صحيفة العرّاب

الشقيقة الكبرى ماتت في اربد فور تلقيها نبأ استشهاد شقيقتها الصغرى في غزة

 

لم يكن الغزاوّيخليل عمار ابو رامي والذي يسكن في احد الاحياء الشمالية من مدينة اربد شمال العاصمة عمان يدرك ان مكالمة الهاتف الجوال التي تلقتها زوجته عايشة خليل حسن في ليلة الثاني عشر من كانون الاول الحالي من منطقة الشجاعية في قطاع غزة ستكون خاتمة المكالمات من احد اقاربها الذي نقل اليها نبأ استشهاد شقيقتها رضا خليل حسن و4 نساء من اقاربها وجيرانها في قصف صاروخي اسرائيلي لسيارة كانوا يستقلونها للهروب من القصف الوحشي الى مكان اكثر امنا.

 

ومع تسلل النبأ عبر الهاتف عن استشهاد الاخت الصغرى لم تتحمل الاخت الكبرى صدمة النبأ ففارقت الحياة على الفور قبل ان تكمل وجبة عشاء كانت تعدها لابنائها السبعة (4 ذكور و3 اناث) وقبل مجيء الزوج من عمله وكان يحمل ربطة خبز اوصته الزوجة باحضارها عبر الهاتف قبل موتها بساعتين.

 

الزوج وعمره ستون عاما ويحمل جواز سفر مؤقتا ويسكن مدينة اربد منذ العام 1980 ويعمل فيها بائعا للتبغ على بسطة روى ل¯ العرب اليوم قصة وفاة زوجته بعد تلقيها نبأ استشهاد شقيقتها في الشجاعية عبر الهاتف فقال كانت زوجتي تتابع احداث المجزرة التي يرتكبها جيش الاحتلال في غزة على الفضائيات ومع القصف المتكرر لمنطقة الشجاعية حيث تسكن شقيقتها ادركت ام رامي ان امرا ما حدث لشقيقتها الصغرى وانها استشعرت نبأ استشهادها فكانت تحاول الاتصال بشكل متكرر من اجل الاطمئنان على شقيقتها واقاربها في غزة.

 

وكان تشييع ام رامي الى مقبرة مخيم اربد تشييعا استثنائيا اخذ رمزية استثنائية في ادانة العدوان الاسرائيلي غير المسبوق في حجم بشاعته على قطاع غزة الذي استعصى على الحصار فحوله جيش الاحتلال الى نار ملتهبة تحرق الاخضر واليابس دونما تمييز.

 

ويصف ابو رامي ما حل به من ألم بانه جزء من ضريبة تلاحق الشعب الفلسطيني حتى خارج فلسطين المحتلة ويضيف بهدوء خلفته قصص حزن وحكايات مريرة عيوننا تتجه نحو غزة وندعو لها بالنصر وقلوبنا تخفق باسم الاردن الذي نعيش فوق ثراه مستذكرا لحظات رحيله عن القطاع وما حمله من مآس سببها الاحتلال الاسرائيلي دفعه وغيره للرحيل باتجاه مدينة اربد في العام 1979 حيث اختار المدينة له ولاسرته مسكنا لانه وفق ما يقول بنى مع اربد قصة حب منذ الزيارة الاولى ولذلك كانت محط اقامته واسرته المكونة من 9 افراد (الاب والام و7 أبناء) قبل موت ام رامي التي انقصت رقم العائلة رقما ليتعارض مع ما قاله الشاعر العربي الفلسطيني الراحل محمود درويش: عندي من الاولاد سبعة وثامنهم سيأتي بعد صيف.

 

ولم يكن صيوان العزاء الذي اقيم بالقرب من حاكورة نعناع في الحي الشمالي من مدينة اربد الذي شاء القدر ان يكون فيه عزاء الشقيقتين (عايشة ورضا) اللتين فارقتا الحياة بوقت متقارب: استشهدت واحدة منهما في غزة بقصف صاروخي والاخرى قضت من نبأ تسلل ينقل وفاة شقيقتها, صيوانا عاديا بل كان صيوانا رمزيا يحمل الكثير من الدلالات من قبل زوار الصيوان الذين قدموا واجب العزاء بام رامي, وربما التهاني بالشهادة للاخت الصغرى التي تركت اطفالها من خلفها من دون معيل او مغيث لهم في ظل محنة يتعرض لها ابناء القطاع بوحشية احتلالية قل نظيرها عبر تاريخ الحروب.