• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

" زهايمر " و " بس بقرش" .. البحث عن كرامة الإنسان

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2012-01-14
1822

 تتواصل فعاليات مهرجان المسرح العربي الرابع بعروض مسرحية تحمل دلالات ومضامين  تنتصر للإنسان والحب والحرية والعدالة, فقد عرضت في ثاني أيام المهرجان مسرحية " زهايمر" من تونس على مسرح هاني صنوبر في المركز الثقافي الملكي.
زهايمر أو"زهيمر" كما ورد في " بروشور" العرض استحضر الروح العربية المتمردة المنكسرة في الوقت نفسه وجسد عبر لوحات مسرحية بديعة تجلت فيها الحالة العربية الراهنة في ابهى حالات التباسها وترددها وغباشها.
العرض الذي اعتمد على شخصيتين هما شخصية الأب المصاب بولع السلطة والتسلط والسلطنة, وشخصية الابن المغرم بثقافة لا تقوم الا  على حرية يقمعها والده المصاب بفقدان الذاكرة او الذي نسي كل شيء الا شيئا وحدا هو كيف يمكنه جالسا على صدر ولده الذي اتعبته ديكتاتورية الأب المفعم بحيوية الشقاء.
ورغم ضخامة العمل من حيث الفكرة واسقاطاتها العديدة الا ان خشبة المسرح لم تعتمد على ديكورات كثيرة انما اكتفت المخرجة التونسية مريم بن سالم بما قل ودل حسب القول الشائع وراحت تبحث في المضمون مراهنة على نقاء الفكرة التي ربما استبشرت سقوط ديكتاتور تونس حسبما اوضحت قبيل عرضها المسرحي اثناء المؤتمر الصحافي الاستباقي للعرض حيث اشارت بن سالم ان العرض كان جاهزا في العاشر من شهر كانون الثاني 2010 .
العمل تميز بوقوفه عند بعض المشاهد المهمة هي التي حددت خط سير المسرحية هي حدود الضوء التي رسمت خطوات الممثل قبيل السياري الذي قام باداء دور الابن ومشهد الحالة الصحية المتردية التي وصل اليها الأب واعتناء " الولد " بوالده الذي انهكه فقدانه للذاكرة ومشهد ربط الأب بحبل من عند قدمه خوفا من ارتكابه حماقة ما ربما تودي بحياته ومشهد توحدهما بحالة هستيرية تصوّر بها نفسه الابن بانه طير اقتربت لحظة هروبه من قفص السلطة الأبوية ومشهد تحول الأب الى مصارع ثيران مستخدما العلم التونسي بلونه الاحمر ك¯ " ماتادور" وتحول الإبن الى ثور سرعان ما يسقط مجروحا ومذبوحا ونازفا وهنا ظهر اسقاط سياسي متميز .
المسرحية تخللتها مشاهد إنسانية  هي اقرب الى الحقيقة خاصة لمن مرّ بتجربة التعايش مع مريض مصاب بالزهايمر وقد استفادت المخرجة بن سالم وفريقها بتجربة طويلة حين قضى فريق العمل فترة مع مرضه في مستشفى الأمراض النفسية بتونس.
ورغم توقع المتلقي لاكثر من مرة بانتهاء العرض مثلا عندما سقط الأب ميتا من على كرسيه او هروب الإبن من البيت الا ان العمل استمر وربما تلك خاصية يتميز بها المسرح التونسي الذي يختلف عن غيره .
مسرحية زهايمر عمل مسرحي يعاين لحظة الالم بعين مشبعة بالحساسية وتدفق المشاعر وبعين مبدعة وقادرة على التقاط أدق التفاصيل الحياتية اليومية وقد اثبت العمل قدرته على اسقاط قصة عائلة على مجتمعات عربية بدات تنتفض وتسطر بدم طاهر حريتها.
" زهايمر " مسرحية من إنتاج المسرح الوطني التونسي وتناقش قضية تهميش والغاء المثقف العربي من قِبل السلطة حتى تفقده كل احاسيسه ببيئته المحيطة به.
