أكد سياسيون أن نجاح قمة عمان على النحو المثير الذي جاءت به، لم يكن نتيجة حسن التنظيم والوفادة والترتيبات الملائمة فحسب، بل بجمع الصف العربي في توقيت دقيق، وطرح قضايا حساسة ذات مساس بالقضايا المركزية التي تهم الأمة العربية بأكملها.
واعتبروا أن القمة نجحت سياسيا واقتصاديا بامتياز، وكانت نتائجها وملامحها الأفضل على مدار القمم السابقة.
وهذا ما أكده رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري ، الذي قال إن "مجرد انعقاد القمة كمبدأ وأساس بهذا الزخم، هو، بحد ذاته، أمر إيجابي ومهم".
وأضاف المصري أن انعقاد القمة "يؤكد أن المفهوم العربي موجود، ويمكن إحياؤه بشكل قوي، كما أن القرارات التي صدرت أو تلك التي أعيد التأكيد عليها مع قرارات سابقة، جاءت قوية وواضحة".
وأشار إلى أن القمة "أعادت اللحمة العربية بعد حالة التشرذم والخلافات الطائفية، وكان مصدر نجاحها تناولها قضايا مصيرية على رأسها القضية الفلسطينية، حيث تم التأكيد عليها، وخصوصا المبادرة العربية، ومحاربة الإرهاب، والتدخل في الشؤون العربية مع بعض العتب".
وأضاف: "والأهم من ذلك كله أن يشعر العالم أن هناك عالما عربيا متفقا على دعم قضاياه الكاملة، وكلمة عربية واحدة سيتم إشهارها عند الحديث مع الدول الأخرى".
وأشار إلى أن "الملك عبد الله الثاني، هو الأقدر على التحدث بالقضايا العربية، وهو رئيس القمة العربية، وعندما يتم نقل الموقف العربي للولايات المتحدة ودول العالم، سيتم التحدث عن القضايا العربية، وبكلمة عربية واحدة، وموقف قوي موحد، من خلال رئاسة القمة ذات الشرعية العربية المؤيدة بقرارات القمة".
ووجه المصري رسالة بهذا الخصوص قال فيها إنه "وفي ظل التبعثر والانقسام والصراعات العربية، أصبح هناك موقف يمكن أن يوجه للعالم كله، عبر القمة العربية، فهناك خطاب عربي موحد، وقرارات مركزة شبيهة بمواقف دول قوية مثل تركيا وإيران".
من جانبه، قال وزير الصحة الأسبق الدكتور عبد اللطيف وريكات إن "تنظيم القمة كان مثيرا للإعجاب، ومصداقية جلالة الملك تؤشر بكل صراحة على أنه انتصار لسياسة جلالته المتوازنة، وانتصار للدبلوماسية الأردنية، التي شخصت الجرح العربي، وحاولت لأم الجراح، وكسر حالة الجمود في العلاقات العربية العربية، والخروج من النفق المظلم الذي خلفه تضارب المصالح والصراعات البينية بين الدول العربية، وجعلت العرب حلفاء لبعضهم البعض دون البحث عن حليف قوي جديد".
واعتبر وريكات أن القمة "كانت فرصة سانحة لوضع التصورات إزاء القضايا العربية الراهنة على طاولة البحث، وفتح باب النقاش حولها، والوساطات العربية لكسر حالة الخلاف التي استمرت أعواما".
وشدد على أن "جلالة الملك، بنظرته الاستشرافية، حاول جمع أكبر قدر من الزعماء العرب لجمع كلمة الصف العربية، لتكون جامعة صادقة لخير شعوبها، ما انعكس إيجابا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا عليهم".
من جهته، قال الوزير الأسبق لشؤون رئاسة الوزراء سلامة النعيمات إن "انعقاد القمة في هذا الظرف الدقيق، إنجاز للعرب والأردن، إذ كان الأصل أن تعقد في اليمن، لكن حرص الأردن على عقد القمة في موعدها، يدلل على اهتمام جلالة الملك بوحدة الصف العربي، وإدراكه حجم المخاطر التي تواجه العرب".
ولفت إلى أن "الاجتماع على هذا المستوى من التمثيل، إنجاز كبير، فضلا عن القرارات التي توصلت إليها القمة، وهي غير مسبوقة، وتتعلق بوقف نزيف الدم العربي في سورية والعراق وليبيا واليمن، حيث عالج المؤتمر قضايا ذات علاقة بالإرهاب والتطرف وخطورة وجود خوارج العصر".
واعتبر أن "الاهتمام الكبير الذي أولته القمة بالقضية المحورية للعرب، القضية الفلسطينية، جهد يسجل للأردن، فقد كان الاهتمام بها على رأس سلم اهتمامات القادة العرب، وخاصة جلالة الملك، الذي عمل على أن تكون القضية الفلسطينية على رأس أجندة القمة".
كما اعتبر أن "وجود جلالة الملك رئيسا للقمة العربية، يمنحها القدرة على تنفيذ قراراتها، لما يتمتع به جلالته من سمعة دولية وتوازن في الخطاب السياسي، ما يؤهله ليكون الأقدر على حمل القضايا المصيرية للعرب".
وأشار إلى أن ما حدث "إنجاز كبير للمواطن العربي، الذي يتوق إلى وحدة الصف، والدعوة إلى التنسيق المستمر بين القادة العرب، وتدارس شؤونهم لتشكيل رأي عربي موحد إزاء مختلف القضايا الاقتصادية والسياسية".
من جانبه، قال وزير الزراعة الأسبق سعيد المصري، إن "مستوى التنظيم في القمة، كان مثيرا للإعجاب، بالإضافة إلى مصداقية جلالة الملك، الذي استطاع إقناع 16 زعيما عربيا بحضور القمة، وهو ما يؤشر بوضوح إلى أن المؤتمر، بتجهيزاته وحضوره المميز، هو انتصار لسياسة جلالته المتوازنة مع كل العرب".
وأشار إلى أن جلالته "يحظى بثقة ملوك وشعوب الأمة العربية، ونحن في مرحلة نحتاج فيها إلى زعماء شخصوا الحالة العربية وقضاياها المفصلية، والخلافات التي تعصف بها، وحاول جلالته التدخل لوضع حد للبعثرة التي تشعر بها الشعوب العربية، وتوحيد الصف العربي، لحماية المصالح العربية".
واعتبر المصري أن قرارات القمة هي "تفويض عربي لجلالة الملك لإرسال رسالة للعالم والإدارة الأميركية، التي ستستمع بآذان صاغية لجلالته، خاصة وأنه رئيس القمة العربية الحريص على تنفيذ مضامين قراراتها".
ولفت إلى أن النظرة الاستراتيجية للملك جاءت "بهدف تحصين العالم العربي، والاتفاق على منظومة أمنية نابذة للإرهاب، وتأمين الإقليم ليكون عصيا على الدخول في أتونه".
وأكد أهمية المشاريع الاقتصادية وجذب الاستثمارات للأردن والدول العربية المجاورة، لتشكيل وحدة اقتصادية منيعة، أساسها التجارة الحرة العربية، مشيرا إلى أن القمة "نجحت بصورة كبيرة، رغم عدم رفع سقف التوقعات، إلا أن التحركات الاستراتيجية لجلالته ستمنح القرارات قوة ودافعا لتنفيذها".