• المدير العام ( المفوض ) .. عماد شاهين
  • يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

قراءة في دلالات استهداف حماس في قطر..د. عامر السبايلة

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2025-09-15
468
قراءة في دلالات استهداف حماس في قطر..د. عامر السبايلة

 

د. عامر السبايلة

 

لم يكن استهداف قادة حماس في الدوحة مفاجئًا، فإسرائيل أصرت على لسان معظم مسؤوليها أنها ستلاحق جميع قادة الحركة أينما وجدوا. لكن المفاجئ كان في توقيت العملية، إذ اختارت إسرائيل لحظة حساسة، بالتزامن مع المفاوضات، وبالتحديد خلال انتظار رد وفد حماس التفاوضي على مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وهو ما جعل الهجوم يُقرأ باعتباره إعلانًا إسرائيليًا لإنهاء المفاوضات، وفتح الطريق أمام الخيار العسكري في غزة باعتباره الخيار الوحيد المطروح حاليًا مع التجميد الإجباري لمسار التفاوض. ومن هنا فإن طبيعة الاستهداف الإسرائيلي لحماس في قطر تشكل نقطة تحوّل كبيرة، ليس فقط في التعامل مع الحركة سياسيًا، بل أيضًا مع قطر ودورها التفاوضي.

صحيح أن العملية الإسرائيلية أثارت موجة واسعة من التنديد والإدانة، إلا أنه لا توجد أي ضمانات تحول دون تكرارها. بل إن مندوب إسرائيل في مجلس الأمن صرّح علنًا بإمكانية تكرارها، وهو ما ينذر بتداعيات أوسع وباحتمال تمدد دائرة الاستهداف الإسرائيلي.

الخطر الأكبر في هذا التطور يكمن في توسيع رقعة الصراع لتشمل مناطق كانت مصنفة كمراكز استقرار، مثل الخليج العربي. فاعتبار الدوحة جزءًا من مسرح الصراع يُعد أمرًا غير مقبول خليجيًا، خصوصًا أن استقرار الخليج يشكل حجر الأساس في نموذجه الاقتصادي كمركز للطاقة والأعمال. واليوم يجد الخليج نفسه أمام تحدٍّ جديد يزيد من خطورة محيطه المأزوم أصلًا، الممتد من اليمن وإيران والبحر الأحمر وصولًا إلى حدوده المباشرة. ومن هنا جاء الموقف الخليجي والعربي السريع والمتضامن ليعكس إدراك خطورة الهجوم الإسرائيلي، وخطر العجز عن منعه مستقبلًا، رغم المواقف الدولية المنددة وحتى الضمانات الأميركية. إذ إن الاعتقاد بأن الاستهداف اقتصر على قادة حماس دون المساس بقطر هو اعتقاد مضلل؛ فالقراءة المتعمقة تكشف أن الرسالة الإسرائيلية وُجهت أيضًا إلى الدور القطري ذاته، ليس فقط كراعٍ للمفاوضات، بل كراعٍ لشبكة أوسع من التنظيمات والجماعات، وهو ما يشكل تحديًا غير مسبوق للإمارة ويفتح الباب أمام مراجعة هذا الدور وإعادة صياغته.

في المقابل، وإذ تصر إسرائيل على إدارة المشهد الإقليمي بالكامل وفقًا للمنطق الأمني، فإن هذا الهجوم قد يعيد تنشيط قدرات بعض الجماعات المؤيدة لحماس في سورية والعراق، ولو عبر عمليات رمزية أو محاولات استهداف لوجستي أو دبلوماسي، كوسيلة للتعبير عن الدعم أو استغلال حالة عدم الاستقرار. غير أن الجبهة الأخطر تظل اليمن، حيث تكشف الهجمات المنطلقة من هناك عن قدرات متزايدة في استخدام الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيّرة. وهو ما يرفع من احتمالية توسيع نطاق الاستهداف ليشمل مصالح إسرائيلية في البحر الأحمر أو شرق المتوسط أو ممرات الشحن، بما في ذلك تلك القريبة من السواحل السورية.

أما على الصعيد السياسي، فيبقى الموقف الأميركي هو العامل الحاسم في احتواء التصعيد وضبطه، خصوصًا في ظل تبلور موقف خليجي موحد، وموقف عربي داعم من دول المحور الأميركي. ومن المؤكد أن قطر ستسعى للحفاظ على دورها كوسيط، باعتباره أداة أساسية لضمان الغطاء الأميركي في هذه المرحلة، حتى وإن كانت الضمانات لم تمنع إسرائيل من تنفيذ العملية الأخيرة. ولهذا، ستعمل الدوحة على إعادة صياغة شروط الوساطة، ومحاولة الحصول على ضمانات أميركية أكثر صلابة. وفي المقابل، ستسعى الولايات المتحدة إلى إعادة فتح قنوات الاتصال والتفاوض على وقف محدود لإطلاق النار، لكن معادلات هذا الاتفاق أصبحت أكثر تعقيدًا بعد الهجوم، والثقة تآكلت بشكل عميق، بما قد يفرض تغييرًا جذريًا في طبيعة التعاطي مع الملف. وهو ما يرشّح مصر للعب دور أكبر، ويفسح المجال لدخول أطراف إقليمية أخرى، وفي مقدمتها الرياض كعنصر ضغط أساسي على واشنطن وأبوظبي، عبر استخدام أوراقها المؤثرة في العلاقة مع إسرائيل.

الغد
 
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.