صحيفة العرّاب

خبراء: الاحتلال يخطط لجعل القدس مدينة عالمية لليهود

  أجمع خبراء ومختصون بالشأن الفلسطيني على ان واقع القدس يشهد العديد من الممارسات الاسرائيلية غير الشرعية لطمس الهوية وعروبة المدينة المقدسة والتهميش لأجيال متتالية، وقطع الخدمات الصحية، وشل الحركة التجارية والاقتصادية تمهيدا لتهجير سكانها الفلسطينيين البالغ عددهم 300 ألف.

وأوضح الخبراء، بمناسبة يوم القدس الذي يصادف غدا الاثنين والذي حرر فيه صلاح الدين الايوبي القدس في العام 1687، أن الاحتلال يحاول من خلال مخططاته ومشاريعه ومنها مشروع (5800) التأسيس للمدينة لتصبح عاصمة لجميع يهود العالم.

' أسرلة التعليم' وقالت الباحثة الفلسطينية سلمى الخالدي، الأخصائية بالتعليم الجامع، ان الاحتلال يتبع سياسة ممنهجة ترمي الى طمس الهوية الفلسطينية باتباع سياسة التجهيل والتهميش للأطفال الذين تصل نسبتهم حوالي 39 بالمئة من سكان مدينة القدس، مشيرة الى ان ممارسات الاحتلال من قمع وتشريد وحصار والاعدامات الميدانية واعتقال الاطفال، يهدد فرص هؤلاء الأطفال بالتمتع بحقوقهم الاساسية.

وأشارت الى تعدد مرجعيات قطاع التعليم في القدس حيث يشرف عليه خمس جهات هي دائرة الاوقاف، مديرية التربية والتعليم في القدس التابعة لوزارة التربية والتعليم التي تشرف على 14 في المائة من المدارس فقط، ومدارس البلدية الاسرائيلية التي تشرف على 44 في المائة من المدارس، إضافة الى قطاع المدارس الخاصة، ومدارس المقاولات التابعة لوزارة المعارف الاسرائيلية، فيما تشرف 'الاونروا' على 2 في المائة من المدارس.

وبينت أن هذا التعدد يصعّب الحصول على بيانات ومعلومات دقيقة حول التعليمات، إلا أن هناك حقائق تشير الى ان 36 في المائة من الطلبة على أقل تقدير لا يكملون الصف الثاني عشر، عدا عن النقص الحاد في الغرف الصفية الذي يقدر بـ 2200 غرفة ولا تستوفي المعايير الدولية، وكذلك النقص بالكوادر البشرية، حيث يحظر على المعلمين من حملة هوية الضفة الغربية دخول القدس بدون تصاريح اسرائيلية.

وأشارت الى محاولات 'أسرلة التعليم' من خلال استخدام مناهج فلسطينية محرفة، حيث تقوم السلطات الاسرائيلية بإعادة طبع جميع كتب المناهج، حاذفة منها كل ما يتعلق بالهوية الفلسطينية كأسماء المدن والقرى والاماكن الفلسطينية والابيات الشعرية والرموز الوطنية وغيرها، لافتة الى انه يجري الآن تطبيق نظام التوجيهي الاسرائيلي (البيغروت) على المدارس التابعة لسلطة البلدية الاسرائيلية.

معاناة في الجانب الصحي وقال الدكتور هيثم الحسن رئيس قسم الجراحة بمستشفى المقاصد ان عزل القدس بالجدارين، الجدار الاسمنتي والجدار غير المرئي عن طريق سن قوانين عنصرية او تصرفات عنصرية بقوة عسكرية يؤثر على الخدمات الصحية الفلسطينية، إذ لم يعد بالإمكان إحضار الاجهزة الطبية للقدس من الضفة الغربية او من الخارج، كما لم يعد بالإمكان شراء أدوية فلسطينية وادخالها للقدس، وفاتورة شراء الدواء زادت بمعدل ربع مليون دولار سنويا، عدا عن التباطؤ بوصول الأدوية.

