صحيفة العرّاب

«الذهب الروسي» ملاذ الفقراء.. والأغنياء

التباهي بـ «المقلد» حيلة العروس لكف ألسن الناس

مقبلون على الزواج يفضلون استثمار أموالهم بمشاريع مدرة للدخل
مواطنون يعتبرون التمسك بـ «الحقيقي» غير ضروري
ايمن توبة
طال الارتفاع الفاحش في الأسعار مادة بالغة الأهمية لشريحة غير قليلة من المجتمع، وهي الذهب الذي تجاوزت أسعاره هذه الأيام أرقاما قياسية، ما ألقى همّا كبيرا لدى المقبلين على الزواج، ففي ظل التذبذب وعدم الاستقرار والصعود المتواصل الذي تشهده اسواق الذهب اصبح الزواج عبئا، واقتناء الذهب ضربا من الخيال وبعيد المنال.
 
ومع هذه الارتفاعات ووصول ثمن الذهب سعرا خياليا، وما سببته هذه الارتفاعات من تذمر لدى المقبلين على الزواج، قرر الكثيرون التخلي عن فكرة شراء الذهب والاتجاه الى منحى اخر وهو شراء الذهب المقلد او ما يعرف بـ»الروسي» معتمدين على صعوبة تمييزه عن الذهب الحقيقي الا من قبل الخبراء، ما يعفيهم من الاحراج امام الناس. «المواجهة» بدورها استطلعت اراء بعض الشباب المقبلين على الزواج وخرجت بالاتي:
 
** كف ألسن الناس
ع. س (25) عاما تحدث عن رأيه قائلا: في ظل الظروف الراهنة والصعبة التي نعيشها اصبح الزواج عبئا ثقيلا يعجز الكثير عنه، فاسعار الذهب اصبحت في اعلى المستويات واقتناؤه اصبح بعيد المنال عن متناول اليد. ويضيف قائلا: اتفقت انا وخطيبتي الا نشتري ذهبا حقيقيا، نظرا لارتفاع اثمانه، وقررنا ان نشتري ذهبا مقلدا وذلك لكف ألسن الناس، والاستفادة من النقود التي معنا في مشروع استثماري يدر علينا دخلا في ظل هذه الظروف الصعبة.
** الذهب ليس ضروريا
م. س (22 عاما) قال لـ»المواجهة»: في زمننا هذا ليس من الضرورة ان تلبس العروس ذهبا، ذلك ان ما تحصل عليه العروس في هذه الايام من مهر مقدم لا تستطيع ان تشتري به ما تحلم به من ذهب لتلبسه في عرسها، واصبحنا نسمع عن استبدال الذهب الحقيقي بالذهب المقلد او (الروسي) وانا مع هذه الفكرة، ولكن دون المساس بمهر العروس، وهو حق لها. ويضيف: هناك فتيات اصبحن يؤجلن فكرة اقتناء الذهب في هذه الايام الى ان تهبط اسعار الذهب، وهذا عين العقل وخصوصا لذوي الدخل المحدود.
** الأغنياء يقبلون عليه أيضا
ر. م (23) تحدثت عن رأيها لـ»المواجهة» قائلة: اتفقت ان وخطيبي ان نؤجل شراء الذهب الى حين هبوط سعره نظرا للارتفاعات الكبيرة التي طالت اسعار الذهب في الاونة الاخيرة. واضافت: قد نلجأ انا وخطيبي حالنا كحال الكثير من المقبلين على الزواج إلى شراء شبكة العروس من الذهب الروسي فهي شبيهة إلى حد ما بمثيلاتها المصنوعة من الذهب الخالص وتؤدي الغرض نفسه نظراً لعدم المقدرة المادية أو لزيادة قطع الشبكة الأصلية بقطع اكسسوار تكون مشابهة لها. وقالت «الأغنياء يقبلون أيضاً على شرائه لأغراض الزينة وهناك نساء يترددن على هذه المحلات شهرياً ويأخذن قطعاً متنوعة في كل زيارة». واستطردت: «غرام الذهب وصل اليوم إلى 28 دينارا، ما أدى إلى عزوف المقبلين على الزواج عن شراء كامل شبكة العروس من الذهب الخالص والاكتفاء بشراء المحابس فقط من الذهب أما بقية الشبكة فيلجأ كثيرون إلى شرائها من الإكسسوار المقلد بعلم أهل العروس والعريس, لحفظ ماء الوجه في الأعراس».
** ليلة واحدة
س. ع (25 عاما) قالت لـ»للمواجهة» إن ارتفاع أسعار الذهب دفعها وخطيبها إلى التفكير في إمكانية وضع المبلغ المحدد للمصاغ واستثماره في مشروع تجني منه دخلا معقولا. وأضافت «المصاغ يبقى من الأساسيات في حفل الزفاف، ولذا سأشتري خاتم الزفاف فقط.. بينما أستأجر باقي المصاغ». وبينت أن الكثير من بنات جيلها ممن لديهن الوعي الكافي سلكن الطريق نفسه، لا سيما أن الأسعار وتكاليف المعيشة في ارتفاع مستمر في حين لا تزال معدلات الدخل تراوح مكانها لدى الغالبية من المواطنين. واعتبرت أن الاهتمام يجب أن يولى بشكل أساسي إلى ضمان حياة كريمة لبقية العمر عوضا عن إنفاق الأموال على ليلة واحدة. وأكملت قولها: ثمة أمر لافت في هذا السياق هو ان الذهب الروسي أكثر جمالا بجانب كونه قليل التكلفة في حال تعرضه للتلف أو السرقة.
*عايش: اقتناء الذهب خارج إمكانات 90% من الأسر الأردنية الخبير الاقتصادي حسام عايش علق على هذا الموضوع وقال: ان أكبر تغير يحدث الآن هو التغير في سعر الذهب، والذي أصبح الحصول عليه واقتناؤه مسألة مكلفة جدا، لذلك غدت هناك فئة من الناس تستعيض عنه ببدائل أخرى، وخصوصاً في الأعراس، مبيناً أن هذا التصرف يعكس مبلغ الارتفاع الهائل في أسعار الذهب، نتيجة متغيرات مالية واقتصادية عالمية، وتراجع الثقة بقدرة الاقتصاد العالمي على الخروج من أزمته. ويضيف عايش أن حدوث ذلك جعل اقتناء الذهب خارج إمكانات نحو 90% من الأسر الأردنية. كما يرى عايش أن أولويات المواطن تغيرت، وتغير من ثم سلم ترتيب النفقات بالنسبة له، للمحافظة على مستقبل آمن، كون الذهب أصبح سلعة باهظة الثمن غير آمنة، وصار الناس حذرين جداً في التعامل معها. ويضيف أن الناس باتوا يقفون حاليا أمام منعطف من شأنه تغيير طريقة تفكيرهم، حيث بدأوا يتحولون صوب الفضة وأنواع أخرى من الذهب بعيارات مختلفة، وأقل ثمناً.