صحيفة العرّاب

الاعتداء على رجال الأمن...الجميع خاسرون!!

  في وقت تتكرر فيه حوادث الاعتداء على رجال الأمن، تعد هذه الأحداث فردية ولا تعبر إلا عن السلوك الجرمي لفئة من أصحاب السوابق، ومن يحملون سيراً جرمية متعددة.

هذه الحوادث بالرغم من قلتها لكنها تفتح الباب على مصراعيه بضرورة البحث في الاسباب الدافعة لها، ولتكرارها، بغية الوصول اليها والقضاء على البيئة المحفزة لمثل هذه السلوكيات من خلال منظومة علاج شمولية ومتكاملة تحفظ هيبة الدولة والقانون وتحمي ابناء الاجهزة الامنية من شطط الفئة المجرمة.

من هنا ففي كل فعل مدان يستهدف رجال الأمن نصل إلى نتيجة مؤداها أن الوطن والمواطن خاسرون، إذ نخسر في كل حادثة العديد من أبنائنا بأفعال ثلة من المجرمين بلا أدنى مبرر سوى الحرص على تعزيز سيادة القانون وتطبيقه بما يحفظ أمن الوطن والمواطن.

وتبقى الدوافع وراء مثل هذه الأفعال والسلوكات السؤال المشروع الذي يجول في بال الكثيرين حول الأسباب المحفزة لبيئة مثل هذه السلوكيات التي تكررت أخيرا في المملكة، وصولاً لإجابة حول هذا الفعل المدان تجاه هيبة الدولة وأبناء الأجهزة الأمنية.

أسباب عديدة ومتنوعة مرتبطة بهذه الأفعال الغريبة على مجتمعنا، ترتبط بدوافع اقتصادية واجتماعية، فضلا عن أسباب مرتبطة بكفاءة الأجهزة الأمنية في التعامل مع هذه الفئة المجرمة، وتعارض واجب الاجهزة في تطبيق سيادة القانون مع مصالحهم الجرمية.

تكرار هذه الاعتداءات والسلوكيات حيال رجال الأمن تعود وفقاً لأستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأردنية الدكتور بدر الماضي إلى كفاءة هذه الأجهزة في الوصول ومحاولة الوصول لكل المجرمين وأصحاب السوابق الجرمية وقضايا المخدرات والقضايا التي تمس أمن الوطن.

المتتبع للحوادث التي استهدفت رجال الامن يذهب بإتجاه ضرورة التأهيل المجتمعي لاصحاب السوابق وادماجهم بشكل طبيعي في المجتمع في اشارة الى المسؤولية الملقاة على المؤسسات الاجتماعية المتخصصة للقيام بأدوارها.

وهذا ما يذهب اليه الدكتور الماضي بالاشارة إلى وجود «تقصير كبير جداً من بعض المؤسسات حيال محاولة التوعية لدى الجيل الناشىء ونظرتهم تجاه رجال الأمن». ودعا جميع المؤسسات المعنية وذات الصلة لإعادة قراءة مصادر التنشئة الاجتماعية بما يكفل مخاطبة النشء الجديد.

استهداف الأجهزة الأمنية وإلحاق الضرر بأبنائها كان وسيظل محل رفض وإدانة شعبية من قبل المجتمع الأردني الذي يتبرأ من هكذا حوادث فردية لا تمثل ولا تعبر عن وجدانه تجاه الأجهزة الامنية والادوار المقدسة تجاه أمن الوطن والمواطن.

ردة الفعل الشعبية القوية المناوئة والرافضة لمثل هذه الاعتداءات على رجال الأمن تؤكد وبوضوح، أن المواطن الأردني ما زال يحتفظ بقيم نبيلة كبيرة تجاه هذه المؤسسات (الأمنية) التي لها في الوجدان احتراماً وتقديراً تجاه أبناء هذه المؤسسات.

هذه الأفعال المدانة رسمياً وشعبياً والمرفوضة أياً كان شكلها وطريقتها، تمثل، كما يراها الماضي، جرحاً يصيب الدولة والمجتمع.

وتعد هذه السلوكات والأفعال المشينة تجاه رجال الأمن حوادث فردية «لا تعبر عن نتاج مجتمعي في المملكة وهي عمل فردي لا يمثل الا نفسه وسلوكه الجرمي» وفقاً للدكتور الماضي.

ويشدد الماضي على ضرورة إيجاد الرؤى الحقيقية في المجال الأمني والاقتصادي والاجتماعي، من خلال سلسلة من الأفكار المترابطة لمحاولة دحر مثل هذه الأفكار المدانة والمرفوضة من الجميع.

ويلفت الدكتور الماضي الى أن فئة قليلة في المجتمع الأردني بدأت بفقد الحس القيمي تجاه هذه المنظومة الأمنية، وأصابها العطب والخلل الفكري، مشيراً في هذا السياق الى أن هذه الفئة لم تستطع أن تفرق بين مصالحها الخاصة الذاتية والمصالح المجتمعية.