرجنتيني يعيش حالة فقدان إتزان واضحة بسبب ضعف المساندة الدفاعية من لاعبي وسط الميدان، لذا ركزت الكاميرا طويلاً على لاعب الوسط الاحتياطي "خوان سبيستيان فيرون".

 

وهددت الأرجنتين مرمى ألمانيا في أكثر من فرصة لكن ليس ذلك التهديد المنتظر من عناصر الهجوم أصحاب المهارات العالية بقيادة "ماريا، ميسي، هيجوين وتيفيز"، وسدد ليونيل ميسي كرة طائشة إثر ركلة حرة مباشرة من على بُعد 27 ياردة في الدقيقة 31، لكن الخطورة الأبرز على مرمى نوير جاءت في الدقيقة 33 عندما انتقل الجناح الأيسر "أنخيل دي ماريا" من اليسار إلى اليمين ليراوغ ويخترق ثم يسدد بيمناه ضعيفة في يد الحارس.

 

حاول مدرب راقصو التانجو "مارادونا" تشتيت نظيره خواكيم لوف بتحريك ميسي وماريا على الأطراف وتبديل مراكز هيجوين وتيفيز لكن كل هذه الخدع لم تنطل على الدفاع الألماني المدعوم بمساندة دفاعية من الوسط بقيادة "بودولسكي وشفاينيشتايجر".

 

وكاد لاعب ريال مدريد "هيجوين" يتمكن من التسجيل في الدقيقة 35 إلا أن تسديدته كانت ضعيفة جداً في يد نوير، وبعدها بدقيقة عاد نفس اللاعب ليُحرز هدف أبيض من تسلل واضح لكارلوس تيفيز الذي مرر له داخل المنطقة.

 

وقبل نهاية الشوط اندفعت الأرجنتين كثيراً نحو الأمام لكن ألمانيا استغلت الفرصة وشنت هجمات مرتدة على فترات، أبرزها تسديدة بودولسكي الصاروخية في الدقيقة 39 من على بُعد 30 ياردة لكنها مرت جوار القائم الأيسر برداً وسلاماً على مرمى روميرو، وأنقذ لاعب الإنتر "بورديسو" هدف مُحقق لألمانيا في الدقيقة 44 عندما وضع قدمه أمام تسديدة موللر من داخل منطقة الجزاء.

 

تغير الأداء الأرجنتيني في الشوط الثاني بعض الشيء رغم أن مارادونا واصل بنفس تشكيلته وتكتيكه بإعتماده على ميسي في العمق الهجومي، وافتتح المحاولات الأرجنتينية نحو إدراك هدف التعديل بتسديدة صاروخية للاعب الأعسر "دي ماريا" لا تصد ولا ترد في الدقيقة 48 خرجت بجوار القائم الأيمن بياردة واحدة فقط.

 

وتسبب اصرار مارادونا على وجود ميسي في العمق الهجومي لضياع الوسط تماماً بسبب الحصار الكبير المفروض عليه في العمق، لتضيع الفرصة تلو الأخرى في أكثر الأوقات حاجة للاعب وسط مُحنك يسيطر على الوسط ويوزع الكرات للتانجو، وشهدت المباراة ركوداً كبيراً في الهجمات منذ كرة دي ماريا الأولى حتى عاد الفريق مرة أخرى ليسدد في الدقيقة 65 عندما راوغ ومر وعبر ثم سدد كرة ضعيفة في يد الحارس.

 

على أي حال انهار الدفاع الأرجنتيني كثيراً في الشوط الثاني وحدث تفوق كبير في المرتدات التي جُسمت جميعها لأهداف ألمانية.

 

البداية في الدقيقة 68 حين حصل بودولسكي على الكرة داخل منطقة الجزاء وضعها عرضية أرضية نموذجية عبرت من أمام قدم بورديسو لتعبر لكلوزه الذي لم يتوان عن إيداعها في الشباك، وأكد هذا الهدف ضعف المدافع "أوتمندي" ليقوم مارادونا بسحبه والزج باللاعب "باستوري" ليجازف أكثر وتفتح الخطوط أكثر فأكثر، وتتلقى شباك روميرو الهدف الثالث في الدقيقة 76 بواسطة المدافع "أرني فريديتش" بعد عمل مهاري مُذهل من لاعب الوسط "شفاينيشتايجر" الذي عبر من ثلاثة لاعبين من بينهم هيجوين ليُمرر عرضية لفريديتش المنتظر داخل منطقة الستة ياردات ليُنهي اللقاء تماماً.

 

وفي الدقيقة 81 سدد بديل سامي خضيرة "كروس" تسديدة قوية من 25 ياردة أبعدها الحارس روميرو بصعوبة، لكن الألمان لم يهدأوا وأصروا على وضع الهدف الرابع في الدقيقة 89 بعد عمل جماعي ممتاز وخارق للعادة بين بودولسكي وأوزيل ومرر الأخير عرضية لكلوزه الذي وضع الكرة بباطن قدمه اليمنى على الطائر في الشباك بكل بساطة ويسر ليعلن عن فوز ألمانيا بأربعة أهداف نظيفة.

 

ورفع كلوزه عدد أهدافه في مسيرته ببطولات كأس العالم لـ14 هدفاً ليقترب من مُعادلة الرقم التاريخي المُسجل باسم رونالــدو (15 هدفاً)، لكنه استطاع تخطي مواطنه جيرد مولر نجم السبعينات وكسر رقم النجم الفرنسي في الستينات فونتين.