صحيفة العرّاب

عجز إسرائيلي عن إعتقال مُنفّذ عملية تل أبيب والمواطنون يختبئون ببيوتهم

 

:قبل شهر فقط تولى المفتّش العامّ للشرطة الإسرائيلي الجديد، روني الشيخ، منصبه، وهو الآن يواجه فشلاً مُدويًّا ومُحرجًا بشكل خاصّ. وبحسب المصادر الإسرائيليّة، هذا هو اليوم الخامس منذ البدء بمطاردة نشأت ملحم، الذي نفّذ يوم الجمعة عملية إطلاق النار، في ضوء النهار وأمام الكثير من الشهود، ومن ثم اختفى كليًّا، ولم يُعثر عليه حتى الآن ولم يتم التوصل إلى طرف خيط. يدّعي أقاربه أنّه ليس سليمًا عقليًا، ولكن الشرطة لا تزال تجد صعوبة في معرفة إذا ما كان يجري الحديث عن قاتل ذكي نجح في الهروب بذكاء ويخطط لخطواته القادمة، أم هو هاوٍ محظوظ ونجا بفضل أخطاء الشرطة والشاباك.

وتربكُ المجموعة المتنوعة من القرائن التي تركها ملحم خلفه المحققين أكثر، بدلاً من أن تساعدهم. على سبيل المثال، من غير الواضح إذا كانت الحقيبة التي تركها في متجر المواد الغذائية الصحية الذي زاره قبل تنفيذ إطلاق النار، وفيها نسخة من القرآن، قد تُركت عن قصد أم قد نسيها خطأ.

ومن غير الواضح أيضًا لماذا كان يرتدي نظارات رغم أنّه لا يعاني من مشاكل في النظر، يبدو أنّه توقع أنّ كاميرات الحراسة ستكشف هويته بسرعة. وقد ألقيَ هاتف ملحم الجوال في الشارع بالمدينة حتى قبل تنفيذ العملية، وعندما شغلت الطفلة التي عثرت على الجهاز وهي في منزلها، اقتحم المكان فورًا رجال الشرطة والجنود، الذين اعتقدوا بحسب مكان الهاتف بأنّ الإرهابي يختبئ في منزلها. وتابعت المصادر، كما أفاد موقع (المصدر) أنّه ما زال من غير الواضح إذا ما كان ملحم قد ترك هاتفه الجوال عمدًا بعيدًا عن مكان العملية من أجل إرباك الشرطة. في البداية، ركّز رجال الشرطة عملية التفتيش في ذلك الحي شمال المدينة، لأنّ ملحم عمل فيه وعرف الحيّ والجيران، ولكن حتى الآن فقد تمّ توسيع التفتيش لكل مدن المركز حول تل أبيب. على أية حال، شدّدّت المصادر، فالمخاوف في أوساط المواطنين، وبشكلٍ خاصٍ سكان تل أبيب، كبيرةً جدًا.

وكلّما تمّ نشر تفاصيل أكثر، يتضح أنّ الشرطة بعيدة عن العثور على ملحم، ولكن وفقًا للتقديرات فما زال يُشكّل خطرًا، حيث كما يبدو فإنّ المدفع الرشاش الذي نفّذ بواسطته عملية إطلاق النار ما زال معه، وهناك تقديرات أنّه من الممكن جدًا أنّه ينوي المهاجمة مجددًا، في مكان وزمان غير واضحين. وأوضحت المصادر أيضًا قائلة: وصل أمس نصف التلاميذ فقط من شمال المدينة إلى مقاعد الدراسة.

ولا تزال المخاوف هذا الصباح كبيرة، ويستمر الكثيرون في رفضهم لإرسال أطفالهم إلى المدارس والروضات لأن إرهابيًا يحمل سلاحًا ما زال يتجوّل حرّا. أما الأطفال الذين ذهبوا إلى المدارس فقد استقبلهم جنود ورجال شرطة مسلّحين يقفون عند المدخل، ويفتشون كل من يمرّ في المكان. وشدّدّت المصادر على أنّ أن الشرطة مرتبكة تمامًا، وتجد صعوبة في العثور على طرف الخيط الذي سيؤدي إلى القبض على ملحم. ومع ذلك، فقد قال مسؤول في الشرطة إنّه مهما كان ذكيًّا، فهو الآن في حالة هروب، وفي النهاية سيرتكب الخطأ الذي سيتيح لنا القبض عليه، على حدّ تعبيره. على صلةٍ بما سلف، ورغم أنّ موجة العُنف الحالية وصلت حتى وسط تل أبيب، فإنّ الحالة السياسية لرئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، أقوى من أيّ وقت مضى، وليست هناك أية جهة سياسية قوية بما يكفي لتطالب نتنياهو بأخذ المسؤولية عن وفاة 29 مواطنًا إسرائيليًّا قُتلوا من قبل فلسطينيين في الأشهر الأربعة الأخيرة. ويبرز فوق الجميع ضعف رئيس المعارضة الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ. فقد ظهر هرتسوغ أمس في ساحة العملية كما لو كان رئيس الحكومة، مصحوبًا بزوجته. وأضاء شمعة تذكارية، معربًا عن تعازيه ومتمنيًا الشفاء العاجل للجرحى. وقال: أشد على أيدي القوى الأمنية، شرطة إسرائيل، والشاباك، من دون أنْ يُوجّه أي نقد لحكومة إسرائيل التي قادت إلى مثل هذا الوضع المحزن. والحقيقة أنّ هرتسوغ، الرجل الذي خطط قبل أشهر فقط أن يهزم نتنياهو في الانتخابات، وقال في كل فرصة وكل مكان سأكون بديلاً لحكومة نتنياهو، لا يُعتبر قائدًا إطلاقًا. ففي استطلاع أجرته مؤخرا قناة الكنيست الإسرائيلي سُئل فيه من هو السياسي الأكثر مناسبة ليتعامل مع القضايا الأمنية، 2% فقط أجابوا أنّ هرتسوغ هو الشخص المناسب.

وذلك رغم أنّ 66% من المجيبين ليسوا راضين عن أداء نتنياهو. ورغم ذلك، يظهر  رئيس بلدية تل أبيب، رون حولدائي، كبديل لنتنياهو. كان حولدائي الزعيم الأول الذي وصل يوم الجمعة إلى ساحة العملية في تل أبيب، بهدف أن يبدي صلاحيته من أجل تهدئة المواطنين. وبخلاف هرتسوغ، لم يوفر حولدائي الانتقادات ضدّ نتنياهو حول الطريقة التي يتعامل فيها مع الوضع الأمني. وتجلّى معظم انتقادات حولدائي، الذي يتولى اليوم منصب رئيس بلدية تل أبيب، باتهام نتنياهو تجاه الجمهور العربي في إسرائيل. ففي تصريحات طلقها صباح هذا اليوم، قال حولدائي: فشل نتنياهو في توفير الأمن لمواطني إسرائيل. ليست لديه رسالة، إنّه يجد شخصًا آخر ليتّهمه بالأشياء التي كان بإمكانه القيام بها خلال السنين، على حدّ تعبيره.