• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

كتاب جديد..رؤية مؤرخ بريطاني لاضطهاد الشعوب العربية

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2009-11-10
3169
كتاب جديد..رؤية مؤرخ بريطاني لاضطهاد الشعوب العربية

أصدر رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أكسفورد د. ليوجين روغان كتابه الجديد والذي حمل اسم " العرب .. لمحة تاريخية " وفيه يستعرض تاريخ هذا العرق على مدار خمسة قرون منذ الفتوحات العثمانية ومروراً بالفترات الاستعمارية البريطانية والفرنسية ومرحلة ما بعد الحرب الباردة وحتى العصر الحاضر والذي سادت فيه الهيمنة الأمريكية بما فيه من احتلال بغداد، وصعود القاعدة ، ونهاية حقبة بوش وبداية عهد اوباما .

 لاقى الكتاب رواجا كبيرا وعبر مؤلفه عن وجهة النظر الغربية في قضايا الشعوب العربية الكبرى والتي لا تعتبر معاناة العرب من صنع الاستعمار الغربي بأشكاله ولكنها تعيد الكرة لملعب حكامهم أنفسهم بدرجة أكبر ، وهنا المفارقة!.
 
ووفق قراءة روبرت ايروين للكتاب والمنشورة بصحيفة " الجارديان " البريطانية ، يعتقد المؤلف أن أي انتخابات حرة ونزيهة تجرى في العالم العربي هذه الأيام سوف يحقق الإسلاميون فيها الفوز بمنتهى السهولة، وهم الذين يثيرون قلقه لأنهم يكنون مشاعر عداء للولايات المتحدة الأمريكية .
 
يتساءل مؤلف الكتاب عن أسباب انعدام الثقة العربية بالغرب ، ويعتقد أن المسألة لها جذور تاريخية حينما خضعت المناطق العربية للحكم التركي العثماني خلال القرون السادس والسابع والثامن عشر ، وشهدت الشعوب أنظمة حكم مستبدة وفاسدة ، وهي فترة تاريخية كتب عنها المؤرخ الفلسطيني جورج انطونيوس في كتابه الشهير "يقظة العرب" وسلط الضوء على شخصيات قاسية من الحكام مثل أحمد الجزار الحاكم المحلي لبيروت أوالمماليك بالقاهرة .
 
يتناول كذلك روغان بدايات التعاون بين كل من العرب والأتراك والشركسيين أو الحكام الألبان وبين الأوربيين وتوسيع الروابط التجارية بينهم، كما أرجع للعثمانيين الفضل في مد خطوط السكك الحديدية، والتلغراف وذلك مع بدايات القرن العشرين عندما أحكم العثمانيون قبضتهم على المناطق العربية.
 
كما تعرض روغان في كتابه لهزيمة الأتراك خلال الحرب العالمية الأولى، والوعود الغامضة من قبل السياسيين البريطانيين، وتصريحات الرئيس الأمريكي ودرو ويلسون مثل - حق الشعوب في تقرير مصيرها وضرورة استتباب الحرية والسلام في العالم - والتي بني العرب عليها آمال مثل أنه قد حان الوقت للتخلص من أي استعمار والتحرر ، إلا أنهم أصيبوا بخيبة أمل بعدما قامت بريطانيا وفرنسا بتقسيم الأراضي العربية بينها باعتبارها غنائم حرب.
 
فقط خلال الخمسينات والستينيات بدأ حلول النهاية على التواجد البريطاني والفرنسي في الشرق الأوسط، وانتصرت القومية العربية ثم حركات المقاومة المحلية في كل من مصر ولبنان وتونس وغيرها ، ولكن هنا ارتفعت النعرات الوطنية على حساب القومية العربية ، بحسب الكتاب.
 
ويقول روغان انه كانت هناك خيبات أمل أخرى تعرض لها العرب على مدار تاريخهم منها الهزيمة القاسية التي عانت منها الجيوش العربية في فلسطين عام 1948، واستقلال الجزائر بشق الأنفس بعد تاريخ من الحرب الدموية مع المحتل الفرنسي ، ومحاولة الوحدة بين مصر وسوريا لتشكيل الجمهورية العربية والتي وصفها روغان ب" الكارثة" ! ، كذلك مشاركة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في الحرب الأهلية باليمن، وقبل كل هذا السياسات الاشتراكية التي انتهجتها الأنظمة القومية مثل ناصر في مصر، وجبهة التحرير الوطني بالجزائر وفشلت في تحقيق الرخاء.
 
