صحيفة العرّاب

المرأة تطرق باب البرلمان بعدد مقاعد أعلى ومرشحات أقل

 إعداد / أيمن توبة

 مرت مشاركة المرأة في المجالس النيابية بالمملكة خلال عدة مفاصل مهمة منذ استئناف الحياة البرلمانية في العام 1989، تبعا لتغير قانون الانتخاب من تعدد الأصوات الى اعتماد الصوت الواحد، إضافة الى اعتماد الكوتا التي ´فرضتª وجود المرأة في البرلمان، رغم أنها استطاعت الوصول تنافسيا مرة وحيدة في الانتخابات الماضية.
 
 
*** حقائق وأرقام.
شهدت انتخابات عام 1989 ترشح 13 امرأة لم تفلح أي منهن بالوصول الى قبة البرلمان. وبلغ مجموع الأصوات التي حصلن عليها مجتمعات في ظل قانون الانتخابات الذي كان يتيح تعدد الأصوات (21021) صوتا بنسبة 2,8% من مجموع أصوات الفائزين في تلك الانتخابات الذي بلغ حينها (746897) صوتا انتخابيا.
وتمكنت المرأة الأردنية من اقتحام القبة النيابية لأول مرة في تاريخ المجالس النيابية في انتخابات (1993م) بعد ان انحسر عدد المرشحات إلى ثلاث حيث ساهم الخوف من تداعيات قانون الصوت الواحد في تقليص عدد المرشحات في انتخابات (93). وتمكنت السيدة توجان فيصل لأول مرَّة في تاريخ الحياة النيابية في الأردن من الفوز بمقعد في المجلس النيابي لتكون أول امرأة نائب في الأردن حيث حصلت على (1885) صوتا متقدمة على المرشحين اللذين نافساها على مقعد الشركس في الدائرة الثالثة من دوائر العاصمة عمان. وبلغ مجموع الأصوات التي حازت عليها المرشحات الثلاث في انتخابات (93) تحت مظلة قانون الصوت الواحد (3933) صوتا تشكل ما نسبته (0,79 %) من مجموع أصوات الفائزين الثمانين في تلك الانتخابات التي بلغت (313242) صوتا.
وفي انتخابات 1997 فقدت المرأة تمثيلها تحت القبة النيابية بعد ان ترشحت لهذه الانتخابات 17 مرشحة لم تفز أي واحدة منهن حيث بلغ مجموع الأصوات التي حصلت عليها المرشحات السبع عشرة (13082) صوتا.
وضمنت المرأة الاردنية حضورها تحت قبة البرلمان منذ الانتخابات النيابية التي جرت عام 2003 حيث خصص للنساء كوتا بستة مقاعد بعد زيادة عدد اعضاء مجلس النواب الى 110 مقاعد وشهدت هذه الانتخابات هجوما نسائيا على الترشيح، حيث خاضت الانتخابات (53) مرشحة لم تفلح اي منهن بالفوز بمقعد نيابي خارج دائرة الكوتا المخصصة لهن.
الا أن الانتخابات اللاحقة التي جرت عام 2007 شهدت عودة المرأة الى دائرة المنافسة الحقيقية بفوز النائب السابق فلك الجمعاني بمقعد لواء ذيبان بالتنافس بعد تفوقها على منافسيها الرجال ليصبح عدد النساء تحت القبة 7 نساء باضافة مقاعد الكوتا النسائية التي كان قد تنافس عليها في تلك الانتخابات 199 امرأة.
وتقف المرأة أمام تحد حقيقي في الانتخابات الحالية حيث خصص لها 12 مقعدا ضمن الكوتا، بانتظار ما ستكشفه نتائج الانتخابات التي ستجري في التاسع من الشهر المقبل حيث يبقى احتمال فوز احدى المرشحات تنافسيا قائما رغم اشارة المراقبين الى ان قلة عدد المرشحات نسبيا جاء مخيبا للآمال النسوية المعقودة على مجلس النواب السادس عشر.
وتختلف الآراء في فاعلية المرأة النائب، ومدى ما استطاعت تحقيقه تحت قبة البرلمان، الى جانب نقاش مماثل حول مدى الدعم المقدم للمرأة المرشحة من الناخبين نساء ورجالا.
´المواجهةª استطلعت بعض الاراء حول هذا الموضوع:.
 
