• المدير العام ( المفوض ) .. عماد شاهين
  • يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

عن الإبداع وحدوده: هل اقتبس الرحابنة الألحان ام سرقوها؟

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2025-07-30
505
عن الإبداع وحدوده: هل اقتبس الرحابنة الألحان ام سرقوها؟

 

المحامي اسامة البيطار

 

* في وداع زياد رحباني…

في زمن باتت فيه الموسيقى أشبه بالمقدّس، وحين تُحيط الهالة الأسطورية باسم فيروز والرحابنة، يصبح من الصعب أن نطرح أي سؤال قانوني أو نقدي من دون أن نُتّهم بالجحود أو المساس بـ”الرموز”، لكن مع الحديث المتصاعد عن وفاة زياد رحباني، وتحوّل ذكراه إلى موجة عاطفية جارفة، ربما يكون من المفيد — لا الجارح — أن نفتح الباب لنقاش صادق هل كانت جميع ألحان الرحابنة أصلية فعلاً؟
أم أن بعض الأعمال استندت إلى ألحان أجنبية دون الإشارة إلى مصدرها؟

وماذا يقول القانون في ذلك؟

ليست الغاية هنا تبخيس تاريخ موسيقي فذّ مثل العبقري زياد ، بل التذكير بأن العبقرية لا تُعفي من احترام القانون، وأن الإبداع، مهما بلغ من الجمال، يظل في حاجة إلى مرجعية قانونية تحفظ الحقوق وتُنظّم الأصول.

الاقتباس الفني بين القانون والإبداع

في القانون، هناك فرق جوهري بين “الاقتباس المشروع” و”السرقة الفنية فالسرقة تعني تقديم عمل فني مأخوذ من الغير دون إذن أو نسب أما الاقتباس هو استخدام جزء أو فكرة من عمل سابق، شرط أن:

1- يكون الأصل في الملكية العامة (Public Domain)، أو

2- يُعاد تشكيله بشكل جذري يُنتج عملاً جديدًا.

وتضع اتفاقية برن الدولية، وقوانين الملكية الفكرية في الدول العربية (مثل القانون المصري رقم 82 لسنة 2002، والقانون اللبناني المعدل عام 1999 والقانون الاردني )، أطرًا دقيقة للفصل بين هذين المفهومين.

فمشروع الرحابنة لم يكن مجرد إعادة توزيع للأغنية اللبنانية، بل كان محاولة لبناء هوية موسيقية تستلهم من المارشات الروسية، والأنغام الإيطالية، والموسيقى الكلاسيكية الغربية. ومع أن هذا التأثر مشروع، إلا أن بعض الأغاني الرحبانية تجاوزت التأثّر إلى الاقتباس المباشر.
اليكم يا سادة بعض من اهم الامثلة ...

“كانوا يا حبيبي”: لحنها مستمد من أغانٍ روسية شهيرة مثل “كاتيوشا” و”Polyushka Polye”، دون نسب.

“يا أنا يا أنا”: تُشبه مقطعًا من سيمفونية موتسارت رقم 40.

“لبيروت”: مقتبسة عن Concierto de Aranjuez للمؤلف الإسباني رودريغو، المحفوظ حقوقه.

“شو بخاف”: من Manhã de Carnaval البرازيلية.“

لا والله”: نسخة عربية ساخرة من La Bamba المكسيكية.

أغنيات الميلاد: مثل “صوت العيد” و”ليلة عيد”، مأخوذة من ترانيم أوروبية كلاسيكية، أُعيد توزيعها.

بعض هذه الأعمال تُعدّ إعادة إبداع ضمن إطار قانوني مرن، لكن بعضها الآخر — مثل “لبيروت” — يضعنا أمام تساؤلات حقيقية عن الإذن والنسب، خاصة أن اللحن الأصلي محفوظ بموجب قوانين الملكية الفكرية الدولية.

المفارقة أن زياد بخلاف كثيرين، لم يُخفِ استلهاماته في ألبومه ولا كيف، قدّم ثلاث أغانٍ مأخوذة من ألحان أجنبية معروفة لكنه لم يذكر في غلاف الألبوم أو توثيقه أي نسب للمؤلفين الأصليين هذا التجاهل لا ينتقص من عبقريته، لكنه يُعيدنا إلى السؤال القانوني الجوهري..........هل يُعفى الفنان من مسؤوليته القانونية إن كان “معروفًا” باقتباسه؟

كخبير قانوني عملت على قضايا حقوق ملكية فكرية، تابعت عن قرب العديد من الحالات التي بدأت بإعجاب وانتهت بصراع قانوني وغالبًا ما يكون غياب التوثيق هو السبب الأساسي للمشكلة، وليس النيّة السيئة.

وأكاد أجزم أن معظم الفنانين العرب بحاجة إلى توعية قانونية تمنعهم من الوقوع في دائرة الاتهام ولو عن غير قصد.

الهالة التي تحيط بفيروز و المرحوم زياد اليوم تستحق التقدير، لكن لا ينبغي أن تتحوّل إلى غطاء يحجب الحقيقة أو يمنع السؤال.

فالقانون لا يُعادي الفن، بل يُنظّمه. والموسيقى، مهما بلغت من الجمال، لا تُغني عن احترام الحقوق.

قد يكون أصدق تكريم لزياد أن نفتح هذا النقاش وأن نُخرج الفن من منطق التقديس، ونعيده إلى حضن المساءلة الجميلة.

فالمبدع العظيم لا يخشى القانون… بل يحترمه.
عمون
 
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.