هذا بالإضافة لتزايد أساليب القمع الوحشية التي تستخدمها الأنظمة القومية العلمانية، والتي ألهمت الكثيرين بأن يضعوا أمالهم في الجماعات ذات المرجعية الإسلامية وعلى رأسها " الأخوان المسلمين ".
 
ينقل الكتاب شهادات حية للأحداث التي يصفها ، مثل يوميات شهاب الدين أحمد بن بدير البديري الشهير بـ الحلاق" التي سجلها خلال القرن الثامن عشر بحلب، بالإضافة للملاحظات التي دونها الجبرتي عن وصول جيش بونابرت إلى القاهرة عام 1798، وما سجله رفاعة الطهطاوي عن باريس في كتابه الشهير "تخليص الإبريز في تلخيص باريس" والذي تم ترجمته إلى الإنجليزية بعنوان "إمام في باريس" 1826 – 1831 والذي جاء فيه انطباع مصري عن العادات والتقاليد الفرنسية أوائل القرن التاسع عشر، وقد جمعت ملاحظاته بين الإعجاب والاشمئزاز، فمثلاً قال أنه صدم عندما وجد في فرنسا الرجال عبيد للنساء وتحت قيادتهم بصرف النظر إذا كانت جميلة أم لا.
 
كما يذكر روغان بكتابه كل من الملك فيصل ملك العراق والذي عينته بريطانيا في هذا المنصب عام 1921، وسيد قطب الأديب المصري والذي تحول للإسلامية الأصولية، وقاده النظام في عصر عبد الناصر إلى المشنقة.   
 
ويتعرض إلى حادثة دنشواي الشهيرة التي حدثت عام 1906 عندما قام الجنود البريطانيين بصيد الطيور التي يمتلكها الفلاحين بقرية دنشواي على دلتا النيل، مما استفز مشاعرهم وحدثت أعمال شغب أدت إلى إصابة ضابط بريطاني بجروح ثم وفاته بعد ذلك، مما أدى بعد ذلك لشنق أربعة مصريين وسجن آخرين مع الأشغال الشاقة كما تعرض بعضهم للجلد.
ويؤكد في النهاية أن هذه الأحداث أدت إلى استفزاز المقاومة الوطنية خلال العقود التي تلت ذلك ؛ ففي عام 1918 وعدت الحكومة البريطانية التي تولت السلطة العراقية بإقامة حكومة وطنية حرة بالعراق ، وبعدها مباشرة فرضت بالقوة جيش الانتداب البريطاني على كل من العرب والأكراد، كما تصرفت فرنسا بمزيد من الغطرسة والوحشية الاستعمارية في كل من المغرب والجزائر وسوريا.
 
يعتقد المؤلف أن الإرهاب بدأ من عام 1940 عندما كان البريطانيون في حرب مع النازيين الألمان، وقام كل من مناحم بيجن قائد عصابات الأرغون و إسحاق شامير بشن حملات إرهابية على البريطانيين في فلسطين، وخلال عام 1945 انضم إليهم الهاغانا وقتل حوالي واحد وتسعون شخص عقب قيام نشطين من عصابات الأرغون بتفجير فندق الملك داود بالقدس ، الامر الذي لعب دوراً كبيراً في إقناع البريطانيين بعدم قدرتهم على استمرار الانتداب البريطاني في فلسطين، فانسحبوا عام 1948 تاركين العرب الفلسطينيين في مواجهة اليهود الأكثر تسليحاً وتنظيماً. 
ويهدف روغان في النهاية من وراء كتابه ليؤكد على أهمية التفات السياسيين الغرب لتاريخ العرب ودراسته إذا أرادوا حل معضلات العرب ومشاكلهم.
 
يذكر أن يوجين روغان كان أحد طلاب ألبرت حوراني احد أشهر المستشرقين البريطانيين خلال القرن العشرين، وأديب متخصص في تاريخ الشعوب العربية، كما شغل منصب أستاذ الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة جورج تاون بواشنطن، وقدم حوراني تاريخ العرب في وصف بليغ غلب عليه التفاؤل من الإنجازات العربية على مر القرون.
أما يوجين روغان فهو أستاذ تاريخ الشرق الأوسط الحديث ، وقدم كتابه السابق عن حدود الدولة في أواخر الإمبراطورية العثمانية، ترأس من قبل رابطة دراسات الشرق الأوسط بأمريكا الشمالية، وهو نفسه مؤلف كتاب "حرب فلسطين" الذي جاء لإعادة كتابة تاريخ حرب 1948، وألفه روغان بالاشتراك مع آفي شلايم بروفيسور العلاقات الدولية بجامعة أكسفورد وأحد أشهر المؤرخين الإسرائيليين الجدد !!.
 
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.