• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

(عمّان في الثلاثينات ) .. قراءة في ذاكرة المدينة الشعبية

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2011-10-06
2419
(عمّان في الثلاثينات ) .. قراءة في ذاكرة المدينة الشعبية

 سعادة رئيس بلدية العاصمة يعرض مقدمة عبدالحميد دياب الافخم انه يريد هدم سقف الدار الواقعة في شارع الهاشمي - حارة بسلان, وتحويلها الى مستودع, واقبلوا فائق الاحترام  7 حزيران 1933".
"تمت احالة المعاملة الى المجلس البلدي - مجلس بلدي عمان - الذي قرر ايفاد العضو السيد محمد سعيد حلاوة مع مأمور التفتيش للكشف عن ملكية المستدعي.. وتقدير قيمة المتر المربع.. وقدرت قيمة المتر المربع من البناء بـ (750) مليماً".
هل تخيلتم يوما ان تكون قيمة المتر المربع في اي بناء بعمان (75) قرشا فقط?
الحديث يجري عن بناء بوسط البلد, اي ان قيمته تعادل اضعاف اضعاف قيمة بناء آخر في الاطراف, لا سيما ان وسط البلد عام 1933 لم يكن فقط قلب العاصمة عمان النابض, بل كان عمان كلها, ففي مطلع ثلاثينيات القرن الماضي بدأت تظهر في جبل عمان, وجبل اللويبدة, وجبل الجوفة دور قليلة متناثرة كحبات رمان انفرطت, فتبعثرت من دون تنظيم واضح المعالم, فعمان كانت فقط وسط البلد, فحسب ما اراد الباحث المهندس محمد رفيع قوله في كتابه الجديد "عمران عمان.. حكايات الناس والعمران في عمان - اوراق عمان القديمة - قراءة في رخص الابنية 1933-1938م". ان اهالي عمان بدأوا يفكرون بالخروج من اودية المدينة, وهي وسط البلد الى جبالها, فأخذوا يبنون بيوتا لهم على سفوح الجبال المحيطة بها.
دراسة رفيع بينت ان اسعار اراضي عمان حينذاك تراوحت بين  مئة الى الف مليم اي من عشرة قروش الى جنيه فلسطيني للمتر المربع الواحد, وذلك حسب الموقع وقانون العرض والطلب, ويقول انه قدرت اعلى قيمة لارض خلال فترة الدراسة 1933-1938 بـ4 جنيهات للمتر المربع, وهي في شارع فيصل, وكان موظفو بلدية عمان كما جاء في كتاب رفيع قد قدروا قيمة ارض تخص واصف بشارة بشارع فيصل بـ 6 جنيهات للمتر المربع, لكنهم عادوا وقرروا تقديرها بـ 4 جنيهات وذلك اسوة بجيرانه كما جاء في وثائق البلدية.
منهجية البحث
الباحث رفيع مكث كما يقول 5 سنوات منكبا يبحث في تفاصيل اكثر من مئتي الف ورقة, هي ما تبقى من اوراق بلدية عمان بخصوص رخص الابنية خلال فترة الدراسة, وكان الباحث قد قدم للقراء بحثا مستفيضا عن ذاكرة عمان في ثلاثة اجزاء, اعتمد فيه على عقود الايجار التي ابرمت خلال الفترة من 1928 الى منتصف الاربعينيات, كما قدم كتابا عن بيوت عمان القديمة, اعتمد فيه على تراث المعماري الشريف فواز مهنا, وحول منهجية البحث التي اتبعها في بحثه يقول انه قام بحصر وقراءة كل الاوراق والمخططات المتعلقة بكل بناء على حدة, والبحث  اعتمد بشكل اساسي كما يقول رفيع على "الاستدعاء" المقدم بخط اليد, فبعد عام ,1938 اي بعد انتهاء اوراق الدراسة, بدأت بلدية عمان الاعتماد على نموذج جديد لرخص الابنية, وطلب جديد للترخيص وتم الاستغناء عن الاستدعاء بخط اليد.
