صحيفة العرّاب

النائب عبدالرؤوف الروابدة : الأردن بُني عروبيا ولا يمكن أن يكون اقليميا

التقت الزميلة الدستور برئيس الوزراء الأسبق النائب عبد الرؤوف الروابدة في حوار تناول جوانب هامة وقضايا حساسة تمس الأردن والمواطن الأردني..وفيما يلي الحوار:

  اختصر رئيس الوزراء الاسبق النائب عبدالرؤوف الروابدة موقفه من مشروع الاقاليم بمفردة "لعم".. فهو لم يشأ في حواره هنا مع "الدستور" استخدام توصيفات قد تدفع من يتوهمون بقدرتهم على قراءة ما بين السطور تحميل كلماته ما لا تحتمله من معانْ وتفسيرات.

 وفي مضافته كان صباح الثلاثاء الماضي مختلفا بعض الشيء ، فقد كان الروابدة بكامل اناقته اللغوية وحنكته المعروفة عنه وسرعه بديهته تفرش لنا جانبا من طريق تتدحرج فيها الملفات وتتعدد في الاسئلة وتتزاحم على جنباتها الافكار والتجارب العميقة.
 
ولم يشأ دولة الرئيس ابوعصام ان يكون مضيفا في مضافته لـ "الدستور" بقدر ما اراد لنا ان نكون نحن المضيفين ، وهذا ما دفع بالزميل رئيس التحرير المسؤول الاستاذ محمد حسن التل للامساك مبكرا بطرف خيط الحرير في الحوار معه ، حيث قال "نرحب بدولة الرئيس عبدالرؤوف الروابدة ونرحب بانفسنا في مضافتك.. فانت استطعت ان تكون رقما صعبا وان تبقى كذلك". واستطرد الزميل التل قائلا "الاردن اليوم مشغول تماما بمشروع الاقاليم وبدأ التمرين عليه في مادبا.. وانتم يا دولة الرئيس من اكثر الناس الذين تحدثوا فيه وعنه ناقدين تارة ومؤيدين لبعض جوانبه تارة اخرى ، متسائلا عن موقفك من المشروع".
 
لكن دولة ابوعصام "البلدوزر" اراد ان يمسك بطرف خيط الحرير من يد الزميل التل لكي لا ينسجه الاخير على "نوله" بحسب ما يريده فذهب الروابدة محللا وناقدا وناصحا ومقترحا.
 
 سألناه عن الكثير مما يشغل بال الاردنيين اليوم ، وكان الروابدة الذي بقي ضيفا على ضيوفه افضل من يجيب وافضل من ينطق عندما يستعصي النطق على الاخرين ، لمعرفتنا انه لم يكن يرضى بان يبقى صامتا حين يحين موعد الكلام فلا يخفي رأيا حتى لو كان الثمن هو مستقبله ، فالأهم عنده مستقبل الوطن الذي عشقه ليس حبرا على ورق او عواطف تتطاير كلمات في الهواء وانما كان عملا دؤوبا ومتواصلا وابداعا مستمرا ورؤية واضحة.
 
عموما ، فان اللقاء مع الروابدة له نكهة خاصة ، فهو يجمع في حديثه بين المبدئية والواقعية السياسية ، ويحلو الاستماع اليه متنقلا بين السياسة واحوال البلد بحصافته المعروفة ووضوحة المعهود ، لا يريد لاحد ان يجتهد عنه ، او ان يؤول كلامه وما ينقل عنه ، فهو يقول كلمته من دون وسطاء.
 
والروابدة مسكون بدفء الوطن وعبق الأصالة يدهشك بقفشاته الذكية واسلوبه المتميز وله من المداخلات ما يبهرك بسعة افقه فهو يحرضك على متابعته دون ان تمل لتزداد من ثقافته الراقية جدا.
 
اجاب الروابدة: قبل الدخول في أبوة هذا المشروع ، هناك موضوعان متمايزان ولذلك يجري النقاش على أحدهما وننسى الأمر الأساسي ، كل الناس الآن تتحدث عن الأقاليم وعن المشروع المطروح على الحكومة ، في حين ان الموضوع هو تطوير الإدارة المحلية في الأردن انطلاقاً من مبدأ اللامركزية ، اللامركزية ضرورة من ضرورات الحياة في أي دولة بعد أن تتوسع خدماتها وتكثر ، خاصة أنها تحرك الأكثرية الصامتة لتكون شريكة في إقرار خدماتها واهتماماتها ، ومن الصعب جداً دائماً على الحكومات المركزية وبخاصة في غياب الحزبيه الحقيقيه الممثلة للجماهير ، أن تعرف حاجات الناس وطموحاتهم ومطالبهم.
 
وتابع الروابدة قائلا: ان الإدارة اللامركزية هي التي توصلك إلى الجمهور في أبعد المناطق ، لان من اهدافها ، أولاً مشاركة الشعب في إقرار خدماته وإدارتها ، وثانياً تقريب القرار إلى المواطن ، بمعنى إلى مكان سكن المواطن ما أمكن ، وثالثاً تدريب المواطن على العملية الديمقراطية ، لأنها ليست خطوة واحدة فقط في مجلس النواب ، فالعملية الديمقراطية سلسلة طويلة فيها المحليات والنادي والمنتدى والمجتمعات كلها ، وصولاً إلى الديمقراطية النيابية ، وبالتالي أنت بحاجة إلى عمليات تدريبية تفرز قيادات على الطريق أولاً بأول ، فتكون قمة العملية هي الانتخابات البرلمانية ، هذا هو الأساس والمشروع الذي كان مطروحاً يحاول أن يعمل لامركزية ، لكن من الصعب جداً أن تساوي المركزية بوحدة إدارية صغيرة ، فأنت لا تستطيع عمل اللامركزية لـ50 - 100 ألف مواطن ، فتحتاج إلى وحدة إدارية فيها بنية أساسية إنسانية ، وليس بنية إنسانية خدمية (مستشفيات وصحة وطرقا ومياها وكهرباء) ، وانما لديها قدرة على أن تشكل بنية أساسية إنسانية بمعنى أننا بحاجة إلى دارسين للمشاريع وبحاجة إلى لجان عطاءات وإلى إحالة مشاريع وإلى الإشراف على تنفيذها حتى لا تبقى تعتمد على المركز.
 
