صحيفة العرّاب

الجزيرة نت: تنامي الحركات الاحتجاجية الجديدة في الأردن

يرصد مراقبون ومراكز دراسات ظاهرة تنامي الحركات الاحتجاجية الجديدة في الأردن، والتي يعتبر الفقراء من أبناء العشائر نواتها الرئيسية وتحولهم نحو معارضة السياسات الرسمية لأول مرة منذ عقود.

  وخلال العامين الماضيين شهدت المملكة ولادة حركتين احتجاجيتين هما حركة عمال المياومة في الدوائر الحكومية، وحركة المعلمين المطالبين بإحياء تشكيل نقابتهم.
 
 ورغم طغيان الطابع المطلبي والحقوقي على هاتين الحركتين، فإنهما بدأتا بالتحول نحو المعارضة السياسية، وانخرط قادتها في إطار المعارضة لتوجهات الحكومة في أحيان كثيرة، وحتى لانتقاد توجهات النظام في بعض الأحيان خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ومواجهة ما يعرف بـ"الوطن البديل".
 
 وما يميز هذه الحركات -برأي مراقبين وباحثين- أن الغالبية الساحقة من المنخرطين فيها هم أبناء العشائر الأردنية التقليدية والمعروفة تاريخيا بعدم معارضتها للتوجهات الرسمية.
 
 وانطلقت احتجاجات المعلمين والعمال من محافظات الجنوب ومأدبا وإربد ومناطق بضواحي العاصمة عمان، وهي مناطق لا تتمتع بنفوذ المعارضة التقليدية ولاسيما الإسلامية التي لها حضور في مدن عمان والزرقاء وإربد.
 
 ورغم محاولات نفي قادة العمال والمعلمين التهم الحكومية لهم بأن من يحركهم أصحاب أجندات سياسية، فإن أحد قادة حركة المعلمين الاحتجاجية لا ينفي الصبغة السياسية للحركات الجديدة.
 
 وأشار قيادي بارز في الحركة -رفض الكشف عن هويته- للجزيرة نت إلى أن هناك شعورا متناميا لدى أبناء المدن والعشائر خارج عمان والمدن الرئيسية أن هناك حالة من "السحق الممنهج" لهم.
 
 وأضاف "أصبحنا نشعر أننا غرباء في هذا الوطن، وأن بلدنا تحول لشركة تحسب الأمور بميزان الربح والخسارة".
 
 وعن سبب دخول "الشرق أردنيين" في إطار المعارضة قال القيادي إن "المعلمين من أصول فلسطينية يساندوننا لكن خوفهم من السطوة الأمنية تمنعهم من قيادة احتجاجات في عمان وغيرها كما نفعل نحن أبناء العشائر في الجنوب".
 
 وأضاف "المعلمون والعمال في العاصمة وإربد والزرقاء يجدون فرصا أفضل للعيش، ولديهم بدائل كثيرة للعمل بعكسنا نحن في الجنوب والشمال المعتمدين على الراتب والوظيفة العامة التي لا تسعفنا أن نعيش حتى كفقراء عمان".
 
 وتحدث الكاتب ناهض حتر –أحد قادة ما يعرف بالحركة الوطنية الأردنية- عن "إعادة تموضع تعيد تشكيل المعارضة الأردنية الجديدة".
 
 وقال حتر للجزيرة نت إن المعارضة التقليدية المتمثلة بالحركة الإسلامية والنقابات المهنية انتقلت تدريجيا للتحالف مع النظام الحاكم سياسيا واقتصاديا رغم صوتها المعارض "دون أن تنخرط أو تساند أي حركات احتجاجية في المجتمع"، على حد وصفه.
 
 ويرى أن المعارضة الأردنية الجديدة تتشكل اليوم من العمال والمعلمين والمتقاعدين العسكريين "الذين لم يسبق لهم العمل السياسي لكنهم ينخرطون في حركة وطنية أردنية صاعدة".
 
 ويذهب حتر للقول إن الحركات الجديدة تحولت من مجموعات مطلبية إلى "حركة وطنية تناهض المشاريع الأميركية الإسرائيلية الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن وإعادة بناء الأردن الديمقراطي وفقا لدستور 1952".
 
 ويختلف النائب السابق بسام حدادين مع ما ذهب إليه حتر ويرى أن الحركات الاحتجاجية هي مجرد "حراك مطلبي لم ينخرط في إطار المعارضة".
 
وقال للجزيرة نت "هذا حراك طبيعي نتيجة لصعوبة الظرف الاقتصادي وضنك العيش الذي بات يشمل قطاعات واسعة من المجتمع الأردني وتحديدا ذوي الدخل المحدود".
 
وأضاف أن "الضغط الكبير على مستوى معيشة هذه الفئات غير مسبوق ومن الطبيعي أن تندفع هذه الفئات لتدافع عن نفسها، وإذا لم تستجب الحكومات لمطالب هذه الفئات فيتوقع أن تتطور تعابير هذه الفئات لأشكال أكثر تطورا".
 
 ويفسر حدادين انخراط "الشرق أردنيين" وأبناء العشائر في هذه الحركات الجديدة بالقول إن هناك فئات اجتماعية كانت تعتمد على دور الدولة في إسناد احتياجاتها الرئيسية من تعليم وصحة واقتصاد وحتى دعم الأعلاف لتربية المواشي".
 
 وأضاف "الانسحاب التدريجي للدولة من تقديم الدعم مترافقا مع غلاء المعيشة شكل الضغوط على هذه الفئات التي لم تجد سوى الانخراط في حركات الاحتجاج الجديدة لتدافع عن وجودها وحتى بقائها". (الجزيرة نت)