صحيفة العرّاب

الاصـــــــــــــــــلاح ؟! بقلم .. بسام الياسين

بقلم الاعلامي ..بسام الياسين

{{{ الذين يدّعون الوطنية زيفاً، و اعمالهم شاهد على كذبهم،اولئك هم المنافقون.اتقنوا فن النفاق حتى برعوا فيه،لكنهم مهما تعبقروا، لن يستطيعوا الكذب على الناس كل الوقت.فالكذب كالظلم اول ما يهدم بيوت اصحابه بسبب طغيانهم (ولا يحيق المكر السيء الا باهله ). بيوتهم اضحت خرائب ونهايتهم مفزعة ليكونوا عبرة لا تُمحى.فاتقوا الله يا أُولي الالباب }}}.

الحكيم لا يُخدع بما يلمع من قشور ولا يثيره معسول الكلام الذي يُزور الواقع . ذو الحكمة غايته الحقيقة. تراه يسير في طريقها الموحش وحيداً لقلة السالكين كما قال سيدنا علي امام الزاهدين.في قديم الزمان كان الناس يعلقون ما هو سلبي على مشجب الشيطان،ويؤمنون بان السلبيات قوة شريرة لا تُرد.عقل طفولي ساذج،يفسر ما لا يعرفه ببدائية ثم ينسبه الى الما ورائيات ليرتاح من عملية البحث والتحليل.لتكون حياة المرء منتظمة كساعة سويسرية وسلسة كنهر جار،يجب ان تحكمها الاستقامة،وتتحرك ضمن استراتيجية مرسومة بدقة،للوصول الى الاهداف المرجوة.ما ينطبق على الفرد ينطبق على المجتمع اذا سار ضمن خطط مدروسة وبرامج عملية ورؤى استشرافية، حينها يتقدم ويعم العدل و الامن والسلام ويحقق افراده ذواتهم باسلوب افضل و معاناة اقل.

هذا مبدأ اساسي أَبدي ومتأصل في الاشياء. الاصلاح في الميادين كافة، يجب ان يكون هدف الدولة الاعلى للحيلولة دون تفاقم الظروف البائسة التي يعيشها الجميع ويتعايشون معها رغم انوفهم .سلسلة الازمات التي تلتف على الرقاب،فاقت قدرة الفرد على الاحتمال فقد وصلت المواجهة الى المرحلة الصفرية. الاسرة لبنة المجتمع، بدأت تتصدع تحت ضربات البطالة والغلاء والتردي الحياتي!.

لذلك فان الاصلاح لم يعد قابلاً للتسويف.التهديدات الخارجية تهدد الحدود والوجود، تطرق الابواب بصوت واضح يسمعه من به صممُ،فيما المشكلات الداخلية على راسها الاصلاحات السياسية و تردي الاوضاع الاقتصادية تتربع على عرش صدارة اهتمام المواطن ومعاناته.ناهيك عن العلل المزمنة من امراض مالية، ادارية،اجتماعية. كلها تستدعي تشكيل ورش اصلاحية، تعمل على مدار الساعة لإنقاذ ما يمكن انقاذه.الحياة لا تُطاق حين يُصبح الرغيف مشكلة،ركوب الحافلة مشكلة،حبة الدواء مشكلة،شراء الحذاء مشكلة لدرجة اصبحت سرقة الاحذية ظاهرة.!.

على الضفة الاخرى تقبع مشكلات خطرة :ـ التعليم،الحرية،الفوضى، الترهل،غياب العدالة،الرشوة،الخاوة،خواء الحياة السياسية.لذا يجب ان يتغلغل الاصلاح الى الاحشاء العميقة.ان تدوير الاسماء،التنقلات،المناقلات،تغيير الوجوه يعتبر تحايلاً على الاصلاح لا اصلاحاً. نقول تأدباً، نريد اصلاحاً لمؤسساتنا.الحق ما نريده نفضاً قوياً مثل سجادة متسخة لتحريرها مما علق بها،وبعضها يجب تجريفه لاعادة تاهيله.

مثلث الفساد لا يقتصر على " الضريبة،الاراضي،الجمارك" كما ذكر بعض الزملاء.الاهمال والتسيب تجاوز الخطوط الحمراء.ماذا نقول تعقيباً على حديث الملك مع النواب؟!.