واضاف الروابدة: من هنا كان القول بأن يتم عملية تقسيم لمناطق المملكة ، لكن المشكلة التي حدثت انه جرى استعمال تعبير الأقاليم ، والأقاليم ذهبت إلى عدة مفاهيم: المفهوم الأول كان منذ ثلاثين عاماً مفهوم الأقاليم مطروحا تنموياً وليست له علاقة بالإدارة ، أي تأتي إلى مناطق المملكة ، مثلاً الأغوار ، من العقبة إلى العدسية مصدر الدخل فيها وأسلوب الحياة متماثل ، إذن يجب أن تكون إقليماً تنموياً ، لكن ليست لها علاقة بالإدارة ، فلا يمكن أن تربط هذه المنطقة ربطاً إدارياً على مسافة 450 كيلومترا ، إقليم البادية نفس الأمر أسلوب الحياة وأسلوب الدخل متماثل ، الإقليم السياحي إذا أخذنا عجلون وجرش وما ماثلها إذا تحدثنا عن سياحة مناخية ، وإذا تحدثنا عن سياحة أثرية فنأخذ الجنوب ، مع أن الهدف من اللامركزية تنموي ولكن ليس العنوان تنمويا ، الجانب الثاني ، ان البعض ربط المشروع ربطاً سياسياً خاصة في الظروف الحالية لأن المشروع طرح دون أن يفهمه الناس ودون أن تتولى الحكومات المتعاقبة شرحه للناس ، فأصبح البعض يقول بأن الضفة الغربية ستصبح إقليما وجزءا سنيا في العراق سيصبح إقليما ، وهذا المنطق ليست له علاقة بالواقع لا يميناً ولا يساراً ، وأيضاً ليت الضفة الغربية تتحرر ، حينها نذهب للتوسل اليها على صيغة وحدوية متفق عليها ، فهل هذا هو المخطط الأردني ، ليس هذا الموضوع مطروحاً للنقاش.
 
والطرح الثالث أن هناك بعض الناس يتداولون بأن المشروع فرض غربي ، واقول هنا ان هذا المشروع بدأ الحديث فيه في عام 1994 وتكرر في عام 2004 ، فلا هذة القضايا ولا هذه القصص كانت مطروحة ، والبعض الآخر أصبح يقول بأنه سيكون في الأردن ثلاث هويات ، أو ثلاث عصبيات ، وجوابي بأنه الآن يوجد 12 هوية فإذا أصبحت ثلاثا فهذا ممتاز ، لا يوجد في أي وطن في العالم إلا هوية واحدة هي الهوية الوطنية ، لكن أن يحب الناس منطقتهم وأهله وجواره فهذا جزء من طبائع الأشياء ، فعندما تذهب إلى بريطانيا فستجد "وينز وإنجلند وسكوتلاند" ، وايضا أميركا صورة مختلفة ، أميركا ليست ولايات ، أميركا أسميها اتحاد دول ، فحتى كلمة state تعني دولة ، وجاء تشكيلها نتيجة حرب بين دول ثم اتحدت ، فإذن الفلسفة القائمة هي فلسفة إنشاء إدارة لامركزية في الأردن ، بحيث يصبح لدينا بعض المكاسب التنموية التي حصلت عليها بعض المناطق وأصبحت محافظات ، أصبحوا مرعوبين بأن يعيدهم هذا مرة أخرى إلى ما كانوا عليه.
 
وقال الروابدة: عندما نتحدث عن الدولة الأردنية.. فهي قامت على ثلاثة ألوية: لواء عجلون ومركزه اربد ، ولواء البلقاء ولواء الكرك ، وبعد ذلك أصبح اللواء الرابع عام 1925 وهو لواء معان ، هكذا كانت الدولة ، إذا كان النقاش على هويات موجود ، وكلمة الأقاليم أعتقد أنها كانت سبباً من العناوين لهذة المناقشات ، لأن كلمة الإقليم مستعملة في القانون الدستوري لتعريف الدولة ، الذي يقول تتكون الدولة من ثلاثة عناصر: الشعب والإقليم الذي يقيم عليه والحكومة التي تديره.. وبالتالي أصبح البعض يربطها بابعاد سياسية مع انه ليست للكلمة علاقة بذلك.
 
وشرح الروابدة رؤيتة للمشروع وقال: كان اقتراحي أن تسمى ولاية ، وهي التسمية الإسلامية الأساسية ، كانت الدولة الإسلامية مقسومة إلى ولايات ، وما زالت مستعملة في بلدين في العالم العربي: المغرب والسودان ، والتسمية الجميلة للحاكم هي الوالي ، وقناعتي ان ما حصل أن هذا الموضوع لم يطرح على الشعب طرحاً وافياً ، طرح الموضوع توصية من اللجنة الملكية للأقاليم ، وأعطيت للحكومة فحفظتها في الأدراج ، الآن جاءت الحكومة الحالية وجلالة الملك كرّر طلبها في خطبة العرش بافتتاح البرلمان ، وهنا بدأ الاختلاف مع النظرة ، لدى بعض محبي المشروع ، فأنا من محبذي اللامركزية ، لكن لي على ما طرح مآخذ ، لأن ما قدمته اللجنة الملكية توصيات ، والتوصيات يجب أن تعرض على مؤسسات المجتمع المدني ، على الأحزاب والنقابات والقوى الإعلامية لكي تشرح للناس وتربي لديهم قناعة ، لأنك ستغير إدارة مستقرة منذ 90 عاماً ، إذن يجب أن تربي لدى الناس قناعات لتقبلها ، فرئيس الحكومة أعلن أنه سيطبق التوصيات بحذافيرها كاملة وغير منقوصة ، فإذن لم تعد التوصيات خاضعة للنقاش.
 
