- شن الدكتور محمد البرادعي الذي شغل سابقا منصب نائب الرئيس المصري عقب عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي ، هجوما على الرئيس المصري الحالي عبدالفتاح السيسي، ضمنا، وعلى الرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر وأنور السادات صراحة في حواره مع شبكة "التلفزيون العربي" الذي اذيع مساء السبت .
وفي الجزء الأول من حواره ضمن برنامج "وفي رواية أخرى"، عبر "التلفزيون العربي"، قال البرادعي إن ضابط القوات المسلحة قد يكون قائدا عسكريا عظيما، ولكن لا يستطع إدارة وزارة التربية والتعليم، الأمر الذي اعتبره نشطاء ومراقبون انتقادا ضمنيا للسيسي، الذي قفز مباشرة من مناصب عسكرية بحتة إلى حكم مصر.
وأبدى البرادعي دهشته مما تعرض له من بشاعة، وتحويله من زعيم وطني إلى شيطان لمجرد أنه طالب بالحرية في مصر، بحسب وصفه.
وخصص معظم حديثه في هذا الجزء من حواره للتعليق على قرارات عبدالناصر، وخلفه السادات، وفجَّر عددا من المفاجآت فيما يتعلق بقراراتهما في الحرب والسلم، موجها إليها انتقادات قوية.
وفي البداية، قال البرادعي إنه لا يمكن بناء دولة دون مشاركة الشعب، ودون اختيار الأصلح للقيادة، مضيفا : حتى لو ان هناك ما يُسمى بالقائد العظيم والمُلهم إلا أن حكم المنفرد ينتهي بهزيمة، كما حدث في 67، أو تحدث نكبة كالتي تعرض لها العالم العربي عندما أخذت إسرائيل معظم الأراضي العربية .
وأضاف: "صحيح أن الديمقراطية سخيفة وبطيئة، ولكن الفشل بها أقل كثيرا، لأنها تمر بفلاتر، ودولة مؤسسات ورقابة".
وأوضح أنه لا يوجد ما يُسمى "زعيم متفرد بالحكم، وعادل"، مضيفا: "المشكلة في الحاكم الفرد أنه لو أخطأ مرة فانه يتسبب برجوع البلد للوراء".
ووصف البرادعي مبادئ ثورة 1952 بـ"الممتازة"، مضيفا: "ولكن لم تنفذ". وأضاف أن عبد الناصر كان قائدا في الاستقلال الوطني، ولكن من عيوبه أنه سلب الشعب المصري حريته، و"تحولنا من فكرة الزعيم المُلهم، واعتمد على أشخاص معدومة الكفاءة، وهمَّش النخبة"، بحسب قوله.
وحول هزيمة1967، قال إن مصر والدول العربية لم يتجاوزوا حتى الآن حرب 1967. وأكد أنه فوجئ بهزيمة 1967، مضيفا: "كنا تحت الانطباع أن لدينا جيشا قويا" .
وتساءل: " كيف ستنتصر في حرب ، وأنت مُهمش لشعبك "، معتبرا أن الجنود المصريين دخلوا حرب 1967، وهم "مقهورون"، وغير مؤهلين لها، وفق وصفه.
وكشف البرادعي أن وزير الخارجية محمود فوزي اقترح على جمال عبد الناصر قبول المشروع اللاتيني، الذي ينص على انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية بعد 1967، وإنهاء حالة الحرب، ولكنه رفض، ولم نر استقالة من أحد".
وكشف أن الدول العربية صفقت لإسقاط مشروع قرار قدمته 18 دولة لاتينية في شهر حزيران 1967، بعد احتلال إسرائيل للأراضي العربية.
وأوضح أن 18 دولة من أميركا الجنوبية قدمت مشروع قرار من فقرتين تضمَّن إنهاء حالة الحرب مع إسرائيل، وانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها بعد حرب 1967، ولكن العرب لم يسعوا لإسقاط القرار فقط، بل تواصلنا مع الأصدقاء كافة لإسقاطه.
