صحيفة العرّاب

بسبب عوامل إدارية وفنية ..نسبة الفاقد من المياه في عمان و الزرقاء تتجاوز ال70 %

يتزامن يوم المياه العالمي مع اقتراب وزارة المياه من تحقيق نقلة نوعية في دعم الموازنة المائية للمملكة ب¯ 100 مليون متر مكعب من مياه الديسي 25 بالمئة من حجم الموازنة المائية المقدرة ب¯ 500 مليون متر مكعب عند انجاز المشروع.

  المشروع الذي تعثر على مدار ما يقارب ثلاثة عقود وواجه خلال العام الماضي سلسلة من النكسات كادت ان تودي به بسبب رفض اقليمي لتنفيذه.
 
غير أن مياه الديسي القادمة في نهاية عام ,2012 ستواجة بنية تحتية متآكلة تتجاوز نسب الفاقد الفني والاداري في بعض مناطق العاصمة عمان ومحافظة الزرقاء ال¯70 بالمئة.
 
 وزارة المياه تعتمد في مسعاها لردم الهوة ما بين الطلب والمتاح الى التخلص من بيروقراطية البنك الدولي حيث احتاج تمويل دراسة الجدوى الاقتصادية والاثر البيئي لمشروع ناقل البحرين الى 15 عاما منذ العام 1995 حيث تم توقيع الاتفاقية بين الاردن والبنك الى العام 2007 حين تم الاتفاق على بدء الدراسة.
 
امين عام وزارة المياه والري ميسون الزعبي ترى أن الاردن سيلجأ الى تنفيذ مشروع ناقل البحرين بعيدا عن تدخلات البنك الدولي مما سيسهم في تسريع وتيرة التنفيذ لتوفير ما يقارب 700 الف مليون متر مكعب من المياه المحلاه من المشروع والذي تقدر تكلفته الاجمالية بعشرة مليارات دولار
 
هذا الواقع المائي يترافق مع تضارب في التشريعات الناظمة للعمل الاداري لقطاع استراتيجي بسبب تعدد المرجعيات وتنازع الصلاحيات بين عدد من المؤسسات الرسمية.
 
ووصف تقرير لمنظمة اليونسكو صدر اثناء انعقاد مؤتمر المياه العالمي قبل يومين في اسطنبول الواقع المائي في منطقة الشرق الاوسط بأنه بلغ الحدود القصوى في استنزاف الموارد المتجددة.
 
وبين التقرير الدولي الذي ساهمت في اعداده مجموعة كبيرة من المنظمات المعنية بقطاع المياه أن دول الشرق الاوسط تواجه مستقبلاً قاتماً خلال العشرين سنة القادمة في مجال مياه الشرب وادارة الطلب عليها.
 
المستقبل القاتم الذي تحدث عنه التقرير دون تخصيص الأردن, حيث كانت حصة الفرد في مطلع القرن الماضي تعد من أغنى دول الإقليم في المياه نسبة إلى عدد السكان آنذاك, حيث كانت حصة الفرد من المياه تقارب 1430 لترا يوميا, لكنه تراجع في العقود الأخيرة إلى أسفل الترتيب العالمي من حيث ندرة المياه وبلغت حصة الفرد 130 لترا يوميا.
 
ويواجهه الاردن محدودية مصادره المائية المتجددة وغير المتجددة, والمقدر أن تبلغ العام 2010 ما يقارب 1150 مليون متر مكعب للاستخدامات كافة, وبقدر أن يحصل قطاع الزراعة على ما نسبته 69 في المئة من مخزون المياه, فيما يذهب 27 في المئة لقطاع الأغراض المنزلية, وتستهلك الصناعة 4 في المئة. تتوزع المصادر المائية بين 505 ملايين متر مياها سطحية و 275 مليون متر مياها جوفية متجددة. العام 2010 سيبلغ الطلب على المياه 1564 مليون متر مكعب, أي بعجز يقارب 414 مليون متر مكعب ما يعني تناقص حصة الفرد للاستخدامات كافة من 139 متراً مكعباً العام 2006 إلى أقل من 120 متراً مكعباً العام .2012
 
تحدي تجديد الشبكات سيسهم في الحد من ارتفاع نسب الفاقد من المياه المتاحة بسبب عوامل إدارية وفنية, حيث تم تقليل نسبة الفاقد من 57 بالمئة العام 1999 إلى ما يقارب 44 بالمئة العام 2006 , بعد اتخاذ عدد من الإجراءات, إلا أن النسبة ما زالت مرتفعة مقارنة مع الهدف المنشود تحقيقه في الأجندة الوطنية البالغة 30 في المئة العام 2012 .
 
