دعت الامم المتحدة مساء الأربعاء إلى وقف العمليات الحربية حول مدينة مصراته الليبية للتمكن من ايصال المساعدات إلى السكان المدنيين وافساج المجال أمامهم بالرحيل هربا من المعارك بين قوات العقيد معمر القذافي والثوار.
ووجه الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون "دعوة عاجلة لوقف فوري للاستخدام العشوائي للقوة العسكرية ضد السكان المدنيين" كما قال الناطق باسمه.
وقالت مساعدة الأمين العام للامم المتحدة للشؤون الانسانية فاليري اموس انه يجب وقف الأعمال الحربية بشكل موقت على الاقل حول مصراته من أجل التمكن من ايصال الادوية والمواد الغذائية الى المدينة وافساح المجال أمام الراغبين من سكانها البالغ عددهم حوالى 300 الف نسمة بالرحيل.
وقد شهدت ثالث أكبر مدينة في ليبيا والتي تبعد حوالى 215 كلم شرق طرابلس معارك مستمرة لأكثر من أربعين يوما منذ بدء الانتفاضة ضد نظام القذافي.
وقال قادة الثوار ان التحالف الدولي الذي يتولى مراقبة منطقة الحظر الجوي فوق ليبيا يجب أن يبذل جهودا أكبر لمساعدة المدينة. وقالت فرنسا انها تنظر في اقامة ممر انساني بجري الى مصراته.
وعبر بان كي مون عن قلقه الشديد ازاء تدهور الوضع الانساني للمدنيين في المدن الليبية التي تتعرض لهجمات عسكرية بما في ذلك مصراته والبريقة والزنتان، كما قال الناطق باسمه مارتن نسيركي.
واضاف إن "الظروف في مصراته خطيرة مع تقارير تشير إلى استخدم الأسلحة الثقيلة لمهاجمة المدينة حيث السكان عالقين ولا يمكنهم بسبب القصف العنيف المستمر منذ عدة اسابيع، تلقي الامدادات الأساسية مثل المياه النظيفة والمواد الغذائية والأدوية".
ودعا بان كي مون أيضا حكومة القذافي إلى الالتزام بدعوات مجلس الأمن الدولي لوقف اطلاق النار ووقف العمليات ضد المدنيين.
ومن جهتها قالت اموس إن "الوضع على الأرض خطير وان عددا كبيرا من الأشخاص بحاجة فورية للمواد الغذائية ومياه الشفة ومساعدة طبية عاجلة".
وأكدت أن "امكانية مغادرة المدينة أصبحت مسألة حياة أو موت. نحن بحاجة لوقف مؤقت للعمليات الحربية في هذه المنطقة كي يتمكن الناس من ايجاد ملجأ".
وأشار بيان صادر عن مكتبها إلى سقوط مئات القتلى والجرحى في مصراته.
وأوضحت اموس ان "الامم المتحدة تملك مواد تموينية وهي على استعداد لتوزيعها" مشيرة الى ضرورة "وقف مؤقت للعمليات العسكرية كي نتمكن من نقل المساعدات الى الاشخاص الذين هم بامس الحاجة لها".
وكانت مساعدة المتحدث باسم الحلف الاطلسي كارمن روميرو لوكالة فرانس برس ان الحلف "سيفعل كل شيء لحماية المدنيين" في مصراتة.
وميدانيا، اقام عناصر من الثوار نقطة تفتيش لمنع الشبان الذين يفتقرون إلى الخبرة العسكرية من الوصول إلى خط الجبهة على بعد عشرات الكيلومترات من اجدابيا. والثلاثاء اضطر الثوار للتراجع 30 كلم شرقا أمام نيران قوات القذافي.
واتهم وكيل وزارة الخارجية الليبية خالد الكعيم القوات البريطانية بقصف منشآت نفطية الأربعاء في حقل السرير (جنوب شرق).
وقال الكعيم إن "المقاتلات البريطانية شنت الأربعاء غارة على حقل السرير النفطي ما ادى الى مقتل ثلاثة حراس في الموقع وجرح اربعة اشخاص اخرين يعملون في الحقل".
وأوضح من جهة أخرى، أن الغارة أوقعت اضرارا مادية خصوصا في الانبوب الذي يحمل النفط من موقع السرير إلى مرفأ طبرق الذي يشرف عليه الثوار.
وتقع أهم الحقول النفطية الليبية في شرق البلاد الذي يسيطر عليه الثوار.
ولكن حقل السرير الذي يقع في حوض سرت هو الأهم في البلاد ويوجد فيه أهم احتياطي نفطي في البلاد.
وبحسب المتحدث باسم الحكومة الليبية موسى ابراهيم فان نظام معمر القذافي يسيطر على هذا الحقل.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، ردت الولايات المتحدة بفتور الاربعاء على رسالة وجهها معمر القذافي إلى الرئيس باراك أوباما وطلبت منه القيام بافعال وليس الاكتفاء بالاقوال في حين كررت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون القول بان الزعيم الليبي "يعرف ما يتوجب عليه ان يفعله".
وقالت كلينتون خلال مؤتمر صحافي "كلما اسرعنا في وقف حمام الدم كان ذلك افضل للجميع".
واضافت ان على القذافي ان يعمل من اجل وقف لاطلاق النار وسحب قواته واتخاذ "قرار حيال رحيله عن السلطة (...) ومغادرة ليبيا". وكانت كلينتون تتحدث اثر لقاء مع نظيرها الايطالي فرانكو فراتيني.
وعن سحب الولايات المتحدة مقاتلاتها من المعركة في العملية الدولية ضد ليبيا، اكدت كلينتون انها واثقة تماما من الحلف الاطلسي الذي يتولى المهمة خصوصا انه من الصعب "على القوة الجوية لوحدها" مهاجمة قوات القذافي التي "تتوغل في المدن وتنشر قناصة على الاسطح".
وكان جاي كارني المتحدث باسم الرئيس باراك اوباما قال على متن الطائرة الرئاسية التي كانت تقل الرئيس الى فيلادلفيا (شرق) "يمكننا تاكيد ان هناك رسالة، وهي بالطبع ليست الاولى" من الزعيم الليبي.
ولم يفصح كارني عن مضمون الرسالة لكنه ذكر بان اوباما يقول منذ اسابيع ان وقف اطلاق النار في ليبيا مرهون "بالافعال وليس بالاقوال وبانهاء العنف".
وقال المتحدث "الكلمات ليست مثل الافعال".
وذكرت وكالة الانباء الليبية الاربعاء أن القذافي "بعث برسالة إلى أوباما في اعقاب انسحاب اميركا من التحالف الاستعماري العدواني الصليبي ضد ليبيا". ولم تكشف الوكالة عن فحوى الرسالة.
وعلى خط الجهود الدبلوماسية أعلن النائب الامريكي السابق الجمهوري كورت ولدن الاربعاء انه وصل إلى ليبيا بدعوة من مقربين من القذافي وسيحاول لقاءه واقناعه بضرورة التنحي عن السلطة، الامر الذي وصفته ادارة اوباما بانه مبادرة خاصة.
وقال النائب السابق "التقيت (القذافي) ما يكفي من المرات لكي اعرف ان القصف لا يكفي لحمله على الرضوخ"، داعيا الى الحوار بين القذافي والمعارضين وتشكيل لجنة مكلفة التفكير في المستقبل المؤسساتي لليبيا.
واضاف إن سيف الاسلام القذافي، نجل العقيد الليبي، يمكن أن "يلعب دورا بناء" في هذه المهمة، لكن المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل الثوار رفض الاثنين فكرة تولي سيف الاسلام قيادة الفترة الانتقالية.