ثقافة المدينة الشعبية
يقول ان اوراق البحث المئتي الف هي اقدم ما تبقى من اوراق في امانة عمان في هذا المجال, وبالتدقيق فيها يمكن القول ان المنهجية التي اتبعها في بحثه كانت ضرورية بالشكل الذي تمت به, وان هذه الاوراق تشكل الدليل العملي على فترة انتقال عمان من زمان القرية الى زمان المدينة, وان هذه الاوراق تشكل اساسا يمكن للباحثين الاعتماد عليه لدراسات اجتماعية ولسانية وثقافية في تاريخ المدينة, وبحسب علمه انه لم تتوافر لمدينة اخرى اوراق بهذا الحجم, تشكل بمجموعها ذاكرة جمعية وشعبية في فترة مبكرة من تاريخ نشوئها, ولا يقصد رفيع هنا التاريخ الرسمي للمدينة او الدولة, بل المقصود الثقافة الشعبية العامة لاهل المدينة ورؤيتهم للحياة, وعلاقة كل ذلك بالعمران, والحياة اليومية فالانسان لا يبني بيتا كل يوم, ولا يهدم سورا ويعيد بناءه كل شهر, ولا ينتقل من بيت مستأجر الى آخر مملوك له كل عام, ففي حياة المرء كلها يمكن له ان ينعم ببناء بيت له مرة واحدة, او اثنتين وفي احيان نادرة ثلاثة بيوت, ما يعني ان حدث بناء البيت لا يمر على الانسان وافراد اسرته هكذا من دون ان تنزرع في اذهانهم ادق تفاصيل الحدث.
اوراق المدينة
مجموع رخص الابنية التي بحث في اوراقها رفيع 1543 رخصة, توزعت على ست سنوات من 1933-,1938 وعلى ست مناطق كانت تمثل عمان في تلك الفترة, وهي حسب التقسيمات الادارية لعمان اليوم منطقة المدينة - وسط البلد - ومنطقة ماركا, والنصر, واليرموك, ورأس العين, وزهران, والعبدلي, وطبعا هذه التقسيمات الادارية للعاصمة عمان حديثة العهد, ولجأ رفيع اليها لانه وجد اوراق كل بناء تم بحث تفاصيل رخصته في مديرية المنطقة التي يقع فيها البناء, علما بان هذه المناطق كانت خلال فترة الدراسة منطقة ادارية واحدة, والاوراق هي عبارة عن الاستدعاءات, والمخططات واوراق اخرى كانت البلدية تستخدمها لشروحات موظفيها وتضاف الى ملف الرخصة, اضافة الى ورقة الرخصة ذاتها, وكانت مطبوعة على الآلة الكاتبة, ولها رقم وتعنون بتصريح البناء, وورقة مهندس البلدية وهي عبارة عن ورقة صغيرة مطبوعة تشبك مع اول معاملة للترخيص, يكتب عليها (مهندس بلدية العاصمة/الموضوع رخص الانشاءات/ارسل طَيّه الرخصة الانشائية رقم - تاريخ - رجاء اكمال المقتضى/رئيس بلدية العاصمة).
في التفاصيل يورد رفيع 1543 عنوانا فرعيا, كل عنوان يمثل تفريغا امينا لمحتويات كل رخصة بناء ومرفقاتها, وقد وزع هذه العناوين الفرعية على ستة فصول, اطلق على الفصل الاول منها - جاء في الكتاب الفصل الثاني لان الفصل الاول كان تحت عنوان اشارات.. ملامح - اسم عمران مركز المدينة والثاني عمران جبل عمان, والثالث عمران جبل اللويبدة, والرابع عمران جبل الجوفة, والخامس عمران رأس العين, والسادس عمران ماركا ومحطة عمان وانهى الكتاب بفهرس للاعلام والاماكن.

أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.