• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

المدارس الخاصة: «تجارة التعليم» تجنح بالقطاع عن أهدافه السامية

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2011-02-09
1536
المدارس الخاصة: «تجارة التعليم» تجنح بالقطاع عن أهدافه السامية

مع تغول رأس المال إلى واقع حياة الأردنيين مدفوعا ببرامج خصخصة فاقدة للبوصلة، يبدو قطاع التعليم الأكثر تأثرا بتطبيقات تلك البرامج، الأمر الذي خلق تشوهات انعكست سلبا على مخرجاته، بحسب خبراء. فالتدريس أصبح في بعض المدارس الخاصة «تجارة مربحة»، تقوم على فاتورة طويلة من المدفوعات يشعر معها بعض الأهالي باستغلال أسهم فيه سوء واقع المؤسسات التعليمية الحكومية.

الموظفة وعد الربضي، وهي أم لطفلين، تشكو من طلبات مدرسة ولديها «التي لا تنتهي»، مشيرة إلى أن تكاليف المدرسة لم تقتصر فقط على الأقساط ولوازم الدراسة من قرطاسية وكتب وحقائب، بل أصبحت تشمل كذلك الطلبات اليومية التي تدون على المفكرة لدى رجوع ولديها من المدرسة (الرجاء دفع 5 دنانير، فالمدرسة ستقوم غدا بزيارة إلى حديقة الحيوانات)، (الرجاء إحضار 10 دنانير لشراء سي دي أعدته المدرسة حول مقاطع مصورة عن طفلك ونشاطاته داخل المدرسة)، (الرجاء إحضار 7 دنانير بدل الرحلة المدرسية)، (والرجاء... والرجاء... والرجاء)، القائمة تطول؛ كما تقول الربضي.
 
حال الربضي لا يختلف عن حال الموظفة أريج مصلح، التي ترى أن «بعض المدارس الخاصة وليس جميعها، أصبحت تهتم بالربح والعائد المادي على حساب المعنى الأسمى، وهو تخريج أجيال واعدة تخدم وطنها وترتقي بأعلى مستويات الثقافة والعلم». وتسأم مصلح من الطلبات المتلاحقة للمدرسة «التي لا داعي لها»، كما تقول، مشيرة إلى أن التصور العام لدى الكثيرين أن الأهالي الذين يرسلون أبناءهم الى المدارس الخاصة هم من الأغنياء، وهذا أمر غير دقيق، فسوء حال التعليم الحكومي دفع كثيرا من المواطنين من أبناء الطبقة المتوسطة إلى التعليم الخاص، والذين يجهدون في توفير قسط المدرسة «بطلوع الروح»، بحسب تعبيرها، كما أن البعض الآخر يقوم بالاستدانة لدفع أقساط أولاده. وفي ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة للمواطنين، المقترنة بازدياد أسعار المحروقات، والارتفاع المطرد في أسعار مختلف السلع، تشكل زيادة أقساط المدارس الخاصة، والتي يضطر لها بعض المواطنين، عبئا إضافيا على ميزانية الأسرة.
 
وكانت المدارس الحكومية شهدت بداية العام الدراسي الحالي انتقال عدد كبير من الطلاب اليها نظرا لارتفاع أقساط المدارس الخاصة بشكل كبير، الأمر الذي أرهق ميزانيات أسر هؤلاء الطلاب. من جانبها، تشير الأم لأربعة أبناء أم عدنان إلى «أن مطامع المدارس الخاصة وصلت حتى إلى أصناف الأطعمة التي تباع بمقاصف تلك المدارس، بالإضافة إلى الأنشطة المكلفة التي تنظمها تلك المدارس».
 
وتؤكد أم عدنان، وهي ربة منزل، أنها تقوم بنقل أولادها بعد تجاوزهم المرحلة الأساسية إلى المدارس الحكومية، لأن دخل زوجها لا يمكنهم من تدريس الأبناء طيلة المراحل الدراسية في مدرسة خاصة، مشيرة إلى أن تدريس الأبناء في تلك المدارس يأتي على حساب رفاهية العائلة التي تأثرت بشكل سلبي، بعد أن استحوذت الأقساط المدرسية على كثير من نفقات العائلة. الخبير الاقتصادي حسام عايش، يؤكد أن «بعض المدارس الخاصة أصبحت وسيلة للكسب المادي بدلا من كونها وسيلة للكسب المعرفي وزيادة قدرات الطلاب التعليمية، ما يدعو إلى ضرورة التدخل الحكومي لمراقبة أسعار أقساط المدارس الخاصة، والتي أصبحت تشكل عبئا على المواطنين في ظل الغلاء المعيشي». وبين عايش أن أقساط بعض المدارس الخاصة لطالب في المرحلة الأساسية والثانوية، باتت أعلى من أقساط طالب جامعي يدرس تخصص الطب أو الهندسة، وهذا أمر يتطلب التدخل السريع لضبط الارتفاع غير المنطقي في الأسعار.
ويشير عايش إلى «أن المدارس الخاصة في بدايتها كانت تهدف إلى التعليم قبل الكسب المادي، حيث كانت تتبع في السابق الى جمعيات اجتماعية». ويبين عايش «أن الدعم الحكومي لفكرة خصخصة التعليم أدى إلى زيادة المدارس الخاصة وانتشارها في المملكة من أجل تحقيق مداخيل من جهات تعليمية، الأمر الذي أدى إلى وجود «مدارس مقاولات» أثرت بشكل كبير على العملية التربوية والتعليمية». ويبرر عايش تدريس الأهالي من ذوي الطبقات المتوسطة أبناءهم في المدارس الخاصة، رغم ارتفاع أسعار أقساطها إلى عدة أسباب؛ أهمها الفكرة السائدة حول تلك المدارس والمتمثلة بالأمن والأمان والانضباط مقارنة بالمدارس الحكومية، إضافة إلى رغبة الأهالي بالحصول على مكانة اجتماعية مرموقة أمام الآخرين، فضلا عن رغبتهم في تعلم أبنائهم اللغات الأجنبية.
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.