صحيفة العرّاب

خشية تهديد سيادة الدولة.. سياسيون يعارضون منح المرأة الأردنية الجنسية لأفراد أسرتها

بين نظرة سياسية ترى أن رفع التحفظ عن المادة التاسعة من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"، يهدد أمن وسيادة الدولة الأردنية، وأخرى قانونية تؤمن بأن الدستور الأردني هو السند القانوني في منح المرأة الأردنية جنسيتها لزوجها وأبنائها، دون الحاجة للاتفاق الدولي "سيداو"، تباينت أطروحات مجتمعين يمثلون أطيافا فكرية وسياسية ودينية، خلال ندوة حوارية عقدها مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان مؤخرا، على مبررات الدولة في التحفظ على المادة التاسعة من اتفاق "سيداو"، والمتعلقة بمنح المرأة جنسيتها لزوجها وأبنائها، والمادة السادسة عشرة من ذات الاتفاق، والمتعلقة بالحقوق والمسؤوليات في عقد الزواج.

الكاتب الصحفي ناهض حتر، طرح البعد السياسي للمادة التاسعة من الاتفاق، واعتبر أن منح المرأة الأردنية الجنسية لزوجها وأبنائها غير الأردنيين، قضية تمس أمن ومصلحة الدولة العليا؛ فالجهات العليا في الدولة لا تملك صلاحية رفع التحفظ حيال ذلك البند.
وتابع حتر، بأنه «يقيم في الأردن ما يقارب مليوني أردني من أصل فلسطيني، وهم أردنيون لا غبار على انتمائهم، ومن غير الممكن ولا المقبول سحب جنسياتهم، بينما تكمن المشكلة في إقامة ثمانمائة ألف فلسطيني من حملة البطاقات الخضراء والصفراء وهم مواطنو الضفة الغربية، ويجب أن يقيموا في فلسطين حفاظا على هويتهم الفلسطينية».
وأضاف، أن «زواج الأردنيات من أبناء عمومتهن الفلسطينيين في كثير من الأحيان، كان بهدف الحصول على الجنسية الأردنية». ويلخص حتر قوله: بانه "إذا كانت قضية حقوق المرأة الأردنية تتعارض مع مصلحة الدولة العليا، وتصب برأيه في مصلحة تحقيق المشروع الصهيوني في الوطن البديل، وتهدف إلى تجنيس الفلسطينيين في الأردن، فالأولوية لمصلحة الدولة العليا".
واقترح "منح الفلسطينيين المقيمين في الأردن بطاقة خدماتية تتيح لهم الاستفادة من الخدمات الصحية والتعليمية ما عدا المشاركة السياسية، ما يسهل حياتهم وحياة أسرهم".
فيما تعتقد المحاضرة في مركز دراسات المرأة في الجامعة الاردنية د.عبير الدبابنة، أن الدستور الأردني ساوى بين الأردنيين أمام القانون؛ فالتفسير لـ"الأردنيين" لم يدل على الجنس، ما يعني أن الأردني مواطن تتعين له حقوق وواجبات بغض النظر عن جنسه.
وأوضحت، أن المواثيق الدولية والاتفاقيات كفلت للمواطن جنسية البلد التي يقيم فيها، مشيرة إلى أن الحق في الجنسية من حقوق المواطنة الذي يسلب من المرأة الأردنية؛ حيث إن دولا تمنح الجنسية لمجرد أن تلد امرأة فوق أراضيها.
وتساءلت الدبابنة «لماذا لا يمنح الفلسطينيون الجنسية؟ وإنه عند قيام الدولة الفلسطينية فليعد من يرغب في العودة؛ حيث إن كثيرا من الفلسطينيين لم يعرفوا وطنا غير الأردن وهم على درجة عالية من الوطنية والانتماء».
واعتبرت الدبابنة "أننا لسنا بحاجة لـ"سيداو" لتمنحنا حقوقنا، لأن الدستور الأردني هو السند القانوني الذي أعطى المرأة هذا الحق".
وأشارت الى أن «حرمان المرأة من هذا الحق هو انتقاص لحقها كمواطنة، وتدخُّل صارخٌ في حقها باختيار زوجها، وأنه بغض النظر عن صحة أو خطأ هذا الخيار، فهي من ستتحمل مسؤولية اختيارها، وليس للدولة الحق في التدخل في قرارها، بينما يملك الرجل حرية الاختيار فلا يتقيد بجنسية ولا قانون.
وأضافت ، أن «المرأة الأردنية هي التي تربي وتزرع قيم الولاء والانتماء والمواطنة عند أبنائها، وبحرمانها من هذا الحق فإننا نخلق جيلا غير منتم لدولة حرمته حقا كفله له القانون والمواثيق الدولية". 
وحول التحفظ على "المساواة بين المرأة والرجل في الزواج والطلاق والولاية والنفقة"، رفضت النائب الإسلامي السابق د. حياة المسيمي، رفضا قاطعا رفع التحفظ عن هذا البند، باعتبار أن "سيداو" لا تعد ملائمة لخصوصية مجتمعاتنا العربية.
وباعتقاد المسيمي، فإن المشكلة الحقيقية تكمن في أن المرأة الأردنية واقعة في فخ الأمية الحقوقية، فهي تجهل حقوقها التي منحتها لها الشريعة، فأعطتها حق الميراث لكنها تجبر على التنازل عنه بحكم الأعراف والتقاليد.
وطالبت المسيمي، بمنع القاضي المرأة الأردنية التنازل عن ميراثها قبل مرور 40 يوما على وفاة المورث، لأن هذه الفترة هي التي يتم فيها الضغط على المرأة للتنازل.
وفي معرض إجابتها عن تباين البنود المتحفظ عليها لدى الدول العربية في المادة 16، على الرغم من اتفاق الدول العربية على أن سبب التحفظ هو مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية، رأت المسيمي أن الإسلام في تونس والمغرب، ليس الإسلام الحقيقي الذي نعرفه وإن خلاف الفقهاء حول أحاديث وروايات الرسول – صلى الله عليه وسلم_ هو الذي أوقع هذه الدول في فخ الاختلاف.
وأوضحت المسيمي أن الإسلام شرع للرجل تكرار الزواج، لكنه أعطاها حق اشتراط عدم زواجه عليها في عقد الزواج، فلها أن ترفض ذلك لكنها لا تستطيع أن تمنعه.
وعبرت المسيمي عن عدم موافقتها على رفع التحفظ عن المادة الخامسة عشرة والتي تمنح المرأة الحرية في التنقل والسفر وتحديد مكان السكن، وأن نتائج هذا الرفع سيظهر في المستقبل.
واعتبرت أن ارتفاع سن الزواج قد زاد من مشكلة العنوسة في الأردن، لاعتقادها أن ذلك ناجم عن محاربة زواج صغيرات السن.
فيما أوضحت الدبابنة، أن القانون الأردني لم يكن يمانع في أن يكون للمرأة الحرية في السفر والتنقل أو حتى السكن، وأنه حتى في حالات الشقاق والنزاع فإن القاضي يأمر الزوجة بالذهاب مع زوجها لكنه لا يجبرها، وإذا رفضت فإن يسقط عنها حق النفقة وحسب.