وقال الروابدة: لي مآخذ على هذه التوصيات ، المأخذ الأول أنها لم تطرح للناس ولم تشرح لهم شرحاً وافياً ليبدو آراءهم ، وبالتالي لم يفهم الكثيرون أهدافها ، وما هي الخيرات التي ستأتي للميدان ، المأخذ الثاني أن عمان فصلت في المشروع عن المناطق الثلاث التي أنشئت ، وهذا منطقي إذا كنت تتحدث عن عاصمة عدد سكانها 2 بالمائة من الشعب الأردني ، لكن نتحدث هنا عن عاصمة عدد سكانها 60 بالمائة من الشعب الأردني ، إذن كل هذه المعركة على 40 بالمائة، فإذا كانت المعركة على 40 بالمائة فأبقي الأمور محافظات ، ويتم تغيير المجلس الاستشاري وتسميه منتخب ، والاعتراض الثالث بأنك تربط ثلاث محافظات لا يوجد بينها اتصال جغرافي: الزرقاء ومادبا والبلقاء ، فكيف سيصلون إلى بعضهم البعض؟ توجد مشكلة رئيسية في هذا الموضوع ، هناك مشاكل أخرى أسميها شكلية تحل على الطريق ، وهو كل محافظة لها عشرة ممثلين ، فكيف هذا؟، محافظة المليون ومحافظة المائة ألف ، المفروض أنك في هذا الموضوع يجب أن لا تخيف المحافظات الصغيرة بأن المحافظات الكبيرة ستأكلها ، فيجب أن تقوم بعمل تمثيل ثابت ، تقول للمحافظة 5 أعضاء ثم لكل 50 - 100 ألف شخص فتكون عالجت طرفي المعادلة ، عالجت الموقع الإداري وعالجت السكاني ، فلا تعود المحافظة الكبيرة تأكل الصغيرة. ثم أنت تقول بأن هناك تمثيلا للأقليات ، الأقليات لها تمثيل سياسي وليس لها تمثيل خدمي ، لأنه لا توجد لدينا أحياء للأقليات وأحياء للأكثرية ، سواءً الأقلية الدينية اوالطائفية.. الخ ، فلا يوجد لدينا هذا الأمر ، لذلك هم إخوة ، فيجوز أن ربع تمثيلهم من الأقلية أو نصف التمثيل من الأقلية أو يجوز أن لا يكون هناك تمثيل لأننا نتحدث عن خدمات ، مثلما نتحدث عن البلديات ، فهناك بلديات لا يوجد تمثيل أقليات ، أيضاً بالنسبة لتمثيل مؤسسات المجتمع المدني ، لكن مؤسسات المجتمع المدني من الضخامة بحجم ، فلنفترض أنه أصبح لدينا غداً 15 حزبا ، فأي حزب ستقوم بتمثيله؟ او لدينا 50 جمعية في محافظة اربد فمن ستمثل فيها؟ إذن سيكون رأي الحكومات له دخل في تشكيل المجالس المحلية ، وهي شكلت لأجل أن لا يكون للحكومة المركزية أي علاقة. هناك امور أخرى صغيرة تصحح على الطريق ، فهذه كانت الفكرة.
 
الدستور: اذن هل أنت مع مشروع الأقاليم أم لا؟.
 
الروابدة: جوابي هو لعم ، فأنا مع المشروع كفكرة اللامركزية ولست مع المشروع المطروح ، فالموضوع جداً حساس وجداً نقلة حضارية ، أعتقد أنه لو كان له فضيلة واحدة هو إعادة الدستورية للممارسة الديمقراطية يكفينا ، ودعني اشرح ذلك فمجالس النواب في الدنيا لها وظيفتان لا ثالث لهما ، لها وظيفة التشريع وفي غياب الحزبية يضعف التشريع في المجالس النيابية ، لأنه لا يوجد فرد لديه قدرات حتى لو كانت تجربته في الإدارة 40 عاماً او في القانون فلا يوجد أحد يحيط بكل شيء ، وايضا الرقابة السياسية على عمل الحكومة فهي الوظيفة الأساسية ، حتى لا تخرج الحكومة عن القوانين وحتى لا تؤدي ممارسات تحت أي شكل من أشكال المخالفة للقوانين والفساد الإداري والمالي أو أي شيء آخر ، هذه الرقابة في الدول النامية معدومة بسبب بسيط لأن النواب ينجحون بصفاتهم الشخصية أو بأموالهم ، وبالتالي للحفاظ على قواعدهم فهم بحاجة إلى أن يأتوا الى هذه الخدمات ، لوكانت الخدمات أساسية (لأدينا التحية) مثل إنشاء المستشفى والمدرسة والطرق.. الخ ، فهذه خدمات أساسية لكن الناس لا يشكرونك عليها ، يشكرونك على التعيينات والترفيعات.. الخ ، هذه الخدمات ليست موجودة إلا عند الوزراء ، إذن النائب أصبح محتاجاً للوزراء لهذه الخدمات ، والوزير يحتاج للنائب للسكوت عليه وإعطائه الثقة ، ففسدت عملية الرقابة الحقيقية.
 
في رأيي ان الحل الأمثل أن تزال الخدمات من الحكومة المركزية وترسلها إلى الإدارة المحلية التي تحدثنا عنها ، اللامركزية ، فيصبح لدينا أعضاء المجالس المحلية هم المسؤولين عن الخدمات ، وهم أقدر على تقييمها وأقدر على رقابة بعضهم ، في حين عندما تكون
 
 
 
الخدمات مركزية فتصبح أقرب للذي له سلطة أو لمراكز القوى ، وقناعتي أن فكرة الاقلمة تعيد التوازن للحياة الدستورية.
 
الدستور: هل طرحك للمشروع ورؤيتك يصنفان من باب العصف الذهني؟.
 
الروابدة: أنا أتحدث عن تجربة لي في الادارة قصيرة عمرها 46 عاماً فقط منها في الإدارة المحلية 6 - 7 سنوات بالإضافة إلى دراساتي في كل النماذج المطبقة في الإدارة المحلية في العالم العربي وفي أوروبا ، لكن هذا الطرح ليس شرطاً أن يكون الطرح الأمثل ، ولكن يطرح على الناس لنأخذ الصدى ومن ثم يتطور الرأي ، فلا يوجد رأي مثالي لكل بلد ، ولا يمكن أن تنقل التجربة من بلد إلى بلد آخر ، فهناك ظروف اقتصادية ، اجتماعية ، سياسية يجب التعامل معها والتجربة في مادبا ، مع كل الاحترام والتقدير للحكومة ، لا يجوز أن تجرب اللامركزية بقوانين مركزية ، فمحافظ مادبا ليست له أي سلطات ولا يمكن تفويضه بالسلطات التي تتعلق بالتنمية ، فلا توجد لديه لجان للدراسات تضع مخططات مشاريع ، ولا توجد لديه لجان لطرح العطاءات ، ولا توجد لديه هيئات للمراقبة ، إذن سيبقى الوزراء والوزارات المركزية هي التي ترفده بهذه الأمور ، ومن ليس لديه هذه الاجهزة وهذه الخبرات فكيف يستطيع أن يصدر قراراً صحيحاً؟.
 
