كتب: المحامي محمد الصبيحي - ليس الشجاع من يستطيع مواجهة رئيس الحكومة أو وزير من وزرائه في قرار خاطىء أتخذوه , ولا الشجاع من يقف في مسيرة ويهاجم دائرة المخابرات العامة , وانما الشجاع الذي لايشق له غبار هو من يجرؤ على التعامل بالقانون مع ضباط أدارة البحث الجنائي , ومن يجرؤ على مواجهتهم بتجاوزاتهم على القانون وحقوق المواطنين الدستورية والانسانية .
هناك في كوادر البحث الجنائي من لديه قناعة بأن القانون لايعرف مصلحة البلد لأنه منع توقيف أي مواطن لدى الشرطة أكثر من أربع وعشرين ساعة وجب بعدها عرضه على المدعي العام , وأن رجال النيابة العامة ( المدعون العامون ) لايعرفون مصلحة المجتمع ولذلك فانهم يطلقون سراح المجرمين بسهولة بعد أن يكون رجال البحث الجنائي قد تعبوا في تتبعهم والقبض عليهم , ولذلك فان بعض ضباط البحث الجنائي العباقرة أخذوا على عاتقهم تصويب القانون وتفادي المدعين العامين وتحقيق مصلحة الوطن حتى من خلال خرقهم للقانون والدستور وأعلان حقوق الانسان .
ما من مدير أمن عام يأتي الا ويؤكد على سيادة القانون وأحترام المواطن , ولكن يبدو أن رجال البحث الجنائي لديهم أستثناء خاص من هذه القاعدة , فالقانون ينص على عدم جواز التعذيب لأنتزاع الاعترافات ولكنهم يفعلون ويفعلون ولدينا الادلة الدامغة , وحين طلبنا أحالة مواطن موقوف لديهم الى الطبيب الشرعي لم يستجب مدير الامن العام للطلب .
هم يعتقدون أنه بدون ضرب وتعذيب لايمكن الوصول الى المجرمين ولكن لدي وقائع أغرب من الخيال , وشر البلية ما يضحك أن يقوم قائد مفرزة بحث جنائي باحالة مواطن عربي الى المدعي العام بجرم بيع كليته مرفقا بكتاب الاحالة أعترافات ( المجرم ) الكاملة عن كيفية بيعه لكليته والثمن الذي قبضه , وحين نظر المدعي العام في القضية قرر أحالة ( المجرم ) الى الطب الشرعي وبعد التصوير بالاشعة كانت المفاجأة أن المذكور سليم الكليتين ولم يسبق له أجراء أي عمليات جراحية في حياته , وحين سأله المدعي العام عن أعترافاته قال والدموع تنهمر من عينيه ( يا سيدي ذبحوني في البحث الجنائي ووقعت على أعترافات مشان أخلص منهم )) !!! , وبالتأكيد فان المدعي العام مخطىء والطبيب الشرعي مخطىء وكلاهما لايعرف مصلحة الوطن ؟؟!
أقول محذرا أنه اذا لم يتصدى المحامون والنيابة العامة لتجاوزات البحث الجنائي فسنصل قريبا الى وضع يشبه الوضع الذي كانت فيه مباحث أمن الدولة المصرية !!
ان الشرح يطول وعلى حلقات وأنا على أستعداد أن أتحفكم في كل حلقة بقصة ( من شر البلية ما يضحك ) فقد كنت ألوذ بالصمت بوحي من شعارات أكتشفت انها وهمية مثل ( الحفاظ على سمعة الامن العام ) وأهمية ( الامن والاستقرار ) فما كان منها الا أن تحولت الى مغريات للتجاوز على القانون والدستور ..
دعونا نلتقي في مقالات قادمة حتى يفكر كثيرون في الموقع الرسمي فيما سأقوله ويسبب صداعا , وأكتفي بالقول لكم أن بعض الشجاعة فيما سبق لا تضمن أن تأمن على نفسك من داهية تقع على رأسك بسبب طول لسانك وجرأة بعض العاملين في الشرطة ,
واذا كان هناك من يظن أن القانون يؤمن لي حماية من أنتقام فهو مخطىء ,, ضمانتي هي نقابة المحامين والزملاء الكتاب والاعلاميين وعشيرة كبيرة أنتسب اليها , وما عدا ذلك لن يفيد .
m.sbaihi@hotmail.com