• المدير العام ( المفوض ) .. عماد شاهين
  • يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

عندما تقف أوروبا احترامًا للملك: نداء ضمير من أجل إنسانيتنا المشتركة

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2025-06-17
482
عندما تقف أوروبا احترامًا للملك: نداء ضمير من أجل إنسانيتنا المشتركة

 عندما تقف أوروبا احترامًا للملك: نداء ضمير من أجل إنسانيتنا المشتركة

 
بقلم: عقيد متقاعد محمد جميل الخطيب
 
في لحظة تاريخية نادرة، وقف البرلمان الأوروبي مرة أخرى ليستمع لجلالة الملك عبد الله الثاني، لا كزعيم إقليمي فحسب، بل كصوت ضمير عالمي، أطل من على منبره الأوروبي لينبه، ويحذّر، ويقترح، ويذكّر.
 كانت الكلمات أكثر من مجرد خطاب، بل أقرب إلى شهادة إنسانية خالصة، ونصٍ أخلاقي موجه إلى العالم بأسره، في زمن ينهار فيه المعنى تحت وطأة السياسة والمصالح وتعدد المعايير.
 
الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك حمل عنوانًا ضمنيًا شديد الوضوح: إنسانيتنا على المحك...... كان حديثه صريحًا، موجعًا، لكنه نبيل في طرحه، متماسك في لغته، وعميق في رسائله..... وضع فيه العالم أمام مرآة أخلاقية قاسية، ووجّه أسئلة لا يمكن التهرب منها: كيف أصبحت الوحشية أمرًا عاديًا؟ كيف صار القصف والمجاعة والاستهداف الممنهج للأطفال والمرضى والصحفيين مجرد تفاصيل باهتة على شريط الأخبار؟ لماذا قبل العالم أن يكون شاهد زور على ما يحدث في غزة؟
 
لقد كشف الملك عن الخطر الأكبر الذي يهددنا جميعًا: فقدان البوصلة الأخلاقية، ذلك الخطر الذي لا يأتي فقط من قعقعة السلاح، بل من خذلان المبادئ، وازدواجية المواقف، وصمت العالم حين يُسحق القانون الدولي وتُدهس القيم تحت جنازير المصالح.
 
لكن جلالة الملك لم يكتف بالتشخيص، بل قدّم خارطة طريق قائمة على التاريخ المشترك، والقيم الجامعة، والتجربة الأوروبية نفسها. ذكّر الأوروبيين أنهم بعد الحرب العالمية الثانية، لم يعيدوا فقط بناء مدنهم، بل أعادوا بناء إنسانيتهم. اختاروا الكرامة بدل الهيمنة، والقانون بدل القوة، والتعاون بدل الصراع. 
 
واليوم، يدعوهم الملك لاختيار نفس الطريق، مرة أخرى، لأن ما هو على المحك لم يعد فلسطين وحدها، بل معنى أن نكون بشرًا.
 
في دفاعه العادل عن غزة، لم يستخدم الملك لغة التحريض أو المبالغة، بل استند إلى الحق، والشرعية الدولية، والضمير الجمعي.... دافع عن الشعب الفلسطيني ليس من باب العاطفة وحدها، بل من باب الإنصاف: "مثلهم كمثل جميع الشعوب، يستحقون الحق في الحرية والسيادة،،،،،، ونعم.. إقامة دولتهم المستقلة."
 
ولم يغفل الملك في خطابه الإشارة إلى الخطر الإقليمي الأوسع، حين نبّه إلى أن الهجمات الإسرائيلية على إيران قد تفتح أبواب تصعيد خطير، يهدد الاستقرار الإقليمي والعالمي. وبينما تتردد العواصم في اتخاذ مواقف حاسمة، كان صوت الأردن، كما عبّر عنه الملك، واضحًا لا لبس فيه: "الحل الوحيد هو السلام العادل، القائم على القانون الدولي والاعتراف المتبادل."
 
هذا الخطاب لم يكن دفاعًا عن قضية، بل عن القيم، عن التعايش، عن الإرث المشترك بين الأديان والثقافات. تحدث الملك كقائد عربي، ووصي على مقدسات القدس، لكن أيضًا كإنسان يرى العالم ينحدر نحو هاوية أخلاقية لا قاع لها، فقرع الجرس بشجاعة.
 
أوروبا، التي وقفت احترامًا للملك، لم تكن تقف لشخصه فقط، بل لما يمثله من حكمة واتزان وثبات في المبادئ، في وقت تندر فيه الأصوات العاقلة، كان الملك عبد الله الثاني يتحدث باسم الملايين من البشر الذين لا يملكون منابر، لكنهم يملكون الأمل في أن يستعيد العالم رشده.
 
هذا العام، كما قال الملك، هو عام القرارات المفصلية...... وعليه، فإما أن يستعيد العالم إنسانيته، أو أن يواصل انحداره نحو مستقبل فاقد للمعنى........والاختيار، في النهاية، قرار جماعي تتحمل أوروبا جزءًا كبيرًا من مسؤوليته.
 
وفي خضم هذه اللحظة القاتمة من تاريخ البشرية، يبقى خطاب الملك عبد الله الثاني علامة مضيئة، ونداء ضمير حقيقي، يتجاوز العواصم والبرلمانات، ليصل إلى كل إنسان يسأل: ما الذي تبقّى من إنسانيتنا، وما الذي نحن على وشك أن نفقده أكثر؟
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.