الدستور: لماذا لم تطرح رؤيتك للمشروع اللجنة الملكية للاقاليم وانت كنت عضوا فيها بدلا من التوقف عن حضور اجتماعاتها؟.
 
الروابده: لم أحضر سوى اجتماعين للجنة ولم أحضر الثالث ، فاللجنة هي التي وضعته ، وأنا لا أعيب على اللجنة ما قامت به ، فهذا حقها ، لكنني لم أتفق مع رأيها فأرحت نفسي ، واقتراحي الذي كان مقدماً للدولة الأردنية ، قمت بتوزيعه على الأعضاء في اللجنة في أول جلسة مع اللجنة ، ووجدت أن رأيي ليس مناسباً لدى البعض ، فشكرتهم ولم احضر اي اجتماع بعد ذلك.
 
الدستور: مشروع الأقاليم تم الحديث عنه عام 2005 ، واللجنة الملكية قامت بعمل تقريرها وأنجزته في بداية 2006 ، لماذا برأيك لم يتم طرحة للتنفيذ منذ تلك الفترة؟.
 
الروابده: هذا المشروع لا يقدم إلا للحكومة الموجودة ، لأنها هي التي تملك السلطة في تطبيقه أو عدم تطبيقه ، فاللجنة انتهى دورها بتسليمه للحكومة.
 
الدستور: نلاحظ غياب لغة التفاهم داخل البرلمان احيانا ونعلم ان هذا يعود الى اجتهادات تتحول مع الوقت الى خلافات وانت شبهت تجربة الكتل بانها "سوبر ماركت" وفهم من ذلك بانك تغمز من قناة كتلة التيار الوطني التي وقفت الى جانبك في خلافك مع التيار الاسلامي خصوصا في قضية بيان لجنة مجابهة التطبيع؟.
 
الروابده: أريد أن أقسم السؤال إلى ثلاثة أسئلة متداخلة مع بعضها: السؤال الأول بحياتي لم أقل عن الكتل بأنها سوبرماركت ، وانما قلت عن الأحزاب التي تشكلت بعد العام 1991 وهي الأحزاب الوطنية غير الأيديولوجية ، وكنت أقصد بذلك ليس الإساءة ، فالعادة ان السوبرماركت يفتح بالصباح ويدخل الناس وعندما يغلق لا يكون به أحد ، وفي اليوم التالي يفتح ولكن الذين يدخلون عليه ليسوا نفس الناس في اليوم السابق ، بمعنى آخر أن اللقاء ليس لقاء فكريا بل لقاء مصلحي ، وهذا ليست له علاقة بالكتل النيابية. نأتي الآن إلى الكتل النيابية ، فأقول أن الكتل النيابية في غياب الحزبية رمال متحركة ، لا بد أن تكون لها مظلة تعيش تحتها حتى تلتقي ، لأنه لا يوجد لقاء فكري ولا لقاء عقائدي باستثناء جماعة الاخوان المسلمين ، فإذا تغيرت المظلة يتغير سبب اللقاء والأهداف ، لكن ما هي المظلة ، انا لا أعرف.
 
وأرى في أي بلد في العالم لا بد أن تكون هناك أقلية وأكثرية ، لكن الأقلية والأكثرية لها صفات ، أنها تلتقي على فكر ، تلتقي على مخطط وعلى مشروع ، أعتقد أن تشكيل الأقليات والاكثريات في المجالس النيابية عندنا لم تكن لها علاقة لا بالفكر ولا بالبرنامج ، بل كانت بالأسباب التي أدت إلى تشكيلها ، ولذلك اختلت العملية النيابية ، ولذلك أعتقد أن ما يحصل في مجلس نوابنا ليست له سابقة في الدول التي لديها ديمقراطية عريقة. لا يوجد شيء اسمه أكثرية وأقلية ، هناك أناس تجمعوا ، وهذا حق من حقوقهم لا أعترض عليه ، وهناك اناس همشوا لأنهم لا يريدون أن يكونوا في تركيبة ليس لهم فيها رأي أو قرار. ثالثاً أنا لم أتطرق للجبهة الإسلامية ، أنا قلت أنها جبهة أحترمها ، ولجنة مكافحة التطبيع أحترمها ، حيث فيها أشخاص وقيادات متميزة ، واحترم مبدأهم في محاربة التطبيع ، لأنه مثلما هناك أشخاص لهم حق التطبيع ، فهناك من لهم حق أن يقاوم التطبيع ، أنا حاربت ادانة الوطن الأردني في ذلك القرار ، فلنفرق في هذا ، حيث أنني لم أدن لجنة مقاومة التطبيع ولم أدن التوجه الإسلامي ، بل أدنت محاولة إدانة الأردن لأمور لا علاقة له بها ، وإذا عدتم إلى خطابي فستروا ما قلته حول هذا الامر.
 
الدستور: خطاباتكم داخل البرلمان مهمة وسياسية وتحمل ألغازا ورسائل ، لكن هل تعتقد ان كل هذا يترك تأثيرا أم انها تبقى في اطار الصراع السياسي؟.
 
الروابده: ليس فيها ألغاز ولكن فيها رسائل ، ثانياً لدي قاعدة بحياتي بأنه لا تقوم بعمل ندوة أو محاضرة أو خبر أو تعليق إذا لم تكن لديك رسالة توجهها للناس ، لان الكلام الإنشائي لا يسمع ولا يؤثر ، وأعتقد بأن لها أثرا في البرلمان وخارجه ، لكن ما أثرها وما حجمه فهذا يقيمه الناس ولست أنا.
 
