• المدير العام ( المفوض ) .. عماد شاهين
  • يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

مقال بلا عنوان ..

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2025-08-10
444
مقال بلا عنوان ..

 

د. نضال المجالي

 

من قال إن «المكتوب يُقرأ من عنوانه»؟ ومن قال إن «العنوان نصف الخبر بل كله»؟ ومن قال إن الأردنيين يقرأون العنوان فقط في الصحف والمواقع الإلكترونية؟ أسئلة أطرحها استنكاراً، بالرغم من واقعيتها، والدليل أن قضايا كثيرة نعيشها نغوص في حيثياتها، ونتجادل في مضامينها، ونقترح، ونحلل، ونقدم آراءنا فيها، ثم نكتشف بعدها - أو نتساءل - قائلين: «هوّه… إيش كان الموضوع؟»

خذوا مثالاً: كلنا ساءتنا الهجمة والتشكيك بما يقدمه الأردن - وأتحدث هنا بعموم عن غزة أو غيرها - حين يكون للأردن موقف ووقفة حقيقية في حقّه. حتى الدور العظيم لرجال الدفاع المدني الأردني في حرائق سورية الأخيرة لم يسلم من شياطين الأردن وخارجه. فبعد كل حملة ضد الوطن، تبدأ التصريحات بالصدور، وتثور غضب الصفحات، وتنطلق البيانات، وتصعد أقلام الكُتاب، وتنتشر التعليقات والتصريحات المتلفزة في الدفاع عن الأردن ودوره. لكن، هل فكرنا يوماً بعنوان المرحلة؟ هل وضعنا عنواناً لخطة مسبقة لمواجهة ما نعيشه ويتكرر يومياً أو موسمياً؟.

من تجربة متكررة، أقول: لم نقم بذلك. فنحن نعيش كل مرحلة تشكيك بردود فعل لحظية، وقت حدوثها، لا أكثر… ثم نعود كما كنّا ننتظر القادم من جولة جديدة!
ولنأخذ مثالاً آخر، في جانب مختلف، أتابعه يومياً حتى أصبح لفظ «مؤخراً» ملاصقاً له من كثرة تكراره في حديث هنا وهناك؛ بين المطالبين بتغيير وزاري، أو المتصدرين ادعاء الكفاءة، وبين من يقول: «قرب حل المجلس»، وبين من يطالب بإقالة كل من تقلّد موقعاً جديداً، حتى لو كان وزيرا تسلم مهامه منذ أيام قليلة، متهماً طرق الاختيار.

وفي كل ما سبق، لو وجهت سؤالاً لأولئك: ما هو عنوان المرحلة التي تفرض ذلك؟ أو: ما هي وجهة نظرك لمثل تلك الدعوات؟ لغاب عنهم الجواب. لقد تعودنا فقط أن نطالب بالتعديل الوزاري بعد إعلان الأسماء، ونطالب بحل المجالس بعد صدور نتائج الانتخابات، ونعلن فشل كل مسؤول منذ لحظة سماع اسمه، دون أن يكون في فكرنا- ولو للحظة - ما هو «عنوان المرحلة» الذي يمكن أن نبني عليه أحكامنا المسبقة أو خياراتنا القادمة.

ولنذهب إلى اتجاه آخر: التشكيك والتهويل وخلق الرعب في قلوب الأردنيين- سواء من هو على رأس عمله، أو مشتركة اختيارية تخيط ستائر منزل الجيران في بيتها - بأن الضمان الاجتماعي قد اقترب موعد سقوطه، وأن الحقوق لن تتحقق، وأن «الخبير الفلاني» الذي استوفى كل امتيازاته من الضمان قد أكد أن المستقبل مظلم. وعند سؤال العامة: ما دليله؟ يجيبون: «الدراسة الإكتوارية.» وحين تقول: وهل تعلم ماذا تعني الإكتوارية؟ وما هي مخرجاتها؟ وهل تعرف دقة البيانات؟ يقول لك: «شو قصدك!؟ أنا هيك سمعت اسمها!!» لتدرك أنه حتى بوجود عنوان، لا نعلم كثيراً معناه… فكيف بالعمق في دراسة وبيانات؟.

واتجاه آخر، لا عنوان له، أراه في عيون شباب قرانا الأردنية؛ أينما امتدّت. ضيق حال، وانعدام فرص عمل، وأعمار تنتهي بين أيديهم وأمام أعين أهاليهم.

لا مشاريع إنتاجية واسعة، ولا مصانع تطلب أيدي عاملة أردنية، ولا أدنى مصروف جيب يمكنه من ركوب حافلة نحو العاصمة أو مدينة اقتصادية أو صناعية. ولا تجتمع معهم - في مجلس عزاء أو فرح - إلا وتجدهم يرجونك لوصولهم إلى مناطق أكثر حيوية؛ لعلّهم يتعلقون بأمل حياة. ولا يعلم هؤلاء الشباب أننا- نحن أيضاً - قد فقدنا الاتصال، وأصبح حول القرار من كانوا يوماً الأكثر ثناءً ومدحاً لمن وُلّي مكانة أو فرصة ذهبية.

لن أطيل… فلا عنوان لمقالي، فقضايانا مشتتة، والجميع تراه جزءاً من صياغة العنوان حسب رغبته: إما «قص ولصق»، أو «نقلاً عن مؤثر»، أو «سمعت من خبير» أطلق على نفسه لقباً لأنه بلا عمل. أو مجتمعاً كاملاً يعلم أن قادمه لن يتجاوز ماضيه… وأخباره أصبحت منسية قبل وقوعها.

'الغد'
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.