وأضاف أنه لو مرَّ القرار اللاتيني لكانت أراضينا تحت يدينا الآن، مضيفا أن العرب وطوال تاريخهم لم يكن عندهم تقدير سليم لقدراتهم، وتحديد مطالبهم وإمكاناتهم".
وقال إن المندوب الأمريكي بمجلس الأمن عرض على البعثة الدبلوماسية المصرية بمجلس الأمن مع بداية حرب 1967 وقف الحرب، لكننا أجرينا اتصالات بالقيادة المصرية، وجاءنا الرد بالرفض.
وأضاف أن وزير الخارجية المصرية محمود رياض نفى لنا ما ردده الإعلام الغربي من أن الطيران المصري دمر ، فتحدثنا داخل المجلس عن السيادة المصرية، ورفضنا تواجد قوات طوارئ.
وتابع: "بعدها بيوم تلقينا اتصالا من الخارجية المصرية، وطُلب منا قبول وقف إطلاق النار، وقررنا الذهاب للمندوب الأمريكي لقبول العرض، لكنه رد قائلا: "كان زمان وجبر".
واعتبر البرادعي أن زيارة السادات للقدس كانت استباقا للأمور، ومفاجأة للأمريكيين، وكشف أنه أطلع على وثيقة من الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر أرسلها للرئاسة المصرية، أعرب فيها عن دهشته من زيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات للقدس، وتساءل فيها عن سبب الزيارة المفاجئة دون انتظار مؤتمر جنيف.
وأضاف أنه كانت هناك استعدادات من قبل الأمريكيين لمؤتمر في جنيف، وبعد ما زار السادات القدس، أرسل كارتر برقية، وتساءل: "لماذا زار إسرائيل قبل انعقاد مؤتمر جنيف؟".
ورأى البرادعي أن معاهدة "كامب ديفيد"، التي وقعها السادات مع الإسرائيليين برعاية أميركية، أخرجت مصر لمدة عشر سنوات من العالم العربي، وبعدها لم تعد مصر كقلب العالم العربي مثلما كانت " .
وأضاف: "كامب ديفيد فتحت لإسرائيل الباب أنها تعربد في المنطقة، لأن مصر، رمانة الميزان، خرجت".
وأردف أن العرب حتى الآن لم يحددوا مصالحهم، متسائلا حول دور الجامعة العربية بقوله: "هل استطيع القول إن عندنا جامعة عربية؟"، مشيرا إلى أن العالم العربي مُهمش تماما.
وأضاف أن العالم الآن يُعاني من أزمة حكم، متابعا: "ماذا سيقول العالم وقادة العرب والمسلمين لو سألهم الطفل السوري آلان كردي: أنا مت لماذا ، ولماذا دمرتوا بلدي؟".
وفي المقابل، أبدى إعلاميو السيسي انزعاجهم من حوار البرادعي، ولجأوا في الرد عليه إلى نشر مكالمات هاتفية له إبان تواجده بمصر بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، مسجلة عن طريق أجهزة الأمن والمخابرات المصرية.
فأذاع أحمد موسى (المقرب من الأجهزة الامنية والمخابرات ، عبر برنامجه "على مسؤوليتي، بفضائية "صدى البلد"، عددا من تلك التسريبات، قائلا إنها "مكالمات هاتفية للبرادعي مع عدد من الشخصيات الإعلامية والسياسية عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011" ، وفيها هاجم البرادعي شخصيات إعلامية وعسكرية كثيرة.
من جهته، علق البرادعي على إذاعة موسى، عددا من مكالماته الهاتفية، بالقول: "تسجيل وتحريف وبث المكالمات الشخصية (إنجاز) فاشي مبهر للعالم، أشفق عليك يا وطني" .
وأضاف، في تغريدة بالإنجليزية، عبر حسابه بموقع "تويتر"، أن "التنصت على المحادثات الهاتفية الخاصة من المعارضين السياسيين، وبثها على شاشة التلفزيون، يُعتبر فاشية تطل بوجهها القبيح مرة أخرى"، بحسب قوله.
وبجانب تسريب المكالمات، تعرض البرادعي للسب والقذف المباشر من قبل عدد من إعلاميي السيسي.