الدستور: في موضوع الاداء البرلماني ، هناك تحفظات من النواب الجدد حول ما يقولون بان هناك محاباة من رئاسة المجلس لكم للحديث تحت القبة وهذا من شأنة منعهم من ابراز قدراتهم.
 
الروابده: أتمنى عليكم أن تعودوا إلى محاضر مجلس النواب ولكي تعرفوا من الأقل حديثاً في المجلس ، أما من الذي حديثه مؤثر أو غير مؤثر ، فهذا موضوع آخر ، فإذا عدنا إلى المحاضر فأنا من أقل المتكلمين في هذا المجلس ، فلا أتحدث إلا بمفصل أستطيع التحدث فيه والتأثير فيه ، وهذا المجلس في كل جلسة كان فيها بند ما يستجد من أعمال ، وقد تكلمت في هذا البند مرة واحدة وهي في موضوع مجابهة التطبيع ، ولم أتكلم مرة أخرى ، لكن إذا كان الاتهام لي بأن كلامي مؤثر فهذه تهمة أقبلها وأشكر المتهمين.
 
الدستور: لماذا لا تقبلون الدخول في اللجان النيابية على الرغم من دورها الفاعل والمهم؟.
 
الروابده: هل تعتقد ان المطلوب منا أن نعرض أنفسنا لعملية انتخابية حتى ندخل لجنة ، يتآمر فيها أكثر من ثلثي المجلس على دخولنا أو عدم دخولنا ، فهل تعتقد أن من حق الناس علي أن أدخل في عملية انتخابية ، أنا احترم كل زملائي في عملية الانتخابات ، لكن عندما تكون الانتخابات مطلقة وليست هناك أغلبية قد قررت سلفاً ، بحيث تجتمع كتلتان وتقرران من هم أعضاء كل لجنة ومن رئيسها ومن مقررها ، فهل تعتقدون أنني سأتحدى كتلتين عدد أعضائهما ,80 لكنني أحضر كل اللجان ، فأحضر اللجنة التي بها قانون مهم أو قانون أفهم فيه ، فلي حق ابداء الرأي ولكن ليس لي حق رفع يدي.
 
الدستور: نعتقد بأن تحالف الكتلتين خلال الدورة العادية الثانية كان محاولة لاختطاف المجلس والذهاب به باتجاه مختلف تماماً من حيث الاداء التشريعي والرقابي؟.
 
الروابده: أخالفكم في هذا الرأي ، الكتلة تشكيلها حق للنواب وتآلف الكتل حق للنواب ، فلا اعتراض لدي ، لكنني لست مرتاحاً لطريقة العمل ، لكن لست ضد أن تتفق كتلتان أو ثلاث. أنا قلت قبل ذلك أن الأقلية والأكثرية في مجلس النواب مفتعلة.
 
 
 
الدستور: قانون الانتخاب كان تعديله قاب قوسين أو أدنى خلال توليك رئاسة الحكومة ، وكان هناك توافق مع مختلف الأطياف ، ما السبب الذي أدى إلى عدم اقرار هذه التعديلات؟.
 
الروابده: حكومتي كانت قصيرة العمر ، لأن الذي يريد عمل تعديل على قانون الانتخاب لمجلس النواب فهذا العمل حده الأدنى سنة كاملة ، بين التوافقية وبين أن تضع صيغة المشروع وبين أن تعرضه لأن لدينا فارقا بين النقاش النظري والترجمة إلى قانون تطبيقي ، وأنا أعتقد ان معظم من يتحدثون في قوانين الانتخابات يتحدثون في نظريات ، لكن إذا قلت لهم ان يترجموا هذه النظرية إلى قانون قابل للتطبيق فستجد الهم الكبير ، فشخص مثلاً يأتي ويقول أن يتم تقسيم البلد إلى مائة دائرة والدائرة بها نائب واحد ، فتجدها فكرة جيدة على الورق ، لكن ستجد من الشغب عليك عشرة أضعاف الشغب على قانون الصوت الواحد ، او يأتي شخص آخر ويتحدث عن النسبية ، وأنا أوافق ، لكن يجب ان يكتب صيغة قانون كيف ستقسم البلد على أساس النسبية؟ وما هي الحصة المعطاة للأحزاب؟ وما هي الحصة المعطاة للآخرين؟ وأي أحزاب ستتكلم عنها؟ النظريات موجودة في الكتب ، ولدي كتاب كنت سأصدره قبل شهرين اسمه "قوانين الانتخابات في العالم" لكن عندما وجدت الصياح قائم حاليا ففضلت بأن أخبىء هذه الأوراق ، لأن هناك أشخاصا في هذا البلد وظيفتهم الانتقاد وليس الصناعة ، والعالم لا يحتفظ بالتاريخ إلا بالأديب والقاص والشاعر ، لكن النقاد ينساهم التاريخ عندما يموتون ، ولدينا قوى حزبية ، وقوى عاملة في الحقل العام عندما يقدمون مشروع قانون متكاملا من الألف إلى الياء: بالهوية الانتخابية ، وبأسلوب الانتخاب ، وبالمعزل والصناديق أين هي موجودة وعدد الدوائر وكيفية التوزيع ، فيجب أن يقدموا وليس أن يقدموا نظريات ، النظريات موجودة في الكتب لا تحدث شيئا ، ثانياً قانون الانتخاب لا يعطيك نفس النتيجة في بلدين مختلفين ، ومثال بسيط على ذلك ، حماس وفتح ، هيئتان نظاميتان محترمتان ، أكثرية الأصوات حصلت عليها فتح ، وأكثرية النواب أخذتهم حماس ، الآن فتح اكتشفت اللعبة وتطالب بالنسبية الكاملة ، حماس التي كانت تطالب بالنسبية لم تعد تطالب بها ، ومن حق الحزبي ان يفكر في النموذج الانتخابي الذي سيوصله ، لكن الدولة سلطانها لا يعمل هكذا ، فهي تخرج النظام الذي توافق عليه أغلبية الناس وليس الأقدر على الكلام والكتابة والتنظير.
 
الدستور: متى ستقوم بطباعة كتابك؟.
 
الروابده: لن أقوم بطباعته.
 
