صحيفة العرّاب

توتر في المدينة وأنباء عن صدامات ومقتل اثنين واعتقال 9 أشخاص

القت السلطات السعودية مساء الاثنين القبض على تسعة اشخاص عقب "مصادمات " وقعت في ساحة المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة على ما افاد مصدر رسمي الثلاثاء.

وكانت صدرت دعوات من كبار رجال الدين الشيعة الى العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز للتدخل لحسم الامر والافراج عن معتقلي الشيعة ووقف الاهانات الموجهة لهم من جانب رجال هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
 
وفي تفصيل الحادث فان ما اعلن عن اعتقال الاشخاص التسعة ياتي بعد ثلاثة ايام من اشكال وقع بين مجموعة من الزوار الشيعة وهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (الشرطة الدينية) امام مقبرة البقيع التي تضم رفات معظم الصحابة، في المدينة.
 
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي ان "ما حصل مساء الاثنين عبارة عن مشاجرة بين مجموعة من المصلين والزوار في ساحة المسجد النبوي".
 
واضاف "تم توقيف تسعة اشخاص من المتورطين في افتعال هذه المشاجرة للتحقق من دوافعهم، واسباب تطور المشاجرة". ورفض تأكيد معلومات تداولتها مواقع على الانترنت في المملكة ومفادها ان الشجار كان بين سنة وشيعة، كما نفى ان تكون المواجهة اسفرت عن ضحايا.
 
 
اوضح التركي "اننا امام موضوع مختلف عما حصل امام مقبرة البقيع (في المدينة). فهؤلاء مجموعة من الزوار ومن الصعب ان نقول ان هؤلاء شيعة او سنة الآن قبل انتهاء التحقيق" مشيرا الى ان السلطات ستصدر بيانا يوضح "ملابسات الحادث وجنسيات المشاركين في المشاجرة ودوافعهم لدى انتهاء التحقيقات مع الموقوفين".
 
وتعتبر السعودية نفسها منارة التيار الرئيسي للاسلام السني وتشعر بالقلق من تصاعد نفوذ ايران الشيعية في المنطقة.
 
وقال جعفر الشايب وهو شخصية بارزة بين الاقلية الشيعية في السعودية ان الاشتباكات وقعت بين زوار شيعة للحرم النبوي وبين قوات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقرب من المسجد الذي يضم قبر النبي محمد.وقال "حضر نحو 1500 شيعي بالقرب من المسجد لاحياء ذكرى وفاة النبي محمد."
 
وأضاف "وسعى رجال الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ملوحين بالعصي ومدعومين برجال شرطة في زي مدني لتفريق الحشد."
 
وقال الشايب ان بعض الزوار أصيبوا بجروح بسبب التدافع بعد أن أطلق رجال الشرطة النار في الهواء لتفريق الحشد وأضاف ان سيارات الاسعاف نقلت بعضا منهم بعيدا. وقال ان بعض المتاجر المملوكة للشيعة تعرضت للهجوم.
 
وقال التركي "الامر كان يتعلق بمشاجرة بين الزوار وبين المصلين." وأضاف التركي "هناك الان استجواب لتحديد الدوافع والاسباب." ورفض تأكيد ان الاشتباك كان بين شيعة وقوات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
 
وقال ان تسعة أشخاص احتجزوا لكنه رفض الادلاء بمزيد من التفاصيل قائلا ان بيانا رسميا سيصدر في وقت لاحق.وقال مصدر أمني طلب عدم نشر اسمه لانه غير مصرح له بالحديث لوسائل الاعلام ان سبعة من الزوار الشيعة أصيبوا بجروح نتيجة التدافع ونقلوا الى مستشفى الملك فهد.
 
وبحسب الصحف المحلية، حصلت مشاجرة مساء الجمعة الماضي بين مجموعة من الزوار الشيعة ورجال هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر (الشرطة الدينية) امام مقبرة البقيع.
 
ونشب الشجار نتيجة منع رجال الهيئة الزوار الشيعة من القيام بافعال تعتبر مخالفة في السعودية مثل التبرك بتراب قبور بعض الصحابة. وهاجم الزوار لاحقا مركز الهيئة في المدينة بالحجارة فتدخلت الشرطة والقت القبض على بعضهم، بحسب الصحف.
 
ونقلت الصحف عن امير منطقة المدينة الامير عبدالعزيز بن ماجد ال سعود الثلاثاء قوله "ان المتسببين في احداث البقيع احيلوا للمحاكمة وسيعاملون بمقتضى الانظمة"، مشيرا الى ان "من يأتي الى المسجد النبوي لتأدية مناسكه وفق السنة فهو مخدوم في كل شيء، ومن يفعل ما يتعارض مع السنة ويدخل في متاهات ولا يلتزم بالنظام فلن يسمح له وسيطبق بحقه النظام".
 
رواية تلفزيون العالم
 
من جهته، افاد تلفزيون العالم الايراني الناطق بالعربية ان سعوديين شيعيين من منطقة القطيف قتلا في مواجهات مساء الاثنين، وذلك نقلا عن شهود عيان.
 
