صحيفة العرّاب

غارة أمريكية على السودان استهدفت قافلة أسلحة مزعومة متجهة لغزة

كشفت تقارير صحفية نشرت اليوم الثلاثاء عن قيام المقاتلات الأمريكية بانتهاك سيادة السودان وشن غارة جوية استهدفت قافلة شاحنات قيل إنها كانت محملة بالأسلحة ومتجهة إلى الحدود المصرية الفلسطينية تمهيدا لادخالها عبر الأنفاق إلى قطاع غزة.

 أضافت التقارير أن القافلة المزعومة ضمت 17 سيارة، وأن عدد ركابها كانوا 39 شخصا. وكان القصف قويا لدرجة أن السيارات جميعها قد تفحمت بركابها، الذين لم ينج منهم أحد. ولشدة القصف فإن الصواريخ التى أطلقت خلفت 18 حفرة تراوحت أقطارها ما بين 160 و430 مترا.
 
ووقع الحادث فى نهاية شهر يناير الماضى، فى منطقة صحراوية تقع شمال غرب مدينة بورتسودان، قرب جبل الشعنون. وتكتمته حكومة الخرطوم، التى لم تستطع أن تحدد المكان الذى خرجت منه الطائرات الأمريكية، فضلا عن أن عملية القصف تمت داخل حدودها، الأمر الذى سبب لها حرجا كبيرا.
 
وتعد هذه أول عملية كبيرة يتم فيها إحباط محاولة تهريب سلاح مزعومة إلى حركة حماس في قطاع غزة، تنفيذا لقرار مجلس الأمن القاضى بوقف إطلاق النار فى غزة، وحظر تجارة وتصدير السلاح إلى غزة، وتنفيذا للاتفاق الأمنى الذى تم توقيعه بين الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية.
 
وهو الاتفاق الذى يلزم الولايات المتحدة بالتعاون مع حلف الناتو والقوى الفاعلة الأخرى بالعمل على وقف تهريب السلاح إلى غزة، عبر شرق أفريقيا والبحر الأحمر وخليج عدن والبحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى تعاون استخباراتى لتحديد مصادر الأسلحة، وبصفة خاصة القادمة من السودان وإيران.
 
ونقلت صحيفة "الشروق" المصرية عن مصادر وصفتها بالمطلعة قولها: إن المقاتلات الأمريكية التى قامت بالعملية موجودة لدى عدة دول فى المنطقة، ورجحت أن تكون تلك المقاتلات قد خرجت من أريتريا أو جيبوتى".
 
وذكرت المصادر أنه جرت اتصالات رفيعة المستوى بين القاهرة والخرطوم كانت لها صلة بهذا الموضوع، الذى مازالت الحكومة السودانية تجمع تفاصيله وتدرس كيفية التعامل معه. إذ رغم أنها تسعى لضبط وملاحقة شبكات تهريب السلاح، إلا أنها تعتبر عملية القصف عدوانا أمريكيا على أراضيها.
 
أضافت أن القاعدة الأمريكية فى جيبوتى (كامب ليمونير) تقوم بدور أساسى فى مكافحة ما يسمى بالارهاب، وفى عمليات الدعم والاسناد.
 
وتضم تلك القاعدة 1800 جندى أمريكى، ومئات من عناصر القوات الخاصة، التى كلفت بالتركيز على سبع دول اعتبرتها القيادة العسكرية الأمريكية محطات للعناصر الارهابية، وهذه الدول هى: اليمن، الصومال، كينيا، السودان، أثيوبيا، أريتريا، جيبوتى.
 
وفى إطار هذه القوة ثمة وحدة مشتركة هى الوحدة CTF-150، التى تشترك فيها كل من فرنسا وإسبانيا وألمانيا وبريطانيا مع الولايات المتحدة بسفن حربية تقوم بدوريات مشتركة تغطى بالإضافة إلى البحر الأحمر، منطقة القرن الأفريقى وخليج عدن، ومنطقة المحيط الهندى.
 
وأعدت السلطات السودانية ملفا شاملا حول الموضوع، تضمن تصويرا لمسرح العمليات وتفصيلات بقايا الغارة، التى تمثلت فى كميات من الذخائر التى احترق بعضها ولم يحترق البعض الآخر، وبنادق جيم 4، وبنادق كلاشنكوف، إضافة إلى عدد من الهواتف المحمولة من طراز "ثريا"، التى يبدو أنها كانت وسيلة الاتصال بين عناصر القبائل العربية فى شمال السودان التى كانت تقوم بالتهريب، ونظائرها فى سيناء التى كانت تتولى التسلم وتوصيل السلاح إلى داخل القطاع.
 
يذكر أن الأنباء ذكرت في وقت سابق أن اجتماعا سريا عقد فى مقر الخارجية البريطانية حضره ممثلو أمريكا و8 دول أوروبية أعضاء فى حلف الأطلسى، واتفق المشاركون فى الاجتماع على مكافحة تهريب الأسلحة إلى غزة.
 
ولم يفصح المسئولون فى الخارجية البريطانية عن الآلية التى ستطبق بها الدول التى اتفقت على مكافحة تهريب الأسلحة، ولكنهم أشاروا إلى أن هذه الدول شددت على عدم اللجوء للقوة فى تعقب شحنات الأسلحة أو السعى إلى مصادرتها، وأن الاتفاق والاجراءات ليست موجهة إلى الدول العربية وهو ما لا يتفق مع العملية الأخيرة التى تمت فى شمال غرب مدينة بورتسودان.
 
وكان من المفترض ــ حسب الاجتماع السرى الالتزام بالقانون الدولى وبما تسمح به السلطات الوطنية فى الدول لدعم جهود اعتراض التهريب، وذلك بإجراءات تشمل التحقيق والصعود إلى ظهر السفن والتفتيش والايقاف ومصادرة الأسلحة.
 
ويشار إلى أن الدول التى وقعت على هذا الاتفاق فى اجتماعها بوزارة الخارجية البريطانية فى مطلع مارس الحالى هى الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا والدنمارك وألمانيا وإيطاليا وهولندا والنرويج.