• المدير العام ( المفوض ) .. عماد شاهين
  • يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

محمد الخطيب يكتب:الموضوع ليس صدفة.. ولا بريئا

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2025-09-03
450
محمد الخطيب يكتب:الموضوع ليس صدفة.. ولا بريئا

 

ما حدث مؤخرا من نشر مادة إعلامية مجتزأة عبر قناة أو وسيلة إعلامية غير اردنية، عن شخصية عامة لا يمكن اعتباره مجرد زلة مهنية أو خطأ عابر. الترويج الذي رافق هذه المادة كان محشوا بالإثارة الرخيصة، واستخدم أسلوب الصدمة لخلق حالة من الجدل العام، وجذب الانتباه بأي ثمن، حتى ولو كان على حساب الدقة والمهنية.
حين يتعمد الإعلام اقتطاع الحقيقة وتحويل جزء منها إلى "قنبلة فارغة"، فإنه لا يكون مجرد ناقل للأحداث، بل يصبح شريكا مباشرا في تضليل الرأي العام، وزرع البلبلة بين الناس. هنا، لا يعود الإعلام وسيلة لنقل المعرفة أو توسيع الأفق، بل يتحول إلى أداة للتلاعب بالوعي، وهي أخطر صور الفساد المعنوي.
ورغم هذا، لا يمكن توجيه اللوم فقط لوسائل الإعلام. فالناس أيضا جزء من المعادلة. المواطن الأردني اليوم لم يعد يقرأ أو يسمع عن الفساد فحسب، بل يلمسه ويعيشه في تفاصيل حياته اليومية. من الطبيعي إذًا، في ظل هذا الواقع، أن يجد الناس أنفسهم مستعدين لتصديق أي رواية أو إشاعة فورا، دون أن يبحثوا عن التحقق أو يتريثوا في الفهم. 
السبب بسيط: انعدام الثقة. فعندما يتراكم الإحباط، وتُخيب الآمال مرارا، يصبح من السهل على الجمهور تصديق كل ما يبدو منطقيا ضمن واقع الفساد الذي اعتادوا رؤيته.
من هنا، تصبح المسؤولية مشتركة ومزدوجة:
من جهة، إعلام اختار أن يتخلى عن دوره الأخلاقي والمهني، فاستبدل الحقيقة بالإثارة، والتوازن بالتحريض، والدقة بالتضليل. ومن جهة أخرى، جمهور مرهق، مستنزف، فاقد الثقة بأي جهة أو رواية رسمية، ومهيأ نفسيا لتصديق الأسوأ دائما، لأنه ببساطة ما عاد يثق بالواقع ولا بمن ينقله.
الإعلام ليس فقط وسيلة لنقل الخبر، بل هو شريك أساسي في تشكيل الوعي الجمعي. وعندما يُستخدم هذا الدور لتغذية الجهل أو التوتر، بدلًا من التنوير والفهم، يصبح جزءًا من المشكلة بدلًا من أن يكون جزءًا من الحل.
والتلاعب بوعي الناس، في أي مجتمع، هو أخطر من الفساد المالي أو الإداري. لأنه يخلق بيئة سامة، تسودها الريبة، وتُفقد فيها البوصلة الأخلاقية والمهنية
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.