الدستور: هل الكتاب يشخص الحالة الأردنية؟.
 
الروابده: نعم يشخص الحالة الأردنية ويقترح حلولا ، وليس حلاً واحداً ، بل يقترح عشرة بدائل ، وقد أجلته حتى يهدأ هذا الجدل ويقول كل شخص رأيه حتى يظهر أين رأيي ، فلماذا أعرض نفسي للمحرقة ، فهناك فرق أسميها فرق اعدام جاهزة لصاحب الفكر وللذي يعطي رأيا.
 
الدستور: توصف بأنك مفتي القوانين داخل البرلمان ، أي القوانين التي افرحتك واي منها احزنتك ، وثانياً أين أخطأ دولة أبوعصام عندما كان رئيساً للوزراء؟.
 
الروابده: لن أجيب عن هذا السؤال ، لأن هذا السؤال في داخله مؤذْ ، فأولاً أنا لست مفتياً لأي قانون ، المفتي هو الذي يعرف في موضوع ، لكن هناك مواضيع أعرف بها ومواضيع لا أعرف بها ، ولذلك تجدونني صامتاً لا أتكلم ، وعندما أعطي رأيي فرأيي ليس فتوى ، رأيي اقتراح ، يقبله زملائي أو لا يقبلونه فهم أحرار ، لا أتدخل فيه.
 
بالنسبة لأخطائي ، فكل ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون.. فليس كل ما يقوم به إلانسان صحيح ، وأعتقد بأنه يجب أن لا تطلبوا من الإنسان أن يقيم ذاته بل يجب على الناس أن تقيمه ، وعادة التقييم بعيد المدى ، إنما التقييم القريب سيىء ، فالزعامة للزمن هو الذي يقوم بعمل التقييم الصحيح للإنسان. ومن الأمثلة البسيطة عام 1967 عندما قرر الأردن ترك الجسور مفتوحة مع الضفة الغربية كم هوجم من أصحاب الأيديولوجيات أن هذا تعامل مباشر مع إسرائيل ، لو أغلقت الجسور الآن لكنت خائناً عندهم ، ومثال آخر عندما كان الانتداب البريطاني مع اليهود ومع الهجرة.. الخ ، فجاءت بعض اللجان إلى المنطقة ، طالب العرب أن يصبح الانتداب أميركياً ، لكن بعد مدة تبين بأن الانتداب الأميركي والبريطاني مثل بعضهما ، فلا يجوز أن نحاكم هؤلاء الذين قالوا هذا الكلام في الأربعينات بأن هؤلاء كانوا عملاء لأميركا.
 
الدستور: كنت مع عدم إلغاء وزارة الإعلام ، هل ترى أن الوضع الحالي في عدم وجود وزارة إعلام يؤثر على السياسة الأردنية.
 
الروابده: ما زلت حتى اليوم مع عدم إلغاء وزارة الإعلام ، الليبراليون ترجموا وجود الوزارة بأنه سيطرة على الإعلام ، مع أنه تنسيق للإعلام ، لأن الحريات غير مربوطة بوجود وزير أو عدم وجود وزير ، ثم من قال مثلا أن وزارة الداخلية ليس لها تأثير على الإعلام ، لقد كانت وزارة الاعلام جهازا ناظما ليعطي رأياً رسمياً ، أما أن تلغي وزارة وتنشىء سبع وزارات بدلاً عنها: فهنا كانت الكارثة الحقيقية ، فلم تعد تعرف من المسؤول عن الإعلام في البلد؟ واقصد ليس المسؤول عن إدارته ، وانما المسؤول عن إعطاء رأي الدولة فيه ، ويبقى حق الناس في حرياتها الإعلامية مطلقة ، ويكون وسيلة من وسائل حماية أجهزة الإعلام ، لكن يوجد جهاز ناظم في كل بلاد الدنيا ، جهاز واحد ، ففي بريطانيا هناك وزارة إعلام ، وأميركا لديها وزارة إعلام.
 
الدستور: ما تقوله دوماً عن الوطن البديل يثير الجدل ، خصوصاً عندما تؤكد بان هذا الوطن أقيم عام 1950 ، ما الذي يدفعك إلى قول ذلك؟.
 
الروابده: عندما أتحدث عن الوطن البديل فانني أتحدث رافضاً تخويفنا بالوطن البديل.. لان ما معنى وطن بديل؟ أن يتحول غير المواطن إلى مواطن ، فهكذا تفعل الوحدة ، وليس بمعنى أنني مرعوب منه وانما لا «تخوفونا» بهذه الفزاعة ، لكن الفزاعة التي ترعبني هي الخيار الأردني ، بأن يصبح الأردن بديلاً عن الفلسطينيين في توزيع صك الصلح الذي يتنازل عن جزء من فلسطين ، ولذلك ارتحت كثيراً عندما قال جلالة الملك أنه يجب عدم ارعابنا بموضوع الوطن البديل.. إذا كان البعض يريد ان يترجم هذا الكلام إقليمياً فهو مجرم في حق الأردن وفي حقي ، لان الأردن لا يمكن أن يكون إقليمياً ، ومقتل الأردن إذا فكر إقليمياً ، إذا كان هناك بعض الأشخاص تجار إقليمية لقسمة الشعب إلى قسمين: فهؤلاء هم الذين يدمرون الأردن ، الأردن مستقبله أن يكون وطنا عربيا لكل الناس ، ومن هنا جلالة الملك عندما قال "كلنا الأردن" ، ولم يقل "كلنا للأردن" ، فالذي يقول كلنا للأردن فهو يطلب أضاحي ، والذي يقول كلنا الأردن بمعنى أن هذا الوطن يتكون من كل الموجودين فيه ، بغض النظر عن دينهم وعرقهم ومنبتهم وأصلهم فليست لنا علاقة ، فهذا هو سبب طرحي.
 
الدستور: هل الكلام بالنسبة للوطن البديل تخوين أم تخويف؟.
 
