صحيفة العرّاب

الأردن يرفض استقبال أحد عناصر ''أيلول الأسود'' بعد ترحيله من أميركا

 ذكرت صحيفة 'القدس العربي' ان الاردن رفض خلال الايام الماضية طلبا امريكيا بترحيل خالد الجواري احد اعضاء مجموعة 'ايلول الاسود' والذي تم الافراج عنه قبل اسبوعين من احد السجون في ولاية كولورادو الامريكية الى عمان بعد انهائه حكما بالسجن بتهمة محاولة تفجبر اهداف اسرائيلية في نيويورك عام 1973.

ونقلت 'القدس العربي' عن مصادر وصفتها بالمطلعةان الحكومة رفضت التماسا شخصيا من الجواري ومن عائلته التي تقيم في المملكة بالسماح له بالعودة الى الاردن.
 
وقد تم ترحيل الجواري (63 عاما) الى السودان الذي وافق على استقباله بعد ان تم الافراج عنه في التاسع عشر من شهر شباط (فبراير) الماضي حيث تم احتجازه في احد مراكز دائرة الهجرة الامريكية لمدة ثلاثة اسابيع قبل ان يتم ترحيله الاربعاء الى الخرطوم التي وصلها الخميس حسب تصريحات كارل روسنوك المتحدث باسم دائرة الهجرة والحدود الامريكية.
 
وكانت الجزائر قد اعلنت موافقتها على استقبال الجواري في نهاية الشهر الماضي الا انها عادت ورفضت استقباله مما تسبب في ارباك المسؤولين الامريكيين الذي اجروا اتصالات مع الحكومة السودانية عبر الصليب الاحمر للحصول على موافقتها باسقبال الجواري الذي يحمل بالاضافة للجنسية الاردنية الجنسية العراقية وعدة جوازات سفر مزورة منها جواز فرنسي واخر جزائري.
 
وكان الجواري قد حكم علي بالسجن في عام 1993 بتهمة محاولة تنفيذ تفجيرات في مدينة نيويورك في عام 1973 لمدة ثلاثين عاما الا انه تم اطلاق سراحه بعد قضائه نصف المدة.
 
ووجهت المحكمة الامريكية للجواري تهمة محاولة تنفيذ تفجيرين في الجادة الخامسة في منهاتن وتفجير ثالث قام خلاله بزرع عبوة تفجيرية في صالة تابعة للخطوط الجوية الاسرائيلية (العال) في شهر اذار (مارس) من عام 1973 لتتزامن مع وصول رئيسة الوزراء الاسرائيلية انذاك غولدا مائير لكن العمليات الثلاث فشلت لعدم انفجار القنابل.
 
وكان الجواري الذي يحيط شخصيته الغموض ولا تتوفر له اي صور باستثناء صورة نادرة نشرتها له وكالة 'اسوشيتد برس' قبل سنتين قد ادعى ابان محاكمته التي امتدت في الفترة ما بين عامي 1991 و1993 بعد اعتقاله في العاصمة الايطالية روما اثناء محاولته حضور جنازة صلاح خلف ابو اياد الذي يعتقد انه العقل المفكر لمجموعة ايلول الاسود بان اسمه الحقيقي هو خالد محمد الجاسم وهو ما لم يتسن لمحققي مكتب الـ'اف بي اي' حسمه رغم مرور اكثر من 35 عاما على العملية بسب الكم الهائل من جوازات السفر الحقيقية والمزورة التي كان يحملها الجواري.
 
وافادت صحيفة 'القدس العربي' ان الجواري كان قد اعتقل في المانيا عام 1979 بتهمة محاولة تفجير اهداف اسرائيلية الا انه اطلق سراحه لعدم وجود اي ادلة تدينه فعاد الى لبنان حيث نجا بعد عام واحد من محاولة اغتيال اتهم فيها الجواري عناصر الموساد.
 
وكان من بين نزلاء السجن الفيدرالي في كولورادو الى جانب الجواري زكريا الموسوي الذي يقضي حكما بالسجن مدى الحياة بعد ادانته بالمشاركة في تفجيرات الحادي عشر من ايلول ورمزي يوسف المدان بتفجير مركز التجارة العالمي عام 1993.
 
وابان محاكمته في عام 1993 قال الجواري في حديث صحافي 'سيطلق سراحي ذات يوم وسابوح بالكثير من الاسرار'.
 
ويعتقد ان الجواري ضالع مابين عامي 1970 وحتى القبض عليه بالعشرات من التفجيرات من بينها محاولة تفجير طائرة امريكية في مدينة المفرق عام 1974 وعملية ميونخ الشهيرة الا انه لم تتوصل اجهزة التحقيق الامريكية الى ادلة يمكن من خلالها تقديمه للمحكمة.
 
