صحيفة العرّاب

حروف ملغومة... لا تقترب منها !

 بقلم الاعلامي .. بسام الياسين

مهداة الى والدي الذي حملت روحه وشاهدة قبره لقب " الوطني "

اعدمت السلطات المتنفذة في كوريا الشمالية خمسين مواطناً بتهمة مشاهدتهم مسلسلات اجنبية.مقارنة بتلك السلطات المتوحشة،نجد انفسنا اننا في "جنات النعيم".لذلك وجب علينا إخراج كفارة سوء الظن بحكومتنا الحنونة،و الاستغفار لها وعنها اناء الليل و اطراف النهار.حكومة بلغت من الرأفة بمواطنيها ما لم تبلغه امرأة عقيم من خوف على وليدها الذي انجبته بعد يأس بمعجزة إلهية.فقد اوقفت حكم الاعدام بحق المجرمين القتلة،خوفا على مشاعرهم الرقيقة،ولم تجلب حرامية الملايين الذين فروا للخارج بميزانية الدولة ،لئلا تُكدرّ صفوهم ،وتعكر مزاجهم في ديار الغربة،وتفسد لياليهم الحمراء.كما انها تسوف في ملاحقة حرامية الداخل من المحسوبين عليها،و تتراخى في تطبيق القوانين.لهذه الاعمال الجليلة تستحق حكوماتنا الحمد لانها محكومة لغيرها،وقرارها ليس بيدها، و الا لجردتنا من ملابس البالة التي تستر عُرينا،و اطعمتنا طعام المضطر الى الميتة و النطيحة و المُتردية،و ما خلف السبعُ،لكن هل سباعنا الجشعة خَلفت خلفها هبرة او حتى عظمة ؟!.

 *** سمعنا عن قافلة يجرها حمار.حصان يسحب وراءه عربة متهالكة. شاحنة تشتغل على الديزل. اما ما ادهش العلماء اليابانيون بعامة و الساسة الانجليز الاقدم عراقة في التاريخ بخاصة، ما سمعوه عن اختراعنا الاسطوري بان مجلس نوابنا يعمل على "مقسم الآلو" .هذه العجيبة الثالثة التي تضاف الى عجائبنا الكثيرة.

 *** بعد طول تفكير،وبحث مكثف، واستقصاء طويل. اكتشف الشعب الاردني ان امانة عمان تشبه حمام النساء التركي،المسدودة بلاليعه.عروستنا الجميلة عمان،افتضح المستور منها مع اول شتوة، ـ عفواً من اول طاسة ميه ـ . ساحت صبغة مكياجها.طارت باروكة شعرها.سالت رموشها المستعارة .كان لسان حال سكانها خلال الزخة الفضيحة: يارب كم كنا مخدوعين بامانة الامانة الا انه تبين لنا بالفحص العملي انها غير امينة و "سكراب من الباب للمحراب".

 *** اهم واجبات الحكومة إحترام مواطنها،وتسهيل معاملاته،وتأمين ضرورياته.واقع حالنا عكس ذلك تماماً.فمفهوم المواطنة عند الحكومة الحنونة،هي مدى قدرة المواطن على دفع الضرائب،واحتماله على تحمّل الضرب،وصمود الاسطوري في تصدي للمصائب.تُرى ماذا سيقول سيدنا ايوب، للعبد الصالح "المواطن الاردني" لو التقى به صدفةً؟!.مهمة الكاتب طرح الاسئلة وعلى القاريء الاجابة ؟!.

 *** النواب يصرخون باعلى اصواتهم عبر الميكروفونات الضخمة لدرجة ان أُصيب بعضهم بالفتق من كثرة الصياح،ليسمعهم جيرانهم الاعيان في المبنى المجاور،لكنهم بالكاد يفقهون ما يقولون نتيجة معاناتهم من ثقل في سمعهم بسبب امراض الشيخوخة خاصة،مشكلات البروستات فالغالبية تخطت السبعين ـ الله يعطيهم العافية ـ 

امضوها في اعمال البر والتقوى وخدمة الشعب.مشكلة النواب تتضاعف مع الحكومة لإيصال صوتهم للرئاسة في الدوار الرابع،حيث لا تنفع الميكروفونات حتى لو "طلعوا على ظهر القبة".المشكلة لا تكمن في المسافة فقط، بل ان الرئيس بلغ من العمر عتياً، انه على "حيطان الثمانين".