الروابده: الكثيرون يهزون ثقة الشعب في دولتهم بأن هذا وطن بديل ، ووضعه مؤقت إلى أن تحل القضية على حسابه ، فهي تخويف ، الوطن الأردني كان اصلا قبل القضية الفلسطينية لكل العرب ، لا توجد دولة عربية ليست لها في الأردن حصة لمواطنيها بالملايين ، فبني عروبياً ، وهذا البلد الوحيد الذي لا يوجد في أناشيده كلمة الأردن ، فهناك كلمة العروبة والعرب ، وهذا البلد الوحيد الذي لم يرأس حكومته أردني العشيرة أو الأهل قبل عام 1955 ، أي من 1921 - 1955 ، هذا الكلام لا نقوله تمنناً ، نقول أن هذا البلد عروبي ، فلا يجب أن تتم إخافته بالإقليمية.
 
الدستور: لكن البعض الناس يستغلها للتخوين؟.
 
الروابده: سيبقى في أي وطن في الدنيا أناس نشاز ، فهؤلاء يتحدثون بأسلوب بعيد عن الواقع لخدمة أهدافهم.. بالنسبة لي فأنا أرفض استعمال تعبير أردني - فلسطيني في الأردن ، فأنا أقول شرق أردني وغرب أردني ، ومن حيث الأصل ، فالاثنان أردنيان ، لكنْ واحد شرق أردني والآخر غرب أردني.
 
الدستور: هل تعتقد أن معاهدة السلام مع إسرائيل قصرت في معالجة موضوع اللاجئين؟.
 
الروابده: لم تقصر أبداً ، فموضوع اللاجئين أكبر من موضوع الأردن ، فأصبح الموضوع ليس ثنائياً.. مؤتمر مدريد قسم المواضيع إلى قسمين ، مواضيع ضمن مفاوضات ثنائية ومواضيع ضمن مفاوضات متعددة ، واللاجئون من المواضيع المتعددة والأردن في المتعددة ، أيضاً قضية اللاجئين في الأردن صورة مختلفة عن العالم ، فنحن مع عودة اللاجئين ، لكن لسنا نحن من يقرر عودة اللاجئين ، لو ان حق العودة منح للاجىء ، والذي نتمنى أن يحصل ، لان اللاجىء في الأردن أردني ، فهو الذي يقرر أن يعود وليس أنا ، في حين اللاجىء الذي بلا جنسية في أي بلد آخر الدولة المقيم فيها هي التي تقول له أن يعود رغماً عنه ، لكن اللاجىء عندنا مواطن أردني ولا يستطيع أحد أن ينزع جنسيته عنه إلا إذا قرر هو ، فهذه الصورة غير موجودة إلا في الأردن ، ونحن في الأردن مع إعطاء اللاجىء حقه ، يمارسه كيفما يريد.
 
الدستور: هناك من يقول ان قانون المالكين والمستأجرين المعروض على مجلس النواب حاليا ستكون له اثار سلبية على سكان المخيمات ، بماذا تعلق على ذلك؟.
 
الروابده: هذا الموضوع له تحبيل وليس تحميل ، لغيري سبب الحمل ، هذا موضوع يتعلق بالعلاقة بين المالك والمستأجر ، فما علاقته بالمخيم ، فالمخيم المستأجر هو الدولة وليس المواطن ، بالتالي ليس له علاقة بقانون المالكين والمستأجرين ، وهنا أريكم كيف الناس تفرض أمورا ليست لها علاقة بالواقع ولا أحد يجاوبهم ، فمستأجر أرض المخيمات هو الدولة الأردنية ، فالموضوع علاقته مع الدولة وليس مع المستأجر المواطن العادي.
 
الدستور: في السنوات الأخيرة أصبحت تبرز مصطلحات الحرس القديم والحرس الجديد ووزراء الديجيتال والمحافظين ، فما الهدف من هذا ، وهل المقصود منها الإساءة إلى أشخاص بعينهم ، أم أن المرحلة تتطلب ذلك؟.
 
الروابده: القاعدة في الدنيا أن هناك تصنيفا ، فهناك جريدة محافظة وجريدة ثورية ، فهذا تصنيف ، فيجب أن لا نغضب من التصنيفات ، لكن نغضب عندما تلبس هذا التصنيف مواقف ، ولا يوجد وطن في الدنيا ليس لديه حرس قديم ، والمجتمعات لا تبنى على ظهر جيل ، لكن المجتمعات والدول تبنى على ظهر تمازج الأجيال ، فيجب أن يكون لكل الأجيال دور ، فلا يجوز للحرس القديم أن يكون هو السلطة المطلقة في الوطن ، ولا يجوز للمنتج الذي تم الحمل به خارج الرحم أن يكون أيضاً هو المسؤول ، فتمازج هذه الأجيال هو الذي يصنع ، فهناك جيل يعطي خبرة ، وجيل لديه العزيمة ، وجيل جديد أتى بفكر جديد ، فيجب أن تتلاقح هذه الأفكار حتى نخرج بالأفضل ، وما حصل أن هناك أطرافا تريد أن يكون الوطن لها وحدها ، والوطن بدون جيل جديد لا يعيش ، لأن هؤلاء من سيأتون بالمعلومات الجديدة ، لكن عندما يتحول هؤلاء إلى قادة فهنا تصبح الكارثة ، والليبراليون المتحررون هم الذين يحاولون أن يغيروا ، لكن إذا جئت لتحرر مجتمعا لكي ينقلب على قيمه وعلى واقعه وعلى حضارته ويستورد حضارة فهنا تكمن الكارثة.
 
أعتقد أن اكبر كارثة في الدول النامية هي حكومات التكنوقراط ، فهذه أسوأ عملية لأنك هنا تنزل سوية الوزير إلى أمين عام ، فالعمل التخصصي هو للأمين العام وللمدراء عنده ، فالوزير يأتي سياسيا ، فهو يعمل في العمل السياسي ، فنحتاج إلى سياسيين لأنهم هم الذين يديرون الدول عادة ، ولا يديرها تكنوقراط ، لذلك نجد في الدول النامية بأن السلطة السياسية خرجت من مجالس الوزراء.
 
الدستور: الآن بعد تسع سنوات من إقامة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ، كيف تقيم هذه التجربة الآن ، هل تعتقد بأن موقفك من تحويل العقبة كان صائبا؟.
 
