صحيفة العرّاب

محاولة انتحار "جيهان" ...انتحار لمصداقية الحكومة!

 يبدو أن حكوماتنا رمت وراء ظهرها نهائياً مصالح المواطنين واحتياجاتهم. وأصبحت تختلق ما يمكن اختلاقه للتغطية على مظاهر احتجاج المواطنين، حتى ولو كانت شديدة البؤس. ففتاة مثل "جيهان الهواوشة" التي حاولت الانتحار قرب دوار الداخلية، هي تعبير عن إحباط شديد ويأس قاتلين بسبب سياسات حكومية غير معنية بالمواطنين.

وفي حالات اليأس يتعطل التفكير المنطقي، ويعبّر عن مشكلته بوسائل متطرفة، خصوصاً إذا كان يشعر بالظلم.
فقد وصل إلى موقع "كل الأردن" معلومات مؤكدة أن حالة إنسانية مؤثرة أدت إلى محاولة الشابة "جيهان الهواوشة"، من بلدة ذيبان، للانتحار بالقفز من فوق عمارة قرب وزارة الداخلية. فقد ذكر السيد محمد سنيد من منطقة ذيبان- وهو بالمناسبة رئيس لجنة عمال المياومة- أن تلك الفتاة يتيمة الأب، وأخوها هو معيلها الوحيد هي وثمانية أفراد من عائلتها، وهو من منتسبي القوات المسلحة الأردنية، وراتبه محدود، وبالكاد يكفي لأساسيات عيش العائلة.
وقال السنيد أن دافع تلك الفتاة لمحاولة الانتحار هو رغبتها الملحّة في إكمال دراستها، حيث أنها طالبة في
الجامعة الأردنية. ولكن الظروف المادية القاسية لعائلتها تحول دون ذلك، حيث أنها مهددة بترك دراستها، ولا يوجد أي بصيص أمل. وأضاف السنيد أن الرواية الرسمية حول أنها غير سليمة نفسياً هي رواية غير صحيحة، وأضاف: ستبلغ المسألة بحكومتنا أن تقول أن كل الشعب الأردني غير سليم نفسياً.
والفتاة الآن تحت رعاية طبية نفسية في إدارة حماية الأسرة في الأمن العام، فيما يقول سكان من المنطقة أنه محاولة من الأهل لتلافي تبعات الموضوع عليها.
وحاولت الجهات الرسمية أن تسرّب أن تلك الفتاة دفعها إلى الانتحار عدم موافقة أهلها على زواجها ممن تحب، وتبرع مسؤولون آخرون للقول أنها غير سليمة نفسياً.
وفي يوم الجمعة تجمهر عدة آلاف من المواطنين في محيط دوار الداخلية لمراقبة تلك الفتاة التي تبلغ من العمر حوالي 20 عاماً بعد محاولتها الانتحار بالقفز من على سطح إحدى البنايات المرتفعة في تلك المنطقة. وتعطلت حركة السير لساعات ما بين دوار المدينة الرياضية ودوار الداخلية، وحضرت إلى المكان أعداد كبيرة من قوات الأمن والدفاع المدني لمحاولة إنقاذ الفتاة.
وقد أبدت الفتاة تصرفات غريبة، حيث كانت تلوح للجمهور المحتشد، وتأكل الـ"شيبس" وتشرب الماء الذي زودها به رجال الأمن العام والدفاع المدني، وتضحك أحيانا، مما جعل مفاوضي الأمن العام يعتقدون أنها كانت في حالة نفسية سيئة نتيجة ضغوط ما.
وبدأ مفاوضو الأمن العام ورجال الدفاع المدني محاولات شاقة لإقناعها بالعدول عن الانتحار، ولكنها كانت تهددهم بإلقاء نفسها إن اقتربوا.
وبعد أكثر من 3 ساعات من الانتظار أقنعها رئيس قسم التفاوض في الأمن العام، وهو نقيب في الأمن الوقائي كما أفادنا الرائد محمد الخطيب الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن  العام، بالاتصال بالجهة التي تريد. وبالفعل فقد أعطوها هاتف الرائد الخطيب، وأخبرها المفاوض أنها تستطيع أن تحادث مسؤولاً كبيراً وتطلب ما تريد.
وعبر الصعود على السلم، وارتفاعه أكثر من 3 أمتار، استغل النقيب انشغالها بالهاتف لينقض عليها في حركة دقيقة وجريئة، ليمسك بها بقوة ويثبتها رغم محاولتها الإفلات والقفز، ليقع على ظهره على سطح العمارة من ارتفاع 3 أمتار، محافظاً عليها من الإصابة.
وقد اصطحب رجال الدفاع المدني والأمن الفتاة إلى مستشفى الأمير حمزة للتأكد من سلامتها صحياً، وذلك قبل تسليمها إلى أهلها، ثم إلى مركز حماية الأسرة. كل الأردن