صحيفة العرّاب

ميه و لحمه و حراميه !

 بقلم الاعلامي .. بسام الياسين

((( مسلسل سرقة الماء تحول من عمليات محدودة بدائية الى حفر انفاق باساليب هندسية متقنة،فقد ذكرت التقارير الرسمية تضاعف الاعتداءات حتى يقدر الفاقد بملايين الدنانير سنوياً.على خطٍ موازٍ قفزت اللحمة الفاسدة قفزة نوعية في الغش.في الكرك تم اتلاف 1.5 طن لحوم منتنة،و ضبط 2.5 طن اسماك فاسدة في اربد عند تاجر مشهور…الكارثة ما كشفه لاحقاً النائب الدكتور عساف الشوبكي : خراف نافقة تعاف اكلها الكلاب يجري تجهيزها في احد مسالخ اطراف عمان لاطعامها للشعب المُبتلى بالظُلام و اولاد الحرام،ثم تأتي البلوى الشنيعة بعدها بايام قليلة في ان يُغير سائق ضاغطة زبالة محملة باللحوم الكريهة اتجاهه من مزبلة الغباوي الى احد المحلات الشعبية في ماركا الشمالية لتجهيزها وبيعها لعباد الله الغافلين،ولولا عناية الله،وعيون تكنولوجيا التتبع لكانت الآن في بطون الفقراء.لكن المهم ان ما لم يُكشف هو الاهم من القليل الذي يجري كشفه ))).

سارق الميه !

كفى نهباً للوطن.لطشاً لإمواله. حرقاً لإشجاره.شفطاً لمياهه.سرقة لآثاره. منذ عقود طويلة لم نقدم قيمة مضافة للاجيال القادمة.ما نفعله على الصُعُدِ كافةً،يندرج تحت بندٍ واحدٍ لا غير:” تخريب الوطن “. عدونا ليس غريباً عنا،” انه منّا وفينا “.البحث عن شماعة لتعليق سلبياتنا على الآخرين اصبحت “حجة ممجوجة “وحركة مرفوضة لان العلة في دواخلنا لا في غيرنا.الطبطبة على الجريمة جريمة اكبر من الجريمة. جهازنا المناعي في اضعف حالاته،ونسيجنا الوطني بحاجة الى اعادة حياكته و”تقييفه” ليتناسب الوطنية الحقة بحيث لا يكون فضفاضاً او ضيقاً لئلا يعيق الحركة. المواطنة ليست جعجعة،تصفيقاً بمناسبة ودون مناسبة.ليست اغانٍ حماسية و اطلاق الاسلحة الموسيقية هلى مسامع الناس قبل القهوة الصباحية بالمزمار والرق والطبلة . المواطنة ان يشعر المواطن ان كل ذرة تراب تهمه امرها،لكن النخبة الفاجرة اضعفت هذا المفهوم بشنيع صُنعها،فحذا الجميع حذوها لانها كانت ولم تزل قدوة سيئة.

سارق الماء انت عدو الله،عدو الوطن لانك تسرق حق غيرك في رشفة الماء.لانك لا تقيم وزناً لوطنٍ يحتضنك كرحم امك. لتعرف وطنك ادعوك على ” كأس من عطش”.لتشرب حتى ترتوي.لتشعر بعطش الآخرين.الماء اكسير الحياة ووطنك من افقر خمس دولٍ في العالم مائياً ان لم يكن افقرها،وهو يزداد فقراً على فقرٍ لشح الامطار،زيادة السكان والهجرات المتتالية من الجهات الاربع. كان وطنك ” ابو الينابيع العذبة، و الانهار دائمة الجريان.كانت الامطار الغزيرة توأمه و” الثلجات السبع كبار” تلازمه.زحفت عليه الصحراء وجردته ثوبه الاخضر حتى اصبح عاريا الا من رقعة هنا ورقعة هناك،وهاهم الحطّابون يسنون فؤوسهم لاجتثاث البقية الباقية او حرقها لبيعها فحماً اسود من وجوههم.لم يعرف هؤلاء ان هناك علاقة جدلية بين الماء والغابة، فكلما زادت رقعتها ارتفع منسوب الامطار.للاسف صار الشعب لا يرى الا المياه المعلبة في واجهات البقالات و المولات،كعطور النساء المترفات المعروضة في محلات التجميل.