الروابده: كنت أتحدث عن العقبة عندما كانت فكرة ، وكنت أطرح رأيي معارضاً للأسلوب الذي صنعت به ولست معارضاً لأن تكون العقبة منطقة اقتصادية وأعتقد أن الزمن أثبت بأن ما قلته كان صحيحاً ، فلم تقم ولا صناعة ، لان قناعتي كانت بأن هذه منطقة خدمات وسياحة ولا أحد يفكر بالصناعات في العقبة لأسباب كثيرة لا أريد الدخول بها ، والآن وبعد تسع سنوات ما هي الصناعات التي حصلت في العقبة؟ في حين حقل السياحة وحقل الخدمات هو الذي يعمل فيها الآن ، وحاليا العقبة مؤسسة أردنية واجبنا بان نقف معها ، لأنه لا يجوز أن (يعاير) السياسي الدولة حول هذا الأمر ، فهذا أصبح مشروعاً وطنياً ، وظيفتنا أن نقف معه حتى يستمر.
 
الدستور: لا يمكن تصنيفك في دائرة المشاغبين ، ولا يمكن تخيلك في دائرة المعارضين ، بصراحة أي من الحكومات بذلت المحاولات البرلمانية لإسقاطها ، وإن كانت هناك حكومة ما ، فما هي الأسباب؟.
 
الروابده: هذا الأمر تجاوزناه فلماذا نعود إليه؟ ، مثل الكثيرين الذين يسألونني عن حماس ، فهذا الأمر تجاوزناه ، حاليا آن الأوان أن تتكلم بعلاقة مع حماس بشيء جديد ونتحدث في المستقبل ، فلا يجب أن نبقى نعود للتاريخ ، ثم لماذا نخرج الأسرار.. إذا كانت لا تفيدنا ، لماذا اجترار الأسرار إلا للإيذاء، فهذه مرحلة انتهت وأسبابها عكس ما يقوله كل الناس.
 
الدستور: لديك قدرات عالية يمكن أن تستغلها في المعارضة ، ألم تفكر بهذا الأمر في يوم من الأيام؟.
 
الروابده: لا يمكن أن أقتنع بأن هناك شيئا اسمه معارضة في الدنيا ، المعارضة في الدنيا ، في الدول التي تنقسم فيها الدولة إلى حزبين رئيسيين أو تجمعين رئيسيين ، بمجرد أن يستلم الحكم فلا يبقى معارضة بل يصبح موالاة وصناعة المعارضة الدائمة هي صناعة استجداء الجماهيرية ، أنا أعارض حيث أخالف وأوالي حيث أتفق ، أيضاً المعارضة والموالاة هما للحكومة التي تجلس على كرسي وليس للدولة الأردنية ، الكثيرون يمزجون في معارضتهم بين الحكومة والدولة ، ولذلك أنا لا أقتنع بأن هناك معارضة دائمة.
 
الدستور: تحدثت بأنه يجب أن ننظر للمستقبل في العلاقة مع حماس ، ما هي رؤيتك لشكل العلاقة؟.
 
الروابده: بالطبع وبدون نقاش ، نحن دولة ، والدولة تتعامل مع دولة ، وبالتالي فان الدولة الفلسطينية أنا معترف بها بغض النظر عن موقفها مع العالم ، فلها سفارة لدينا ونستقبل رئيسها كرئيس دولة وأعلامها مرفوعة لدينا ، من يتولى هذه الحكومة: جبهة شعبية ، حماس ، فتح أو غيرها ، فنتعامل معه على أنه هو الممثل للشعب الفلسطيني ، فليست وظيفتي الدخول في العلاقات الفلسطينية الفلسطينية ، كما لا أقبل أن يدخل في العلاقات الأردنية - الأردنية ، ومن يتولى المسؤولية والحكم يجب أن نتعامل معه ، فإذا أصبحت حماس حكومة فيجب أن نتعامل معها ، فهذا منطق دول ، لكن مشكلتي أنني لا أسمح لتيار تنظيمي غير أردني في الأردن فقط ، فلا يوجد لدي صراع مع أي طرف فلسطيني آخر إلا فيما يتعلق بالموضوع الأردني ، لكن في الموضوع الفلسطيني فهذا حقه المطلق ، ولذلك لا توجد لدينا مشكلة مع حماس ، فلم تكن سابقاً ولن تحدث لاحقاً.. وفي خطاباتي كنت أقول عنه: تنظيم جهادي فلسطيني نؤمن بحقه في القيام بعمله على الساحة الفلسطينية بالشكل الذي يرتئيه.. فهذه القاعدة ، لكن عندنا في الأردن لا يوجد له دخل تنظيمي.
 
الدستور: بالنسبة لاسم "البلدوزر".. ما هو أصل التسمية ، وهل تسعدك؟.
 
الروابده: تسعدني جداً ، لأن الذي أطلقها هو جلالة الملك عبدالله الثاني في اجتماع في مجلس العموم البريطاني ، خلال حفلة أقيمت في مجلس العموم البريطاني ، فكنت حينها رئيساً للوزراء واستعمل جلالتة التعبير بالإنجليزي "بلدوزر" ، وإذا كانت لدي أوسمة فان هذا اللقب بمثابة الرئيسي منها.
 
الدستور: في أي المواقع استطعت أن تحقق إنجازات فيها أكثر من غيرها؟.
 
الروابده: في أمانة عمان ، فأمانة عمان فيها مجموعة من الصفات الحميدة ، أولاً الأمين والمجلس لهم سلطة مطلقة ، لأن رقابة رئيس الوزراء عليهم رقابة يسمونها رقابة مشروعية وليست رقابة رئاسية مثل وزرائه ، مشروعية بمعنى أن القرار المشروع لا أحد يستطيع تغييره ، ثانياً أنت تتعامل مع الإنسان من ولادته ولغاية موته ، كلها مسؤوليتك ، ثالثاً ترى نتائج عملك أولاً بأول.. في التربية تمتعت كثيراً لكن دائماً نتيجة عملك تحتاج إلى 12 سنة حتى يظهر الطلاب الذين درستهم والمستويات التي وصلوا لها.. وفي الأشغال العامة المشاريع التي قمت بافتتاحها قام بها من قبلي ومن قبلهم ، والمشاريع التي قمت بها افتتحها من بعدي ، ففي الأمانة ارتحت كثيراً.