*** ذياب: المرأة قد تتفوق.
ماهر ذياب (30 عاما ويعمل معلما): قال لـªالمواجهةª: ´المرأة نصف المجتمعª، وبالنسبة لي لا مانع من انتخاب امرأة، فقد اثبتت المرأة تميزها وقدرتها على القيام بالواجبات الموكلة اليها، بل على العكس تفوقت على الرجل في بعض الميادين، ولا فرق بين رجل أو امرأة من المرشحين في الانتخابات لأن الأمر لا يتعلق بالنوع الاجتماعي ´الجنسª بل أهم ما يمكن ان يؤخذ بنظر الاعتبار عند الاختيار هو الكفاءة والنزاهة، ولا يمكن ان يتحدد هذان العاملان وفق المتغير الجنسي، بل الانسان مهما كان نوعه او جنسه أما ان يكون كفؤاً نزيهاً او لا يكون وليست هناك قاعدة تقول ان الرجل كفؤ دائماً والمرأة غير كفؤة.
ويضيف: أحياناً يخضع هذا الامر لعوامل ثقافية واجتماعية فقد تعتقد المجتمعات وفي ظل ثقافة ذكورية ان المرأة لا تستطيع ان تقوم بدور سياسي متميز لكن التجارب العالمية والمحلية أثبتت ان المرأة قد تتفوق على الرجل في هذا المجال.
*** حياصات: أثبتت قدرتها.
كامل حياصات (40 عاما ويعمل محاميا) تحدث لـªالمواجهةª فقال: ان الكثير من الافكار الشائعة وهي افكار سلبية لاتزال موجودة في مجتمعنا ومجتمعات اخرى بخصوص عمل المرأة في السياسة، ولاتزال المرأة تعاني في مجتمع محافظ كمجتمعنا، فليس من السهل تغيير النظرة التقليدية. توجد فئة كبيرة تنظر للمرأة كربة بيت فقط وهو مكانها الطبيعي وقد خلقت لذلك، وان المرأة تقاد من قبل الرجل وأنه دوما صاحب القرار، وعليه فهناك مشكلة في القدرة على تغيير هذه النظرة التقليدية، لذا ليست هناك ثقة من المجتمع رجالا ونساء بأن باستطاعة المرأة ان تتواجد في الميدان السياسي وان لها قدرتها العالية في اثبات كفاءتها فهي لا تدعم وهناك سلطة ذكورية تعلو السطح وتعطي الحق والزمام للرجل اكثر مما تعطى للمرأة. اما بالنسبة لي فانا دائما وبجميع المناسبات ادعو لانصاف المرأة، وفتح المجال لها في كافة الميادين السياسية والاجتماعية، فالمرأة اثبتت قدرتها في العمل البرلماني.
*** أحمد: مكانها بيتها.
خالد ابراهيم احمد (35 عاما) ويعمل موظفا في وزارة الاوقاف قال لـªالمواجهةª: انا بالنسبة لي لا انتخب امرأة، معللا السبب بأن المرأة مكانها بيتها، وتربية اطفالها. واستطرد قائلا: انا من وجهة نظري ان المرأة لا تصلح ان تخوض عالم السياسة، لانها بتكوينتها الفكرية والجسمية ضعيفة، وخلقت لامور محددة، فعالم السياسة له اصحابه، ومهما اجتهدت المرأة وتفوقت في المجال العلمي لا تستطيع ان تجاري الرجل في عالم السياسة - بحسب تعبيره-.
*** ملوح: عليها أن تثبت قدرتها.
رائدة عمر ملوح (26) عاما وتعمل ممرضة في مستشفى حكومي قالت: الفكرة مازالت غير متعارف عليها عند مجتمعنا وليست مرفوضة بمعنى الرفض القطعي أبدا بل هو نضال يجب فرضه على مجتمعنا الذكوري من قبل المرأة حتى نجدها شريكا أساسيا في العملية السياسية.
ومن المؤكد أن الكوتا هي سبب ظهور سيدات في المجلس النيابي لأول مرة في تاريخ الأردن السياسي وذلك بإيعاز من جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله لتعزيز وجود المرأة، وهي بصفة مؤقته للمرأة الاردنية دون شك لإثبات قدرتها السياسية. ويجب أن تثبت المرأة قدرتها في المشاركة المجتمعية والسياسية حتى تقنع المجتمع بأنها أهل لذلك.
