صحيفة العرّاب

ارتفاع في نسبة الجنود الذين يتملصون من الخدمة الإجبارية في الجيش الاسرائيلي

عبّر رئيس دائرة القوى البشرية في الجيش الاسرائيلي, آفي زمير عن قلقه من ازدياد ظاهرة التملص من الخدمة الاجبارية في الجيش بين ابناء الشبيبة في اسرائيل, خاصة بين الشابات, (الخدمة للشابات سنة ونصف السنة وللشباب ثلاث سنوات). ويأتي هذا القلق من الاحصاءات التي اوردها في اثناء تلخيصه للعام ,2008 والتي اشارت الى ان نسبة المتملصين من الخدمة بين الاناث بلغت 44% (سنة 1991 بلغت 33%), وبين الذكور ما يقارب الـ 26% (سنة 1991 بلغت 18.2%).

 غالبية الفتيات اللواتي تقدمن للجيش بطلب لعدم اداء خدمتهن الاجبارية قلن انهن منشغلات بدراستهن الدينية (في مدارس خاصة لتأهيل متدينين ومتدينات من اليهود). وقد ارتفعت نسبتهن في العام 2008 الى 35% مقابل 21% في العام .1991 لكن وبعد ان قام الجيش بمراقبتهن عن طريق محققين خاصين تبين ان 8% منهم كذبنّ وانهن يمارسن حياتهن بشكل طبيعي. ومن بين نسبة الفتيان غير المتجندين (26%) فان 11% هم من اليهود المتدينين الذي يدرسون في مدارس دينية. وقد اعتمد رافضو الخدمة اسبابا أخرى مثل احضار تقارير طبية حول وضعهم الصحي, او وضعهم النفسي الذي لا يؤهلهم للخدمة... الخ. في الجيش يتوقعون ان تتفاقم هذه الظاهرة في العام ,2012 وان النسبة بين الفتيات سترتفع الى 46% وبين الفتيان الى 27%.
 
وللتقليص من هذه الظاهرة اعلن الجيش بأنه سيقوم بتقديم توصياته لقائد اركان الجيش, جابي اشكنازي, حول كيفية التغلب على هذه المشكلة من خلال اعطاء اهتمام اكبر لكل فرد وآخر من الجنود, اضافة الى البدء ببرنامج خاص وبالاشتراك مع وزارة التربية والتعليم لطلاب المدارس الثانوية, الذين سيتم تجنيدهم بعد تخرجهم, بهدف تشجيعهم على التجند للوحدات القتالية واجراء تدريبات. وسوف يتم تطبيقه بداية في ستين مدرسة. وكذلك ملاحقة الفتيان اليهود المتدينين للتأكد من صدق ادعاءاتهم وتجنيد من لا يقوم بالدراسة منهم.
 
يوجد حد
 
التملص من الخدمة الاجبارية في الجيش لا يعتبر ظاهرة جديدة, لكن الجديد هو ان يقوم الجيش بالتحدث عنها هذه المرة بمثل هذه الصراحة. فمنذ سنوات طويلة هناك من يرفض الخدمة في الجيش مثل, ابناء الطائفة العربية الدرزية, وشبان وشابات يهود, يرفضون الخدمة لاسباب ضميرية, خاصة الذين يرفضون الخدمة في المناطق الفلسطينية المحتلة أو في الحرب على لبنان ومؤخرا على غزة. قسم منهم تم سجنه وفيما بعد تحريره من الخدمة وحرمانه من جميع الحقوق المخصصة للجنود. وفي بعض الاحيان تم اعلان الحرمان عن بعضهم. على سبيل المثال في اثناء الحرب على لبنان عام ,2006 اعلنت بعض المؤسسات, مثل دائرة الحكم المحلي وحتى وزراء ومسؤولون عن مقاطعة كل الفنانين الذين رفضوا الذهاب للجبهة كجنود احتياط, وقاموا بالتحدث عن ذلك في وسائل الاعلام, وارسال رسائل للمؤسسات العامة لمقاطعتهم كنوع من الضغط عليهم وشحن الجنود بالقوة والتفاؤل.
 
لكن هناك حقيقة أخرى هي ان الجيش في اسرائيل يفقد باستمرار من قيمته كجيش للدفاع واجب كل يهودي التجند بين صفوفه بفخر واعتزاز, كما اكد د. يشاي مينوخين, الناطق الرسمي السابق لحركة يوجد حد, بعد ساعات قليلة من اعلان النتائج المذكورة. هذه الحركة التي اقيمت في العام ,1982 بعد دخول الجيش الاسرائيلي على لبنان وارتكاب مجازر صبرا وشاتيلا. ويقوم اعضاؤها بمرافقة الجنود رافضي الخدمة الاجبارية وجنود الاحتياط الذين يرفضون الخدمة لاسباب ضميرية, في جميع المراحل, خاصة عند سجنهم ومحاكمتهم.
 