وفي الجانب الاقليمي يواجه الاردن انحسار التدفق في نهر اليرموك الى مستويات غير مسبوقة, مع إنشاء الجانب السوري 43 سدا على روافد النهر, في حين أن اجتماعات اللجنة الأردنية السورية حول حوض اليرموك اتفقت أواسط العام الماضي على إجراء دراسة مشتركة حول واقع الحوض, إلا أن الجانب السوري عاد بعد شهرين وأبلغ الجانب الأردني بضرورة إجراء دراسات مستقلة لكل جانب على حدة, وهو ما اعتبره الجانب الأردني تنصلا سوريا من كشف حجم التجاوزات في الجانب السوري.
 
ورد على رسالة رسمية اردنية قدمها الجانب السوري خلال الاسابيع الماضية حول الاعتداءات السورية على روافد نهر اليرموك جاء الرد السوري مقتضبا متحدثاً عن عشرات الكيلو مترات من المزروعات ما هي الا حشائش.
 
 في مواجهة الانحدار الشديد في الموازنة المائية, يعكف الأردن على وضع خيار التحلية, وخصوصا مشروع ناقل البحرين الذي سيوفر ما يقارب بليون متر مكعب من المياه ستتم تحلية ما يقارب 850 مليون متر مكعب من المياه. هذا المشروع يمر الآن بمراحل دراسة الجدوى الاقتصادية والأثر البيئي التي انطلقت منتصف العام الماضي, ويتوقع أن تنتهي أواخر العام المقبل ليصار إلى طرح المشروع الذي يعد الخيار الوحيد للتخلص من أزمة المياه.
 
كما يشكل التضارب في مهمات كل من وزارة المياه والري وسلطة المياه وسلطة وادي الأردن أحد أكبر التحديات التي تواجه الوزارة, ففي جانب التخطيط والدراسات وإعداد البرامج الهادفة إلى زيادة كفاءة استخدام المصادر المائية اضافة إلى أسس حماية المصادر المائية من التلوث, وضع العام 1992 , نظام خاص لوزارة المياه مع إبقاء هذه المهمات على عاتق سلطة المياه ما يوجد التضارب والتباين بين عمل الجهتين. وعلى الرغم من أن السلطة تقوم بتطبيق عدد من التشريعات النافذة الهادفة إلى تنظيم أعمالها وتمتع السلطة بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري, فإن السلطة تفتقر إلى وجود أنظمة خاصة تحكم هذه الاستقلالية, بالرغم من أحقيتها باستحداث أنظمة خاصة بها استناداً إلى المادة 32 من قانون سلطة المياه.
 
 يشكل تحدي التمويل أحد أهم العوامل الضاغطة على وزارة المياه, وخصوصا سلطة المياه التي تعتمد في استمرارية عمليات التشغيل والصيانة والاستثمارات الرأسمالية على قدراتها المالية الذاتية ومصادر التمويل الخارجي كمساهمة الحكومة والمانحين والقروض المحلية والدولية, لذلك يعد استرداد الوزارة لتلك الكلف عاملا حرجا لنجاحها واستمرار عملها. ويحتاج تحقيق الزيادة في نسبة المشمولين بخدمة المياه والصرف الصحي إلى ما يقارب 200 إلى 250 مليون دينار سنويا, خصوصاً في الشبكات ومحطات المعالجة. فيما يبلغ حجم مديونية سلطة المياه ما يقارب 340 مليون دينار العام 2006 وذلك رغم الاعتماد على التمويل الذاتي والمنح الخارجية.
 
يقابل هذه المديونية تراجع الدعم الحكومي لقطاع المياه خلال الأعوام من 2000 إلى 2005 إلى ما يقارب 70 في المئة مما صعب المهمة أمامها في إنجاز المهمات الموكولة إليها. في المقابل, يشهد رضا المواطنين تراجعا ملموسا, حيث انخفض مؤشر الأداء من 60 في المئة العام 1999 إلى ما دون 55 بالمئة العام 2006 . ومع انحسار الدعم الحكومي تسعى الوزارة إلى رفع ثمن المتر المكعب من المياه, وهو ما يعني أيضا تراجع رضا المواطنين من أداء السلطة. العرب اليوم