اظهرت الدراسة التي اعدتها دائرة الاعلام في شركة إبسوس للابحاث والدراسات على هامش مؤتمر الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لدول الشرق الاوسط وشمال افريقيا الذي عقد في الاردن برعاية ملكية سامية بحضور اكثر من 500 شخصية عالمية وعربية من خبراء الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ان المواطن العربي يقضي ما يناهز ثماني ساعات يومياً في متابعة وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة واستخدام الهاتف المتنقل إضافة للإنترنت والعاب الفيديو جيم.
وشملت الدراسة ست دول عربية هي الاردن ومصر ولبنان والمملكة العربية السعودية والكويت ودوله الامارات العربية, حيث توزعت هذه المدة ما بين متابعة التلفزيون والتي جاءت بمعدل اربع ساعات يومياً تلاها استخدام الهاتف المتنقل بمتوسط يومي قدره ساعة ونصف ثم الانترنت الذي بلغت حصته ساعة يومياً فيما توزعت المدة الباقية بين الاستماع للراديو وقراءة الصحف والمجلات واللعب بالفيديو جيم وهو ما يشكل 30 بالمئة من يوم المواطن العربي او ما يعادل متوسط ساعات العمل اليومية في الوطن العربي المعروف عالمياً بضعف إنتاجيه عماله, فهل تعد ظاهرة المتابعة العالية للاعلام واستخدام الهاتف الخلوي احد اسباب ضعف الانتاجية في العالم العربي ام انها تعتبر نتيجة لتفشي ظاهرة البطالة والفراغ عند الشباب العربي?
مطلوب فيس بوك عربي
وقال التقرير انه من الواضح ان مسلسل تحطيم الارقام القياسية لمواقع التواصل الاجتماعي في العالم والمنطقة سيتواصل فمع إعلان موقع فيس بوك ان عدد مستخدميه قد تجاوز ال¯ 500 مليون إنسان في القارات الست, اظهرت نتائج الدراسة ان 32 بالمئة من العرب في الدول التي شملها الاستطلاع هم من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي التي حل موقعا فيس بوك وتويتر في صدارتها, واوضحت النتائج ان 96 بالمئة من مواقع التواصل الاجتماعي التي يستخدمها العرب هي مواقع اجنبية و4 بالمئة فقط عربية, فهل بات القائمون على صناعة القرار في العالم العربي على وعي بأهمية مواقع التواصل الاجتماعي ودورها في تشكيل اهتمام الشباب العربي وضرورة وجود مواقع تواصل عربية تساهم تتجاوز مواقع التعارف بين الجنسين وإيجاد شريك الحياة!
هل ما زال العرب يعتمدون الاشاعات كمصدر موثوق للمعلومات?
وقال التقرير: يبدو ان الانفتاح الاعلامي وسياسة الشفافية التي بدأت تنتهجها وسائل الاعلام العربية قد حدت من ظاهرة الاعتماد على الاخبار الشفوية غير موثوقة المصدر إضافة للتغيرات الاجتماعية التي طالت المجتمع العربي وقللت من حجم التواصل الاجتماعي بين الناس.
فقد اظهرت الدراسة ان نسبة من يعتمدون على الاخبار الشفوية والتي تشكل الاشاعات معظمها قد جاءت طفيفية بشكل عام في معظم الدول العربية, فبلغت نسبة من يعتبرون ان المعلومات الشفهية التي يتناقلها الناس هي مصدر اساسي لمعلوماتهم 6.2 بالمئة في الكويت ولبنان ثم مصر 5.4 بالمئة فالسعودية بنسبة 3.8 بالمئة والاماراتيون اخيراً بنسبة 1.7 بالمئة ولم يستثن من هذه الظاهرة سوى الاردن التي سجلت نسبة 11.6 بالمئة وهو ما يمكن تفسيره بانه يعكس موروثا اجتماعيا وثقافيا متجذرا في الهوية الاردنية التي ما زالت تعتمد على كلمة "سمعت" التي عادة ما يبدأ الاردنيون احاديثهم بها واصبحت من السمات المميزة للشخصية الاردنية.
الفضائيات الخاصة تكرس التلفزيون كمصدر معلومات اساسي في مصر والاردن ولبنان والانترنت يزدهر في الخليج وجاء في التقرير ان مناخ الحرية والانفتاح النسبي الذي شهدته دول الاردن ومصر ولبنان في السنوات الاخيرة ادى الى ظهور عدد من القنوات الفضائية الخاصة التي ساهمت في رفع سقف العمل الاعلامي لهذه الدول وهو ما كرس التلفزيون كمصدر المعلومات الاول للمواطن في هذه البلدان بنسبة 54 بالمئة مقابل 23 بالمئة فقط لدى المواطن الخليجي في دول السعودية والامارات والكويت التي تبدو فيها الساحة الاعلامية اقل تنافسية من جاراتها في مصر ولبنان والاردن, فيما تصدر الانترنت المشهد الاعلامي كمصدر اساسي للمعلومات في دول الخليج العربي بنسبة 48 بالمئة مقابل 22 بالمئة في مصر والاردن ولبنان مما يعزيه البعض للتقدم الكبير الذي تشهده دول الخليج في مجال البُنية التحتية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والذي ادى للانتشار الواسع للانترنت واستخداماته.
