صحيفة العرّاب

خريف "الجنرال الكابوس" !!

بقلم الاعلامي .. بسام الياسين

>>>> بمناسبة اليوم العالمي لإعلان حقوق الانسان الذي صادف يوم الخميس الموافق 10/12/2015 سؤال مُقلق مؤرق بزغ في الفضاء العربي مثل قمر مُحاق انمحق نوره من الظلم والاستبداد،فتوارى في ظل الارض خجلاً حين سمع السؤال:هل للعربي على ارض وطنه حقوق انسان .؟!. القمر ازداد انمحاقاً وظلمة حينما اتاه الجواب،كيف يكون ذلك اذا كانت نسخة 'الجنرال الظالم' محمد مدين المقيتة منسوخة في كل الاوطان بصورة اشد واطأً او اقل قليلا ؟!>>>

صمت الجنرال 'مدين' دهراً ونطق كُفراً. سكوت الفاجر نعمة،ونطقه نقمة لكل من حوله و حواليه لانه الكفر بعينه.لو احتفظ بصمتهً لما جر اليه المزيد من اللعنات عليه ،وكان ابقى على البقية الباقية من هيبته وغموضه، لكنه فضح نفسه من اول جملة نبح بها. فرجمه قومه حتى اقرب المقربين اليه رموه بالنعال ليخرسوه مثل ابليس لانه كذاب اشر لم يصدق في حياته بكلمة.ذلك هو الذي كان بالامس اسطورة الظلم و فزاعة القهر على مدار ربع قرن ونيف يتهم بلاده بالظلم،مع انه لم يسلم من اذاه عابر درب او مراق طريق.ـ هو ما غيره لا احد سواه ـ، محمد مدين مدير المخابرات الجزائرية السابق،المُلقب شعبياً بـ ' عزرائيل '،والمعروف حركياً بـ 'الجنرال توفيق'. 

في سابقة غير مسبوقة لمسؤول موقع حساس كتم انفاس الناس،إتهم قبل ايام نظام بلاده بالظلم لانهم حققوا مع احد اعوانه بتهم يندى لها الجبين.هو في حقيقة الامر مفتاح الشرور كلها.عدو العدالة من الفها الى يائها ،ذراع قمع الحرية الطويلة،هرواة تكسير رؤوس المتظاهرين الصلبة،عبوة الغاز المدمع لمن يطالب بالديمقراطية،قناص دواليب عربة حقوق الانسان حتى لا تنهض من ارضها و لا تتحرك دورة واحدة صوب الحق .هراؤه تجلى في فنتازيا الموقف اذ انه اسفر عن وجهه المتلون كالحرباء حين تبدلت رؤاه بتبدل موقعه. يا سبحان الله كيف تختلف الصورة وظلالها باختلاف الزواية التي يقف فيها صاحب اللقطة،بينما الحقيقة ان الحق واحد لا يتبدل في الزمان و لا المكان.فالمؤمن ' ' يدور مع الحق اينما يدور،بينما الانتهازي ينتهز الفرصة ليهبش ما تطاله يداه.تراه يقلب الحق الى باطل والباطل الى حق حسب مقتضيات المصلحة او المنفعة. 

رجل يرمي الاخرين بالظلم وهو ظالم بمرتبة شرف وكأنه تتلمذ على يدي الحجاج ،و يسم غيره بالقهر وهو ركنه الركين بل اهم اركانه. طغى وتجّبر ثم تكّبر فالقى في السجن من قال : ' لا ' لسياساته الخرقاء،وسحب جوازات من خالف وجهة نظره،لانه يريد الناس نسخاً كربونية تأتمر باوامره. منع من العمل كل من لا يتعاون معه ويكتب تقارير في اهله و اصدقائه. فرض الاقامة الجبرية على من تُسول له نفسه رفع راسه او يشكل خطورة في بلاد الغربة. رؤوس القطيع يجب ان تبقى مُدلاة للارض لا تعرف من تصاريف الحياة الا الاكل و التبعير.ان خرجت عن قانونه اللعين، فالسكين اقرب اليه من حبل وريده. 

حشر نفسه في كل صغيرة وكبيرة. فمن ديوان مكتبه يجري توقيع تعيين مخاتير الحارات وتنصيب رؤساء البلديات،وتسمية الشيوخ لا تكون الا بختمه.له الحرية المطلقة في اختيار رؤساء تحرير الصحف اليومية،والجامعات الرسمية حتى الجمعيات بكل الخيرية،الرفق بالحيوان،النوادي الليلية هي طوع بنانه وتخضع لامره....هو ، هو بتاع كله على طريقة العمالة المصرية.اما ملفات الوزراء، الاعيان ،النواب تحت ابطه فهي لعبته وملعبه. بجملة مفيدة مختصرة كل الخيوط تنسل وتتناسل من مكتبه وتنتهي بمكتبه،له الكلمة الاولى و الاخيرة،والويل لمن يكسر كلمته او يعصي امره ـ فامه هاوية ، وما ادراك ما هي......!!! ـ . 

'الجنرال توفيق' كان عملاقاً في العتمة،ذئباً ضارياً في الظلمة،لذا نسجت العامة حوله الاساطير الخيالية حتى اصبح كالإولياء في الموروث الشعبي.قصص خارقة،خزعبلات فوق العادة،خرافات تتجاوز حدود العقل والمعقول.صاحب كرامات متفردة،وخوارق مستحيلة.لذلك سعى البسطاء السذج لملءِ قناديله بالزيت،احراق البخور تحت قبته ،اشعال الشموع في مزاره،تقديم النذور له للتبرك بانفاسه،ذبح الاضاحي تحت قدميه ليرضى عنهم....بنما حقيقة الامر انه كذبة كبيرة،صناعة دمى في العالم الثالث. الاحكام العرفية قدست المدنس ودنست المقدس في لعبة قلب للحقائق والوقائع ونحتت ابطالاً من وحل ليعتلوا اكتاف شعوبهم. 