ايها اللص المائي كيف تطاوعك نفسك في مثل مواسم الجفاف ان تسرق الماء ؟ !. انت كالذي ينتهز حدوث زلزال لسرقة المتاجر والفيضانات لسرقة المنازل.كيف يهدأ ضميرك و انت تسقي اشجارك ودوابك بينما شفاه الاطفال من حولك تتشقق عطشاً.صلاتك غير جائزة ـ هذا ان كنت تُصلي ـ طالما انت تتوضأ بماء مسروق .وان فعلت ذلك فانت كاللص الذي يفتح “القاصة” بالبسملة،ويدعو ربه ان يطرح بماله المسروق البركة.ما يؤلمني ايها اللص،انك لا تتألم لمُصاب غيرك. وما يقتلني اكثر، انك تفرح كلما شفطت من الماء اكثر.

هاجر زوجة سيدنا ابراهيم “ابو الانبياء”،خمشت وجه الارض باظافرها بحثاً عن الماء حينما نضبت قربتها.فلملمت قطرات عرقها لتسقي وليدها.ولما بلغت شدة العطش اوجها، اخذت تسعى بين الصفا والمروة.طالبة النجدة. فرشفة ماء ساعتئذٍ تعادل الدنيا.لكن الله لا ينسى احداً من فضله.جاءها الفرج المعجزة من البّر الرحمن الرحيم. رب لا يُضّيعُ سائله،ولا يرد يداً رُفعت له خائبة سألته لحظة إضطرار.كريم هو الكريم بلا حدود .لم يهيأ لها دلواً او قربة بل فجرَّ تحت قدميها نبعاً في صحراء قاحلة. مذاك الى يومنا هذا،وبئر زمزم يسقي الملايين من حجيج بيته الحرام.

هل تعرف يا عدو الله ـ يا سارق الماء ـ ان الماء يشكل اكثر من 70 % من تكوين الانسان ؟!.وان الكرة الارضية تشترك معه في هذه الخاصية بان الماء يغمر 70 % منها. اشارة ربانية لاهل العلم و المعرفة،تدل على دقة الخلق وعظمة الخالق.الاخطر انك لا تعرف ان اعظم معارف الوجود منذ صرخة الولادة حتى شهقة الموت معرفة الله والتقرب منه بالعبادة وسنانها الاستقانة.اشك انك تعرف لانك غبي،ولو كنت تعرفه الله لما فعلت ما فعلت ” ! ،لكن قانون العدل الالهي سيطاردك في حياتك ومماتك فلا تدعي “الشطارة” ومخالفة النواميس الالهية لم يسلم منها اعتى العُصاة. كلهم دفعوا فاتورة ظلمهم وقذاراتهم ومنهم بين ظهرانيينا. قال تعالت عظمته وتجلت قدرته ” * و نادى اصحاب النار اصحاب الجنةِ ان افيضوا علينا من الماء او مما رزقكم الله،قالوا ان الله حرّمها على الكافرين * الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرتهم الحياة الدنيا……….” صدق الله العظيم.

لحمة خرفان ميتة !

تتوالى الاخبار الدورية عن كشف كميات كبيرة من اللحوم الفاسدة، النافقة، المريضة بالسل،الميتة المعروضة في المولات الكبيرة، والمحلات التجارية، المشوية منها و المطهية في المطاعم الشهيرة والشعبية .لحوم تعافها الكلاب ،ترفضها قطط الشوارع التي تقتات على الرمم مفضلة الجوع عليها،حتى ان الغربان التي تعيش على الجيف تعزف عن اكلها. سموم يجري تسويقها بالتوابل والبهارات بفنيات عالية لتحسين مذاقها،و طمس روائحها بنكهات كالحبر السري عندما يستخدم لطمس الحقائق وتزوير الشهادات العليا،وتسويق الدكتوراة الفخرية للبهائم الذي فشلوا في الدراسة التوجيهية ويحملون شهادات تُباع و تُشترى بالمال كالنعال، وهم اعجز عن فك الخط.حرفية الغش تتجلى اكثر في سيخ الشاورما بفضل الخلطات السرية التي يسيل لها لعاب المارة. من هنا فان قضية اللحوم الفاسدة عندنا ـ زادت عن حدها ـ .فاصبحنا كالشقيقة مصر التي يطحن اهلوها الزلط باسنانهم من دون معرفة مصدره و من اي دابة مزط ؟!.

