صحيفة العرّاب

طرد 10 منظمات أجنبية بالسودان..هل ينجح العرب في تجميد قرار اعتقال البشير ؟

في اول رد فعل رسمي من السودان على اصدار مذكرة اعتقال الرئيس البشير قررت الحكومة السودانية طرد 10 منظمات أجنبية بتهمة تعاونها مع المحكمة الجنائية الدولية ، فيما طالبت مصر بتعليق مذكرة الاعتقال.

 وكانت محكمة الجنايات الدولية اصدرت صباح الاربعاء مذكرة اعتقال دولية بناء على طلب المدعي العام بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية والقيام بتصفية مدنيين والتهجير القسري والتعذيب والاغتصاب، فيما اندلعت المظاهرات في السودان اعتراضًا على مذكرة التوقيف.
 
واعلنت المحكمة اليوم ان هناك 7 تهم موجهة إلى البشير بوصفه متهم غير مباشر بارتكاب جرائم ضد الانسانية ولا تشمل تهمة إبادة جماعية التي طلبها المدعي العام .
 
 وصدرت المذكرة بموجب معاهدة روما للتأكد من ان البشير يتقدم إلى المحكمة بشكل لا يعوق التحقيق ومنعه من استمرار ارتكاب الجرائم المتهم بها ، وطالب القضاة من المسجل ان يقدم طلب التعاون واستسلام عمر البشير وارساله إلي السودان واعضاء مجلس الأمن وأي دولة اخري يقررها المسجل .
 
وأوضحت المحكمة الدولية ان البشير كرئيس دولة يمارس منصبه حاليا لا يعتبر مثتسني من المسئولية الجنائية وفي رأي القضاء هذه الجرائم جرت خلال 5 سنوات أثناء العمليات التي شنتها الحكومة ضد المتمردين وحركة العدل والمساواة وحركات كانت تعارضها في دارفور ، مشيرة إلى أن هناك مزاعم بأن هذه الحملة جرت عقب 2003 عام والهجوم على مطار الفاشر وجاءت عقب اوامر من الرئيس البشير واستمرت حتى تموز / يوليو .
 
واضافت ان هناك عنصر رئيسي في الاتهام وهو الهجوم غير المشروع على عدد كبير من أهل دارفور ومعارضين للحكومة السودانية وهؤلاء المدنيين تعرضوا للهجوم من مليشات الجنجاويد والشرطة السودانية والأمن الوطني .
 
ووجدت المحكمة ان الرئيس هو القائد الاعلى للقوات المسلحة فهو بوصفه ذلك مشتبه به بالتنسيق لتخطط الحملة ضد المتمردنيين وترى المحكمة ان هناك دوافع إضافية تدعو إلى انه كان يسيطر على كافة اجهزة الدولة في السودان واستخدمها لتفيذ الحملة ضد المتمردين.
 
وعن عدم توجيه تهمة الابادة الجماعية ضد الرئيس البشير أكدت المحكمة الجنائية أن "الابادة الجماعية تعني القتل الجماعي ولايوجد القانون في الاتفاقية لهذا المصطلح والحديث عن إبادة جماعية يعني وجود نية واضحة بأن الشخص يريد تدمير المجموعة المستهدفة وفي هذه الحالة بالذات لم تجد المحكمة أسباب معقولة لنية الابادة الجماعية لذا هذه التهمة لم يوافق عليها القضاة".
 
وأوضحت القاضية أن القضاة وجدوا بموجب القررا 1593 لمجلس الأمن والمواد 25 و100 بميثاق الامم المتحدة انه على حكومة السودان الالتزام مع الحكومة وان تقوم بموجد اتفاقات اخرى وان المحكة الأولية لاحظت ان حكومة السودان قامت برفض التعاون مع المحكمة فيما يتعلق بوزير السودان للشئون الانسانية علي الهارون.
 
وأوضحت ان القضاة اصروا على انه بموجب المادة 97 من المعاهدة إذا استمرت الحكمة التعاون مع المحكمة فأن المحكمة المختصة ستتخذ اجراءات وترفع الموضوع إلي مجلس الأمن وبموجب قرار مجلس الأمن فأنه يطالب جميع الدول الموقعه على معاهدة روما ان تتعاون بشكل كامل مع المحكمة.
 
ومن جانبها ، قالت سيلفانا اربيان ان هناك مسئولية على الدول الموقعة على اتفاقية جنيف ورما للقبض وتسليم المشتبه بهم وهذا بموجحب التزماتهم بموجب قراررات مجلس الامن والقانون الدولي.
 
