• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

مجلس النواب الخامس عشر ... تقييم لدوراته الأربع

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2009-09-30
2530
مجلس النواب الخامس عشر ... تقييم لدوراته الأربع

*عثرات وأخطاء وتضييق على الصحافة وتجاوزات وتهريب وتزوير

*تهميش الدور الرقابي واللهث خلف الوزراء لتنفيذ مصالح شخصية
*عدم اكتمال النصاب أو الحد الأدنى منه في غياب نواب «المال السياسي»
*لوحات مكررة لأكثر من استخدام وسفرات مستمرة خارج حدود الوطن
 
عادل بني عيسى
سجل مجلس النواب الخامس عشر عددا كبيرا من العثرات والأخطاء التي علقها بالدرجة الأولى على مشجب الصحافة بعد ان اتهمها بأنها تعيق العملية الديمقراطية وكان لها عدد اكبر من الاتهامات التي لا تليق بها ولا تليق بالمجلس أيضا كمجلس لنواب الأمة. 
المجلس الخامس عشر انفرد بميزة الوقوف في مواجهة الصحافة وحاول التقليل من أهميتها والتضييق عليها بشتى السبل بما فيها التشريعية منها متجاهلا نداءات الملك بالحفاظ على حريتها وما قانون المطبوعات والنشر وما القضايا التي رفعت من قبل المجلس بحق الزملاء الصحفيين إلى المحاكم إلا دليلا على هذه المضايقات. المجلس الحالي شهد العديد من الانتقادات وكان عدد من أعضائه متهورين إلى حد الغرور وانجرفوا وراء عواطفهم وبوصفهم «خيرة الخيرة» إلا أنهم خيبوا ظن الجميع بمن فيهم الشرائح التي تجرعت أزمات المواصلات واكتظاظ مراكز التصويت واحتفالات ما بعد الفوز على أمل أن تفرز نائبا بحق ففوجئت بأنه لم يخدم سوى مصلحته. 
كثير من المتناقضات والأخطاء ارتكبها المجلس بدءا بالتضييق المجحف على الحراك الصحفي داخل اروقة المجلس إلى قانون المطبوعات الذي رده «الأعيان» والذي كان التصويت عليه من قبل النواب عرسا نيابيا لم تشهد له القبة مثيلا حين صوتوا بالإجماع على ضريبة الثقافة وكأنهم ثأروا من الصحافة وكانوا يحسون بأنهم انتصروا لأنفسهم منها فهي تتابع حركاتهم وتنقل كافة الإخفاقات التي مني بها كثير منهم. 
بعض النواب كانوا يتهكمون على الصحافة بشكل ساخر وبخاصة بعد التصويت على قانون المطبوعات وقد تمادى احدهم ممن لا يقرأون التاريخ جيدا ولا يعلمون أن الصحافة أطاحت بحكومات وأودعت متنفذين السجون وهي السلطة الرابعة بالفعل في عدد كبير من دساتير الدول ومنها الدستور المصري حينما قال أمام حشد من الناس الذين جاءوا يراجعونه في مكتبه لأغراض ومصالح شخصية بحتة « الصحافيون صدقوا حالهم أنهم سلطة رابعة وإحنا اللي عملناهم وهم لا سلطة رابعة ولا خامسة حتى!!».
الوقوع الآخر كان حينما رفع رئيس المجلس قضية على احد الزملاء الكتاب الصحفيين والذي برأته المحكمة لاحقا من التهم المنسوبة إليه مما زاد من إشارات الاستفهام والتعجب حول ضعف المجلس تشريعيا وهو المشرع الوحيد الذي يجب أن يقرأ الدستور ويعرف بالقوانين والتشريعات فعندما رفعت القضية كان هناك شعور عام من أن المسؤولية ستطال الزميل المدعى عليه نظرا لاحتلال رئيس المجلس أعلى منصب تشريعي في البلاد , ولكن فاجأتنا البراءة بأن المجلس لا يقرأ الدستور ولا يعرف بالتشريعات التي تقدمها له الحكومة على طبق من ذهب ويصوت عليها دون تلكؤ.  
النائب الذكي سميح بينو وهو الوزير المخضرم في حكومة الدكتور فايز الطراونة وعضو مجلس الأعيان الأسبق ومدير مكافحة الفساد التي شكلها في السبعينيات من القرن الماضي عندما كانت فعالة وتحاسب الفاسدين أكد أن اللجان النيابية غير متخصصة وغير مؤهلة ولم يتم اختيارها حسب الكفاءة ...وعليه فان هذه اللجان غير جديرة بقراءة التشريعات وإقرارها وبذلك فإنها تضيف أعباء جديدة على المواطن الأردني.  