هذه الحركة ما زالت تنشط حتى الان ولها مواقف واضحة حول ضرورة انهاء الاحتلال والانسحاب حتى حدود الخط الاخضر (حدود 1967). وعن الاحصائيات الواردة قال: انها تؤكد ان عدد الشبان المستعدين للخدمة في الجيش آخذ في التضاؤل. وذلك نابع من عدة اسباب اهمها عدم الشعور بالفخر والاعتزاز من الخدمة العسكرية. هناك قلق لديهم من الخدمة في جيش يمكن ان يتصرف بصورة غير مقبولة لديهم او قد تؤدي للمساس بهم, أصبحوا يرون ان الجيش فقد مكانته كجيش مقدس. واصبح هؤلاء الرافضون يفضلون الادخار بأنفسهم بدل الخدمة في الجيش. ويضيف: هذا نتاج لمسار مستمر منذ عدة سنوات, مكانة الجيش, كجيش شعب يوحد بين كل التيارات والجهات من اليمين واليسار اختفت, وبدأ الكثيرون ينظرون اليه كأداة سياسية يقوم بمهمة سياسية.
 
الحرب القادمة
 
خلال اقل من ثلاث سنوات خاضت اسرائيل حربين. الاولى في شهر تموز من العام 2006 على لبنان واستمرت 34 يوما, والثانية على غزة اواخر شهر كانون الاول 2008 واستمرت 23 يوماً, قامت خلالهما باستدعاء الاف جنود الاحتياط وادخالهم الى ساحة الحرب مع باقي الجنود.
 
والان, وبعد هذا الهبوط الحاد في عدد المجندين, هل ستواجه اسرائيل مشكلة في قواها البشرية مستقبلا لجيش يعتبر نفسه اقوى رابع جيش في العالم?
 
د. مينوخين لا يعتقد ذلك. لان الجيش لن يحتاج الى كل هذا الكم من الجنود, ولا يعتقد ان الجيش سيواجه مشكلة قوى بشرية مستقبلا, مشيرا في هذا الارتباط الى ان الجيش لا يقوم بنشر معلومات وارقام حول عدد جنود الاحتياط الرافضين علنا للخدمة, واصبح يتجاهل هذا الموضوع الى حد اللامبالاة, كما يقول, وذلك على عكس سنوات سابقة حيث كان يتم سجن ومحاكمة كل رافض للخدمة. اليوم ليس كل من يرفض الخدمة يدخل السجن وذلك بهدف التقليل من اهمية الموضوع لمنع تأثيره سلبا على الجنود في الخدمة وعلى اولئك الذين سيجندون في القريب. حركتنا رافقت عشرات من جنود الاحتياط رافضي الخدمة العسكرية عند الحرب على لبنان وعند الحرب على غزة, لكن لم يتم الاعلان عنهم, بينهم امرأتان, قمنا بمرافقتهما, لكن بدل سجنهما تمت محاكمتهما. احداهما غرمت بمبلغ 400 شاقل (مئة دولار) والثانية غرمت بـ 1400 شاقل (350 دولارا) وانتهى الموضوع. مع ذلك لا يمكن تجاهل الحقيقة ان هناك من لا يريد اخذ قسط في الخدمة العسكرية, هذا اذا اخذنا بعين الاعتبار ان هناك جنودا يتم تحريرهم من الخدمة قبل انتهاء المدة لعدم كفاءتهم.
 
الجانب الايجابي
 
الى جانب التعبير عن القلق من ظاهرة التملص من الخدمة العسكرية عبّر معدو التقرير عن رضاهم من نجاعة وقدرة الجنود في ساحة القتال, معتمدين الحرب الاخيرة على غزة مثالا, التي اعتبرتها اسرائيل حربا ناجحة انتهت بعدد قليل من القتلى من جانبها, وانها استطاعت تلقين حماس درسا قاسيا. حسب الاحصائيات الواردة في هذا الباب فإن 73% من الجنود وفي اعقاب تلك الحرب قالوا انهم باتوا يفضلون الخدمة في وحدات قتالية.
 
د. مينوخين الذي لم تفاجئه هذه الاحصائيات قال: عندما تكون الحرب ناجحة يكون هذا الامر مغريا ومشجعا لشبان صغار في الخدمة. مع انه وبنظرة عامة, نرى ان الحرب على غزة بدأت تفقد تدريجيا من شعبيتها. واطلاق صواريخ القسام والجراد على البلدات الجنوبية ما زال مستمرا. اعتقد ان الناس بدأوا يفهمون ان الحرب لم تحقق شيئا بالمرة, واصبحت اقل فعالية حتى للجنود الذين شاركوا فيها.
 
من جانب آخر تباهى التقرير بان عدد حالات الانتحار بين الجنود هبط من 34 حالة عام 2005 الى 22 حالة عام .2008 ويقول د. مينوخين ان هذا يعود الى قيام قيادة الجيش بتصنيف الجنود الملائمين وتحرير غير الملائمين, وهذا جيد. فقط مؤخرا قرأت يوميات لجندي اقدم على الانتحار ونشرت في كتاب, يوثق فيها معاناته وادق اللحظات التي مرت عليه. ويبدو انهم يتعلمون الدرس ويعالجون مثل هذه المشاكل مسبقا.