 *** الوطن العربي ليس من الدول المتخلفة بل والمُعقدة. فانظمته لم تفلح الا بقمع مواطنيها وتجويعهم،ان لم يمتثلوا لاوامراها و السيرعلى مسطرتها، و الا فالسجن والمنع من العمل والسفر والتضييق على لقمة العيش مصيرهم حتى ان بعض الانظمة تجاوزت للقصف بالمدفعية والحرق بالبراميل المتفجرة.فيما هي عاجزة عن صنع بطارية جهازخلوي بحجم " التعريفة".العجيب ان الانظمة العربية نبغت في ابتكار الاصطلاحات الخبيثة التي لم تصلها الدول الصناعية المتقدمة،كالمندسين ،المخربين،المحرضين، اطالة اللسان والمتطاولين على قلب نظام الحكم.اكثر الاصطلاحات حرجاً للحكومات العربية اصطلاح "اصحاب الايدي التي تعبث في الخفاء"، لتلطيخ سمعة المعارضة و الحراكيين والقائمين على امر الاعتصامات والمظاهرات والاحتجاجات، ـلاتهامهم باطالة اليد والشذوذ اثناء الزحمة .الاصطلاح المذكور حسب المنظور النفسي للمدرسة الفرويدية، يعتبر اللذة المحرك الاساس للسلوك الانساني. من هنا فان اصطلاح اطالة الايدي التي تلعب في الخفاء تهدف الى تبرير فرم اصابع المواطنيين من خلال الصاق تهمة اللعب بالمناطق الحساسة للدولة. 

*** سأل الشاب الطاعن في الطموح،العجوز الطاعن بمعرفة الله.كيف اتخلص من شيطاني الذي يوسوس في راسي للاقلاع عن تحقيق احلامي و يُخوفني من السقوط في اول تجاربي.رد العجوز بابتسامة ملائكية تضيء وجهه السموح : يا بني ان كيد الشيطان كان ضعيفا،وداخل كل واحد فينا انسان عظيم هو نفخة من روح الله، فلا تستسلم لهمزات شياطين،ولا تخف من الشخصيات القمعية.فالشياطن تخنس بذكر الله ،والشخصيات القمعية ليست مرعبة انما هي في حقيقتها مرعوبة،تتطاول عليك اذا انحنيت لها،وتهرب منك اذا ما صرخت عليها...فتش عن الخوف تجده في داخلك. 

منذ اللحظة،ارسل قامتك للاعلى،ولا تسمح لمخلوق ان يأكل على اكتفاك الحلوى ويجبرك ان تاكل من حاوية.ارفع راسك وامشِ الى هدفك بكامل لياقتك النفسية،وطاقتك الايمانية ،ساعتها سيكون اللهُ معك،ويدافع عنك" ان الله يدافع على الذين آمنوا"، ويحميك من السقوط. رد الشاب بلهفة : وكيف يحميني من السقوط.اجل رد العجوز: حتى لو سقطت فانك تسقط للامام. 