وأوضحت المتحدثة باسم المحكمة حول وجود نفوذ سياسية لاصدار هذه المذكرة من قبل المحكمة الجنائية " لايوجد اي نفوذ سياسي على المحكمة لانها تعمل على اساس قانوني ونظامي والتي بدأت قبل احداث هذه القضية وبالتالي فمسالة النفوذ السياسي مستبعد تمام والقرار قضائي يقوم على اعتبارات قضائية"، موضحة " وشعر القضاة انهم حصلوا على معلومات كافية لاتخاذ قرار في هذا الصدد".
 
وفي أول رد فعلي داخلي ، أعلن زعيم حركة تحرير السودان المتمردة في دارفور عبد الواحد نور أن مذكرة التوقيف بحق البشير نصر كبير ، ومن جانبها ،وصفت روسيا مذكرة اعتقال البشير بأنها "سابقة خطيرة".
 
وكان البشير قد تحدى الثلاثاء المحكمة ، مؤكدا ان من سيصدرون هذا القرار "عليهم ان يبلوه ويشربوا ميته"، واضاف البشير خلال تدشين سد مروي على بعد حوالى 500 كلم شمال السودان "اي قرار سيصدر من المحكمة الجنائية الدولية لا قيمة له عندنا وسيكون مصيره مثل القرارات التي سبقته".
 
وتابع متحديا الغرب:" هنفرض السلام والأمن والاستقرار في دارفور رغم محاولات عرقلته ، الآن الحريات متاحة ، وكل الأحزاب موجودة حتى الحزب الشيوعي عقد مؤتمرا للمرة الأولى منذ اربعين عاما. وختم حديثه قائلا :" ان التحديات هي الحافز والدافع وطريقنا طريق ابتلاءات وشدائد وعزائم ، ونحن نزداد قوة يوم بعد يوم ".
 
من ناحيتها، دعت حكومة جنوب السودان على لسان ناطقها قير شوانق مواطني الجنوب الي الدعم والوقوف مع الرئيس عمر البشير في حال إصدار المحكمة الجنائية الدولية قراراً بحق الرئيس.
 
وقال شوانق في تصريحات صحفية عقب اجتماع مجلس وزراء حكومة الجنوب الطارئ ان الحركة الشعبية وحكومة الجنوب رأتا اهمية دعم موقف شريكهما المؤتمر الوطني في القضية ، وأضاف بالقول : اننا نتعامل مع المجتمع الدولي بشكل مرن لحل ازمة دارفور وتحقيق السلام فيها باعتبار ان قضية دارفور تحتاج لحلول سياسية لا عسكرية .
 
كما حذر وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماع الثلاثاء في القاهرة من "الإثار الخطيرة" التي قد تترتب على عملية السلام في دارفور اذا اصدرت المحكمة مذكرة توقيف بحق البشير.
 
على الصعيد نفسه، قال مبعوث ليبيا الثلاثاء ان مجلس الامن التابع للامم المتحدة الذي يمكنه ايقاف اجراءات المحكمة الجنائية الدولية لا ينوي عقد اجتماع اذا اصدرت المحكمة قرار اتهام في حق رئيس السودان بشأن اعمال القتل في دارفور وذلك في علامة على انه من غير المحتمل ان يتحرك المجلس لايقاف قضيته.
 
وقال السفير الليبي ابراهيم دباشي الذي يتولى الرئاسة الدورية للمجلس لشهر مارس اذار للصحفيين "لن نعقد اجتماعا فوريا للمجلس"، واستدرك بقوله "ولكن سنستمر في التشاور مع اعضاء الجامعة العربية واذا اقتضت الحاجة سنعقد اجتماعا للمجلس في هذا الشأن".
 
ادعاءات اوكامبو
 
من جانبه ، اعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو إنه إذا أصدر قضاة المحكمة مذكرة توقيف بحق البشير فسيعتقل حالما يتجاوز حدود السودان.
 
 مظاهرات حاشدة في السودان بسبب مذكرة توقيف البشير  
 
وقال أوكامبو في رده على سؤال عن كيفية إثبات التهم ضد الرئيس البشير، إن لدى المحكمة أكثر من مائة شاهد على ما سمّاها انتهاكات الجيش السوداني بحق سكان دارفور.
 
وكان اوكامبو طلب في 14 تموز/يوليو من قضاة المحكمة اصدار مذكرة توقيف ضد البشير (65 عاما) الذي يرأس اكبر بلد في افريقيا منذ 1989.
 