في منطقة ” الجيزة ” باطراف القاهرة اكتشف مسلخ ضخم،مجهز باحدث و افضل التجهيزات الحديثة. وجه الغرابة انه مخصص فقط لذبح الحمير،وتوزيع لحومها على انحاء الجمهورية العزيزة . المحزن ان الحمير المذبوحة جُلها من اطلق اصحابها سراحها،ليس عتقاً لوجه الله،بل لمرض او شيخوخة، لانها لم تعد صالحة للخدمة،فجرى طردها شر طردة، ولم تجد ما تقتات عليه سوى الحاويات او المزابل.فيقوم جامعو الرمم ببيعها للباحثين عن حمير فالتة بحجة إيوائها وتقديم الرعاية لها حتى تموت بسلام ثم يجري ذبحها سراً لبيعها لطلاب اللحوم الرخيصة. عندنا يعشقون التعتيم،ولا يظهر من اطنان اللحوم سوى خبر صغير غامض يميل الى الترميز والتعميم، كاننا في ساحة حرب نخشى ان يفك العدو الصهيوني شيفرة المولات والمحلات والمطاعم التي تسوق زبالة اللحوم، مع ان الاحرى فضحهم حفاظاً على الصحة العامة،و معاقبتهم شعبياً بمقاطعتهم ليكونوا درساً لغيرهم.التعزير اشد عقوبة من القانون الذي يحكم بدفع مخالفة رمزية يدفعها الموسر ـ من طرف الجيبة ـ ،وتنتهي القصة كأنها لم تكن ليعاود التاجر اعادة الكَّرة ثانية،اما التعزير يترك ندبة عميقة لا تنمحي آثارها.”فَأَّذن مؤذنُ بينهم ان لعنة الله على الظالمين”.

ما زاد الطين بلة عندنا، انه لم يخرج مسؤول لشرح مخاطر قضية اللحمة الفاسدة، وكيفية تطويقها والقضاء عليها من جذورها.فالكل يتهرب من المسؤولية كما حدث في قضية الخراف الميتة. العكس تماماً في مصر حيث خرج رؤساء الاجهزة المعنية لتهدئة روع الناس،و اعلنوا ان لحوم الحمير كباقي لحوم الحيوانات الاخرى لا ضرر منها،مؤكدين عدم وجود نص سماوي او حديث نبوي شريف يُحّرم تناولها،مؤكدين في السياق ذاته ان الحمير من انبل المخلوقات و اكثرها وداعة ما ينعكس ايجاباً على متعاطي لحومها. من هنا فان تعاطيها لا يخالف احكام الشريعة.بينما ذهب الدكتور المصري / محمد الشرباصي / المقيم حالياً في امريكا الى تشجيع هذه ” الاكلة”،مُدعياً ان تناول شريحة مشوية من لحم الحمير،تعادل علبة فياجرا،و هذا ما يُسعد الازواج والزوجات بعدما انحسرت انواع السعادة كافة داخل مصر رغم اتساع رقعتها، ولم يبق منها الا مساحة فرشة.

الاطرف ما جاء من قفشات ساخره على صفحات الصحافة فقال صحفي ساخر : طالما انه لم تظهر اعراض “حمرنة” على آكلي لحم الحمير، ولا رغبة عندهم في “النهيق” او بوادر “عنطزة” ،فلا ضرر من تناوله مشوياً او مقلياً،او طحنه مع البقدونس وعمل صينية كفته بالطحينة او البندورة. اما نحن مازلنا بانتظار توجيهات” وزارة الصحة ” عن كيفية التصرف بلحمة الخراف الميتة،و المشحونة بضاغطة زبالة الى مكب الغباوي،وما يجري تزريقه الينا على مدار الساعة.افتونا ـ يرحمكم الله ـ ،و اذا فشلتم كالعادة ،فاحيلونا الى مرجعية علمية محترمة لانقاذنا من هذه الدائرة الجهنمية،فلربما وجدنا فيها مساحة سعادة ولو بحدود مخدة بعد ان اصيبت بالشلل منطقة ما تحت السرة على ذمة الدكتور البرفيسور كامل العجلوني امد الله في عمره. ورحم الله الدكتور عبد الرحيم ملحس الذي صرخ صرخة مدوية ذات مرة : ان بلدنا تحول الى مكب نفايات فقامت عليه الدنيا ولم تقعد. نجدد الصرخة بعد اكثر من ثلاثة عقود :من يُقعد هذه الدنيا الفوضى، ويكفينا شر الحرامية و السرسرية و اولاد الحرام ؟!.