صحيفة العرّاب

الكباريتي .. البدر الذي نفتقد

 صالح الراشد

' سيذكرني قومي إذا جدّ جدهمُ، وفي الليلة الظلماء يفتقد البدرُ' قالها الشاعر العربي التاريخي ابو فراس الحمداني عندما وقع في الأسر، ولَم يدر في خلده ان هذا البيت سيخلد رجالات العالم ومنهم رئيس الوزراء الأسبق عبد الكريم الكباريتي صاحب العقلية الاقتصادية الفذة والذي بنى بفكرة مؤسسات اقتصادية ضخمة ساهمت في بناء اقتصاد الوطن.

ابو العون تسلم رئاسة الوزراء ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية في وقت عصيب في عامي ١٩٩٦-١٩٩٧ مع حرب الخليج الأولى وتغيرت وقتها المواقف السياسية للدول المحيطة بسبب موقف الاردن في الحرب وتم إغلاق الحدود مع عدة دول، وأصبحنا في موقف عسير، عندها تفقد الراحل جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله سهامه، لينتقي الكباريتي لمهمة هي الاصعب في تاريخ الوطن، فثبت انه رجل دولة من طراز رفيع مستفيدا من خبراته السابقة في توليه وزرارات السياحة والآثار (1989 – 1991)
ووزارة العمل (1991 – 1993)
ووزارة الخارجية (1995 –1996)، ونجح في عمله بامتياز ليكون التوقع ان ينجح في مهمته الجديدة، وهذا ما كان على الرغم من قصر مدة رئاسته الا انه أنقذ الوطن من كوارث اقتصادية حيث ارتفعت في عهدة عدد المشاريع وتراجع معدل البطالة.


البدر ' ابو العون' الذي نفتقده جمع المناصب الهامة في يده وأحاط نفسه بمجموعة من رجالات الاردن المؤثرة والقوية، ليطلق للاعلام حرية غير مسبوقة غير متهيب من النقد كونه نظيف اليد فدخل الحكومة وخرج منها دون ان يعين أقاربه في مراكز حساسه ولَم يضع بقعة سوداء في ثوبه الناصع البياض فلم يتم احالة عطاء واحد على معارفه، ووقف سداً منيعا في وجه الفساد فضيق الخناق عليهم وأطلق العنان للإعلام ليكون عوناً له في مهمته المستحيلة والتي تحولت الى واقع صحي انعكست اثارها على الطبقتين الوسطى والفقيرة.

البدر ترك إرثا سياسيا ونهجا اقتصاديا استفاد منه كل من جلس على كرسي الرئاسة بعده لكن بقي الفارق في القدرة على التنفذ والجرأة في اتخاذ القرار.

الكباريتي بنطبق عليه قول الشاعر البارودي: 
وَإِنِّي إِذا ما الشَكُّ أَظْلَمَ لَيْلُهُ 
وأَمْسَتْ بهِ الأَحْلامُ حَيْرَى تَشَعَّبُ

صَدَعْتُ حِفافِي طُرَّتَيْهِ بِكَوْكَبٍ
مِنَ الرَّأْيِ لا يَخْفَى عَلَيْهِ المُغَيَّبُ
فأنار بفكره مجلس النواب الحادي عشر والثاني ومجلس الأعيان ، وقام بعمل جليل حين كان رئيساً للديوان الملكي .

واليوم وفِي ظل الوضع الحالي نفتقد الى خبرات الكباريتي ' ابو العون ' في ادارة شؤون الدولة كونه قادر على إيجاد وإخترع الحلول الاقتصادية التي تعيد مسيرة الوطن الى النهج السليم ويقلل من الضغط على المواطن بفتح الاستثمارات وتسهيل إجراءاتها واستقدام الاستثمار الخارجي ودعم الداخلي عندها ستتراجع نسبة البطالة التي تعتبر الخطر الأكبر الذي يواجهه الوطن.