وأشار الى انه هناك هروبا واضح للكفاءات الطبية لأماكن عمل أكثر راحة، كما يجد الاطباء صعوبة في اعداد ابحاث طبية، وليس هناك اعتراف ببرامج الاقامة والتخصص للمقدسيين بالذات، والمطالبة بترخيص المقيمين والتمريض ممنوع تحت طائلة الاغلاق، ومنع ترخيص توسعة المستشفيات والمؤسسات الطبية، والاستيلاء على ممتلكات المستشفى واصوله في حال التأخر عن السداد.

تأثير الجدار الفاصل على الحياة الاقتصادية في القدس فيما قال الباحث في الاقتصاد الفلسطيني محمد قرش ان الجدار الفاصل العنصري اثر على الحركة الاقتصادية في القدس واثر على التبادل التجاري بين القدس ومناطق الضفة الغربية، عد عن الاستنزاف المادي الذي تتعرض له الاسر المقدسية جراء التعامل القهري مع الجدار العنصري وعزل العاصمة عن بقية الجسم الفلسطيني وخاصة في البلدة القديمة.

وأشار الى تراجع السياحة العربية السياحة العربية بسبب السياسات الإسرائيلية المفروضة على المدينة منذ سنوات، بنسبة تزيد على 60 في المائة بسبب تدهور الاوضاع الامنية والسياسات الاسرائيلية التي أوقفت تدفق الوفود السياحة الأجنبية والعربية إلى مدينة القدس، فيما تراجعت السياحة الداخلية بنسبة تزيد على 80 في المائة، ولذلك أًبحت أسواق البلدة القديمة في القدس شبه خاوية.

وبين ان السلطات الاسرائيلية تواصل هدم المنازل الفلسطينية في القدس تحت ذرائع وحجج واهية، بموازاة فرض غرامات باهظة على سكانها الفلسطينيين ومخالفات مالية بحجة بناء 'بدون ترخيص'، وفي هذا تجني بلدية القدس الاسرائيلية حوالي 22 مليون دولار سنويا من جيوب هؤلاء المواطنين سنويا.

وأشار الى ان قرار بلدية القدس الاسرائيلية بإلغاء الميزانية المخصّصة لتخطيط الأحياء العربية بالقدس، يأتي في سياق الأهداف المعلنة للحكومة الإسرائيلية باستهداف كل الوجود الفلسطيني في القدس المحتلة.

الجانب القانوني وقال خبير القانون الدولي المحامي الدكتور انيس فوزي قاسم اننا في العام 2004 كانت بين أيدينا وثيقة من ذهب، لم نعرف ولم نتعلم كيف نستفيد من هذه الوثيقة، وهي الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في قضية جدار الفصل العنصري، وهي ارفع مؤسسة قانونية دولية وأحد اجهزة هيئة الامم المتحدة وتتمتع بمصداقية عالية.

وأشار الى ان هذه القضية رغم انها سميت 'قضية الجدار'، الا ان المحكمة تناولت القضية الفلسطينية بكامل أبعادها، وأهمية هذا القرار ليس لأنه صدر بأغلبية 14 صوتا ضد صوت واحد، وإنما لأنه ردّ على كثير من المقولات والاطروحات الاسرائيلية والصهيونية ورجال قانون أجانب يتبنون وجهة النظر الاسرائيلية.

وأوضح انه لما صدر القرار الاممي رقم (242) عن مجلس الامن الدولي عن عدوان عام 1967 ورد في نص القرار ان 'اسرائيل تنسحب من 'اراض' وليس من 'الاراضي المحتلة'، ومع الزمن نشأت هنالك كتلة من فقهاء القانون الدولي يسمون بـ 'مجموعة أل التعريف' والذين فسروا القرار (242) على انه يكفي ان تنسحب اسرائيل من 'اراض' وليس من جميع الاراضي المحتلة، وتجاهلوا المبدأ القانوني الهام الذي ورد في مقدمة القرار بأنه 'لا يجوز الاستيلاء على اراضي الغير بالقوة'.

