• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

مؤشرات تمرد أردني على "النقد الدولي"

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2013-08-06
1072
مؤشرات تمرد أردني على

 عبد المنعم الزعبي * - انعكاسات المشهد المصري على المشهد الرسمي في المملكة بدأت تمتد لتشمل ايضا السياسات الاقتصادية للحكومة الاردنية والبنك المركزي الاردني.

فبعد ايام قليلة من قيام البنك المركزي المصري بتخفيض الفائدة على الجنيه المصري، تأتي خطوة المركزي الاردني بتخفيض فائدة الدينار بواقع ربع نقطة مئوية، في مفاجأة

لم تكن متوقعة بالنسبة لكثير من المحللين و الفاعلين في الوسط الاقتصادي.

التشابه بين الواقع الاقتصادي في مصر و الاردن جلي من حيث تفوق مشكلة التباطؤ الاقتصادي على مشكلة التضخم، و هو ما دفع صناع السياسة النقدية في البلدين الى اتخاذ الخطوة الاخيرة بتخفيض اسعار فائدة العملة المحلية.

بيد ان المفارقة تكمن في تمرد خطوة تخفيض الفائدة على توصيات صندوق النقد الدولي للبلدين الشقيقين باتخاذ سياسة نقدية متشددة ترفع اسعار الفائدة بهدف محاربة التضخم و المحافظة على جاذبية العملة المحلية و بالتالي قيمتها امام الدولار الامريكي.

بالنسبة لمصر، كان التمرد على توصيات الصندوق معلنا من خلال تصريحات المسؤولين الذين اعلنوا عزوفهم عن الاقتراض من الصندوق بعد ورود المعونات الخليجية في اعقاب احداث 30 يوليو 2013.

اما اردنيا، فلا زال الموقف الرسمي المعلن ملتزما ببرنامج التصحيح الاقتصادي المترتب على اقتراض حوالي 2 مليار دولار من الصندوق في غضون السنوات الثلاثة القادمة، رغم ان القرارات الاقتصادية الاخيرة للحكومة و البنك المركزي باتت توحي بغير ذلك.

ذلك ان قرار تخفيض الفوائد يتعارض مع توصيات الصندوق للاردن، بينما يتعارض ايضا قيام البنك المركزي مؤخرا بضخ مزيد من السيولة في الجهاز المصرفي مع ذات التوصيات.

من جهة اخرى، بات من الواضح مؤخرا ان الحكومة الاردنية غير ملتزمة بالجدول الزمني للاتفاق المعقود مع صندوق النقد الدولي على مستوى رفع تعرفة الكهرباء و تخفيض مستويات العجز في موازنة الدولة.

فبينما يتأخر الاردن اكثر من 4 اشهر في اتخاذ قرار رفع تعرفة الكهرباء، تصل معدلات العجز الى اضعاف مستوياتها في ذات الفترة من السنة الماضية، في مؤشر على تضخم الانفاق بعيدا عن جميع التوصيات التي تلقاها الاردن من الصندوق منذ البدء في تطبيق برنامج التصحيح الاقتصادي منتصف العام 2012.

مما يدعوا ايضا الى الاستنتاج بان الاردن قد بدأ يخرج عن وصاية الصندوق، قيام الحكومة مؤخرا بالاقتراض من البنوك المحلية بعملة الدولار الامريكي للمرة الثانية على التوالي هذا العام، في مؤشر واضح على تخوف الحكومة من تعثر التنسيق مع الصندوق و بالتالي ضياع فرصة حصول المملكة على السندات الخارجية بكفالة الحكومة الامريكية هذا العام.

كما تشير خطوة الحكومة الاخيرة برفع الضريبة على الاجهزة و المكالمات الخلوية الى ان مالية الدولة في حالة بحث مستمر عن بدائل التمويل ايا كانت تحسبا لعدم رفع التعرفة الكهربائية و بالتالي تراجع الصندوق عم اقراض المملكة خلال الاشهر المتبقية من العام 2013.

جميع المعطيات السابقة تقود الى الاستنتاج بأن الاردن يخوض لعبة "عض الاصابع" مع الصندوق، الى الحد الذي اصبح معه ممكنا تعثر الاتفاقية المبرمة مع هذه المؤسسة الدولية، تماما كما حدث على المستوى المصري.

المفارقة بين الحالة المصرية و الاردنية ان مصر تلفت معونات ضخمة من دول الخليج العربي مكنتها من الوقوف ندا الى ند في مواجهة الصندوق و معارضة توجهاته.

في المقابل، لم يحصل الاردن من دول الخليج على اية معونات استثنائية باستثناء تلك التي بالكاد عوضت ما تعرض له الاقتصاد الاردني من ضغوط ناجمة عن اعباء استضافة اعداد متزايدة من اللاجئين السورين.

من هذا المنطلق، يدور التساؤل الابرز حول حسابات صناع القرار الاقتصادي في الاردن فيما يتعلق بعواقب تعثر الاتفاق المبرم مع صندوق النقد الدولي، خصوصا و ان المليارات طارت من فوقنا و لم تدخل خزائننا كما في الحالة المصرية.

لا مشكلة من حيث المبدأ في مخالفة توصيات الصندوق و التي لا تلقى رواجا على كثير من الاصعدة الرسمية والشعبية.كما ان لا خلافا حقيقيا على صحة قرارات البنك المركزي الاخيرة بضخ المزيد من السيولة المصرفية وتخفيض اسعار الفائدة.

الا ان قرارا مبطنا او معلنا بالتمرد على متطلبات صندوق النقد الدولي تحتاج الى وجود خطة حكومية رصينة للخروج من عنق الزجاجة من خلال توافق رسمي شعبي على جملة من الاصلاحات السياسية و الاقتصادية.
بغير ذلك، ربما يدخل الاقتصاد الاردني مغامرة غير محسوبة العواقب.

* محلل إقتصادي

أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.