بعد ان اصبحت الجزائر اطلالاً على عروشها خاوية بفضل 'الجنرال توفيق' وحاشيته. خرج 'الرجل الغامض' ـ بسلامته ـ ليكشف عن ضحالته وضآلته. وتبين لإعمى البصر و البصيرة ان الرجل بالون منفوخ بهواء كريه لا يملك ادنى مقومات الشخصية السوية. قوته تكمن في صلاحيات مطلقة،زنازين مظلمة،تهم جاهزة مفبركة.و لكل مواطن مقاسه،فالخياطون جاهزون للتفصيل ما دامت المقصات بايديهم ولهم الحرية في القصقصة والبهدلة.من هنا خاف الناس على لقمة عيشهم ومستقبل اولادهم منه،فاذعنوا له ولو على حساب كرامتهم رغم انه لا يساوي فشكة فارغة. النكتة الفاقعة ان المحظوظ من المنافقين من يحظى منه بإبتسامة . للاسف كم نافق المنافقون،وابتذل السطحيون في سفح كرامتهم امامه ليحظوا منه بشبه ابتسامة.الاكثر امتهاناً ان تنحني شخصيات سياسية مرموقة امام تمثاله الشمعي لتقديم فروض الطاعة له،مع انه رخو يذوب كـ 'حبة بوظة' ان تعرض قليلا لشمس لافحة او صفعة ساخنة. 

دولة المليون شهيد تحّكم برقبتها 'جنرال' مهووس، يحمل الف عقدة مرضية.نكّل بشبابها..ظلم اهلها ظلماً يعادل ما فعله جنرالات فرنسا المستعمرين.ملة الظلم واحدة لا تنتمي لدين او لون او عرق.الكل في الظلم سواسية، متساوون في تخريب البلد وقتل روح الشموخ في الانسان خليفة الله على الارض. الاشد ايلاماً ان ظلم ذوي القربى اشد مرارة وسفالة ؟. فنتازيا مضحكة ان يتهم الجنرال بلده بالظلم مع ان الظلم هو ابنه الشرعي، وللدقة الظلم ابن الزنا للجنرال الفاجر.فيا للعار ماذا اختلفت الدول العربية الوطنية عما كانت عليه،عندما كانت تحت نير المستعمر. 

في ذكرى اعلان حقوق الانسان،تذكير للجنرال عزرائيل بحق المستضعفين في الارض بحقهم بحياة كريمة، مما حلَّ بهم من عذاب وتعذيب على يديه و ايادي زبانيته،و إستذكار لما لحق بالشعوب العربية من ظلم عسف طغاة مستبدين شردتهم من اوطانهم تحت كل سماء، اغرقتهم في بحار غريبة،دفنتهم في رمال صحارٍ نائية للبحث عن خيمة بمساحة قبر،بينما آثر من بقي منهم ان يكونوا مشاريع شهادة لانتزاع حقوقهم الانسانية كباقي مخلوقات الله التي تمشي على ساقين لا على اربعٍ.فكل شعوب الدنيا تنعم بالامن والحرية والعدالة الا العربان تحولت اوطانهم الى جنهم قاتلة او طاردة لسكانها. 

إتهام الجنرال 'عزرائيل' دولته بالظلم تصرف إنتهازي رخيص،لجأ اليه عندما انهارت مواقعه الدفاعية،ولم يبق في جعبته رصاصة واحدة يصوبها الى راس مواطن في بلده ليشفي غليله ويشبع ميوله العدوانية. اطلاق الاتهامات يمنة ويسرة من هذه الاشكال المريضة،ماهي الا حيلة نفسية لحماية ضميره المعطوب لعلها تشفيه من عذابه المقيم،لكنه القانون الالهي العادل: 'فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره'.الحقيقة التي غابت عن الجنرال، ان التعذيب يفكك شخصية المُعَذِبِ ـ الجلاد ـ كما يفكك شخصية المُعَذَبِ ـ الضحية ـ بل ربما اكثر. الاكثر سوءاً ان الجنرال اياه لم يدرِ في غمرة سطوته و سلطته انه خلّف ارثاً من الامراض النفسية والعقلية والسلوكية في ابناء شعبه ،كتلك التي خلفها جنرالات فرنسا الذين يفتقرون الى ذرة انسانية.فكان العقاب الرباني حيث انعكست عليهم فانتحر بعضهم و بعضهم الاخر نزلاء مصحات نفسية كجنود امريكا العائدين من الحربين الفيتنامية والعراقية،اما المحظوظ فيهم فانه يعاني من التبول اللا ارادي الليلي بسبب رهاب الخوف او نكوص لمرحلة الطفولة المبكرة للتحرر ن الضغوط النفسية التي يرزح تحتها. 

سؤال المليون 'انتيكة' : من يحاكم الجنرال على ما اقترفت يداه من جرائم جنائية ؟!.وذ لماذا لم يُلقمهُ احد من علية القوم/ النخبة حجراً ليخرسه او يتصدَ له بكلمه رداً على اتهاماته لهم بالظلم.التفسير المنطقي للسكوت لا يحتمل الا احد الاحتمالين : اما ان يكون هناك وراء الاكمة ما وراءها او ان الرجل المسعور يحتفظ بنسخ ثقيلة عن ملفاتهم القذرة،وصغائرهم الصغيرة ؟!.فاذا كانت النخب فقدت القدرة على القول،اقول لك :دمي يلعنك حتى تلقى ربك. 'وكذلك جعلنا في كل قرية اكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون الا بانفسهم وما يشعرون '. صدق الله العظيم