وجاء الرأي الاستشاري للمحكمة ليحدد ان 'الاراضي المحتلة' هي جميع الارض الواقعة بين خط الهدنة الأردنية الإسرائيلية (ويسمى الخط الاخضر) وحدود فلسطين الشرقية كما حددتها سلطة الانتداب، وبالتالي تكون جميع هذه الاراضي، وليس مجرد جزء منها، هي محتلة ولا يجوز اكتسابها من قبل اسرائيل بل وعلى اسرائيل الانسحاب منها، ونتيجة لهذا الرأي اختفى فقهاء 'أل التعريف'.

وأضاف، 'ادانت المحكمة الدولية تصرفات اسرائيل بإنشاء الجدار على الاراضي المحتلة وقضت بأن على اسرائيل أن تقوم بتفكيكه وتعويض الاشخاص الطبيعيين والاعتباريين عن الاضرار التي اصابتهم، وطلبت من الدول كافة عدم تقديم مساعدة لإسرائيل اذا كان من شأن ذلك تقوية مصادرها لبناء الجدار، كما قررت عدم قانونية المستوطنات اليهودية التي تقام في الاراضي المحتلة، وان من شأن اقامة المستوطنات والجدار عدم تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره، وبهذا تخالف اسرائيل التزاماً دولياً عليها.

مشروع (5800) وأشار الباحث الفلسطيني خليل التفكجي، مير قسم الخرائط في بيت المشرق بالقدس، الى ان مشروع (5800) هي أحد مشاريع اليمين الاسرائيلي تجاه مدينة القدس، ووضعوا لها مخططا لرسم هذه الحدود في عقول جمهورهم ووعيهم الوطني، وهو من المشاريع طويلة الامد لمدينة القدس ومستقبلها بعد 25 عاما.

ويهدف المشروع الى اقامة مطار دولي كبير في منطقة (البقيعه) القريبة من مدينة اريحا والبحر الميت وربطها بشبكة من القطارات واقامة مناطق صناعية وتجارية وفنادق، وتوسيع حدود بلدية القدس لتصل اريحا شرقا، وبناء جامعة دولية، لتظهر المدينة كمدينة دولية مزدهرة، وجعلها منطقة جاذبة للسكان تتسع لخمسة ملايين شخص وبإمكانها استقبال 12 مليون سائح سنويا.

وقال، ان هذا المشروع وضع في العام 1994، وتحقق منه اليوم في القدس الشرقية وجود 210 الاف مستوطن اسرائيلي، وبناء 15 مستوطنة وسيتم بناء 3 مستوطنات جديدة، وهناك تسريع في بناء البنية التحتية لشوارع وسكك حديدية وانفاق وجسور، لجعل القدس عاصمة ليست للدولة العبرية وانما لكل يهود العالم.

صمود أهل القدس وقال رئيس جمعية يوم القدس سائد البديري ان الشعب الفلسطيني صامد بالرغم من المعاناة التي يعيشها، ويحاول الاحتلال الإسرائيلي البدء في فرض السيطرة على الحرم القدسي الشريف تمهيدا لتقسيمه مثلما حصل في الحرم الابراهيمي في الخليل، مبينا ان هبة المقدسيين دفاعا عن حرمة حرم الاقصى المبارك لإزالة الابواب الالكترونية، واضراب الف وخمسمائة أسير لمدة 41 يوما للمطالبة بحقوق الاسرى التي تتماشى مع القانون الدولي والانساني، خير دليل على صمود الفلسطينيين وتشبثهم بمدينتهم وإفشال مخططات المحتل.

وأضاف، ان شعبنا المرابط الجسور في القدس أحبط هذا المخطط، واثبت المقدسيون مع أهلنا في جميع مناطق فلسطين ورغم الظروف السياسية والامنية داخل وخارج الاراضي المحتلة، بأنهم قادرون على مجابهة المحتل بتماسكهم وصبرهم ومرابطتهم.