ماذا نقول ايضاً عن الاوراق النقاشية التي طرحها،و لم تأخذ بها السلطة التنفيذية،و رؤآه لم تلق الاستجابة المطلوبة في الدوائر المختصة.ناهيك عن جريمة التدخل في القضاء وقلب ميزان العدالة ـ من بعض المتنفذين.كلها تشير بلا لبس ان قوى الممانعة ورجالات الشد العكسي،يقفون علانية في وجه الاصلاح،خوفاً على مصالحهم ومراكز نفوذهم.لذا فان الاطاحة بهذه الطغمة الفاسدة لا يكون الا بسيادة القانون،المشاركة الشعبية،المُساءلة والمحاسبة،نفخ الروح في الحياة السياسية الميتة،تصحيح المسارات المعوجة،اعادة النظر في القوانين والتشريعات. بحيادية مطلقة لا انحيازاً ولا تحيزاً، اثبت الشعب الاردني في خضم الاحداث الجسيمة التي تمر بها المنطقة انه من اكثر الشعوب وعياً ثقافياً ونضجاً سياسياً،وخوفاً على بلده و امته ،و اشدهم انتصاراً للقضية الفلسطينية بخاصة وللقضايا القومية الاخرى.

ما يعني بالتحليل العلمي السيكولوجي ان الاردني يحمل بداخله قوة عظيمة لا تقهر،طاقة ابداعية خلاقة،مشاعر انسانية غير عادية،قدرة احتمالية خارقة.قوى مرئية منها ولا مرئية ، يمكن توظيفها كقوة ردع شعبية جبارة لمواجهة التحديات الخارجية ومنع اي اختراق اجنبي باعلاء قيمة الهوية الوطنية،خاصة اننا بمواجهة ازاحة ولا اقول ابادة للهوية،ولنا في ما يجري في فلسطين من تهويد درس وعبرة.

داخلياً كذلك، يمكن استغلال هذه الطاقات الشعبية، لبناء مجتمع قوي متراص،وجبهة وطنية فولاذية،باستخدامها كرأس حربة في الحرب على الفساد المالي و الاداري ،وتطهير المؤسسات من شخوص تجذروا بفسادهم حتى بات عصياً شلعهم من شروشهم الا بهبة شعبية . المواطن الاردني غاية مناه حياة كريمة وعيشاً بكرامة. هذه الحقوق الاساسية اصبحت عزيزة بسبب النخبة الفاسدة التي استولت على السلطة والثروة و اهلكت الزرع والضرع.نخبة بلا كفاءة ولا رؤى ،تفتقر للحدود الدنيا من معرفة الداخل، وغير قادرة على فهم ما يدور في الخارج. لهذه الاسباب الموضوعية نرى ان على الملك قيادة ثورة بيضاء لوضع القطار على السكة،بدءاً بـ " كي الثآليل بالنار"،استئصال الاورام بالمنظار،اطلاق الحريات الى عنان السماء ،تبني الافكار الخلاقة،ترميم الاقتصاد، تشجيع المشاريع الرابحة،حماية المستثمرين من الاعتداءات و الخاوة ، بناء اقتصاديات صغيرة، تحديث التعليم، المصالحة مع المعارضة ومحاورتها لبناء مداميك الثقة،بسط الثقافة الديمقراطية،اذ ان استبعاد المعارضة والديمقراطية المنقوصة، يؤديان الى خلل في التوازن و تغول النخبة على مفاصل الدولة.خصوصاً بعد ان اظهرت الدراسات الاخيرة، فقدان ثقة الشعب الاردني بالحكومة،النواب،الصحافة،الاحزاب .

الاصلاح ببساطة ازالة الاعوجاج والانتقال من فساد النخبة الى الطهارة الوطنية،وتجاوز السيء الى الافضل باقل الخسائر،بما يمليه العقل من ضبط وربط وتتطلبه الحكمة من صبر وشدة.لا غرابة في كل هذا، فالاصلاح كان هدف انبياء الله ورسله ثم صار قضية الفلاسفة والمصلحين والثائرين على انظمتهم والساخطين على اوضاعهم .في السياق نستحضر الزلزال ـ التأديبي ـ الملكي في المغرب الذي طال عدداً كبيراً من كبار المسؤوليين،ووقفهم عن العمل بانتظار محاسبتهم.

اللافت فيهم ان جُلهم من حملة الالقاب :ـ معالي،باشا،عطوفة،سعادة.هذا دليل قاطع انهم تسلقوا على اكتاف العامة دون وجه حق،وقد آن الاوان لنفضهم و الانتفاض عليهم.