نواب آخرون اعترفوا أن البعد الرقابي غاب عن المجلس بسبب مشاريع القوانين الضخمة التي أشغلتهم بها الحكومة والتي لا تتسع الدورة الاستثنائية لإتمامها فخرجت هذه القوانين نيئة وكان الدور التشريعي ضعيفا بينما غاب الدور الرقابي تقريبا. 
احد النواب ألقى باللائمة على كتلة التيار الوطني التي وصفها بأنها أخرت الوطن والمواطن لعقود إلى الوراء وأنهكته بالتشريعات السريعة مثل قانون المالكين والمستأجرين وغيره من التشريعات مضيفا أن هذا القانون يحتاج من المجلس إلى ما لا يقل عن 40 يوما حتى يتم انجازه في دورة استثنائية لم تتجاوز مدتها ستون يوما. ولنبق في الدور الرقابي فهناك اعتقاد سائد أن الدور الرقابي غائب عن نوابنا فغالبيتهم قاموا بالتوسط لدى وزارات أو استجدوا وزراء من أجل مصلحة ما سواء لهم أو لأقاربهم وهذا انطباع غير منقول ولكنه حقيقة لمستها من خلال احتكاكي بالنواب وقد لاحظت أن احد النواب المشاغبين تحت القبة من الذين يدغدغون مشاعر الناس بخطاباتهم الرنانة هم من أكثر النواب تنقلا بين الوزارات واقلهم حضورا تحت القبة أو في مكاتبهم في المجلس بينما يقضون جل اوقاتهم لتسيير مصالحهم. هذا ما يضعف دور النائب بل يشله أمام الوزير وما الأسئلة التي يطرحها النواب إلا جزءا من اللعبة السياسية قد تجيب عنها الحكومة أو لا تجيب ولم تتجاوز نسبة هذه الإجابات 40 بالمئة من مجموع الأسئلة الموجهة للحكومة وكذلك الاستجوابات والمذكرات...
وقد اتهم عدد من النواب رئيس المجلي بتأخير أو تعطيل بعض الأسئلة الحساسة الموجهة للحكومة, كمااسر لي احد الأصدقاء النواب بأن الأسئلة صورية ومعظم النواب يسحبون أسئلتهم بعد طرحها. أما قضية استخدام اللوحة النيابية لسيارات السادة النواب فهي الأخرى تجاوزت كل الحدود فقد تسربت معلومات عن أن إحدى السيارات النيابية سجلت عبورا للحدود الأردنية السورية 112 مرة خلال شهرين ، ناهيك عن المخدرات والعملة المزورة التي نقلتها سيارة نيابية عبر الحدود لتكون الفضيحة»بجلاجل» والمفاجأة الكبرى أن هنالك نوابا لديهم أكثر من لوحة نيابية» حمراء».  
قضية أخرى سجلت على احد النواب الأردنيين في جمهورية مصر العربية وتناقلتها المواقع الالكترونية خسر فيها النائب ما قيمته 50 مليون جنيه مصري في عملية نصب محكمة قام بها مواطن مصري على نائب أردني محترم والسؤال من أين له هذا المبلغ الضخم وهل هذا يشكل إساءة للنواب وللأردن بشكل عام أم لا ؟! مجلس النواب الخامس عشر متميز بحق فهو المجلس الذي له أعلى الأسهم في السوق المالية والشركات العملاقة والحراك الاقتصادي الأردني وهو الذي ابرز مصطلح «المال السياسي» ومعظم نوابه اشتروا أصوات ناخبيهم وداسوهم بنعالهم بعد أن وصلوا الى العبدلي.
هؤلاء النواب لا يحضرون معظم الجلسات النيابية وقد سعوا وراء هذا المنصب كنوع من البريستيج لأنهم لم يكونوا معروفين قبل وصولهم لتحت القبة ولذلك نلاحظ عدم دستورية معظم الجلسات وتأجيلها لعدم اكتمال النصاب وكم من جلسة توقف استمرارها على خروج نائب إذ إن خروجه قد يفقد الجلسة نصابها , فهؤلاء النواب لديهم مصالحهم الخاصة التي يفضلونها عن قضاء الوقت في الرقابة والتشريع ومتابعة قضايا مواطنيهم الذين اشتروهم قبل الانتخابات ونسوهم تماما حينما حققوا مآربهم. فقد بينت إحصائية «غير رسمية» أعلنها موقع «عمان نت « مؤخرا عزوف 21 نائبا عن تقديم أي مداخلة طوال 40 يوما من عمر الدورة الاستثنائية الثانية لمجلس الأمة، والتي وصل عدد أيامها إلى 62 يوما وأن النائب الإسلامي سليمان السعد، كان أكثر المداخلين بين النواب الرجال، والنائب ريم القاسم بين النساء.