الاماراتيون الاكثر قراءة في العالم العربي ولبنان والاردن يعتمدان على التاريخ
وقال التقرير: يبدو ان العالم العربي اصبح على اعتاب تغيير كبير في المشهد الثقافي العربي فقد احتلت لعقود طويلة دول ما يعرف ب¯ "المثلث الذهبي" صدارة المشهد الثقافي العربي وهي مصر بصفتها الاكثر إنتاجاً ادبياً ولبنان صاحبة ابرز دور نشر والعراق الذي عرف بانه الاكثر قراءة في العالم العربي, الا ان دولة الامارات العربية قد كسرت هذه النظرية بعدما حلت اولاً في نسبة القراءة ب¯ 54.2 بالمئة من عدد السكان تلتها لبنان ب¯ 53.6 بالمئة فالاردن ب¯ 47.6 بالمئة مع تراجع مصر للمرتبة الاخيرة بنسبة 10.6 بالمئة خلف الكويت والسعودية ب¯ 44.8 بالمئة و44 بالمئة على التوالي.
وقال التقرير: لا يخفى على المراقبين ان ظاهرة القراءة في دول الخليج العربي ترتكز على فئة الشباب من عمر 15-30 عاماً مما يرشح هذه الدول المعروفة بإنفاقها السخي في مجالي الثقافة والتعليم بإن تصبح مراكز قوى ثقافية جديدة في المنطقة فيما تحتاج دول تعتبر عريقة ادبياً مثل لبنان والاردن لتجديد دماء قرائها حيث يشكل كبار السن لفئة 55 عاماً فما فوق نسبة 19 بالمئة في لبنان و13.6 بالمئة في الاردن فيما تقل هذه النسبة عن 5 بالمئة في دول كالامارات والسعودية مما سيؤدي إلى تراجع ترتيب هذه الدول لصالح دول الخليج العربي مستقبلاً.
تنافس محموم بين الاردنيات واللبنانيات على زعامة نساء الوطن العربي في استخدامات الانترنت
وبين انه رغم تأخر الاردنيين واللبنانيين من الذكور عن معظم المراكز الاولى في استخدامات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مقابل تفوق وواضح لشباب الخليج العربي في معظم قياسات استخدام التكنولوجيا, الا ان التنافس كان على أشده بين الاردنيات واللبنانيات على صدارة الترتيب العربي في استخدام التكنولوجيا بالنسبة للنساء مع حضور خجول للمرأة الخليجية التي ما زالت تحاول اللحاق بركب نظرائها من الرجال.
حيث كانت الاردنيات الاول عربياً ضمن الدول التي اجري بها الاستطلاع في استخدام الانترنت حيث شكلن 44.9 بالمئة من مجمل مستخدمي الانترنت في الاردن مقابل 36.4 بالمئة للبنانيات اللواتي حللن بالمركز الثاني وحلت الاردنيات في المركز الاول في نسبة قارئات الصحف عبر الانترنت ب¯ 39.9 بالمئة من مجمل قراء الصحف الالكترونية في بلادهن فيما حلت اللبنانيات ثانياً بنسبة 33.6 بالمئة.
وعلى صعيد مواقع التواصل الاجتماعي جاءت الاردنيات اولاً عربياً بنسبة 36.3 بالمئة من مجمل المشتركين وجاءت السعوديات ثانياً ب 32.7 بالمئة, وحصدت اللبنانيات لقب الاكثر قراءة بين نساء العالم العربي بنسبة 59 بالمئة من مجمل القراء في لبنان فيما احتلت الاردنيات المركز الثاني عربياً في نسبة القراءة حيث شكلت القارئات الاردنيات 54.8 بالمئة.
ولم تتوقف المنافسة بين اللبنانيات والاردنيات عند استخدامات الانترنت بل إمتدت للالعاب الالكترونية والفيديو جيم التي شكل الاردنيات فيها نسبة 38.7 بالمئة من مجمل المستخدمين مقابل 34.2 بالمئة للبنانيات مما يؤكد ان الارث الثقافي الكبير ومناخ الحرية والانفتاح قد جعل من المرأة الاردنية واللبنانية نموذجاً لدخول المرأة العربية عصر "الديجيتال".