• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

حكومة لا عيون لها ولا آذان

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2010-09-06
1291
حكومة لا عيون لها ولا آذان

كتب خالد محادين

لم يقصد دولة الرئيس سمير الرفاعي إحراج السيدة أم خلف، عندما أصر على فتح غطاء طنجرة الضغط – ماركة سيب – التي كانت (توز ) تحتها (الجلة) لإعداد طبخة شهية لأبنائها وأطفالها من زوجها المحال على الإستيداع، كان الرئيس وكعادته في تفقد أحوال الرعية الأردنية يواصل جولاته في القرى والمخيمات والبوادي االشمالية والجنوبية والوسطية، وعند توقفه في قرية في الجنوب لفت نظره وقلبه دخان (الجلة) المتصاعد بغزارة من تحت طنجرة أم خلف، ألقى عليها تحية المساء ونثر حولها وبين يديها إبتساماته الساحرة، وتعمد رفع غطاء طنجرة (السيب) ليعرف طبق اليوم، وكانت المفاجأة أن وجد أم خلف تطبخ الحصى لأبنائها وأطفالها بينما زوجها يلف سجائر الهيشي ليدخنها بعد مدفع الإفطار.
لم يستطع الرئيس أمام هذا المشهد من منع الدمع يغرق عينيه، وغطى وجهه حزن من نوع خاص وبدأ يتساءل: أين الحكومة من هذا المشهد؟ ولماذا لم توفر لهذه العائلة اللحم والسمك والدجاج والبيتزا والهامبورغر؟ وماذا سيتناول الأبناء والأطفال عندما يؤذن للإفطار من تلفزيون أم الحيران أو أبو الحيران؟ عاد إلى سيارته وطلب من سائقه ومرافقيه العودة إلى الدوار الرابع، وقبل أن تقطع السيارة رقم 1 مسافة نصف كيلومتر فتح نافذتها وألقى قصاصة الورق التي كتب عليها اسم رب العائلة بأربعة مقاطع، ودعا إلى إجتماع لمجلس الوزراء تناقش خلاله ما يمكن أن يسن من قوانين مؤقتة ترفع سعر الماء وتزيد القيود على المواقع الإلكترونية وتفرض ضريبة مبيعات على مادة (الجلة) مصدر الطاقة والدفء ووسيلة السلق والطبخ لدى غالبية أبناء الرعية ممن نستدين بأسمائهم ونوكل إليهم تسديد ديون الحكومة أجدادا وآباءا وأحفادا وأبناء أحفاد وآباء وأجداد!!
وأصدر دولة الرئيس أوامره الرئاسية لمصوري الصحف والفضائيات بإتلاف ما أخذوا من صور ولقطات تظهر دولته وهو يفتح طنجرة الضغط بينما الدهشة تعلو وجهه الحزين وعيناه تختنقان بالدمع وشدد على ضرورة عدم بث صوره على شاشة التلفاز أو نشرها على الصفحات الأولى من الصحف القومية، وأنهى الرئيس الإجتماع مبقيا معه عددا من وزرائه لمناقشة جولته ولقائه مع أم خلف. وزيرة التنمية الإجتماعية حاولت التخفيف على دولة رئيسها بالتأكيد له أن الحالة التي وقف عليها أمر طبيعي وتكاد تكون ظاهرة وأن بكاء دولة الرئيس عند مشهد مماثل سيجعله يحتاج إلى البحر الميت والبحر الأسود لتغطية مشاعره العاطفية، أما وزيرة السياحة فاقترحت البدء في حملة عربية ودولية تحت عنوان (زورونا لتتفرجوا علينا) وعنوان آخر (السيب والجلة أصالة ومعاصرة) وقدرت أن هذه الحملة ستأتي إلينا بأكثر من خمسين مليون سائح بكاميراتهم الرقمية والتلفزيونية، وزير الأوقاف أعاد رواية جولة سيدنا عمر بن الخطاب على رعيته ووقوفه على مشهد مماثل يقدم إمرأة تطبخ الحجارة في طنجرة من النحاس، وزير التربية والتعليم رأى ضرورة أن تقوم المدارس الثانوية والإعدادية والإبتدائية برحلات مدرسية إلى مثل هذه البؤر الفقيرة وتتم تحت عنوان (اعرف وطنك وتفرج على فقرائه)، وزير الطاقة قدم شرحا موجزا عن إمكانية استبدال الأفران الكهربائية والغازية بالجلة رغم خطورة الأمر على البنية وهو ما دفع وزيرها إلى الإنسحاب من الإجتماع، وزير الداخلية رأى ضرورة بناء مراكز أمنية في آلاف القرى الأردنية لمنع الناس فيها من طبخ الحجارة لما في هذا العمل من تهديد لبناء الفلل والدارات والأبراج والإكتفاء بطبخ الماء بالماء شريطة عدم تناوله بعد استوائه بسب أزمتنا المائية الخانقة.
بقية الوزراء اكتفوا بالإستماع وأخذ الملاحظات، وعندما نهضوا للمغادرة طلب منهم الرئيس البقاء في مقاعدهم وأمر مدير مكتبه بإحضار عشرين علبة مناديل ورق، وتمنى عليهم الدخول في نوبة بكاء على واقع الرعية، وهكذا بدأت النوبة وانتهت بعد أن استغرقت خمسا وأربعين دقيقة دون أن يتم استهلاك منديل ورق واحد، فالوزراء ورئيسهم ليس في عيونهم دموع وطار الطير ويمسيكم بالخير وعقبال تطير هذه الحكومة وما تهدي على سطح مبنى أو سطح سيارة أو سطح برج.
موقع الخندق الإلكتروني
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.