صحيفة العرّاب

حديث الملك... هل وصلت الرسالة للمعنيين والمسؤولين؟

  وضع جلالة الملك عبدالله الثاني النقاط على الحروف، خلال حديثه أول امس لـ: مدراء إعلام رسمي ورؤساء تحرير ونقيب الصحفيين وكتاب، لجهة تشخيص الواقع وتحديد ما هو المطلوب لتجاوز التحديات التي تواجه الاردن، فرضتها تداعيات وظروف اقليمية سياسية وامنية، اوجعت «الاقتصاد الاردني».

 
حديث جلالته، أتسم بالمكاشفة والشفافية والمصارحة، محملا برسائل متنوعة، تتأطر جميعها تحت عنوان «يجب ان نكون بحجم التحدي الذي نواجه»، وان الاسلوب التقليدي، بات غير صالح للتعاطي مع التحديات و الصعاب، خصوصا ان التحديات، بسبب الظروف الاقليمية والدولية، غير عادية، واثرها ذو ابعاد شاملة في مناحي الحياة ومتقلبة بحسب المستجدات بالمنطقة.
 
وتضمن الحديث الملكي، محطات مهمة، في تشخيص الواقع والنظرة المستقبلية والاستشرافية التي بتجسيدها على ارض الواقع سيساهم في تجاوز التحديات والتخفيف من اثارها على المواطنين، إذ قال جلالته « لن اقبل ان يعاني الاردنيون» وأنني سأكون الى جانب المواطن.
 
وتنقسم المحطات التشخيص للتحديات الى قسمين، الاول لتحديات الخارجية، المرتبطة بالاوضاع السياسية والامنية في المنطقة، التي شكلت ارتداداتها تحديات جمة على الاردن، ومنها ما ذكره الملك، على سبيل المثال: انقطاع الغاز المصري الذي تقدر كلفة انقطاعه أكثر (4) مليارات دينار وإغلاق الحدود امام اسواق رئيسية للمنتجات وكلف تأمين الحدود وانخفاض المساعدات الدولية، رغم تحمل اعباء مالية اضافية خلال السنوات الماضية، وما يزال، نتيجة استضافة اللاجئين السوريين.
 
اما القسم الثاني، كيفية التعاطي والتعامل مع هذه التحديات، ولايجاد صيغة واسلوب لذلك، كان لابد بداية من التشخيص الحقيقي، وهو ما تضمنه حديث الملك، عندما قال « يجب ان نعترف انه كان هنالك تقصير وتراخ لدى بعض المسؤولين في اتخاذ القرارات وان هذا التقصير تم التعامل معه في حينه، حيث تم اقالة مسؤولين وحكومات»، وهو ما أوكد عليه مجددا بالقول «على كل سلطة ومسؤول ان يكونوا على قدر المسؤولية، والذي لا يستطيع القيام بمهامه عليه ترك الموقع لمن لديه القدرة على ذلك.
 
المصارحة في الحديث عن هذا الجانب، تجلى عندما قال جلالته «أضطررت في الفترة الماضية ان أعمل عمل الحكومة، وهذا ليس دوري، انا دوري ان اكون ضامنا للدستور وضامنا للتوزان بين السلطات»، ووجد في عملية عدم توضيح الحكومة السابقة لمشروع قانون معدل لقانون الضريبة مثالا على التقصير في التواصل مع الاخرين، خصوصا وان القانون، بحسب وصف الملك له بأنه «قانون جدلي» يتطلب اطلاق حوار حوله.
 
المصارحة والمكاشفة لم تقتصر على تقصير المسؤولين والمؤسسات، إنما ايضا طال الروافع السياسية في البلد، المتمثلة في الاحزاب السياسية، التي حال ضعفها دون تمكن الوصول الى الحكومة البرلمانية، ليكون الامل معلقا على الكتل النيابية لتعويض هذا النقص في المشهد والمكون السياسي والاجتماعي الاردني.
 
وبالعودة الى مشروع قانون الضريبة، فإن الحديث الملكي، تضمن متطلبات وعوامل لفرض قانون جديد ابرزها تجويد نوعية الخدمات التي تقدمها مؤسسات الدولة للمواطنين، الذي هو المستهدف من عملية التنمية، وهو ايضا من يدفع تلك الضريبة ومن حقه ان يحصل على افضل الخدمات.
 
كما تضمن الحديث الملكي محاذير، يجب على المسؤولين التنبه لها، تتثمل بضرورة حماية الطبقة الوسطى ومحدودي الفقر والعمل على تشجيع الاستثمار. ويتطلب هذا بالمجمل إطلاق حوار بناء وشفاف، «لان كل اردني له صوت يجب ان يسمع»، وتحديدا من الشباب، الذين دعا الملك لاعطائهم الفرصة بما يمتلكون من طاقات وتفان لخدمة الوطن.
 
ورسمت مضامين حديث الملك، الذي تزامن مع احداث محلية بارزة منها الوقفات الاحتجاجية ضد اسلوب تعاطي الحكومة مع الازمات الاقتصادية، والتي على اثرها (الاحتجاجات)، قدم رئيس الوزراء هاني الملقي استقالته وحكومته، خارطة طريق لتجاوز كثير من التحديات، فهل وصلت الرسالة الى المعنيين والمسؤولين؟
الراي