- المدير العام ( المفوض ) .. عماد شاهين
- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
بطل "باب الحارة" عارض الأسد وآثر توصيل البيتزا
- "أفتقد أصدقائي الطيبين الذين تفرقوا في جميع أنحاء العالم، أفتقد الموسيقى والطعام والمعارض والمسرح في دمشق القديمة، أفتقد شاطئ البحر ورائحته التي لن تعود كما كانت من قبل"، هكذا بدأ اللاجئ والممثل السوري جهاد عبده حديثه لصحيفة الجارديان البريطانية.
جهاد، الذي وصل أوج شهرته من خلال شخصية "رياض" في المسلسل السوري "باب الحارة" - لم تدفعه الظروف فحسب إلى الهجرة لأمريكا والعمل في توصيل البيتزا في الجانب الآخر من العالم، بعد أن جاهر بمعارضتة للنظام السوري وأعلن تأييده للثورة السورية، بل دفعته أيضا لتغيير اسمه من جهاد إلى جاي، نظرا لما يثيره اسم جهاد من دلالات عند الغرب.
ويروي عبده (51 عاما) بداية التحول في مسار حياته قبل ثلاث سنوات، تحديدا مع اندلاع شرارة الثورة السورية، و كان يشارك حينها في مسلسل درامي آخر اسمه "ولادة من الخاصرة" لعب فيه دور طبيب تعرض للتعذيب من قبل المخابرات السورية.
لكن يبدو أن التعبير عن رأيه في عمل درامي وفي الواقع كانا أمرين مختلفين تماما، تيقن عبده من ذلك، عندما تحدث إلى مراسلة صحيفة لوس أنجلوس تايمز في أغسطس 2011، واندفع منتقدا النظام السوري، قائلا : "أن المخابرات و الجيش السورى مسؤولون عن القتل والاعتقالات في سوريا".
وفي اليوم التالي- يتابع جهاد- "كل ما قلته سجل مع اسمي كاملا".
ويضيف :"أحب ذاك الحديث وأكرهه لأنها كانت المرة الأولى التي أقول فيها الحقيقة علنا".
وكان من شأن ذلك الحديث الصحفي القصير أن يقلب حياة عبده رأسا على عقب.
تعرض عدد من أصدقاء عبده للاعتقال و التعذيب، وكان لرسام الكاريكاتير الأشهر في سوريا على فرزات نصيب من قمع وسطوة نظام الأسد، وضرب بشدة على يد قوات الأمن السورية، وكسرت يديه.
وعند عودته إلى سوريا، واجه عبده حملة ترهيب وتعرض لألوان شتى من التهديدات، واتهمه غرباء بتخليه عن وطنيته، وكسر زجاج سيارته، وحض على الظهور على التلفزيون السوري والاعتذار للأسد، وهو عرض ليس من السهل رفضه... لكنه رفضه.
ويصف عبده عمل النظام في سوريا بالمافيا، وأن له أوجها كثيرة، مما دفعه للقلق على سلامته، وهو الذي عاش أغلب حياته في دمشق كواحد من النخبة، وكان الخطر الوحيد الذي يمكن أن يتعرض له هو مطاردة صائدي المشاهير له آملين في الحصول على توقيعه.
فجأة، اصبح في موقع دفاع عن شهرته، وبات جليا له أنه إذا أراد ألا يوضع في زنزانة مظلمة فلابد له من الرحيل.
وكلما اشتدت حدة المظاهرات، شعر عبده بحاجة عميقة ليعبر عن تضامنه مع الثورة، فعلى عكس العديد من الممثلين وصناع الافلام الذين كان يعرفهم جيدا، كان يرفض الدعوات التي كانت توجه له من أفراد في نظام الأسد، الذين كانوا يعززون صورتهم بمصاحبتهم للمشاهير.
وعندما دعي عبده من قبل نقابة الممثلين للمشاركة في مسيرات داعمة للأسد رفض المشاركة.
و يقول للجارديان " كنت خائفا حد الموت و سألت زوجتي، لقد أرسلوا لي رسالة يقولون أنهم سيتحركون غدا الساعة العاشرة ، ماذا عساي أفعل؟ ،أنا لا أريد الذهاب!"