كما أظهرت الإحصائية ، تغيب النائبين عادل آل خطاب ومجحم الخريشا عن جميع جلسات مجلس النواب في الدورة الاستثنائية، بينما حضر 12 نائبا فقط هذه الجلسات. وأكدت ذات الإحصائية أن ناريمان الروسان كانت الأكثر تغيبا وحضرت 5 جلسات فقط من أصل 18 جلسة عقدت في هذه الدورة , فيما كانت النائب ريم القاسم الأكثر التزاما بين النساء النواب وحضرت 17 جلسة.   
مجلس النواب الخامس عشر يفتقر للخطط والخبرة وتنقص العديد من اعضائه الثقافة السياسية , وقد اشغل المجلس نفسه في مواجهات جانبية وغاب عن التشريع والرقابة وطالب بمزايا إضافية فعلى سبيل المثال قام المجلس في بداية عمره بطرح مطالبة غريبة من نوعها وهي السماح للنائب بخوض الانتخابات البلدية وهي سابقة خطيرة ودليل على افتقاره للخبرة والحنكة السياسية وكان مندفعا باتجاه تحقيق اكبر قدر من المكاسب الشخصية في زمن قياسي إلا أن الصحافة خففت من وتيرته وأشغلته ولو لبعض الوقت في مواجهتها مما جعله يفكر جيدا قبل المطالبة بأي امتياز قد يستحقه أو لا يستحقه تجنبا للضجيج الإعلامي.
وقد تميزت كتلة الإخاء فكانت الأقرب إلى نبض الشارع وكانت تتحسس أوجاعه وتقوم بعمل زيارات ميدانية إلى كافة محافظات المملكة للاستماع إلى هموم الناس عن قرب وحل الممكن منها أو نقلها إلى الحكومة فكانت الأقرب وهي تجربة جديرة بالاهتمام. أما كتلة جبهة العمل الإسلامي فقد كانت الكتلة الممنهجة والتي ترتكز على برامج جدية وكانت الأكثر حضورا تحت القبة والأكثر تمسكا بمطالباتها وتتابع الحراك السياسي المحلي والعربي والدولي على حد سواء.  
ويسجل للمجلس الخامس عشر انه قام بفتح ومناقشة تقارير ديوان المحاسبة 2000- 2008 ولكن ما يهمنا الفعل وهو ماذا أنجز ومن أحال لمكافحة الفساد من الملفات التي تكدست في التقارير والتي تطال وزراء ربما يكونون خارج البلاد أو توفوا أو في مناصب ارفع من مناصبهم التي افسدوا فيها؟ لم يسبق للصحفي أن كان ممنوعا من ردهات مجلس الشعب ومكاتبه ولم يسبق للصحفي أن «اقتيد» لمكتب نائب ما لإجراء حوار معه وإذا لم يكن هذا النائب موجودا يعاد بنفس الطريقة المذلة من قبل موظف وبأوامر المكتب الدائم في رئاسة المجلس ولا يسمح له حتى بالانتظار أو الانتقال إلى نائب آخر لإجراء الحوار, بينما يصول الزوار اصحاب المصالح ويجولون في طوابق المجلس الستة وتحت قبته دون رقيب أو حسيب وينتظرون نائبهم في مكتبه ريثما يأتي. الكولسات التي تجري الآن بين التيارات والمستقلين في المجلس وخارجه وفي منازل النواب توحي بالجو العام لما وصل إليه المجلس من الانحدار والبعد عن المصلحة الوطنية والانحياز للمصلحة الشخصية على حساب مصلحة المواطن وان ما يقوم به «التغيير والإصلاح» إلا محاولة منه للحيلولة دون سقوط ورقة التوت لتبين عورة المجلس . هذا الحراك تعبير عن عدم رضا الأغلبية عن رئيس المجلس والمكتب الدائم الذي وصف بأنه تفرد بالقرارات وتجاهل بقية الكتل البرلمانية وانه كان منحازا للحكومة ضد المواطن. 
كنا نتحدث عن اضعف مجلس نيابي أردني وهو المجلس الرابع عشر الذي لم يكن يطالب بمزايا ولم يقف في مواجهة الصحافة التي من المفروض أن تكون الرديف الحقيقي في الرقابة لمجلس النواب إلا أن المجلس الخامس عشر تجاوز كل التوقعات وقام بما لم تقم به المجالس السابقة ووقف في وجه الديمقراطية وحاول تحديد صوت الحرية التي سقفها السماء ولكن العثرات التي يتخبط بها المجلس والتي تلاحقة   حين كشفته أمام الشارع وصناع السياسة على حد سواء لاسيما ما نشرته مراكز الاستطلاع عن تدني شعبيته والمطالبة بحله وهذا ما قد يحدث في الأسابيع أو الأشهر القلية المقبلة .... فلننتظر.
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.