كان لمسيرات الجمعة عاملها المشترك وهو المطالبة برحيل البخيت ،بعد حقبة الاحباط التي اصبحت تعيش فيها حكومته وبعد فشلها الذريع في التعاطي مع العديد من القضايا ابرزها قضية خالد شاهين ،اخطأ البخيت عندما اعتقد ان استقالة او اقالة وزيرين من حكومته سينقذ الوزارة وسيخرج بها الى العلن بمظهر حسن خاصة انه فشل في بداية الامر في التعامل مع قضية شاهين، فهو بهذا قام بتأخير عمليه الاصلاح السياسي والاقتصادي،ونقل صورة الى الشعب الاردني حول ماهية الحكومة وحول مهامها المقتصرة على حل مشاكلها الذاتية والتي وضعت نفسها فيها.
كانت اعادة الهيكلة صحوة الموت لحكومة البخيت والتي اصبحت تتعايش مع حالة الموت السريري، فالبخيت بفعل وزرائه يتخبط سياسيا خاصة ان حكومته تعاني من ضعف وزرائها على الرغم من ضمها عدد من الاسماء الرنانة والتي اعتقد يوما ان لها باع طويل في التقرب من القوى الشعبية وحشد مؤيدين لها، وحسب رأي "رموز سياسية " " فإن حكومة البخيت تفتقر الى المطبخ السياسي و الاقتصادي ،لهذا لم نشهد حتى اللحظة اي قرارات مصيرية على ارض الواقع،فكان الاولى ان يبحث البخيت عند تشكيل حكومته ليس على الرموز الذين بقوا بعيدين عنه، يمارسون اعمالهم بوادي والرئيس بوادي اخر، بل على اشخاص اصحاب قرار يخرجون بالبلد من هذه المرحلة باقل الخسائر.
البخيت امامه فرصة واحدة وهي التعديل الوزاري هذه الايام واذا لم يأخذ الضوء الاخضر ليقوم بالتعديل المنشود قبل انعقاد الدورة الاستثنائية سوف يغادر الدوار الرابع وهذا اصبح وشيكا بالاعتماد "على اراء سياسيين مخضرمين" ،وقد برزت في الاونة الاخيرة وظهرت للعيان الخلافات بين الوزراء في حكومة البخيت وهذا الامر يضعفها ليس بالشان المحلي فقط بل في الشأن الخارجي ايضا ،الذي سيكون تأثيره كبيرا جدا على الساحة المحلية في ايامنا هذه .
واذا ما تم الابقاء على حكومة البخيت فان يتوجب عليه ان يرسم خطة جديدة لعلاقته مع الاعلام الالكتروني المرعب والتي لم تستطيع حكومته ولا الحكومات السابقة التعاطي معه ،فقد اصبح القطاع الاكثر تأثيرا بالراي العام والذي يكشف للمواطن الوجه الاخر الوجه الذي تحاول الحكومات اخفاؤه خلف الاعلام الرسمي والمؤسسات الاعلامية الضعيفة والتي لا تقول كلمتها .
وعلى البخيت ايضا النظر بعقلا نية بعيدا عن المصالح والاقارب والاصدقاء الى التعينات التي تتم وشواغر الدرجات العليا التي تملى من مستشارين وخبراء في الرئاسة وفي خارج الرئاسة فهذا الامر زاد عن حده ويجب العمل عليه واتباعه لمخطط اعادة الهيكلة الذي طرى اخيرا على المؤسسات والشركات والهيئات المستقلة .
المشهد السياسي سيبقى مشهدا منقوصا الى ان يأتي الى الدوار الرابع رئيس حكومة قريب من الشارع، يتعامل بعقلانية مع الامور يقدم القضايا للرأي العام مهما كانت درجة الاحراج للحكومة، يتناول الاعلام الحر الجريء بكل صدر رحب،ويدعم الاعلام لا يحاربه عن طريق الاعتقالات مهما كانت جريمة " الرأي "،ومن المستحسن ان يكون في هذه الفترة بالتحديد قريب جدا من الدول الخيجية ومن انظمتها لان الفترة تعتبر الاكثر حساسية للشعب الاردني .
ويناط ايضا دورا كبيرا على رئيس الديوان الملكي في عملية الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وعلى هذا لابد ان يبقى قريبا من الشعب الاردني لانه صلة الوصل بين جلالة الملك وشعبه وان يتعايش مع فكرة الابواب المفتوحة والهواتف غير المغلقة ،فلا يجب ان يتقوقع على نفسه ويقتصر علاقاته بالقلة من حوله،بالاضافة الى التنسيق بين اقطاب السلطات ورئيس الديوان الملكي والتناغم بينهم،حيث يجب ان تظل قائمة وهذه وصية الكثير من رموز السياسة الاردنية ورجالاتها،وهذه يعتبر مطلبا شعبية لانه الخلاف اصبح بارزا بين الاقطاب السياسية.