*** تجانب الصواب ان انت فكرت ولو لحظة ان كنوز القياصرة و الاكاسرة وسلاطين بني عثمان كذبة،وان بساط الريح خرافة من نسج خيال عاطل عن العمل يطير في عالم الاحلام. "العلم" : اثبت بعد قرون من تخيل بساط الريح،انه حقيقة لكنه نكتة "بايخة" قياساً للصواريخ عابرة القارات والكبسولات الفضائية الذاهبة الى ما وراء المريخ. كذلك اثبت" الايمان اليقيني بالله"، ان مصباح علاء الدين اقرب منك اليك. ما عليك الا ان تضع هدفك نُصب عينيك،و تفركه بفولاذ ارادتك، وعميق ايمانك.فاذا بالمارد العملاق ينحني امامك ليقول لك : "عبدك بين يديك". لتنجح تجربتك. يجب ان تُسْلم مقاليد امرك لله ،وتتوكل عليه،وتحسن الظن به، وتستنفر طاقاتك النائمة في اعماقك بالتساوي مع الثقة بذاتك،و اسقاط الكلمات السلبية من قاموسك.ستجد الدنيا مبسوطة امامك ، وطوع بنانك.فمقياس تقدمك يعتمد على حسن ظنك بالله .إياك ان تندب حظك،فالله خلقك ليسعدك، لا ليشقيك.الله كريم اكثر مما نحلم او نتخيل.فمصباح علاءالدين ارادتك القوية.انك تشحن هاتفك عشرات،مئات المرات.هل فكرت ان تشحن نفسك ثقة بنفسك.لا تترد.إبدأ اللحظة وتوكل على الله. سترى ما يُذهلك. 

*** للاسف،اكتشفنا بعد طويل عمرٍ ان احاديث ولاة امرنا كاذبة،وسلالهم فارغة، وعقولهم خاوية،ووعودهم عرقوبيه تصلح امثلة للعرط والمماطلة.هل نقول لهم ـ الله لا يسامحكم ـ لانكم ظلمتمونا و طئطئنا رؤوسنا على ظلمنا ؟!. ام نقول لانفسنا ما اجبننا لاننا صبرنا على ذُلنا ؟!. 

*** قال الفتى الشغوف بالمعرفة لوالده الطاعن بالتجربة : امنيتي الباقية يا والدي ،ان احاور ذلك الجنرال السادي الذي اشرف على تعذيبي،وسرق احلامي امام الملأ،لاقول له بكلمات موجزة: ايها الرعديد: ان ظلمك لم يزل محفوراً في وجداني رغم مرور خمسة عقود عليه.فالظلمُ لا يموت كالدم. كل ليلة ترسم مُخيلتي وجهك القبيح حتى لا انساك.هل تدري بانني ادري عنك ما لم تدريه انت عن نفسك.فقد امضيت الايام الطوال وانا اجمع تاريخك، مستنداً لخبرتي في الصحافة الاستقصائية. المفآجأة المذهلة التي صدمتني .اكتشافي ان سبب ميولك الأنتقامية مني ومن غيري تعود الى ان خطوط دفاعاتك الخلفية لم تكن مُخترقة فحسب بل منتهكةُ و متهتكة. 

*** كلمات كثيرة يتداولها العامة لم اعثر على جذورها في قاموس اللغة العربية.فاستعنت بخريج احد الجامعات التركية لمعرفتها، ككلمة "شلاتي" و "سرسري".اجاب انها من مخلفات العهد العثماني، لكنني لم اقتنع بترجمته .وبينما انا أُنقب عثرت بطريق الصدفة على المعاني الحقيقية لها."الشلاتي" موظف كانت السلطات العثمانية تعينّه لمراقبة الاسعار و الاوزان والمكاييل وجودة البضاعة.فما كان من كبار التجار الا ان افسدوه بالرشوة والمرأة و الخمرة. ولما وصلت الامور الى ما لا تطاق في الاسعار وأسوأ ما يكون في جودة البضاعة والاغذية ،قام نفرُ من المتضررين بالشكوى للوالي لما يحدث في الاسواق.فغضب غضباً شديداً،و امر بتعيين "السرسري" لمراقبة "الشلاتي"من اجل الوقوف على الحقيقة.

 اللافت ان "المُرَاقِبْ" طلع اكثر سفالة من سلفه " المُرَاقَبْ".و مذاك اطلق العوام السرسري و الشلاتي على الفاسدين.لذلك علينا ان نحمد الله بكرةَ و اصيلا لان بلادنا خالية من الفاسدين و الشلاتية و السرسرية.