ردت قائلة "اذا لا تذهب ، انهم يقتلون الأطفال، لا تذهب".
عندما أعلن موقفه، كان عبده بين خيارين اما الانضمام إلى الجيش السوري الحر أوإلى زوجته في الولايات المتحدة الأمريكية حيث تدرس الماجستير.
في أمريكا، معركته قد لا تكون أخلاقية، ولكنه اعتبرها معركة وجودية، كان عليه النضال من أجل الحفاظ على هويته كممثل ناجح.
وفي أكتوبر 2011، غادر عبده سوريا وانضم الى زوجته فاديا عفاش في الولايات المتحدة الأمريكية، التي تحضر رسالة الماجستير هناك، واضطر الى المغادرة بقدر ضئيل من مدخراته، بعد أن جمدت أرصدته و تحفظ نظام الأسد على أملاكه.
وبعد أن أنهت عفاش دراستها، انتقل الزوجان إلى لوس أنجلوس حتى يستطيع عبده الذي قدم طلب لجوء سياسي، أن يعثر على عمل في التمثيل.
ومن أجل أن يتحقق هذا، كان أول شيء يحتاج الى القيام به تغيير اسمه "جهاد" فرغم أنه يعد اسما شائعا في الشرق الأوسط، الا انه في الغرب يشير الى التشدد، وبذلك تحول جهاد إلى جاي.
وبعد بحث طويل ومضن عن عمل في التمثيل، خاض خلالها أكثر من 100 اختبار أداء، عمل عبده في محل لبيع الزهور، ولم يعن أحد في بيئته الجديدة موهبته وأنه يتحدث خمس لغات ويعزف على آلة الكمان.
بعد مرور عام وأربعة أشهر، نفد صبر الزوجان، "وقفت خارج بيتي في الشارع في لوس انجلوس، وقلت يجب أن أعثر على وظيفة الآن، اليوم. ذهبت إلى لمحل لبيع الزهور، وقلت: ها أنا ذا، قالوا حسنا سنجربك".
عبده الذي كان أحد الوجوه المعروفة في العالم العربي، أصبح رجلا مجهولا، لا يعرفه أحد، ومن بيع الزهور انتقل إلى توصيل البيتزا، لكن حظه تغير أخيرا.
يروي أندرو أنطوني الكاتب في صحيفة الجارديان، "عندما التقيت عبده وعفاش في مقهى في برلين، كان ممتلئا بالطاقة والحماس، ويعزى هذا التحول إلى لعبه دورا فيعمل سينمائي عالمي مع النجمة نيكول كيدمان يحمل عنوان (ملكة الصحراء)من تأليف وإخراج المخرج الشهير فيرنر هيرتزوغ"، ويؤدي جهاد دور "فتوح" مرشد البطلة ودليلها في الصحراء والمدينة."
التمثيل هو مهنة "تجسيد العاطفة"، لكن عبده ككثير من السوريين، تعلم أن يتحكم في مشاعره،"في دولة ديمقراطية أنت حر في أن تتكلم ولكن في دكتاتورية ، يجب أن تخفي دائما شيئا ما، لا تسمح لصوتك الداخلي بالخروج علانية، عليك دائما اختيار الدوائر المقربة من الأصدقاء لتعبر عن مشاعرك، وحتى ذلك الحين يجب أن تبقى حذرا
الممثل الذي شارك في 43 فيلما وعدد لا محدود من المسلسلات، تحكي قصته عن ولادة جديدة، رواية جريئة عن الأمل، الكد والخلاص لكنها تحوي أيضا رهبة اللاجئ من اليأس والضياع.
و تختم زوجته الحديث قائلة "حتى في أحلك أيامنا في لوس أنجلوس، عندما عشنا في أرخص الفنادق، وكنا قلقين على أقاربنا في سوريا، ونواجه مستقبلا غير واضح المعالم الا أن عبده استطاع أن يحتفظ بشخصيته المتفائلة". الشرق