وذكر التلفزيون ان مجموعة من الشيعة كانوا يحيون ذكرى استشهاد الامام الثاني، الامام الحسن، المدفون في مقبرة البقيع عندما جرت مواجهات بينهم وبين هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
 
وقدمت منظمة حقوقية سعودية رواية مختلفة للاحداث التي قالت انها اندلعت مساء الجمعة الماضية بسبب تهجم افراد الهيئة على النساء الشيعيات، وقيام احد افرادها بتصويرهن.
 
وذكرت منظمة "حقوق الانسان اولا" التي يوجد مقرها في المنطقة الشرقية "ان الزوار الشيعة للمدينة المنورة تعرضوا لتحرشات واعتداءات سافرة بدأت بتصوير النساء الشيعيات من قبل احد أفراد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم مهاجمة مجموعات من الهيئة لتجمعات الشيعة بل وبعض مناطق سكنهم في المدينة المنورة".
 
واشار بيان المنظمة الى ان "رجال الأمن ساندوا رجال الهيئة في هجومهم على الزوار الشيعة وليس للحد منه".
 
وفي حين عبرت الجمعية عن "استنكارها الشديد للتهجم على الشيعة زوارا ومقيمين في المدينة المنورة"، حذرت "الحكومة السعودية من عواقب كارثية إذا لم تسارع لردع مثل هذه الإعتداءات على جزء من شعبها"، ودعت الى "تحقيق نزيه يقدم بمقتضاه المتسببون في هذه الاحداث للمحاكمة".
 
دعوات رجال دين للملك للتدخل
 
وكانت صدرت دعوات من رجال دين شيعة لإطلاق سراح المعتقلين الذي قبضت عليهم السلطات أثناء زيارتهم لمقابر في منطقة البقيع في المدينة.فقد دعا الشيخ حسن الصفار وهو احد رجال الدين الشيعة البارزين في المملكة العربية السعودية، الملك عبدالله الى التدخل لإنهاء ما وصفه بـ "الممارسات العنيفة والإهانات" من قبل أفراد "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ضد الزوار الشيعة.
جاء ذلك في مناشدة نشرها الصفار اليوم الإثنين على موقعه الإلكتروني. وكانت السلطات السعودية قد قالت إنها تتعامل مع المعتقلين في أحداث البقيع في المدينة "حسب ما يقتضيه النظام" في السعودية.
 
وقد بدأت أحدث البقيع يوم الجمعة الماضي، وتقول السلطات أن شرارتها اندلعت عندما حاول أكثر من ألف شخص من الرجال والنساء والأطفال من الطائفة الشيعية الدخول الى مقابر البقيع التي يدفن فيها أئمة وصحابة، في الوقت غير المخصص للزيارة قبل مغيب الشمس.
 
لكن شهود عيان أفادوا بأن عناصر من "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" صوروا بكاميرات الفيديو زائرات شيعيات في المقبرة.
 
وقد اعتقلت الشرطة خمسة أشخاص قالت أنهم كانوا يدعون الناس الى التجمهر أمام المقابر والتظاهر داخل باحة المسجد النبوي.
 
ونقلت صحيفة عكاظ السعودية عن أمير منطقة المدينة الأمير عبد العزيز بن ماجد قوله:" إن من يأتي إلى المسجد النبوي الشريف لتأدية كل ما يتوافق مع السنة فهو مخدوم في كل شيء".
 
لكنه أضاف أن "من يفعل ما يتعارض مع ذلك ويدخل في متاهات، ولا يلتزم بالنظام، فلن يسمح له، وسيطبق بحقه النظام".
 
إنهاء التجمهر
 
ويقول مراسل بي بي سي في السعودية، تركي السهلي، إن السلطات الأمنية أنهت يوم الإثنين عن طريق القوة التجمهر الثاني لمجموعة من الطائفة الشيعية أمام مقابر البقيع.
 
وأدى تفريق رجال الأمن للمتجمهرين أمام المقابر بعد صلاة العصر يوم الإثنين المصادف 23 فبراير/ شباط الى إصابة ثمانية أشخاص بجروح متفرقة. ومن بين المصابين شخص أصيب بطلق ناري حسبما أفادت الأنباء.
 
يذكر أن هؤلاء الزوار قدموا الى المدينة من المنطقة الشرقية في السعودية.
 
ويضيف المراسل أن السلطات السعودية تخصص وقتا يمتد ما بين صلاة الفجر حتى مغيب الشمس لزيارة المقابر.
 
وقد أدت تلك الأحداث الى اعتقال خمسة أشخاص كانوا يدعون الناس الى التجمهر أما المقابر والتظاهر داخل باجة المسجد النبوي.وتلت أحداث يوم الجمعة مطالبات عبر مواقع في الإنترنت تطالب بالتظاهر والاعتصام من أجل إطلاق سراح المعتقلين والسماح بزيارة المقابر.
 
يشار إلى ان الشيعة يمثلون أقلية تقدر ما بين 10 إلى 15 في المئة من سكان السعودية، حيث تسكن نسبة كبيرة منهم في المنطقة الشرقية، والمدينة المنورة، فيما يسكن أتباع المذهب الاسماعيلي في منطقة نجران القريبة من حدود السعودية مع اليمن.