ثالث أيام المهرجان وعلى المسرح الدائري عرضت مسرحية" بس بقرش", تأليف وإخراج محمد الإبراهيمي وتكمن مهارة الفنان بتلقائية الأداء, وبتقمصه الدور, وهذا ما ميز فريق عمل مسرحية " بس بقرش".
المسرحية هي تتويج لحالة إبداعية, لعمل جماعي مشترك, قدّم كل واحد من المشاركين فيها مهارة لم تقتصد في عطائها ولو بشق نبرة.
" بس بقرش" حكاية أردنية تتكرر لا تتوقف ولا تنتهي وهي قصة أبدية ما دامت الراسمالية والليبرالية البرجوازية موجودة.
فريق العمل في مسرحية " بس بقرش " حسب الظهور هم حمد نجم, الذي افتتح العرض بمشهد الإتصال على برنامج تحقيق الأحلام في إذاعة محلية ومازن دياب المذيع الذي لا يأبه كثيرا بأحلام الناس الغلابى, و عهود الزيود التي أدت دور ربة البيت العادية جدا ودور ليلى العاشقة الحالمة بليلة الزفاف التي ستجمعها مع حبيبها الفقير, والمغترب في وطنه, ومحمد خابور الذي أدى دوره الكفيف البياع ببراعة فائقة وبتميز , وبشار نجم ذلك الهارب طوال حياته والمطارد من مخبرين " اجدبين"هما عبد الرحمن بركات الفنان المعروف وصاحب الرشاقة, وإبراهيم النوابنه الحر في خياله ونائل, أبو عياش الباحث عن حلم ولو في المنام.
وتضمن العمل المسرحي إسقاطات سياسية, نستطيع تصنيفها بالأكثر جرأة وتحديا لسلطة عمياء وقاسية وظالمة وحاقدة على فئة شعبية هي الأضعف ولا تملك من أمرها حولا ولا حتى قوة, وتجلى الإسقاط السياسي عندما قال أحد المواطنين في اتصاله مع برنامج " حقق حلمك" ردا على سؤال المذيع أين يعيش فرد عليه أنا لا أعيش في وطني أنا أسكن فيه فقط ,وعندما طلب تحقيق حلمه في السفر إلى أي دولة اي دولة يريد أن يسافر اليها ذلك المواطن المقهور الجائع ليس لطعام وماء  فحسب إنما لكرامة تحفظ ولو بالقدر البسيط كرامته المهدورة.
الإسقاط الثاني كان عندما تمنى رب عائلة أردنية أن يتحول الى حمار واستغراب المذيع من تلك الأمنية المضحكة الغريبة وتبرير رب الاسرة لحلمه بأن الحمار يأكل ويشرب وينام ولا يفكر بغد وبهموم اليوم الجديد.
" بس بقرش" مأساة ابراهيمية جسدها فريق العمل" فرقة مصابون المسرحية"  بروح واحدة متفقة على الهم الجمعي وعلى فكرة التمرد والخروج من حالة الإلتباس والوجع اليومي المعاش بأدق تفاصيله.
هي ليست مسرحية فحسب إنما رسالة عاشقة لحبيبها المسجون ظلم وأمل فتى ضال بعدم الهدى وهروب رجل من الرمضاء الى النار وأمل متعب ولو بحلم صغير وبحث كفيف عن كفاف يومه ولو بس بقرش وانتظار أسرة لما تجود به عائلة ثرية في بطن حاوية القمامة.
تميز العرض كذلك رغم بساطة ديكوره بمتوالية المشاهد التي كانت تحاكي او ربما تمثل وتجسد قصة الانسان . 
عروض اليوم
وستعرض اليوم على مسرح الحسين الثقافي عند الرابعة والنصف مسرحية خراريف الليبية وسيحتضن مسرح هاني صنوبرعند الساعة الثامنة  في المركز الثقافي الملكي المسرحية المغربية " الهواوي كايد النسا", كما سيعرض على مسرح محمود أبو غريب عند السادسة والنصف المسرحية الكويتية " طقوس وحشية".

أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.