كان اسمها وزارة المعارف سنة 1921، والهدف تزويد الطلبة بالعلوم والمعارف، وكون المجتمع كان نوعا ما محافظا تحكمه العادات والتقاليد والأعراف والدين، لذلك من وجهة نظري كان المجتمع مُحصّن.
مع مرور الوقت والتغييرات التي طرأت على المجتمع، تم تسمية الوزارة بالتربية والتعليم، عام 1956، وإعطاء الأولوية للتربية قبل التعليم، فالتربية هي التي تصون العلم وتحفظه، فالتعليم يمثل جزءاً من التربية، والتربية تشمل التعليم، والعكس غير صحيح.
فالتربية هي عمليه تنمية متكاملة لكافة قوى وملكات الفرد، بمختلف الأساليب والطرق، ليكون عضواً صالحاً في مجتمعه، وهي تشمل جميع جوانب شخصيته الروحية والعقلية.
فالطلبة يقضون وقت أكثر في المدارس، من هنا كان المعلم والأستاذ تربوي أولا ثم ناقلا للعلوم والمعارف.
يمكن للإنسان أن يُحصّل جبالا من العلوم في أعوام قليلة ولكن من الصعب جدا أن يتعلّم سلوكا أو يترك سلوكا في مدة زمنية وجيزة وقد قال علماؤنا قديما ” التخلية قبل التحلية.
الان ارادوها للتعليم فقط وتنظيم للموارد البشرية وتعدادها، وان يكون دور المعلم ناقلا للمعرفة ويفقدوه صفة التربوية، ويريدوا للطالب ان يكون متلقي للعلوم والمعارف والمناهج التي سيفرضونها، ويبعدوه عن جذوره ودينه والقيم والعادات والتقاليد التي تربّى عليها.
كان الأولى تسميتها وزارة التربية والتعليم الأكاديمي فقط، وفصل التعليم المهني والتقني عن كاهل الوزارة، ونقله الى وزارة العمل على ان يتم تغيير مسماها الى وزارة العمل وتنمية الموارد البشرية المهنية والتقنية.
يتم مراقبة ومتابعة الطالب حتى الصف التاسع لمعرفة توجهه، فاذا فلح في المسار الأكاديمي يبقى في مدارس وزارة التربية والتعليم، وينتقل الى المراحل الثانوية ومن ثم الى الكليات او الجامعات، اما إذا كان ميوله بعد الصف التاسع مهني او تقني او حرفي، يتم تحويله الى ذلك المسار ضمن منظومة تعليم مهني وتقني تتبع لوزارة العمل في معاهدها الخاصة بإشراف مباشر من القطاع الخاص.
لا مانع أيضا ان ينتقل الطالب الأكاديمي بعد انهاء المرحلة الثانوية الى القطاع المهني او التقني إذا رغب بذلك، من خلال أكاديميات ومعاهد تعطي شهادات الدبلوم او البكالوريوس في تلك العلوم.
هذا من جهة، اما الغاء وزارة العمل فهو خطأ فادح، بل علينا تطوير عملها فيما يتعلق بتطوير وتنمية الموارد البشرية من خلال تطوير مؤسسات التدريب المهني تحت اشراف القطاع الخاص وتوقيع اتفاقيات مع الجامعات الحكومية والخاصة لاستحداث تخصصات جديدة يحتاجها السوق الأردني في المجال التقني والذكاء الصناعي.
ولا يجوز ابدا ان تسحب سجادة الحماية الاجتماعية والعمالية من هذه الوزارة باعتبار ان أطراف الإنتاج الثلاث هي الحكومة (وزارة العمل) والعامل وصاحب العمل.
فالوزارة هي صمام الأمان للعامل، والمُنظّم لسوق العمل الأردني (Regulator)، وتعمل على عدم تغوّل العامل الوافد على الأردني وعدم تغوّل صاحب العمل على العامل وإعطاء كل ذي حق حقه.
وزارة العمل لها أدوار ومهام كبيرة جدا تحكمها القوانين والأنظمة والتعليمات المرعية إضافة الى قوانين ومواثيق دولية لا يمكن التهرب منها في أي حال من الأحوال.
أرى ان هناك أهدافا مبطنة نحو الغاء وزارة العمل ولا تنسجم ابدا مع رؤية التحديث الاقتصادي، صحيح ان الاستثمار مهم جدا وسيعمل على توليد فرص إنتاجية ومشاريع حيوية تساهم في خلق فرص عمل للشباب الأردني، والأولى ان يتم صياغة قانون استثمار عصري لهذه الغاية، اما الانسان والتنمية البشرية او تنمية الموارد البشرية تتم من خلال عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية كل ضمن اختصاصه.
اين ذهبت الاستراتيجية تنمية الموارد البشرية التي أطلقت عام 2016 برعاية ملكية واهتمام ملكي والتي جاءت لتنمية الموارد البشرية 2016 – 2025 بمجموعة من التوصيات من شأنها ان تترجم الرؤية الملكية في تطوير منظومة متكاملة واستراتيجية شاملة وواضحة المعالم لتنمية الموارد البشرية، تؤطر عمل القطاعات المعنية بالتعليم، وتضمنت الاستراتيجية اربعة محاور رئيسة وهي قطاع الطفولة المبكرة، قطاع التعليم العام، قطاع التعليم العالي، وقطاع التعليم والتدريب المهني والتقني.
ارجعوا لهذه الاستراتيجية وليقوم كل بدوره