واتهم اوكامبو البشير بالتخطيط لموجة منظمة من القتل الجماعي، أسفرت عن مقتل 35 ألف ضحية بشكل فوري، ويقول أوكامبو أن القوات الحكومية وميلشيات الجنجاويد شاركت في الموجة المذكورة، واللتين نجم عنها وضع أمني متدهور وأشاع مناخا عرّض أكثر من مليونيين لحملات اغتصاب، كما شرد آخرين في مخيمات اللجوء بالإقليم.
 
وقال اوكامبو في مذكرته: انه ولأسباب سياسية أولا بسبب احتجاج قبائل ذات نفوذ بإقليم دارفور، على إهمال الدولة المتقصّد لإقليمهم، دبر البشير حملة إبادة أثنية للفتك بأعداد هائلة من قبائل (الزغاوة والمساليت والفور). وعقب امتداد القتال، وعدم قدرة الحكومة على حسمه، تعرض الأهالي وسكان الإقليم لهجمات تحت غطاء محاربة التمرد.
 
اضاف: إن مما يعزز هذه الاتهامات وكون ما حدث كان لأسباب عرقية، فإنه لم يقع أي هجوم على القرى العربية، حتى تلك القريبة جغرافيا من المدن والقرى التي استهدفت، وكذلك فإن الهجمات وقعت مابين أعوام 2003 - 2005 حيث أحمد هارون وزير الشؤون الإنسانية هو المسؤول آن آنذاك على شؤون دارفور.
 
وبحسب منظمات غربية فإن الصراع الدائر في دارفور منذ فبراير 2003 أسقط أكثر من 300 ألف قتيل، وتسبب في تشريد نحو 2.5 مليون آخرين، بيد أن الخرطوم تتهم الغرب بالمبالغة، وتصر على أن النزاع لم يوقع سوى عشرة آلاف قتيل فقط.
 
ضغط أمريكي
 
كان مسئول أمريكي قد شدد في تصريحات صحفية سابقة له على أن الولايات المتحدة سوف تستغل القرار المرتقبالذي تصدره المحكمة الجنائية الدولية اليوم الأربعاء بشأن توقيف البشير، كورقة ضغط على السودان.
 
ونقلت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" عن المسئول قوله: "إنهم (إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما) سيستخدمون مذكرة التوقيف وكأنهم يحملون بندقية ضد نظام البشير، ولكن ليس لإطلاق النار عليه"، هذه ستكون طريقتنا للقول له: هذه هي فرصتك الأخيرة".
 
وأضاف المسئول الأمريكي: "برغم معارضة واشنطن منذ فترة طويلة للمحكمة الجنائية الدولية، فإنها تخطط للدفع بقوة صوب إصدار مذكرة التوقيف بحق البشير، لاستغلالها كورقة ضغط على الخرطوم".
 
ورأى المسئول الأمريكي أنه "لو سعت الخرطوم إلى استبدال البشير -بمعنى تنحيته عن الرئاسة- أو القيام بإصلاحات ضخمة، فإن واشنطن لن تمانع حينئذ في تجميد قرار الجنائية عبر استخدام المادة 16 في مجلس الأمن".
 
وتقول مصادر سودانية: إن واشنطن والعواصم الأوروبية تريد من الخرطوم تنازلات للغرب في قضية دارفور، وحماية المصالح الغربية في السودان وإفريقيا أو تنحية الرئيس البشير.
 
في نفس السياق، صرح أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري أن القاهرة أجرت محاولات جدية لإقناع الولايات المتحدة بتجميد قرار توقيف الرئيس السوداني الذي قد يصدر اليوم من قبل المحكمة الجنائية الدولية، مشيرا إلى أن واشنطن "رفضت التجاوب مع الطلب المصري".
 
واضاف أبو الغيط أن مصر لم تلمس أي تجاوب من قبل الإدارة الأمريكية لهذا الأمر حتى الآن، حيث إن هناك تصميما على قيام الخرطوم ببعض الجهد في مواجهة الاتهامات الموجهة إلى بعض المسئولين السودانيين، في إشارة للمطالب الغربية بتقديم بعض المسئولين السودانيين للمحكمة الجنائية.
 
وأوضح أبو الغيط: في تقديرنا عندما تنجح الحكومة السودانية في إقناع العالم الغربي باتخاذ مثل هذه الإجراءات الجادة والتي لها مصداقية، فلن يبقى لهذه القوى التي وصفها بأنها "تدبر ضد السودان" "أي حجج لاتخاذ خطوات تجاه المحكمة".