• المدير العام ( المفوض ) .. عماد شاهين
  • يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

تخلوا قليلا عن فوقيتكم

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2025-10-16
488
تخلوا قليلا عن فوقيتكم

 

ماهر ابو طير

 أعجب بشدة من كل هذا الجدل والنقاش حول قضايا تم تركها لتتحول إلى أزمات، في بلد يتحدث عن الاستثمار والسياحة وجودة الحياة.

هل يعقل أن كل الحكومات في الأردن غير قادرة على تأسيس شركة لإعادة تدوير النفايات تكون تابعة لأمانة عمان مثلا، بدلا من انتشار آلاف الأشخاص الذين ينبشون الحاويات يوميا، بل إن الحاوية الواحدة يتم نبشها من عدة سيارات، نهارا وبعد منتصف الليل، ويتم تركها في مرات ملقاة على جانبها، في مشهد قد تراه في دول بلا سلطة أو بلا تنظيم، أو بلا قوانين، وكأننا وسط غابة فوضوية.

ثم هل يعقل أن كل الحكومات في الأردن غير قادرة على ضبط تسونامي سيارات بيع الغاز مرهقة الإحساس في بلد يأبى فيه البعض أن يتعلم من دول الخليج العربي التي تقوم بتوزيع أسطوانات الغاز على الهاتف، بحيث يشترك المواطن لدى وكالة محددة ويطلب احتياجه ولا ينتظر أن يطلب من ابنه أن يركض في الشوارع وراء سيارات الغاز في مشهد كوميدي ومأساوي أيضا.

أيعقل أن بلدا متطورا مثل الأردن لا يستطيع وقف ظاهرة آلاف السيارات، من يبيع المواد الكيماوية عبر سماعات مرتفعة الصوت، ومن يبيع أنواع الخضار، ومن يصرخ بأعلى صوته عارضا خدماته لشراء غرفة النوم وكأن شعبنا الرومانسي يقوم بتغييرها كل عام، وسط ضجيج كريه وكأننا في المدن وكل مكان وسط سوق شعبي مفتوح تنهمر علينا السماعات ليل نهار بأصوات في غاية العجب.

هل يجوز أن تتعرقل دولة كاملة بنوابها ووزرائها ربما، بقضية الكلاب الضالة التي باتت شريكة للناس، تنهش أطفالهم، وتهدد حياتهم، ولم يتبق إلا أن نطالب المسؤولين بإرسال أطفالهم لمرة واحدة إلى المدارس مع طلوع الشمس لعل كلبا ينهش ابن أحدهم فتصحو الضمائر، وسط الكلام عن جودة الحياة، والسياحة، والتنمية، وبيع العقارات، وغير ذلك من عناوين لا يتطابق فيها الواقع مع الشعارات التي لا تطعم خبزا ولا تأتي معاجن الأردنيين بالدقيق.

ملايين السيارات تجوب شوارع الأردن وبدلا من التنبه لهذا الوضع والبدء بتوسعة كثير من الشوارع، يتم استبدال ذلك بمخالفات سير ذكية لا ترحم، ولا يجد المسؤولون حلا لكل هذا الاختناق سوى التنظير علينا، وزيادة الاختناقات لحل اختناقات ثانية، فأين هي جودة الحياة، وأين هي جاذبية الاستثمار، ومنافع التنمية في هذه الحالة.

ثم مع هذا كله آلاف المتسولين ليل نهار عند إشارات المرور، وعند أجهزة الصراف الآلي الموزعة والمحجوزة لأفراد محددين من جانب شبكات كاملة، وعلى أبواب المخابز والمطاعم والمساجد، وصولا إلى البيوت التي يتم طرق أبوابها بحضور أصحابها أو غيابهم في حالات كثيرة، فلا تعرف المحتاج من غير المحتاج.

هذه مجرد نماذج لتراجع جودة الحياة في الأردن، ولولا السكوت المتراكم لما وصلنا إلى هذا المشهد الذي يشمل أيضا غياب الرقابة عن إزعاج ورش البناء والجيران الذين يحفرون جدران بيوتهم يوم الجمعة بلا احترام لإجازات الناس، ومعهم تسونامي الزواج وحفلات الطهور التي تجلب لنا مطربين من الدرجة العاشرة يزعقون طوال الليل، فلا رقيب، ولا قيم أخلاقية يتذكرها أحد وسط هذا المشهد.

لتذهب مؤسسات الدولة وترى بعينها كيف يهدر كل بيت أمتارا من المياه على باب المنزل بحيث تتسرب إلى كل الشوارع المجاورة، بذريعة تنظيف مدخل البيت في بلد يشكو ليل نهار من ندرة المياه وقلتها، وكأن من يفعلون ذلك أصيبوا بالصمم وغياب الضمير أيضا.

مناسبة الكلام اليوم أننا أمام ملفات مؤرقة في البلد، ولو أردنا التعداد لما توقفنا، فهناك نماذج ثانية، لكن الذي تفهمه أن جودة الحياة تراجعت لتسأل أين الحلول لكل هذه القصص، وأين هي المؤسسات لتؤدي دورها، وأين هي المسؤولية السياسية التي تفرض على الجهات الرسمية عدم تحويل البلد إلى طاحونة إزعاج يومية، ثم إغراقنا بالشعارات عن جاذبية الحياة، واستقطاب العرب والأجانب.

من حقنا أن نعيش بطريقة ثانية، طريقة تليق بالأردن وأهله، من خلال تلطيف الحياة ومعالجة كل الاختلالات التي ينتقدنا عليها العرب والأجانب بلاذع الكلام، فوق الأذى الذي يعانيه الأردنيون.

تخلوا قليلا عن فوقيتكم، وتنبهوا إلى ما يعانيه الناس.

'الغد'

أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.