وبتصوري ان مجرد وجود المرأة في مجلس النواب هو نجاح لها، وقبل أن تسأل عن نجاح وجودها في مجلس النواب، هناك رجال كانوا موجودين ولم يكن لهم حضور فالأمر سيان.
*** الشبول: الكوتا دليل ضعف.
نسرين الشبول (48 عاما) متقاعدة أعربت في حديثها لـªالمواجهةª عن اعتقادها أن ´التربية الذكورية الشرقية من الصعب أن تفرز قياديات يتمتعن بحنكة سياسية معتبرةª، مضيفة أن الكوتا بحد ذاتها شاهد على ضعف المرأة سياسيا، وأنه لا بد للمرأة إن أرادت إثبات وجودها بشكل حقيقي من أن تفرض نفسها تنافسيا وبعدد معتبر تحت القبة، ´وهو ما يبدو بعيد المنال حالياª.
*** المبيضين: تشاركية في الغرم والغنم.
وفي رأي للباحث التربوي الدكتور حسن علي المبيضين حول القضية يقول: ان انتخاب امرأة في شأن عام من شؤون الحياة ليس فيه ما يناقض العقل، اذ ينبغي لمن يتصدى لهذا الامر او ذاك من شؤون الحياة، ان يدرك دوره الحقيقي فيه: تشريعا وتخطيطا وتنفيذا ومراقبة. والشأن الانتخابي واحد من هذه الامور التي تتطلب حضورا للاكثر فاعلية في تحقيق اكبر قدر من النجاح بغض النظر عن الجنس، وهذا الامر ايضا لا يتعارض مع الدين الذي يحترم العقل الانساني باعتباره مناط التكليف، وتاريخنا الحضاري الاسلامي حافل بالرموز النسائية في المجال السياسي والعسكري والتشريعي والادبي، ولعل اهم تلك الرموز حضورا في هذا التاريخ السيدة عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها، التي عدّها الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) مرجعا من مراجع الدين، لقربها منه عليه الصلاة والسلام، وحدة ذكائها وقوة حافظتها، وامتلاكها لناصية اللغة وتوقد ذهنها.
وحديثا، ونحن نعيش انتصارا لحقوق المرأة في السياسة والاقتصاد والاجتماع، فان انتخابها يعد انتصارا لتلك الحقوق التي تجعل منها شريكا في التشريع واتخاذ القرار على اختلاف صوره ودرجاته وميادينه، الامر الذي يدفع نحو مبدأ التشاركية في الغرم، والغنم، بدرجة تتناسب وحجم التمثيل النسائي في هذا الموقع او ذاك.
ان دستور المملكة الاردنية الهاشمية أعطى للمرأة الحق في هذا الامر، الامر الذي انسحب على جميع المؤسسات الوطنية: التربوية والتعليمية والاعلامية، اذ عملت على توجيه الناس جميعا نحو افساح المجال للمرأة لتكون عنصرا مؤثرا وشريكا فاعلا في الاداء الحكومي والشعبي على حد سواء.
اما فيما يتعلق بهذه الانتخابات فانني ادعو الى مشاركة نسائية اوسع، لعل هذه المشاركة تدفع نحو لفت النظر الى القضايا المجتمعية ذات البعد النسائي، وأهمها الجوانب الاسرية التي تأثرت بمنظومة قيمية وأخلاقية طارئة، فأفرزت نتاجات أخلاقية بحاجة الى تصويب وتصحيح مسار. وقضية أخرى هي الفقر الذي يدفع بالمرأة نحو مجالات في العمل قد لا تتناسب وطبيعة المرأة الجسدية والخلقية والنفسية، فمثل تلك العاملة هي من تعرف بشكل أفضل ما يرتبط بحياتها من آلام وآمال.