صحيفة العرّاب

اعتداءات حكومية على قانون الدين العام وتفنن في تجاوز بنوده

كتب الزميل سلامه الدرعاوي مقالا في العرب اليوم تناول فيه الاعتداء الحكومي على بنود قانون الدين العام والمخالفات الصريحة التي انتابته وفينا يلي نص المقال:

 في سنة 2001 اصدرت الحكومة حينها قانونا للدين العام ألزمت نفسها بجملة من المعطيات الاقتصادية في اطار تعزيز عملية الاستقرار الاقتصادي الذي تدهور عقب ازمة الدينار سنة 1989 وبدأت برامج التصحيح الاقتصادي تدير دفة الاقتصاد.
 
قانون الدين العام وضع جملة من الاهداف الكلية الاصلاحية التي في حال تحقيقها فان مسيرة الاصلاح المالي ستكون قد وصلت الى اغلب اهدافها المنشودة, الا ان المشرع احدث عدة ثغرات في القانون جعلته فضفاضا وقابلا للخروج عن الاهداف الاساسية له, وهو امر جعل الحكومات المتعاقبة " تتفنن " في تجاوز بعض بنوده.
 
القانون نص صراحة على انه لا يجوز للدين الخارجي ان يتجاوز الـ 40 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي وان لا يتجاوز الدين العام الـ 60 بالمائة من الناتج, وهو امر فسرته الحكومات بعد ذلك بان بالامكان التنصل من هذا البند من خلال التوسع في الاقتراض الداخلي بعد ان يتم تخفيض الدين الخارجي بنسب معينة.
 
والكل يتذكر في هذا الاطار صفقة نادي باريس التي ابرمت سنة 2007 والتي تم بموجبها شراء 2.3 مليار دولار من نادي باريس من خلال استخدام كافة رصيد عوائد التخاصية البالغ حينها 1.65 مليار دينار في احدى اغرب الصفقات التي اثارت جدلا وقتها بسبب انعدام جدواها الاقتصادية من كافة الجوانب, بعدها تسارعت وتيرة الاقتراض الحكومي الداخلي الذي نما من 2.46 مليار دينار الى 7.298 مليار دينار في شهر ايار الماضي, فاي فائدة جناها الاقتصاد الاردني من جدولة الديون ?, وهل ارتفاع الدين الداخلي لا يخالف قانون الدين العام?.
 
القانون نص صراحة في المادة 25 على انه لا يجوز ان تتجاوز مديونية الحكومة للبنك المركزي بعد سريان احكام هذا القانون الرصيد القائم لهذه المديونية في سنة ,2001 واذا ما رجعنا الى الارقام الرسمية نجد ان رصيد الدين المستحق للبنك المركزي بلغ سنة 2005 ما يقارب الـ 272 مليون دينار, ليرتفع هذا الرقم الى 952 مليون دينار في شهر ايار الماضي, فاي قانون للدين يطبق على هذه الحالة?.
 
القانون ينص صراحة في المادة 18 انه لا يجوز للحكومة ان تكفل ماليا أي جهة كانت إلا في حالات استثنائية مبررة تتعلق بمشاريع استثمارية تقتضيها المصلحة الوطنية ولجهة رسمية وبقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب الوزير, والكلمات الاخيرة اعطت المرونة للحكومات لتفسير ما تشاء وتمرير كفالات حكومية لمشاريع ذات ارتباطات مختلفة, وهذا يفسر اليوم كيف تورطت الحكومة سنة 2004 في كفالة سندات دولية بقيمة 145 مليون دولار لصالح مؤسسة استثمار الموارد الوطنية وتنميتها" موارد", وقد بدأت الحكومة بدفع مستحقات اول قسطين بعد ان تعثرت موارد عن السداد.
 
من الناحية النظرية اكد قانون الدين العام ان حالات الاقتراض الحكومي تقتصر على تمويل عجز الموازنة العامة ودعم ميزان المدفوعات وتمويل المشاريع ذات الاولوية الوطنية المدرجة في الموازنة العامة وتوفير التمويل اللازم المدرج في الموازنة العامة او أي قانون مؤقت لمواجهة الكوارث وحالات الطوارئ وإعادة هيكلة المديونية الداخلية والخارجية.
 
أما من الناحية العملية فنجد ان هناك اعتداء حكوميا على بنود القانون ومخالفات صريحة, وللاسف فان هناك تغولا على القانون نتيجة التفسير الخاطئ للتشريع وعدم الالتزام بروحه.