وتبين سجلات وكالة الاستخبارات الامريكية المركزية الى ان كلا من مكتب التحقيقات الفيدرالي ودائرة الشرطة بمدينة نيويوروك بدآ البحث عن قنابل الجواري الذي يعرف ايضا باسم ابو وليد العراقي الساعة 7:15 صباح يوم 6 اذار (مارس) 1973، في وقت لم يبعد كثيرا عن موعد اعتراض وكالة الامن القومي الامريكية لرسالة تتعلق بالمؤامرة.
 
وقد تم سحب السيارتين المدمرتين نتيجة تفجير القنابل في الجادة الخامسة في 5 اذار (مارس)، وعثر عليهما في وقت لاحق في ساحة الاحتجاز. اما القنبلة الثالثة في محطة الشحن الخاصة بشركة طيران 'العال' الاسرائيلية في منطقة مطار كينيدي فقد اكتشفت في وقت مبكر من يوم 7 اذار ( مارس) وقام بتعطيلها تيرانس ماكتيغ من فرقة المتفجرات بدائرة شرطة نيويورك.
 
وقال ماكتيغ ان مكتب التحقيقات الفيدرالي لم يبلغه قط كيف تمكنوا من التعرف على وجود السيارة في مطار كينيدي، لكنه افترض انهم حصلوا على معلومات عبر الرسالة التي جرى اعتراضها بشكل او باخر.
 
اما وكالة الامن القومي الامريكية التي تتسم بالسرية القصوى فقد رفضت التعليق.
 
وقال جيم ويلش الذي كان يعمل محللا في مكتب التحقيقات الفيدرالي في بداية السبعينيات ان شخصا ما بعث برسالة مستخدما وسائل الاتصال الدبلوماسية العراقية الرسمية في الولايات المتحدة. واعرب عن اعتقاده انها خرجت من مكتب البعثة العراقية لدى الامم المتحدة في نيويورك.
 
وقال ويلش ان الرسالة حملت معلومات عن ان القنابل قد زرعت واورد مكان وجودها. واضاف ان الرسالة المشفرة ارسلت الى وزارة الخارجية العراقية في بغداد ليتم نقلها الى مكتب منظمة التحرير الفلسطينية.
 
وليس مؤكدا مدى تورط العراق في المؤامرة، لكن منظمة التحرير الفلسطينية اعتمدت باستمرار على حكومات صديقة لتسهيل عمليات الاتصال خلال تلك الفترة، كما قال المؤرخ الاستخباراتي المتخصص بوكالة الامن القومي ماثيو ايدالا ان مستندات وزارة الخارجية الامريكية بعد نشرها للعامة تقول ان العراق دعمت 'ايلول الاسود'.
 
وقال مؤرخ الوكالة المتقاعد روبرت هانيوك الذي كتب دراسة داخلية احتوت على اشارة الى 'جهود وكالة الامن القومي، وكالة الاستخبارات المركزية، مكتب التحقيقات الفيدرالي المشتركة' ان 'محاولات التفجير التي قام بها الجواري كانت متداولة كثيرا في اروقة وكالة الامن القومي'.
 
وقد ادعت وكالة الامن القومي انها 'احبطت' المؤامرة حسب ما جاء في دراسة هانيوك. الا انه لم يتضح حتى هذا اليوم سبب عدم انفجار القنابل.
 
ويقول ويلش الذي يمارس الاعمال التجارية حاليا في ولاية اوريغون الامريكية ان نجاح هذه العملية كان مهما بشكل محدد خاصة وانه جاء بعد اقل من اسبوع من فشل الاستخبارات في الهجوم على السفارة السعودية بالخرطوم.
 
وقال ويليش ان وكالة الامن القومي اعترضت مكالمة قبل الهجوم وحذرت وزارة الخارجية الامريكية. لكن التحذير لم يصل الى الدبلوماسيين الامريكيين في الوقت المناسب.
 
واعرب ويليش عن اعتقاده ان الهجمات في الخرطوم ومحاولة التفجير في نيويورك كان المقصود منهما ان يكونا 'لكمة اولى وثانية' للحكومة الامريكية ولاظهار 'ايلول الاسود' بانها تستطيع ان تعمل في كل مكان.
 
ومن الجدير بالذكر ان مجموعة ايلول الاسود هي منظمة فلسطينية (عسكرية) تم انشاؤها في مطلع السبعينات. ويعتقد على نطاق واسع ان صلاح خلف (ابو اياد) كان يقود المنظمة المسؤولة عن اغتيال رئيس الوزراء الراحل وصفي التل في القاهرة عام 1971.