صحيفة العرّاب

"سكن كريم".. "420" مليون دينار في جيوب المقاولين ثمنا لبناء 8 آلاف شقة

في مقال للزميل فهد الخيطان بعنوان "(سكن كريم ) .. الملف برمته الى التحقيق" تحدث فيه عن مشروع سكن كريم حيث أشار إلى معلومات تؤكد بأن بناء 8 الاف شقة في المشروع كلف الخزينة اكثر من 420 مليون دينار.

 وفيما يلى نص المقال:
 
منذ اطلاقه قبل عامين ونصف بدأ المشروع برمته خياليا ولا يمكن تنفيذه, واعني هنا مشروع "سكن كريم لعيش كريم" فكيف لدولة بامكانيات متواضعة مثل الاردن ان تبني مئة الف شقة سكنية في خمسة اعوام, كان الامر مجرد شطحة من شطحات اهل مدرسة الليبراليين الجدد آنذاك , لكنها وللأسف تحولت الى ورطة كلفت الخزينة مبالغ باهظة.
 
حملت الحكومة السابقة على عاتقها مسؤولية تنفيذ المشروع وسرعان ما اكتشفت ان المبادرة غير واقعية على الاطلاق, لكنها وبدلا من طي ملفها بالكامل غرقت في سلسلة من المحاولات لتنفيذها ولو بشكل جزئي وخضع المشروع بعد ذلك لعمليات مراجعة وتغيير واسعة, فقد استعيض عن بناء الشقق في بعض المحافظات بتوزيع الاراضي وتقديم تسهيلات مالية للراغبين بالشراء. لم تلق هذه الخطة القبول المرجو وفي الاثناء كانت الحكومة قد اتفقت مع شركات مقاولات على بناء 8 الاف شقة في مناطق قريبة من العاصمة والزرقاء. احالة العطاءات على تلك الشركات اثار موجة من الشكوك حول شبهات فساد. لكن الاسوأ كان في قيمة المبالغ التي تحملتها الخزينة ففي احدث تقرير في ملف "سكن كريم" تشير المعلومات الى ان بناء 8 الاف شقة كلف مبلغ يزيد بقليل عن 420 مليون دينار ذهبت لجيوب المقاولين.
 
الانفاق بهذا السخاء على المشروع كان يهدف الى تخفيف التكلفة والعبء على المستفيدين غير ان عقبة لم تكن في الحسبان ظهرت في الطريق وتمثلت في تشدد البنوك في شروط اقراض المستفيدين وبذلت جهودا كبيرة لتذليل هذه العقبة, حيث تم تخفيض اسعار الشقق بواقع 15% وضمان التمويل بفائدة متدنية "5%" وتقسيط قيمة الشقة على ثلاثين عاما. ورغم هذه التسهيلات فان الشكوى من عدم قدرة المؤهلين الحصول على قروض ما زالت قائمة, فمنذ ايام قليلة اشتكى وزير الاشغال العامة من تشدد البنوك مع المستفيدين.
 
لكن متاعب "السكن الكريم" لا تنتهي بالحصول على القرض فما ان يتسلم المواطن شقة العمر حتى يكتشف انها بحاجة الى صيانة وان العيوب الفنية تلاحقه في كل زاوية, ناهيك عن ضيق مساحتها وانعدام الخدمات من حولها..
 
كان ذلك نتيجة خطة وضعتها الحكومة الحالية لتسريع انجاز تلك المشاريع وانقاذ المبادرة من الفشل , فجاء ذلك على حساب جودة البناء.
 
في كل الاحوال لم يكتب للمبادرة النجاح لانها غير واقعية بالاساس وما رافق تنفيذها من مغامرات غير محسوبة كلفت الخزينة ما يقارب النصف مليار دينار يستدعي تحويل الملف الى التحقيق لمعرفة الملابسات التي رافقت طرح العطاءات بهذه القيمة العالية, ومدى التزام المقاولين بشروط العطاء من حيث جودة البناء والتشطيبات والخدمات.
 
لا يمكن المرور على ملف "سكن كريم" بدون مساءلة ومحاسبة لان الملايين الضائعة هي من جيوب دافعي الضرائب.