ميرو في ضيافة الغاليري الوطني بواشنطن

أشار خوان ميرو، في العديد من المناسبات، الى السلّم الذي يقوده للتنصل من حالة الوعي، ومن هناك جاء عنوان هذا المعرض، "سلّم الهروب"، ذلك الهروب الذي لم يبعده، مطلقاً، عن واقع بلده القاسي. 
يستضيف الغاليري الوطني للفن في واشنطن، إبتداءاً من يوم الأحد المقبل، معرضاً لأعمال الرسام خوان ميرو، يكشف للجمهور الأمريكي الجانب الملتزم سياسياً للفنان الإسباني، والشديد الإلتصاق بجذوره الكتالونية.
وسوف يحتضن المعرض 120 عملاً فنياً تعكس الجانب السياسي الملتزم للرسام خوان ميرو "1983 – 1983"، ويحمل عنوان "خوان ميرو: سلّم الهروب"، وذلك من 16 مايو/ آيار وحتى 12 أغسطس/ آب من العام الحالي. وكان المعرض قد سبق عرضه في "غاليري تايت" في لندن، و"متحف ميرو" في برشلونة. 
وكان أليكس سوزانا، نائب مدير المعهد الكتالوني للثقافة "رامون يول"، قد أعلن يوم الثلاثاء الماضي، خلال تقديم معرض الفنان السوريالي للصحافة "لقد حان الوقت لتقديم ميرو بشكل مختلف، ميروالأكثر إختزالاً. فنان تجريدي بلا منازع، معروف عالمياً بمهاراته في إختيار الألوان، ورمزية رسوماته. ورغم ذلك، فقد كان واضحاً في مواقفه السياسية، ودفاعه عن الثقافة الكتالونية تحت نير الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو في إسبانيا". 
في حين أكّد هاري كوبر، المشرف على معرض "خوان ميرو: سلّم الهروب"، لوكالة الأنباء الإسبانية "إيفي"، قبل ايام، على ان المعرض يعد خطة بإتجاه تسليط الضوء على "كيفية ترك الحرب الأهلية الإسبانية آثارها على حياة ميرو، وعلى أعماله الفنية".   
وينقل الفنان الكتالوني، الذي يعد أحد أبرز الفنانين المعاصرين، إلتزامه السياسي عبر العديد من رسوماته وأعماله الفنية الأخرى التي أنجزها على الورق، رداً على الحرب العالمية الأولى والثانية، والحرب الأهلية الإسبانية، وفترة حكم الطاغية فرانكو.

لوحة "لا ماسيّا" (1921 - 1922)

وتنقسم الأعمال الفنية المعروضة التي تترجم إلتزام ميرو السياسي والثقافي، الى ثلاث مراحل مهمة: الأولى، أعماله المبكرة وعلاقته بكتالونيا، والإنتقال الى إسلوب فني جديد بسبب من تأثير السورياليين عليه في أعوام العشرينات. والثانية، مرحلة رد الفعل، في أشكاله الفنية، على الحرب الأهلية الإسبانية، وسقوط فرنسا، والحياة في ظلّ النظام الفاشي. وتمثل  المرحلة الثالثة آخر الأعمال التي أنجزها ميرو قبل وفاة فرانسيسكو فرانكو عام  1975 بقليل. وتتوزع في الصالة الأولى من الغاليري الوطني للفن، في العاصمة الأمريكية واشنطن، أعمال المرحلة الأولى من مسيرة ميرو، وتلك الوحات التي غالباً ما أطلق عليها بالتفصيلية. وهي الأعمال التي ركزّت على قرية "مونت- روج" الكتالونية، حيث كان يقضي فيها أغلب أيام الصيف، ويمكن الإطلاع عليها في لوحات إتخذت من مزرعة والده فضاءات لها، الى جانب كنسية القرية، وطبيعة الحقل. ومن بين أبرز اللوحات التي تنتمي الى هذه المرحلة "حقل مع حمار" (1918)، و"لا ماسيّا" (1921 – 1922)، 
تلك اللوحة التي إعتبرها ميرو مفتاح مسيرته الفنية، وقام بإقتنائها الكاتب الأمريكي إرنست همنغواي.
وعلى الرغم من أن خوان ميرو ولد في مدينة برشلونة، إلاّ أن إسمه إرتبط دائماً بالمُزارع الكتالوني، ولخّص إنتمائه ذاك في لوحته التجريدية "رأس مُزارع كتالوني" (1924 – 1925). في حين غطّت كل من الصالتين الأُخريتين السنوات الأخيرة من حكم نظام فرانكو، التي تزامنت مع مرحلة تأثُر ميرو بالمدرسة التجريدية التعبيرية، والتي أثمرت عن أعمال فنية هادئة ومتفجرة، في ذات الوقت.
إعتاد ميرو، الذي فرّ الى فرنسا خلال الحرب الأهلية ألإسبانية "1936 – 1939"، ومن ثم إضطراره للعودة الى إسبانيا هرباً من الغزو الألماني عام 1940، أن يقول "لكي تزهر، يجب أن تكون جذور الشجرة راسخة جداً".